القاهرة منار عبد الفتاح: أثارت رسالة القيادي الشيعي مقتدى الصدر، للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والذي عبر فيها عن سعادته لاعترافه بإسلام المذهب الشيعي، ودعوته فيها للحوار والتعاون، والوقوف ضد أعداء الإسلام، الكثير من الجدل في مصر. وبدا الموقف المصري ملتبسا من الشيعة بعد قرار وزارة الأوقاف مؤخرا اغلاق مقام الحسين ثلاثة أيام «تفاديا للأباطيل التي يقوم بها بعض الشيعة» حسب البيان الرسمي للوزراة، ما أثار انتقادات واسعة حيث اعتبره البعض انتهاكا للدستور المصري الذي يكفل حرية العبادة للجميع. كما تحدث الأزهر الاسبوع الماضي للمرة الاولى عن وجود محاولات للتشييع في مصر، وتقف وراءها حملات مدعومة وممولة من الخارج، دون تسمية جهة محددة. إلا ان الأزهر عاد وأكد موقفه التاريخي من المذهب الشيعي باعتباره أحد المذاهب الإسلامية المتبعة، رافضا أي اساءة أو تكفير لاتباعه. وانتقد زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، قرار السلطات المصرية إغلاق ضريح الحسين مشبها ذلك بغلق بيت المقدس أمام المسلمين، وقال «مسارعة السلطات المصرية إلى إغلاق الضريح أمام المحبين سيكون بداية نهاية النظام كما حدث أيضا في العراق خلال عهد صدام حسين» ودعا شيوخ الأزهر إلى منع هذه التصرفات معتبرا المنع البوابة التي سيعود منها الإرهاب إلى مصر. ومن جانبه، قال الشيخ شوقي عبد اللطيف، وكيل وزارة الأوقاف، ل»القدس العربي» «نحن نرحب بما قاله مقتدى الصدر ولكن على شريطة احترام الطائفة السنية في العراق، لانه في ظل حكم نوري المالكي رأينا الاعتداءات السافرة والانحياز الكامل للشيعة وتهميش السنة، وكان ذلك هو السبب الرئيسي لوجود داعش داخل العراق، نحن نحترم الشيعة ونقدرهم ولكن يجب ان يكون لكل فعل رد فعل ولابد من ان يحترموا أهل السنة والجماعة ويعملوا على وحدة الأراضي العراقية ولابد ان ينحازوا إلى الأمة العربية، ونتمنى من مقتدى الصدر ان يخفض يده عن إيران والا يكون يدا أو عصا للفرس داخل العراق أو داخل الأمة العربية، وفي هذه الحالة يكون أهلا ومرحبا بالحوار، ونتمنى ان تكون الطائفة الشيعية في العراق وفي لبنان على مستوى المسؤولية وان يعملوا جاهدين على وحدة الصف داخل العراق أولا ولبنان ثانيا، ثم بعد ذلك نتحدث عن التلاقي والتقارب والتناغم من أجل الأمة الإسلامية والعربية، ثم نرى منهم ردودا ايجابية والتخلي عن السلبيات التي أوجدتها الطائفة الشيعية داخل الأمة العربية، ونتمنى ان يكونوا الشيعة في العراق وفي لبنان يد بطش لإيران والفكر الإيراني العدائي، ودائما نرى السلطات الإيرانية تعبث في الأمة العربية وتتدخل في شؤونها الداخلية، فإذا كفت إيران يدها واستقام الشيعة على حافة الطريق من أجل وحدة الصف فنحن نرحب بهذا». وكان زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، قد اعرب في رسالته للازهر عن سعادته لما سمعه من شيخ الأزهر من نقطتين مهمتين.. الأولى، الإقرار بإسلام المذهب الشيعي.. والثانية دعوة شيخ الأزهر للحوار ووضع اليد باليد حسب ما جاء من الدكتور الطيب وأعلن الصدر استعداده لوضع يده بيد شيخ الأزهر للحوار والأخذ بأيدي الأمة الإسلامية إلى بر الوحدة والأمان وإبعادها عن الفتنة والتشرذم. واستطرد زعيم التيار الصدري في رسالته قائلا: «إنني في نفس الوقت أشدّ على يدكم للإقدام على خطوات حازمة وأنا معكم ضدّ أي من يخالف النقطة الأولى، أعني تكفير العقائد الأخرى كما تفعل الفرقة الداعشية الشاذة أو بعض المتعصبين من المذهب الشيعي بتكفير من يخالفهم العقيدة أو يقوم بشعائر أو طقوس خاصة». وأعلن الصدر، استعداده لدعم ومؤازرة شيخ الأزهر في أبوته لمحبي أبي بكر وعلي معًا، وفيما يخص عقيدة الإمامية والردود على ولايته رغم ثبوت حديث الغدير قال: «أحزنني أن تردوا على بعض العقائد الإمامية في خلافة علي مع ثبوت حديث الغدير عندكم.. وعدم ردكم على من يحاول النيل من خلافة علي أو من يريدون إعطاء الحق ليزيد بقتل الحسين آنذاك أو من يهدرون دماء المسلمين بعد تكفيرهم. وأنا إذ أرفض المساس بأي سني غير تكفيري من قبل أي شيعي، وإذ أنتم ترفضون قتل أي شيعي غير تكفيري من قبل أي سني، فهذا نصرٌ من الله وفتح قريب». رسالة بالتقية ومن جهته قال ناصر رضوان، مؤسس «ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت» وعضو حزب النور السلفي «رسالة مقتدى الصدر مكتوبة «بالتقية» وهي عند الشيعة تعني قياس ما يبطنون، والشيعة يذهبون إلى الدول التي تكون لهم بها سلطة حتى يستطيعون التحرك والمشاركة في التفجيرات والإرهاب الذين يقومون به في الدول التي يحتلونها مثل العراق وسوريا واليمن مؤخرا، فهو الآن لا يستطيع التحدث بنفس لغة العنف التي يمارسها في هذه الدول وبالتالي لجأ إلى التقية». وأضاف «موقف الأوقاف بالنسبة لضريح الحسين كان يعد موقفا فرديا، ولكن موقف الأزهر ممتاز عندما منع القراء من قراءة الأذان الشيعي، ونحن في ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت تحدثنا في هذا الأمر، كما اعترض الأزهر على ذهاب الدكتور احمد كريمة إلى إيران وفرض عليه جزاء أربعة أشهر». واوضح «نحن لا نمانع من وجود وحدة بين السنة والشيعة، ولكن الشيعة يريدون تقاربا من طرف واحد، وهم يريدون من المسلمين ان يقدموا التنازلات واتباع دين الشيعة يريدون سب الصحابة ونطالبهم بأشياء لا تنفذ، ونحن نطالبهم بعدم سب الصحابة وعدم تكفير أم المؤمنين عائشة ويكفوا عن الاحتفال بمقتل سيدنا عمر بن الخطاب، ولكننا كمسلمين غير مطالبين بشيء، وهم في عقيدتهم ان الشيعي لا يكون شيعيا إلا بسب ولعن وتكفير الصحابة وأمهات المؤمنين». وقال احمد راسم النفيس، المتحدث باسم شيعة مصر، في رسالة إلى مقتدى الصدر، بدأها بقوله «سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر، إننا ننظر بتقدير واحترام إلى رسالتكم الكريمة التي وجهت إلى شيعة مصر في أعقاب القرار الخاطئ وغير المبرر الذي اتخذته السلطات بإغلاق ضريح الإمام الحسين منعا للشيعة من الاحتفال بالذكرى السنوية لاستشهاد أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام، وهو القرار الذي جرى توظيفه على الفور لشن حملة ضغط على النظام الحاكم في مصر من قبل أطراف دولية لا يروق لها على الإطلاق إفشال مشروع الربيع العربي في إطاره الوهابي وتعمل جاهدة لإعادة مصر إلى بيت الطاعة الصهيووهابي». وأضاف «نطمئنكم ونطمئن كل من يحب مصر وأهلها أننا ساهمنا في إحباط محاولة توظيف هذا الملف في خدمة الاستراتيجية الصهيووهابية الرامية لخنق مصر وعزلها دوليا وضرب اقتصادها» وأوضح أن «العقلانية التي يتصرف بها شيعة مصر هي التي حفزت بعض الحمقى أو المدفوعين من شياطين العالم دونما وعي ولا إدراك لإيجاد حالة استفزاز وهياج». ومن جانبه أكد القيادي الشيعي، الطاهر الهاشمي، في بيان له «إن دعوة الصدر للشيعة المصريين بالدخول إلى المعترك السياسي أمر لا يثير الغضب، مؤكدًا أن الدستور جعل هذا حقا طبيعيا لكل مواطن في العمل بالسياسة طالما لا توجد موانع قانونية». وأكد الروائي عبد الوهاب الأسواني، أن المذهب الشيعي يدرس في جامعة الأزهر منذ حوالي أربع سنوات، بعد أن كان ممنوعًا، مما يعتبر بداية طيبة للاعتراف بإسلام المذهب الشيعي. وأوضح أنه لا يوجد اختلاف بين المذهبين السني والشيعي، إلا في أشياء بسيطة لا تمس جوهر الإسلام، مؤكدًا أن رسالة مقتدى الصدر رد على شيخ الأزهر، وبداية التصالح، قد تغير من مفاهيم المواطنين البسطاء، الذين يكفرون بعضهم البعض. وأضاف، أن أسباب تكفير السنة للشيعة، والشيعة للسنة، تعود لأيام الدولة العثمانية زعيمة المذهب السني، وعدائها لدولة إيران زعيمة المذهب الشيعي، موضحًا أن هذا العداء استمر بين المذهبين حتى الآن. وتعد أكبر حادثة اعتداء على الشيعة في مصر، قتل حسن شحاتة زعيم المذهب الشيعي، وثلاثة من أنصاره قبل عامين في قرية أبو النمرس في محافظة الجيزة، بعد ما هاجمته جموع غاضبة من أهالي القرية حينما علموا أنه يقيم احتفالًا بذكرى أحد الأئمة داخل منزله في القرية.