أسعار الخضراوات اليوم الاحد الموافق 14-12-2025 فى سوهاج    بورصة الدواجن.. تعرف على أسعار الدواجن اليوم الأحد فى سوهاج    رئيس مياه الفيوم يتفقد عددا من مواقع الشركة بمركز سنورس    دمياط: إطلاق المنصة الرقمية للتطوير المؤسسي يأتي ضمن توجه الدولة نحو تعزيز التحول الرقمي    متحدث اللجنة المصرية يستعرض جهود إغاثة غزة خلال موجة سوء الطقس    أبو تريكة: صلاح أفضل لاعب عربي ولو لم يفز بأمم أفريقيا    سؤال برلماني بشأن إجراءات مواجهة وقائع التحرش بالمدارس    كنيسة القديس مار مرقس الرسول بدمنهور تعقد لقاء بعنوان "النجاح في حياة زوجة الأب الكاهن"    ألافيس ضد الريال.. مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الملكي في الليجا    فرحة لم تكتمل.. مصرع عريس بعد 45 يومًا من زفافه بالصف    نقابة المهن التمثيلية تنعى شقيقة عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى    طارق بن شعبان: قرطاج السينمائي يدعم سينما المؤلف الملتزمة بالقضايا الإنسانية    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    محفظ قرآن بالأقصر يسجد شكرا لله بعد فوزه برحلة عمرة مجانية ويهديها لوالدته    مصر تدين الهجمات على مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    وزير العدل يشهد أداء اليمين القانونية للأعضاء القانونين الجدد بمصلحة الشهر العقارى    بعد تسجيل عبلة كامل.. مفيدة شيحة تشيد بلميس الحديدي: رجّعتي لنا صوت بنحبه ونحترمه    العشق اسمه «دروب مصر»    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بقنا    كرة القدم وكأس العرب «1»    منتخب مصر يحقق برونزية بطولة كأس العالم للفرق المختلطة للاسكواش    أنشطة ثقافية وفنية بالمركز الثقافي بالمحروسة ضمن مشروع جودة حياة    محمد أنور يساند أحمد السقا بعد الهجوم عليه بسبب رسالته إلى محمد صلاح وليفربول    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    العزل المنزلى!    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    محمد صلاح ولاعب الزمالك بالقائمة.. موعد حفل جوائز ذا بيست 2025    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    في قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق المهرجان القومي للتحطيب واحتفالات اليوم العالمي للغة العربية    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عمرو حمزاوى يكتب عن : في 2016... أحوالنا كمنكوبي المعمورة المعاصرين

هل نستطيع كعرب التفاؤل بمقدم عام ميلادي جديد شأننا شأن سكان المعمورة الآخرين؟ هل تمكننا أحوال بلادنا والظروف الإقليمية المحيطية بنا من التفاؤل أم تراها تجردنا مجتمعة من مطلق القدرة الإنسانية على استقبال الجديد القادم بمشاعر الرجاء والتمني والأمل التي تنتشر في المشارق والمغارب وتولد الكثير من الطاقات الإيجابية؟
قبل ساعتين من بداية 2016 في مدينة سان فرانسيسكو، كنت مع أسرتي نقف على شاطئ المحيط الهادي وسط آلاف البشر في انتظار انطلاق الألعاب النارية المبهرة. حالة من السعادة الحقيقية غمرت المنتظرين الذين لم يسبق لي أن شاهدت في أي مكان آخر من يقتربون من كثافة تنوع ملامحهم وألوانهم. حالة من البهجة المقبلة أفاءت عليهم جملا لفظية ولغة جسدية رائعة الانتشاء بالجديد القادم ثم مزهوة باليقين في حياة أفضل آتية.
استرقت السمع إلى بعض مما كان يقال من حولي؛ شباب منهم من يتحدث عن خطط الدراسة الجامعية ومنهم من يعلن عن تطوير شركاتهم الصغيرة، أسر اصطحبت عجائزها الذين أخذوا يحكون عن احتفالات رأس السنة في أيامهم الخوالي وعدد بعضهم المدن التي تنقلوا بينها خلال سنوات حياتهم الماضية، متوسطو عمر رجالهم يتكلمون في السياسة وفضائح المتنافسين على بطاقات الترشح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بينما بدت على النساء مظاهر التأنق والاستمتاع بجمال المكان وسحر المحيط وانخرطن في تبادل لعبارات قصيرة عن أعمالهن. وبين الحين والآخر، تعلو همسات بعض الحضور مشيرة إلى تواجد نجم من نجوم شركات الإلكترونيات العملاقة التي تستوطن جوار المدينة.
ولأن ساعتين في انتظار الألعاب النارية المبهرة ليستا بالمدة الزمنية القصيرة، شرعت ذهنيا في إجراء مقارنات سريعة بين أجواء السعادة والبهجة في سان فرانسيسكو وبين مدن أخرى تعرفت على سمات احتفالات سكانها بقدوم العام الجديد. تذكرت العاصمة المجرية بودابست التي تستقبل حماماتها ومغاطسها العثمانية البديعة الكثير من الزوار في ليلة رأس السنة. تذكرت مدينة البندقية الإيطالية التي لم يسمح ضبابها الكثيف برؤية أضواء الاحتفالات.
وأبهرني التقليد الذي يتمسك به بعض سكانها في صباح اليوم الأول للعام الجديد، تناول وجبة عدس ثم السباحة في المياه شديدة البرودة التي تخترق المدينة من كافة جوانبها. تذكرت برلين، عاصمتي المختارة للحياة الجميلة، والتي يحيلها أهلها في ليلة رأس السنة إلى ما يشبه ساحة للمعارك الجوية من فرط ما يطلقونه هم من ألعاب نارية في كل مكان، ثم يذهب الكثير منهم إلى الكنائس في اليوم الأول للعام الجديد للاستماع إلى مقطوعات الموسيقى الكلاسيكية.
ولأن ساعتين في الانتظار ليستا بالمدة الزمنية القصيرة، أنهيت مقارنات الحواضر الأمريكية والأوروبية وتملكني التفكير في أحوال بلادنا بين عام ينتهي وآخر يبدأ.
يصح أن نوصف 2015 كعام الانتشار المرعب لخرائط الدماء العربية، من القتل اليومي في سوريا الذي يمارسه منذ 2011 المستبد الحاكم وتتداخل به الآن عصابات مسلحة محلية وأطراف إقليمية ودولية إلى انتهاك حق الناس المقدس في الحياة في العراق ولبنان وفلسطين واليمن والكويت والبحرين ومصر والسودان وليبيا وتونس بفعل رباعي الشر المتمثل في الاستبداد والإرهاب والاحتلال والطائفية المقيتة.
يصح أن نوصف 2015 كعام تصدرنا كعرب للقوائم الدولية لأعداد اللاجئين والمهجرين والنازحين والمرتحلين، إن عبر حدود بلادنا وفي جوارها الإقليمي المباشر أو عبر مراكب الهجرة غير الشرعية بين ضفتي المتوسط.
يصح أن نوصف 2015 كعام عودة العرب إلى تصدير الإرهاب عالميا، من إسقاط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء المصرية إلى تفجيرات باريس بتنا نحمل جماعيا بالمسؤولية عن إراقة الدماء وزج بنا إلى مواضع الشك الدائم في إنسانيتنا وقابليتنا لرفض العنف.
يصح أن نوصف 2015 كعام استئساد الديكتاتوريات والسلطويات العربية وسطوة مستبديها الحاكمين الذين إما يتواصل استئثارهم بالسلطة والثروة أو يعودون إلى الاستئثار بهما بعد فترات انقطاع محدود أو يسومون شعوبهم سوء العذاب لتجرؤ بعض قطاعاتها على طلب الانعتاق من الديكتاتورية.
يصح أن نوصف 2015 كعام الدعم المتبادل بين المستبدين العرب للحيلولة دون انعتاق الشعوب من نظم حكمهم البالية، ولتزييف الوعي العام بالترويج لمقابلة التماهي بين التغيير والفوضى وبين بقاء الحكام والأمن، ولإلهاء الجموع عن المظالم وانتهاكات الحقوق والحريات التي ترتكبها أجهزتهم العسكرية والأمنية، ولتعطيل العقل وحجب الحقائق والمعلومات عن الناس لكي يسهل الادعاء المتهافت بمسؤولية الانتفاضات الديمقراطية عن خرائط الدماء وجرائم الإرهاب والحروب الاهلية التي تعصف ببلاد العرب وتبرئ ساحة الديكتاتوريات والسلطويات.
يصح أن نوصف 2015 كعام ارتكان الحكومات الغربية إلى المقولة العنصرية «لا يملك العرب الأهلية لبناء الديمقراطية والحياة في مجتمعات تعددية ومتسامحة»، ومن ثم تتقهقر السياسات الأمريكية والأوروبية إلى مواقع التخلي التام عن خطاب دعم التحول الديمقراطي (على هزاله ومحدودية فاعليته خلال السنوات الماضية)، وتعود إلى خانات تفضيل بقاء المستبدين الحاكمين كبديل أوحد لمنع انتشار الإرهاب وإيقاف تصاعد معدلات العنف ومواجهة خطر الفوضى، وتتنصل بالتبعية من التعامل بمسؤولية وجدية مع الروابط الطردية الثابت وجودها بين الديكتاتورية والسلطوية وبين الإرهاب والعنف.
ولأن ساعتين في الانتظار ليستا بالمدة الزمنية القصيرة ولأن التناقض بين السعادة والبهجة على شاطئ المحيط الهادي في سان فرانسيسكو وبين أحوال بلادنا، ألفيت نفسي على شفا سيطرة مشاعر الإحباط واليأس وفقدان الأمل على وجداني، بل وعلى مقربة من الانزلاق إلى الشعور السلبي بالحقد تجاه من تقدموا بينما يتراكم تخلفنا، من ينعمون بفوائد العقل والعلم والتكنولوجيات الحديثة بينما نرزح نحن تحت نير الاستبداد والإرهاب والاحتلال والطائفية، من يملكون سبل الحفاظ على نظمهم الديمقراطية والضبط المستمر لإيقاع حركتها بالانتصار لمبدئي سيادة القانون وتداول السلطة بينما يروج للاستبداد في بلادنا إما كمرض عضال لا شفاء منه أو كالحقيقة الكبرى لوجود العرب، من يفيدون من الكثير من الكفاءات البشرية العربية في الجامعات ومراكز البحث العلمي ومراكز الأفكار وفي القطاع الخاص بينما ينكرون على الشعوب التي خرج منها الموهوبون العرب حقها في العدل والتقدم، حقها في التحول الديمقراطي.
ولأن ساعتين في الانتظار ليستا بالمدة الزمنية القصيرة، فقد أزحت جانبا كل أفكاري هذه ما أن انطلقت الألعاب النارية.
شاركت أسرتي الاستمتاع بلحظة بدء العام الجديد البديعة، وشاركت آلاف البشر انبهارهم بالتكنولوجيا الحديثة التي لم تدع مجالا إلا وأحدثت به قفزات نوعية. شيء من عدوى السعادة والبهجة المنتشرة في الأجواء انتقل إلي، وإن اختلط به الكثير من التوجس من العام الجديد وما سيحمله لنا كمنكوبي المعمورة المعاصرين وأشد شعوبها معاناة. وبعد سويعات قليلة، أثبت التوجس صوابه، مزيد من الإعدامات في السعودية ومزيد من القتل في سوريا ومزيد من سلب الحرية في مصر.
ليس لي أن أهنئكم بمقدم العام الجديد، فقط أدعو لكم ولي بالعون والمدد.
**كاتب المقال
كاتب ومحلل سياسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.