شريف إسماعيل: ارتفاع فاتورة دعم البترول 10% بنهاية 2014 وزير البترول الأسبق: دعم الطاقة تجاوز ال300 مليار جنيه .. ونضخ منتجات بترولية بمليار جنيه يوميًا سيف عبدالفتاح : لا يوجد خطة واضحة حول آليات إصلاح منظومة الدعم خلال المرحلة المقبلة دعم الطاقة يعد من أبرز الملفات المؤرقة على كاهل الحكومة الحالية والموازنة العامة للدولة خاصة بعد تنامي إجمالي دعم المنتجات البترولية في 2013 إلى 128 مليار جنيه وفقًا لما أعلنته وزارة البترول، وفي ظل الزيادة المستمرة لمنظومة دعم الوقود . وأجمع خبراء البترول والطاقة، أن فاتورة دعم الطاقة ارتفعت كثيرًا في السنوات الأخيرة، وأصبحت تستنزف موارد الدولة، وأن ترشيد دعم الطاقة سيوفر جزء كبير من الموازنة العامة للدولة لتوجيهها إلى تحسين مشروعات البنية الأساسية، والمشروعات الخدمية المقدمة إلى المواطنين. وأكد المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية، أن الزيادة المطردة في قيمة دعم المنتجات البترولية، التي بلغت العام الماضي 128.3 مليار جنيه، -وهو يمثل الفرق بين تكلفة المنتج والعائد من مبيعاته في السوق المحلية-، أصبحت عبئا ليس فقط على قطاع البترول، وإنما امتد تأثيرها لقطاعات الدولة المختلفة مثل الصحة والتعليم والنقل وخلافه، مما يستدعي التعامل مع ملف الدعم بأهمية قصوى. وأضاف إسماعيل أن قضية الدعم لا ترتبط فقط بتحريك أسعار المنتجات البترولية، وإنما هناك إجراءات أخرى تسهم في ترشيد الدعم وتخفيضه، يأتي في مقدمتها ترشيد استهلاك المنتجات البترولية، وتغيير هيكل توليفة الطاقة في مصر، التي يجب أن تشهد مراجعة لإعادة استراتيجية استخدامات مصادر أخرى. وأوضح أن ترشيد دعم المنتجات البترولية سيكون له مساهمة إيجابية في تقليل عجز الموازنة العامة للدولة، وسيكون له تأثير إيجابي على قدرة قطاع البترول في توفير السيولة، وسداد مستحقات الشركاء الأجانب، وتشجيعهم على ضخ المزيد من الاستثمارات في أنشطة البحث والاستكشاف والإنتاج، وينعكس ذلك على زيادة معدلات الإنتاج المحلي من البترول والغاز، وتوافر الطاقة لمختلف القطاعات الاقتصادية. وأشار إلى أن الدراسات والتجارب التي تقرها البترول تهدف إلى وصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين بالشكل الذي يحقق العدالة الاجتماعية، وذلك من خلال ضبط منظومة الدعم ليستفيد منها المستحقون، موضحا أن كل ما يتم تطبيقه من تجارب هدفه تخفيض دعم الطاقة وتوجيهه إلى جهات أولى بالرعاية. وأكد إسماعيل أنه من المتوقع أن ترتفع فاتورة دعم المنتجات البترولية بنهاية عام 2014، بنسبة 10% لتصل إلى حوالي 140 مليار جنيه مقارنة ب128 مليار جنيه في الوقت الحالي. وأضاف أن مصر تستهلك منتجات بترولية سنويًا قيمتها 350 مليار جنيه، وفقًا للأسعار العالمية وأن قطاع البترول يقدمها للسوق المحلية بقيمىة 200 مليار جنيه في حين يصل الإيراد منها حوالي 70 مليار جنيه فقط، مؤكدًا أن هذا الوضع من الصعب أن تتحمله الدولة، خلال الفترة المقبلة. من جانبه أكد المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق، أن المشكلة الأساسية وراء نقص الطاقة فى مصر تكمن فى الدعم الحالى لها، حيث إن الدعم يؤدى إلى خفض مستوى سعر السلعة، وبالتالى يزداد كمية الطلب عليها، كما أن زيادة الدعم تتسبب فى إهدار الموارد الاقتصادية، حيث أن دعم الطاقة للفئات الفقيرة يؤدى إلى سعى المستثمرين إلى الحصول عليها بنفس السعر بسبب انخفاضه. وأضاف أن الدعم يصاحبه ظهور فساد داخل قطاع البترول، حيث أن دعم المواد البترولية "البنزين" يؤدى لتهريب تلك المواد من السوق المصرية إلى دول أخرى خارجية، وذلك ما شهده السوق خلال الفترات الماضية. وطالب يوسف بضرورة رفع الدعم تدريجيًا، نظرًا لتخطى دعم الطاقة حاجز ال130 مليار جنيه في موازنة الدولة، مؤكداً أنه فى ظل ارتفاع أسعار البترول عالميًا فمن المتوقع زيادة دعم المنتجات البترولية الأمر يمثل تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد المصري. وفي نفس السياق ، أكد المهندس أسامة كمال وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق، أن مصر تستهلك منتجات بترولية سنويًا بقيمة 385 مليار جنيه، وان هذه المنتجات تباع داخل السوق المصري ب70 مليار جنيه، وهذا ما يؤكد أن دعم الحقيقي للطاقة في مصر يتجاوز ال300 مليار جنيه، وليس 128 مليار جنيه، كما أعلنت وزارة البترول. وأضاف أن البترول تضخ سنويًا 40 مليون طن من الغاز الطبيعي، بتكلفة 140 مليار جنيه، ويتم ضخها في السوق ب 38 مليار جنيه فقط، وأن الفرق يوجه كدعم للغاز الطبيعي، حيث يتم توجيه 56% من هذه الكمية إلى محطات توليد الكهرباء، موضحًا أنه يتم أيضًا ضخ 4 مليون طن سنويًا من البوتاجاز بتكلفة 35 مليار جنيه، ويتم ضخ هذه الكمية في السوق ب2 مليار فقط، ويتم ضخ 33 مليار جنيه دعم بوتاجاز. وأشار كمال إلى أن البترول تضخ يوميًا منتجات بترولية، تزيد قيمتها عن المليار جنيه، وتباع هذه الكميات بما لا يتجاوز 200 مليون جنيه، الأمر الذي يزيد من فاتورة دعم الطاقة سنويًا، وطالب كمال بضرورة إيجاد حلول سريعة التأثير وقليلة التكلفة وإصلاح منظومة الطاقة من خلال ترشيد الدعم. وأكد أن ترشيد الدعم ليس من خلال رفع الأسعار، وإنما من خلال إيجاد مصادر بديلة للطاقة، وتطبيق وسائل ترشيد الدعم، موضحًا أنه لابد من رفع الدعم عن الفئات غير المستحقة، لأنه لا يمكن أن يكون هناك مصانع تنتج سلعة تصل أرباحها إلى 200% وتدعمها الحكومة بالطاقة، وفي المقابل لا يستطيع المواطن الفقير أن يستفيد من الدعم. وأوضح كمال أن دعم الطاقة بدأ يتزايد منذ عام 2005، إلى أن وصل إلى معدلاته الحالية، مطالبًا الحكومة المصرية بضرورة التوجه إلى التدرج في الإنتقال الهادئ بين مواد الطاقة مرتفعة التكلفة، ومواد الطاقة البديلة منخفضة التكلفة، بحيث لا يؤثر ذلك على السلعة التي تباع حاليًا، حيث أن الهدف من ذلك إيجاد المصادر البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. على صعيد آخر، اكد المهندس سيف الإسلام عبدالفتاح الخبير البترولي، أن الدعم أضر بمنظومة الطاقة في مصر، من خلال مساهمته في تسهيل الإسراف في المنتجات البترولية، بسبب إنخفاض سعرها، إذا ما تم مقارنته بالأسعار العالمية، مضيفًا أن حل قضية الدعم تعد حل لقضية مجتمع بأكمله وليس لقطاع البترول أو الحكومة. وأضاف أنه لابد من إعادة توزيع الدعم من جديد على كافة قطاعات الدولة، ليتناسب مع الوضع الاقتصادي الحالي، خاصة وأن هناك ثبات في أسعار المنتجات البترولية منذ عام 1991، مطالبًا بضرورة أن يكون هناك خطة محددة لمواجهة العوامل المتسببة في الزيادة المستمرة في منظومة الدعم البترولي. وأشار عبدالفتاح إلى أن دعم الطاقة أضر بالموازنة العامة للدولة، من خلال استنزاف أموال الموازنة في دعم المنتجات البترلية، التي يحصل عليها غير مستحقي الدعم، موضحًا أنه لا يوجد حتى الآن خطة واضحة حول آليات إصلاح منظومة الدعم خلال المرحلة المقبلة. من جانبه أكد المهندس محمد شعيب رئيس لجنة الطاقة بشركة القلعة، أن هناك عجز بالموازنة العامة للدولة، الأمر الذي يصعب معه الاستمرار في دعم المنتجات البترولية والطاقة بهذه المبالغ الضخمة. وأضاف أن 50% من الشعب المصري يقع تحت خط الفقر، وهذا يعنى أن نسبة ال50% لا تستفيد من الدعم الحكومي الموجه إلى المنتجات البترولية، موضحًا أن تحديد الفئات المستحقة للدعم والإفصاح عن قدرات الدولة الحقيقية يعتبران بداية إصلاح هذه المنظومة. وأشار شعيب إلى أنه لابد من حل أزمة الطاقة في إطار حكومي ومجتمعي، حيث أن التوافق المجتمعي على دعم المنتجات البترولية يجعل الجميع يدلي بدلوه ويطرح استفساراته وذلك للخروج برؤية يتوافق عليها الشعب المصري لمستقبله. من جهة أخرى ، أكد الدكتور محمود عطية نائب رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، أن الحكومة عليها أن توجه جزء من فاتورة دعم المنتجات البترولية والطاقة لإقامة مشروعات الطاقة المتجددة، التي توفر جزء من المنتجات البترولية المستهلكة في عملية توليد الكهرباء لتوجيهها إلى صناعات اخرى تعظن من قيمتها وتزيد من عائدها الإقتصادي لقطاع البترول والحكومة. وأضاف أن هناك إتجاه الآن لدعم الطاقة التقليدية بمبالغ طائلة لإظهار أنها أرخص من الطاقة الجديدة، موضحًا أن لا يمكن تحريك أسعار الطاقة والمنتجات البترولية في ظل الظروف الحالية للدولة، لكنه لابد من إقرار خطة على مدى ال10 سنوات المقبلة لتحريك الأسعار تدريجيًا. وأوضح عطية أن ارتفاع فاتورة الدعم أضرة بقطاع البترول بالكامل، حيث أن وزارة البترول تقوم بشراء حصة الشريك الأجنبي من المنتجات البترولية التي يتم استخراجها من الحقول المصرية، وأن البترول لا تستطيع سداد مستحقات هؤلاء الشركاء، نتيجة عدم توافر سيولة مادية لسداد تلك المستحقات، الأمر الذي إنعكس على إنخفاض معدلات الإنتاج، وقلة عمليات البحث والاستكشاف عن البترول، مشيرًا إلى أن توفير جزء من فاتورة هذا الدعم وتوجيهه إلى سداد تلك المستحقات سيكون له نتائج أفضل من توجيه إلى الدعم. وأشار إلى أن عملية استيراد المنتجات البترولية من الخارج تسببت أيضًا في عجز الموازنة العامة للدولة، نتيجة زيادة عمليات الاستيراد من الوقود لتلبية احتياجات السوق المحلي، ولسد العجز في عمليات الإنتاج.