لماذا هرع كثيرون إلى نظرية المؤامرة؟ متابعات في الجدل الدائر على مدار الأيام الماضية بشأن إعلان عدة دول غربية بجانب روسيا، وقف رحلاتها الجوية من وإلى منطقة شرم الشيخ المصرية على خلفية التفجير الذي استهدف طائرة ركاب روسية، وأسفر عن مصرع ركابها جميعا وعددهم 224 راكبا، في هذا الجدل بدا واضحا سيطرة حديث المؤامرة على تعليقات قطاع كبير من المصريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وقد بدا عبر تلك التعليقات ذلك الإيمان العميق، لدى البسطاء والمتعلمين على حد سواء بتلك النظرية، فقد رأى هؤلاء دون أن يسردوا دلائلهم بالطبع، أن مصر تتعرض لمؤامرة كونية تهدف إلى "تركيعها" وفقا لما قال البعض. ورغم أن بعضا من مثقفي العالم العربي يرون أن نظرية المؤامرة ربما تكون أمرا واردا إلا أن مثقفين آخرين كثر بينهم الاكاديمي والمحلل السياسي المصري عمرو الشوبكي يرون أن العالم العربي يستخدم النظرية فيما يضره ، ويقول الشوبكي في واحد من مقالاته بشأن الموضوع إن العالم العربي " يعتبر من المناطق القليلة في العالم التي مازالت توظف نظرية المؤامرة من أجل تكريس واقعها المتردي، وعدم مواجهة مشاكلها الحقيقية فتكون المؤامرة هي سبب المصائب لا طريق حلها". من أجل الحشد للسيسي يقول الدكتور حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في حديث للبي بي سي، إن حديث المؤامرة الذي يملأ الصحف المصرية حاليا، يهدف أساسا إلى حشد المصريين وراء السيسي بحجة أن مصر تتعرض لمؤامرة دولية ولابد من الاصطفاف وراءه وتنحية أي خلافات جانبا، ويضيف حسني إن هذا الحديث ربما تكون له أهداف في الداخل والخارج، لكن أهدافه في الداخل تتركز في منع المصريين من التفكير المنطقي فيما يحدث في العالم وموقعنا منه، وهل نحن نتصرف تصرفات رشيدة. يقول حسني إن الاعتقاد القوي في نظرية المؤامرة لدى المصريين، يعود لعدة عوامل منها عملية الشحن والتعليم والثقافة والإعلام، وكلها كانت تلجأ دوما وعبر سنين لنظرية المؤامرة بهدف إفساح الطريق، وبالتعود والكلام لحسني تحولت إلى طبيعة في الإنسان المصري، والملفت يضيف حسني أن معظم المثقفين الكبار، والذين يروجون أحيانا لهذه النظرية لا يعرفون بما يجري في العالم لأنهم أسرى تماما للإعلام الداخلي. واحدة من الاحتمالات لكن الخبير الأمني والاستراتيجي المصري اللواء سامح سيف اليزل، يقول للبي بي سي أيضا إنه يؤمن بنظرية المؤامرة فيما جرى من تعليق للرحلات الجوية من قبل عدة دول ، لكن ليس على أساس أنه الاحتمال الوحيد، ويؤكد سيف اليزل على ضرورة أن يتم النظر في الاحتمالات الأخرى بنفس القدر الذي ينظر به إلى احتمالات المؤامرة، كي تتم المحاسبة على أي تقصير تم ارتكابه. ويعرب سيف اليزل عن اعتقاده القوي، بأن قوى الإسلام السياسي هي من تريد وتسعى بالتأكيد للإضرار بالاقتصاد المصري، وفي معرض تشخيصه لهذه الموجة بين المصريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي ترد ما حدث لمؤامرة، يقول سيف اليزل إن الشعب المصري رأى ذلك لأن 40% من دخل السياحة المصرية يأتي من شرم الشيخ بينما تأتي نسبة 60% من دخل السياحة من كل من شرم الشيخ والغردقة، ومن ثم تسرب للناس احساس بأن من يريد ضرب السياحة المصرية في مقتل، فهو يضع خطة لضرب مصر في وقت يبدو فيه الاقتصاد المصري، في أمس الحاجة لكل دولار يأتي من السياحة خاصة من شرم الشيخ التي لم تتأثر بأية تداعيات منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير.