جريدة الرياض - قال محللون اقتصاديون ل"الرياض" أن التعثرات المتوالية لشركات الوساطة المالية العاملة بالسوق المحلي يعود لفترات تأسيسها الأولى عندما قدمت مكاتب الاستشارات دراسات غير واقعية تكسبت من ورائها عشرات الملايين وشبهوا بعض هذه المكاتب بالسماسرة لإصدارهم التراخيص والمتاجرة بها وإيهام ملاك هذه الشركات بتحقيق الأرباح لتتلقى هذه الشركات خسائر فادحة رمي بمستقبلها للمجهول. وقال محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودية إن مستقبل شركات الوساطة يحمل الكثير من المصاعب والتحديات خلال 2010م والسبب في ذلك يعود لانخفاض قيم التداولات في السوق بشكل كبير، إضافة إلى تباطؤ نمو المعروض النقدي وهذا بدوره جعل شريحة كبيرة من المستثمرين تقلل من اهتمامها بالفرص الموجودة في السوق المالية إلى جانب انقسام الشركات الاستثمارية إلى شركات تعمل بشكل جيد وهذه قليلة وشركات تفتقد إلى استراتيجيات عمل واضحة تساعدها على البقاء في بيئة تنافسية صعبة جداً. وذكر أن من أهم أسباب ضعف الشركات الاستثمارية يعود إلى عدم وجود منافسة عادلة بين الشركات التابعة للمصارف والشركات المستقلة والمحاباة التي تتمتع بها الشركات التابعة للمصارف، بالإضافة إلى اتباع هذه الشركات خطط واستراتيجيات خاطئة لم تأخذ في الاعتبار التغيرات السريعة والمتلاحقة التي طرأت على القطاع خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، كما أن هناك عدداً كبيراً من الشركات الاستثمارية تفوق احتياجات السوق، ويتحمل هذا الخطأ بحسب العمران شركات الاستشارات المالية التي بالغت في تجميل دراسات الجدوى عند التأسيس ولم تأخذ في الاعتبار تداخل الأرقام المتوقعة. وتابع بأن من أسباب ضعف هذه الشركات أيضاً يعود لعدم جدية بعض المؤسسين حيث كان يهدف البعض إلى جمع أموال مقابل تأسيس الشركات دون النظر إلى استمراريتها على المدى الطويل، وبالتالي ما يحدث الآن من تكدس للشركات لا يعنيهم لأن هدفهم الأساسي تحقق لهم. وأردف بأنه من أبرز الحلول لهذه الشركات هو التركيز على وجود خطط واستراتيجيات عمل فعالة يتم تنفيذها من قبل مديرين يملكون الفكر الاستراتيجي في النشاط الاستثماري، إضافة إلى تقليص المصروفات إلى الحد الأدنى في بيئة من المتوقع أن تشهد عمليات تصحيح يتخللها اندماج البعض منها وقد يتخللها خروج البعض أيضا حتى نصل إلى نقطة التعادل والتي من المتوقع الوصول لها خلال سنتين إلى ثلاث سنوات من الآن واختتم العمران حديثه بأن الأهم من كل ذلك يتوجب على الجهات الرسمية السعي لفصل النشاط الاستثماري عن النشاط المصرفي فصلا تاما بهدف تقليل المخاطر على المصارف التجارية وهذا بدوره سيساعد الشركات الاستثمارية القيام بدورها تماما كما هو الحال في الدول المتقدمة والإقليمية وبالتالي تحقيق كفاءة وفعالية عالية في أداء هذه الشركات. وفي نفس السياق قال المحلل الاقتصادي طارق الماضي إن معظم شركات الوساطة أسست استنادا على فترة ارتفاعات سوق الأسهم السابقة وهي ما تسمى بفترة الطفرة والتي كان التداول فيها يصل إلى 37 مليار ريال في اليوم الواحد، أما الآن فيعرف الجميع أن التداول انخفض لملياري ريال فقط، وبالتالي فإن الكثير من الشركات أسست من غير دراسات جدوى وكل ما عليهم كان قيامهم باستكمال نماذج الطلبات للاعتقاد بأن فترة الحصول على التراخيص مؤقتاً ومن ثم تقفل الطلبات وكان الفكر السائد هو بيعها لاحقاً بمبالغ كبيرة، حيث ظهرت بنهاية 2007 وبداية 2008 تراخيص كثيرة معروضة للبيع، منوهاً بأنه خلال الفترة الأخيرة كثرت إعلانات هيئة السوق بإلغاء بعض التراخيص لعدم قيام هذه الشركات بالعمل لافتقادها للخطط واستراتجيات العمل المطلوبة، إضافة إلى اعتقاد هؤلاء الملاك عند التأسيس بقدوم شركات وساطة خارج المملكة تقوم بشراء تراخيصهم بمبالغ مالية كبيرة. ولفت إلى أن المعيار الذي وضعته هيئة السوق بإلزام هذه الشركات فور صدور تراخيصها بالعمل قبل انقضاء فترة سنة من بدء الترخيص والذي لا يوجد فيه أي نسبة مخاطرة لطالبي التراخيص قد ساعد الكثير من الشركات على أخذ التراخيص وعدم بدء العمل ملقياً باللائمة على فوضوية السوق بوجود بعض السماسرة عند الفترات الأولى لتأسيس هذه الشركات والذين قاموا بأخذ عمولة ونسبة على تأسيس هذه الشركات تصل لملايين الريالات ومن ثم خرجوا من السوق تاركين هذه الشركات لملاكها والمصير المجهول بعد ما حققوا مكاسب مالية كبرى بفترة التأسيس وهذا مما أضر بالسوق وأضر ببعض الشركات التي فتحت فروعاً لها بأماكن متعددة وسرعان ما أغلقتها لاحقاً مبيناً أن عدد شركات الوساطة التي تعمل باستراتيجية وباحترافية لا تتجاوز10% بالسوق السعودي، وأما البقية فتعمل برؤية بعيدة عن النشاط متوقعاً بأن العام الحالي سيشهد خروج الكثير من هذه الشركات من السوق مطالباً بنفس الصدد هيئة السوق بتغيير المعايير الممنوحة للتراخيص وفرض غرامات تصل إلى مليون ريال لمن لا يعمل بالسوق لوقف فوضوية هذه الشركات والتي كثرت إعلاناتها مؤخراً بتغيير وتحول أنشطتها بشكل يلاحظه الجميع.