دفعت الأحداث السياسية والتوترات الأمنية خلال الأشهر الماضية محفظة قروض الجهاز المصرفي للتراجع بنهاية سبتمبر الماضى لتسجل 545.9 مليار جنيه مقابل 546.7 مليار جنيه بنهاية أغسطس السابق عليه، لتُسجل انخفاضًا بقيمة 816 مليون جنيه ونسبتها 0.18% وهو أول تراجع للمحفظة منذ يوليو 2012 . ووفقًا لتقارير البنك المركزى فقد سجلت محفظة القروض بالبنوك ارتفاعات متتالية منذ شهر يوليو 2012 حيث بلغت فيه محفظة قروض القطاع المصرفى نحو 503.2 مليار جنيه، واستمرت فى الارتفاع حتى وصلت إلى 546.7 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2013 قبل أن تتراجع إلى 545.9 مليار جنيه بنهاية سبتمبر . وأجمع مصرفيون على أن تراجع محفظة الائتمان بالبنوك بنهاية سبتمبر الماضى وضعًا طبيعيًا فى ظل الأزمة السياسية والأمنية التى حدثت خلال الربع الثالث من العام الجارى ، وساهمت فى تعطل العديد من عمليات المنح بالبنوك ، مشيرين إلى أن الاستقرار السياسى عامل ضرورى لنمو محافظ الائتمان بالبنوك حيث تساهم بلا شك فى تشجيع المستثمرين على التوسع فى مشروعاتهم وبالتالى زيادة الطلب على القروض من البنوك . وأوضحوا أن الفترة المقبلة ستشهد نشاطًا فى عملية منح الائتمان من البنوك عقب الهدوء الذى شهدته الدولة خلال الفترة الحالية ، لافتين إلى أن سعى الحكومة لتنشيط الاستثمارات وضخ مزيد من الحزم المُحفزة للاقتصاد من شأنه أن يؤثر بالإيجاب على وضع الاستثمار بالدولة خلال الفترة الحالية وبالتالى زيادة حجم الائتمان الممنوح من البنوك . قال إسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الأسبق ورئيس بنك مصر إيران أن الفترة المقبلة ستشهد نمواً ملحوظًا فى ارتفاع حجم الائتمان الممنوح من البنوك عقب الهدوء النسبى الذى تحقق ، مشيرًا إلى أن استقرار الأوضاع بشكل كامل عقب انتهاء الانتخابات من شأنه أن يزيد وضوح الرؤية بالنسبة للمستثمرين وبالتالى نشاط الوضع أكثر من ذلك . وأضاف أن السوق المصرية لازال جاذباً لرأس المال بدليل استمرار اقتراض الشركات والمصانع من البنوك المختلفة ، وارتفاع حجم الودائع لدى البنك المركزى وقوة الملاءة المالية للبنوك المختلفة سواء المصرية أو الأجنبية وهو ما يجعل التراجع الذى شهدته محفظة القروض خلال تلك الفترة تراجع مؤقت لا يُعبر عن الوضع العام بالبنوك . فى سياق متصل قال أيمن مختار رئيس قطاع الائتمان ببنك القاهرة أن قطاعات الائتمان تأثرت سلباً نتيجة تخوف المستثمرين من التوسع فى مشروعاتهم في ظل غموض الرؤية المستقبلية للدولة ، فضلا عن ارتفاع معدلات المخاطر التشغيلية فى ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة . ونفى ما تردد عن إحجام البنوك عن تمويل الاستثمارات مشدداً على حرص القطاع المصرفى على تمويل المشروعات الاستثمارية لكن دون زيادة حجم المخاطر وذلك من خلال تمويل العملاء ذوى الجدارة الائتمانية المرتفعة ، مدللاً على ذلك بتوقيع بأربعة بنوك بالقطاع المصرفى قرض شركة كيما بقيمة 375 مليون دولار خلال الفترة الماضية . وأوضح أنه من المنتظر أن تنشط الاستثمارات مع استقرار الأوضاع السياسية ووضع دستور للدولة وتباعًا إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، لافتًا الي أن السياسات النقدية تعمل علي تنشيط الاستثمارات من خلال تخفيض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض . وأكد على أهمية القرارات التى يتخذها البنك المركزى منذ يناير 2011 لتنشيط الاستثمارات ومساعدة القطاعات المتعثرة ، مشيراً إلى أن هناك دور على السلطة التنفيذية يجب أن تقوم به يتعلق بالبيئة المحفزة للاستثمارات . من جهته قال شريف البحيرى رئيس قطاع التخطيط الاستراتيجيى ببنك باركليز مصر أن تراجع حجم القروض الممنوحة خلال الربع الثالث من العام الجارى يعكس الوضع السياسي والأمني خلال تلك الفترة . وأوضح أن انخفاض حجم القروض طبيعى فى ظل الأوضاع التى شهدتها الدولة خلال الفترة السابقة نتيجة ارتفاع أعداد المصانع المتعثرة فضلا عن تعثر عملاء السياحة والذى دفع العديد من المستثمرين لعدم التوسع فى مشروعاتهم ، انتظاراً لاستقرار الأوضاع السياسية . وأكد أن السوق المصرية واعدة وأنه بمجرد استقرار الأوضاع السياسية والأمنية ستنشط قطاعات الائتمان بالبنوك لتوظيف أموال المودعين التى تجاوزت التريليون جنيه بالجهاز المصرفي ، مطالباً الدولة بضرورة وضع البنية التشريعية اللازمة لتحفيز الاستثمارات وتشجيع المستثمرين على ضخ رؤوس أموالهم فى السوق المصرية الي جانب تحقيق الاستقرار السياسي والأمني . وشدد على قوة المركز المالى للقطاع المصرفى رغم الازمات التى تشهدها الدولة حيث تتمتع البنوك بحجم ودائع كبير يمكنها من تلبية طلبات المستثمرين بالإضافة إلى قدرتها على منح الائتمان دون تأثير ذلك على محافظ التعثر بها .