انتشرت في الشهور القليلة الماضية من العام الدراسي الحالي حالات التسمسم بالنسبة لتلاميذ المدارس فى الكثير من المحافظات وعلى صددها قرر الدكتور/ طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى إيقاف صرف وجبات التغذية المدرسية ( جافة – بسكويت ) وكذلك الوجبات الموجودة بمخازن المدارس ، على مستوى جميع المديريات التعليمية ، وذلك بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية لتنفيذ تلك التعليمات اعتباراً من صباح يوم الخميس الموافق 23/3/2017 "علبة بسكويت صغيرة، أو فطيرة محشوة بالعجوة، أو بيضة وقطعة جبن ورغيف خبز، هذه هى الوجبة المدرسية التى تقدمها وزارة التربية والتعليم فى المدارس الحكومية يوميا للتلاميذ، بدءا من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية". الوجبة الغذائية المدرسية والتي ولت تكلفة انتاجها 270مليون وجبة ، بميزانية سنوية تقدر بمليار جنية ، والتي يعتمد عليها عدد كبير من الطلاب، باعتبارها وجبة يومية تمدهم بالعناصر الغذائية، لكن الوجبة يوجد حولها العديد من المشاكل، تبدأ الشكوى بعدم جودتها، وتصل إلى عدم وصولها لعدد من المدارس، أو عدم وجودها بشكل منتظم، إضافة إلى ما تتناقله وسائل إعلامية من فترة لأخرى حول حدوث حالات تسمم للطلاب بسبب تناول الوجبات المدرسية، أو وجود أمواس حلاقة وأشياء غريبة بها يخرجها بصورة غير قابلة للاستهلاك الدمي ، ليكون تناولها محاولة للانتحار ، أمم احتمالات باتت مؤكدة لاصابة التلاميذ بتسمم قد يقضي علي حياتهم . البحث فى أمر يتعلق بالوجبة المدرسية أمر لم يكن سهلا، بل يشبه السر العسكرى، الذى يتخوف الجميع من الإدلاء بمعلومات أو حتى التحدث عنه. حالات التسمم الغذائي بين تلاميذ المدارس ليست وليدة هذا العام الدراسي الحالي ، بل موجودة منذ سنوات عديدة ، بدأت الكارثة عام 2014 أصابت الوجبة المدرسية 164 تلميذًا، بمدرستي "سعيد البشتيلي، و25 يناير" في السويس بالتسمم، نتيجة تناولهم ألبان التغذية المدرسية. فيما أصيب 9 تلاميذ، بمدرسة العزايزة الابتدائية بمركز الغنايم بأسيوط، بحالة تسمم شديدة نتيجة تناول وجبة مدرسية "بسكويت ولبن"، وتم على إثرها نقلهم إلى المستشفى الجامعي لتلقي العلاج. وفي الفيوم، أصيب 15 تلميذًا، بمدرسة عزبة حنا حبيب بمركز يوسف الصديق، بتسمم غذائي بعد تناولهم الوجبة المدرسية، تم نقلهم على الفور إلى مستشفى أبشواي المركزي للعلاج. حالات التسمم الغذائي لوجبات التربية والتعليم كثيرة ومتكررة منذ سنوات ، والتي كان آخرها العام الماضي، عندما عثر طلاب مدرسة بتمدة الإعدادية المشتركة بإدارة بنها التعليمية، على أمواس حلاقة وحجارة ساعات إلكترونية وعفن بوجبة البسكويت التي تم توزيعها عليهم أثناء اليوم الدراسي، ما تسبب في حالة من الفزع بين التلاميذ خوفا من تسممهم. وفي بداية العام الدراسي الحالي ، أصيب طلاب مدرسة طه حسين الاإبتدائية بقرية نجوع الصوامعة في مركز أخميم بسوهاج بألم شديد في بطونهم، وغثيان متواصل، عقب تناول الوجبة المدرسية المكونة من ( عيش وجبن مثلثات وحلاوة طحينية )، فأبلغ المدرسون الإسعاف الخاص بمستشفى أخميم المركزي، إذ تبين إصابة أعداد كبيرة من التلاميذ بالتسمم. لم تكن مدرسة طة حسين هي الوحيدة المصابة، إثر تناول تلاميذها للتغذية المدرسية، بل شعر نحو 3353 طالبا من 9 مدارس ابتدائية أخرى بنفس الأعراض، لتصبح الواقعة هي الأكبر في مدينة لا يزيد عدد سكانها عنن 300000 نسمة، إذ أصيب بما يعادل 1% من سكانها بتسمم في المدارس، فضلا عن تقيؤهم دماء عقب تناول الوجبة المدرسية الموزعة عليهم، وتحديدًا في مدارس المؤسسة الابتدائية المشتركة، وناصر الابتدائية المشتركة، ونجع عميرة، والحسانية، وأبار الوقف، ونجع عطية، والحواويش العيساوية الابتدائية، ونجع ملاك الابتدائية، وطه حسين الابتدائية، بإدارتى أخميم وساقلتة التعليمية فى سوهاج.، وبعدها انتقلت حالات التسمم لاصابة كثيرا من مدارس الجمهورية وفي مناطق مختلفة . ومع العام الدراسي الجديد لا يزال الخوف مسيطرا، على كثير من الأسر المصرية، دون أن يخرج بيان واحد من المسئولين لعرض موقف المتابعة الصحية لمستوى الوجبات المدرسية للعام الدراسي الحالي، خاصة وأن المسئولين عن إنتاج الوجبات وتوزيعها لم يكشفوا خلال السنوات الماضية عن نتائج التحقيقات التي كان من مفترض اتباعها مع المتسببين في وقائع الإهمال، هذا لو كان ثمة تحقيقات قد تم إجراؤها من الأساس . في الأعوام الماضية رغم تأكيدات مسئولي التربية والتعليم المكررة بخضوع الوجبة المدرسية لإجراءات رقابية صارمة من عدة جهات من خلال مناقصات عامة تخضع لأشد المواصفات القياسية والاشتراطات الصحية، ورغم ذلك يتسمم التلاميذ وتضيع المسئولية، وهو أمر أصبح طبيعياً لأن مسئولية إعداد وتوزيع الوجبات المدرسية لا تزال حائرة ما بين جهات عدة، هي الصحة والتموين والتربية والتعليم والزراعة وجميعهم يرجعون حالات التسمم للإيحاء والعامل النفسي بين التلاميذ كما حدث في العام الدراسي الماضي بعد تسمم مئات التلاميذ . الوجبة المدرسية أصبحت في غاية الأهمية لتلاميذ المدارس ،وضمان سلامتها وجودتها وصلاحيتها هذا العام علي وجه الخصوص، بعد رفع الدعم عن الوقود والطاقة وما تشهده الأسواق من ارتفاع عام لكافة السلع الغذائية ومن ثم ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية ، خاصة في المناطق المحرومة والأكثر فقراً، والتي مازالت الوجبة المدرسية ضرورة لحل مشاكل اقتصادية ومعيشية وصحية وتعليمية بنسبة لتلاميذ المدارس بهذه المناطق ، تلك الوجبة التي تجعل أبناء الأسر الفقيرة والمعدمة تحملها من المدرسة إلي منازلهم ليشاركوا فيها مع أشقائهم ممن لا يذهبون للمدرسة وترفع من نسبة الحضور للمدرسة في أيام توزيع الوجبات لأكثر من 90٪ إلي حد توفير الآلاف من فرص العمل من خلال إقامة بنية متكاملة من مصانع منتشرة في المحافظات لتوفير أماكن التصنيع والتجهيز والنقل لأكثر من 12 مليون وجبة يومياً.. ولكل هذه الأسباب والضرورات والفوائد كان هدف الدولة منذ الأربعينيات من القرن الماضي ملء أفواه التلاميذ من خلال برنامج قومي للتغذية المدرسية توقف وأعيد إحياؤه عام 1997 لتغذية أطفال المدارس الابتدائية وبعض المدارس الثانوية، خاصة في المناطق الأشد فقراً، ولكنه الآن لم يقرر لكل تلاميذ المدارس، إما لنقص التمويل الحكومي أو لشبهة الفساد أو لمشاكل قابلت وماتزال الوجبة ذاتها آثار قرار الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، إيقاف صرف وجبات التغذية المدرسية، وكذلك الوجبات الموجودة بمخازن المدارس، على مستوى جميع المديريات التعليمية لحين إشعار آخر، جدلًا برلمانيًا واسعًا، خاصة و أن الوزير قد أعلن أن استبدالها بنقود أمر وارد ، بينما رفض عدد من نواب البرلمان قرار إيقاف الوجبة، وتستدعى لجنة التعليم والبحث العلمى وزير التربية والتعليم طارق شوقى الإثنين المقبل للنظر فى أزمة وجبات المدارس بعد تكرار تسمم الأطفال بالمحافظات، ومعرفة موعد عودة صرف الوجبات الغذائية من جديد. السؤال هنا —————— هل إلغاء بند التغذية المدرسية من الموازنة العامة للدولة حلا لعلاج أزمة الفساد ؟ لماذا لم يتم حتي الأن مكافحة فساد الوجبات الغذائية ومحاسبة المسئولين عن حالات التسمم بدلا من السلبية والهروب من المسئولية ؟ لماذا نحرم الأطفال من حقهم ونمنع عنهم الوجبات بسبب فساد معدومي الضمير من شياطين البشر ؟ ويذكر أن الوجبات الغذائية قد تم إلغاؤها قبل ذلك ، لكن سرعان ما عادت مرة أخرى بعد أن تبين ضعف نمو الطلاب وتدهور حالتهم الصحية" واذا كانت وزارة التربية والتعليم قررت إلغاء التغذية المدرسية بحجة القضاء على الفساد ، فيجب أن يتم إلغاء زراعة القمح ، و إلغاء وزارة التموين، بل يجب الغاء كل جهة بها فساد"، بدلا" من مكافحة الفساد والعمل علي القضاء عليه ، وتحديد المسئولية والمحاسبة الجادة لكل المتورطين وبالقانون، خاصة أن تسمم الأطفال الغذائي أشد خطراً ويؤدي إلي الوفاة مباشرة، وهذا يتطلب توافر اشتراطات الأمان المتعلقة بالمنظومة الصحية من الحفظ والتخزين والنقل والتداول.