السلطة تعتبر كل لا يتجزأ فهي كالإنسان تماما حيث لا يمكن فصل أي جزء منه و إلا تعطلت وظائفه بالإضافة إلى أن توزيع السلطات بين هيئات مختلفة فيه تفتيت وتمييع للسلطة مما يؤدي إلى إضعافها. توزيع السلطة على هيئات مختلفة فيه تهرب من المسؤولية خاصة الأنظمة السياسية التي يطغى فيها حزب سياسي على الطبقات السياسية الأخرى ومثال ذلك أن تشرع سلطة ولا تلتزم سلطة أخرى بتنفيذ أو تطبيق قوانينها مبدأ الفصل بين السلطات هو أحد المبادئ الدستورية الأساسية التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية. وقد ارتبط هذا المبدأ باسم الفيلسوف السياسي الفرنسي "مونتيسكيو" الذي كان له الفضل في إبرازه كمبدأ أساسي لتنظيم العلاقة بين السلطات العامة في الدولة وللتخلص من الحكومات المطلقة التي تعمد إلى تركيز جميع السلطات بين يديها. وهذا المبدأ يعني توزيع وظائف الحكم الرئيسية على هيئات ثلاث هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية حيث تستقل كل منها في مباشرة وظيفتها. فالسلطة التشريعية تشرّع القوانين والسلطة التنفيذية تتولى الحكم والإدارة وتسيير أمور الدولة ضمن حدود تلك القوانين، أما السلطة القضائية فتهدف إلى تحقيق العدل تبعاً للقانون. لكن هذا الفصل لا يعني الفصل التام بين السلطات إنما لا بد من وجود توازن وتعاون بين هذه السلطات واحترام كل سلطة للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى ومن الضروري وجود رقابة متبادلة بين السلطات الثلاث بما يحقق حماية لحقوق وحريات الأفراد. إن اختلاف الدول في تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات أدى إلى ظهور أنظمة سياسية ثلاث هي: النظام المجلسي والنظام البرلماني والنظام الرئاسي. فإذا كنا أمام فصل مطلق بين السلطات نكون بصدد النظام الرئاسي، وإذا كنا أمام فصل مع تعاون نكون أمام النظام البرلماني، وفي حالة هيمنة السلطة التشريعية مع انبثاق السلطة التنفيذية عنها نكون أمام النظام المجلسي. من متطلبات حسن تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات، أن يتحقق التوازن بين السلطات الثلاث كي لا تطغى أي سلطة على الأخرى وهذا يتطلب وجود رقابة متبادلة بين السلطات ما يمنع تجاوز أي منها لصلاحياتها والتعسف وإساءة استعمال السلطة ومما يحقق حماية لحقوق وحريات الأفراد من خلال قيود وحدود لممارسة السلطات القائمة. إن الإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات غالباً ما يؤدي إلى ضعف السلطتين التشريعية والقضائية في مواجهة السلطة التنفيذية. فالعديد من السلطات التشريعية في الدول العربية تتنازل في كثير من الأحيان عن حقها التشريعي وعن الكثير من الحقوق والالتزامات التي يجب أن تقوم بها وذلك لمصلحة السلطة التنفيذية مما يساهم في تدني الأداء البرلماني كما أن وسائل الرقابية البرلمانية غير مفعّلة في كثير من الأحيان. إن معظم الدول العربية نصت في دساتيرها على مبدأ الفصل بين السلطات (مثلاً المغرب الجزائرولبنان والعراق) وعلى تعاونها وتوازنها (مثلاً لبنان) وعلى وسائل الرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. فبعض الدساتير خصص باباً للعلاقة بين السلطات (مثلاً المغرب) أو نص فقط على اعتماد هذا المبدأ (مثلاً لبنان والعراق والجزائر) وبعض منها عزز هذا المبدأ ببعض النصوص كالنص مثلاً على منع الجمع بين عضوية الحكومة وعضوية المجلس النيابي (مثلاً تونس). لكن