شادية الوادي" ودلوعة السينما ، ومحبوبة الجماهير ، ورائعة الدراما العربية ، كل هذه الألقاب أطلقت على فاطمة أحمد شاكر " الفنانة القديرة والعظيمة " شادية " والتى ودعت الحياة بأثرها منذ قليل عن عمر يناهز ال 86 عاما" اختار لها المخرج حلمى رفله اسما" فنيا " شادية " ليصبح هذا الإسم علم من أعلام السينما المصرية والعربية ، وتحتفظ بحب الجمهور العربي لها حتى وبعد اعتزالها رحلة فنية بلغت أكثر من الأربعين عاما" من الأعمال السينمائية والدرامية . شادية حبيبة القلوب —————————- تعلقت قلوب الجماهير بالفنانة الكبيرة شادية منذ بداية مشوارها الفني ، والتى تفضل دائما الهدوء وتبتعد عامدة عن أجهزة الإعلام، وليس هذا الأمر مرتبطا فقط بقرار الاعتزال الذي اتخذته قبل أكثر من ربع قرن، حيث إن شادية بطبعها عزوفة عن أجهزة الإعلام ولن تجد في أرشيفها المقروء والمسموع والمرئي إلا القليل جدا. شادية دلوعة السينما المصرية ————————————- رحلت دلوعة السينما المصرية والعربية ، تلك الفنانة التى عشنا حياتنا على أجمل إبتساماتها وخفة دمها ومواقفها الممتلئة بالدلع والخفة والضحكة ، والتى حفرت بداخلنا ولم تخرج منا طوال حياتنا ، تذكرنا معها المواقف والذكريات الجميلة لنا أثناء سماعنا لأجمل الأغاني الرومانسية والإجتماعية والوطنية ، وأثناء مشاهدتنا لأفلامها العظيمة . تلك الأعمال التى تبعث الحياة داخل قلوب الناس ، وزرعت البسمة لكل بيت في مصر والوطن العربي ، ولعل أخرها مسرحيتها الشهيرة " ريا وسكينة " شادية والإعتزال ————————- عندما اعتزلت الفنانة العظيمة " شادية " الأضواء وهي في مجدها الفني بإرادة وتصميم ، وصدق مع الله ، وكانت حريصة على أن لا تتورط مثل عدد من الفنانات اللاتي أعلنّ أن الفن حرام وتبرأن من أعمالهن الفنية ، أو مثل عدد من الفنانات اللاتي إعتزلن الفن لفترة ثم سرعان ما عدن للقيام بأعمال لا تليق بهن بعد أن تقدم بهن السن وزالت عنهن الأضواء . صاحبة الكلمات الخالدة والصادقة والنابعة من القلب عندما بررت سبب إعتزالها وإرتدائها للحجاب قائلا" : " لأنني في عز مجدي فكرت في الإعتزال ، لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويدا رويدا _ لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يرونى فى دور البطلة الشابة _ لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهى ، ويقارنون بين صورة الشابة التى عرفوها والعجوز التى سوف يشاهدونها ، لأننى أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لى عندهم ، ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء وإنما سوف أهجرها قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس . شادية : صاحبة كل الانماط الغنائية ——————————— كانت شادية ومن خلال أغنية «يا حبيبتي يا مصر» هي صوت الثورة المصرية، حيث ردد الشباب أغنية شادية وظلت تردد في كل الميادين التي اشتعلت فيها الثورة.. الحقيقة أن شادية استطاعت أن تجمع بين الكثير من الأنماط والألوان الغنائية، وحققت نجاحا لافتا في كل الأعمال التي قدمتها مطربة تقدم أغاني خفيفة مثل «يا دبلة الخطوبة»، أو وهي تغني أغنية مليئة بالشجن مثل «ليالي العمر معدودة»، أو وهي تغني «يا حبيبتي يا مصر» أو «يا أم الصابرين» أو «عبرنا الهزيمة»، ثم تغني قبل الاعتزال الأغنية الدينية «خُد بإيدي».. دائما هي حاضرة في كل مناسبة عاطفية أو وطنية أو دينية. شادية واعمالها السينمائية والدرامية ——————————————– هي المطربة العظيمة التي شاركت الكثير من كبار المطربين في أفلامهم: محمد فوزي، فريد الأطرش، عبد الحليم حافظ ، وإن كانت شادية هي المطربة الوحيدة التي قدمت ثلاثة أفلام مع عبد الحليم، بل عندما قدمت معه أول أفلامه «لحن الوفاء» كان اسمها معروفا أكثر منه لأنها سبقته فنيا، ورغم ذلك تحمست للفيلم ومشاركته البطولة وغنت معه أكثر من دويتو غنائي، أشهرها «لحن الوفاء» تلحين رياض السنباطي، وفي آخر لقاء لها مع عبد الحليم حافظ في فيلم «معبودة الجماهير» تأليف مصطفى أمين الذي كان متزوجا بها، والغريب أن البعض أوعز لعبد الحليم معاتبا كيف يقبل أن يقدم فيلما عنوانه «معبودة الجماهير» في حين أنه الأحق بهذا اللقب . شادية حرصت على أن تظل على القمة طوال مشوارها، وكانت دائما تقول إن الفنان ينبغي أن يختار موعد الاعتزال، قبل أن تودعه الأضواء يودع هو الأضواء. وتزوجت من اثنين من كبار النجوم عماد حمدي وصلاح ذو الفقار، وقدمت الكثير من الأعمال التي دخلت ذاكرة الناس، ومن بينها «أغلى من حياتي» حيث شاركت صلاح ذو الفقار البطولة وقدما دوري «أحمد» و«منى»، وانتقل هذان الاسمان من الشاشة إلى الشارع ودائما ما يردد الناس في الشارع تعبير «أحمد ومنى» على العمل الفني الذي يقدم علاقات رومانسية بين حبيبين. طموح الممثلة شادية لم يعرف حدودا.. كل المطربين والمطربات الذين سبقوها كانوا حريصين على أن تتخلل أفلامهم أغنيات، ولكن شادية في الكثير من الأفلام استطاعت أن تحطم هذا القيد، وهكذا شاهدناها في فيلم «اللص والكلاب» للمخرج كمال الشيخ تمثل فقط، وهو ما دفع عبد الحليم بعدها بأكثر من 14 عاما إلى أن يطلب من كمال الشيخ أن يعد له فيلما يمثل فيه دون غناء، ولكن رحل عبد الحليم عام 1977 قبل أن يحقق تلك الأمنية. مع الفنان الكبير كمال الشناوي قدمت 33 فيلما مثل «المرأة المجهولة»، و«وداع في الفجر»، و«الروح والجسد»، وأهم تجربة جاءت في «المرأة المجهولة» عندما أدت دور أم لشكري سرحان.. وقال لي الفنان الراحل كمال الشناوي إنه ظل حتى سنواته الأخيرة يتلقى خطابات من معجبين يسألونه عن شادية باعتبارها زوجته، لأنهم صدقوا ما تقدمه الشاشة. والغريب أن كمال كان قد تزوج من شقيقة شادية. وكان كمال قد أعد مشروعا يجمعه مجددا مع شادية وكتب معالجة درامية لعمل فني يبدأ مع نهاية أي عمل فني قديم لهما أبيض وأسود عند زواجهما ثم يكتب على الشاشة مر 25 عاما، ليقدم جزءا ثانيا من الأحداث، وتحمست شادية للفكرة، ولكن جاء قرار اعتزالها بعد مسرحية «ريا وسكينة» التي حققت نجاحا ساحقا لتجهض المشروع، حيث رفض كمال الشناوي أن يستبدل شادية بأي فنانة أخرى، وقال لي: «الناس كانوا يصدقوننا معا، ولا يمكن أن يقتنعوا بأي فنان آخر». وابتعدت شادية عن الفن ولكنها لم تجرمه أو تحرمه مثل الكثير من الفنانات اللاتي أعلنّ ذلك، وأتذكر عام 1995 أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قرر تكريم شادية، ووافقت بعد أن اتصل بها الراحل سعد الدين وهبة رئيس المهرجان، وكان وهبة قد شارك في كتابة الكثير من السيناريوهات التي لعبت بطولتها شادية مثل «زقاق المدق» و«مراتي مدير عام». وأبدت شادية موافقة مبدئية ولكن في اللحظات الأخيرة تراجعت وتردد وقتها أن الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي كان قريبا لها هو الذي أقنعها بعدم الذهاب إلى حفل التكريم، ووجه إليها وهبة نداء صباح يوم افتتاح المهرجان لتكريمها يطلب منها الحضور ولكنها لم تستجب، وأخذت درع التكريم نيابة عنها مديحة يسري.. ولم تعقب شادية أو تبرر أو تفسر حتى الآن سر اعتذارها المفاجئ وآثرت الصمت.. ولكنها خرجت عن صمتها قبل سنوات عندما وجدت أن هناك شركة إنتاج تسعى لتقديم قصة حياتها في عمل فني، ولم توافق شادية ، وتخرجت عن صمتها الدائم وقالت لا أريد لأحد أن يقدم قصة حياتي، وتوقف تماما هذا المشروع. شادية ونهاية المرض —————————— شادية تبدو أمام الكاميرا ممثلة وكأنها نغمة مرئية، وعندما تغني تحيل كل الأحاسيس المرئية إلى تفاصيل مسموعة.. تعلقت بها قلوب الملايين وهي في لحظات مرضية قاسية وقاومت المرض وعادت تحوطها قلوب الناس التي دعت لها ورددت معها «خُد بإيدي».لتسدر اليوم الستار عن شائعات وفاتها التى لاحقتها أكثر من مرة لسنوات عديدة ، لتلقي ربها في أيام مباركة وشهر عظيم . رحم الله الفنانة القديرة " شادية " رحمة واسعة