في نفس الوقت فإن بعض الدساتير أجازت الجمع بين النيابة والوزارة (مثلاً اليمن ولبنان) ومعظم الدساتير العربية أعطى للسلطات التنفيذية سلطات تشريعية كإعطاء رئيس الدولة مثلاً سلطة التشريع في حالات الضرورة أو في خارج دورات انعقاد مجلس النواب أو إذا كان منحلاً أو في حالات الخطر أو الاستعجال (مثلاً الجزائروسورياوالأردن) كما درج العرف في بعض الدول على اللجوء إلى المراسيم الاشتراعية التي تعطي السلطة التنفيذية حق التشريع (مثلاً لبنان). وبعض الدول العربية أناط صراحة صلاحية التشريع برئيس الدولة والمجلس النيابي (مثلاً الأردن) كما أعطى العديد من الدساتير لرئيس الدولة بعض الصلاحيات القضائية كحق منح العفو الخاص (سورياولبنان والعراق) أو رئاسة بعض الهيئات القضائية (مثلاً سوريا) أو تعيين عدد من أعضائها (مثلاً سوريا). إن غياب الآلية للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في مجال إعداد وإقرار التشريعات يحد من قدرة المجلس على أداء دورة التشريعي ويؤدي إلى فتح المجال للمناكفات والتضارب بين ما يقره المجلس من تشريعات وبين ما يتطلبه تنفيذ السياسات العامة للحكومة، كما أن الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها السلطة التنفيذية في نشر القوانين المقرة من المجلس وإعداد اللوائح التنفيذية لها وتعطل الكثير من القوانين المقرة بسبب عدم النشر أو وضع لوائح تنفيذية لها يضعف الدور التشريعي للمجلس التشريعي ويخل بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات. كذلك فان عدم التزام المجلس التشريعي ببعض الإجراءات المحددة في دورة إقرار مشاريع القوانين خاصة المواعيد الزمنية المحددة لقراءات مشاريع القوانين أو استشارة الجهات ذات العلاقة بمشاريع القوانين يمس بدور وصلاحيات السلطات الأخرى في المجال التشريعي. "إن مبدأ الفصل بين السلطات لا يعنى أن تعمل كل سلطة منفردة عن السلطة الأخرى، حتى فى الولاياتالمتحدةالأمريكية نشأ نوع من التعامل ما بين الكونجرس والرئيس الأمريكى، ونحن فى مصر أخذنا بمبدأ التعاون بين السلطات". إن المادة 190 ليست صناعة لجنة الخمسين إنما لجنة العشرة، والأقرب للتفسير أن مشروعات القوانين سواء كانت نبتاً أصلياً من المجلس أو من السلطة التنفيذية يتم إرسالها إلى مجلس الدولة للمراجعة والصياغة". أن رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى أرسل النصوص الخاصة بالسلطة القضائية التي انتهت إليه لجنة الخمسين إلى لجنة العشرة لضبط الصياغة، وتم الانتهاء بالنص إلى هذا الشكل، وتم التصويت عليه يوم إقرار الدستور. إنه بالنسبة للرقابة على القوانين سواء كانت سابقة فى دستور فى 2012 أو لاحقة فى دستور 2014، ولم يقل أحد أن الرقابة اللاحقة للمحكمة الدستورية العليا على القوانين بعد إصدارها أنها تتدخل ولكنها تمارس عملها، ومجلس الدولة أيضا رأيه فى مشروعات القوانين التى تعرض عليه استشاريًا، وإبداء هذا الرأي لا يؤثر من قريب أو من بعيد في عمل المجلس، وهناك قوانين صدرت ولم تؤخذ فيها بملاحظات مجلس الدولة، والكلمة النهائية لمجلس النواب، وإذا أراد المجلس أن يؤخذ بملاحظات مجلس الدولة أخذ، وإذا أراد عدم الأخذ بها لن يأخذ بها". **كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام مستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم أمن المعلومات ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية