متابعات وإلى الحرب ضد المنافقين الذين يحتمون بالرئيس، ومن العجب أن من يهاجمهم أحد المناصرين للسيسي عمار علي حسن في «المصري اليوم»: «شيء أعجب من أي خيال أن نرى الذين كانوا يصرخون بالأمس القريب أمام الكاميرات ويقولون للناس: «إنه دستور عظيم نستحقه فانزلوا لتصوتوا عليه بنعم، وارفعوا أصابعكم في شمم ليخرق البنفسج عيون الإخوان وأذنابهم» هم الذين يتصدرون الآن مشهد المطالبين بتعديل الدستور، رغم أنه لا يزال حبرا على ورق، هو في واد والسياسات والقرارات في واد آخر، وبدلا من أن يستعمل هؤلاء حناجرهم ولو بمجرد همسة في أذن الرئيس: «من الخطر إهمال الدستور والتصرف وكأنه غير موجود»، ينفخون فيها لتطلق حروفا صاخبة: «تعديل الدستور ضروري». يضيف الكاتب استبق هؤلاء حديث الرئيس عن «دستور النوايا الحسنة» بقصف إعلامي شديد كي يمهدوا لمعركة تعديل الدستور فور التئام البرلمان، وبات واضحا، لكل ذي عقل فهيم أنهم ينفذون أوامر أو توجيهات سلطوية وأن أدوارهم محددة سلفا، ولو أحسن الرئيس صنعا لما التفت إلى كل من يحرضونه على التعديل، حتى لو كانت نفسه، أو ظنونه ف «بعض الظن إثم». ويرى عمار أن المطالبات المتكررة بتعديل الدستور تعطي انطباعا عاما بأن هذه هي المهمة الأساسية لمجلس النواب المقبل، بما يفتح الباب أمام شكوك تتوالى حول هندسة نتائج الانتخابات على مقاس هذا الهدف الأساسي، وأن الأهداف الأخرى ستكون جميعها في اتجاه تنازل البرلمان عن القيام بمهمته الرئيسية في الرقابة والتشريع، على وجه يكافئ مطالب الشعب وآماله، والأخطر هو تنازل البرلمان عن صلاحياته على النقيض من المطلب الذي تبنته الحركة الوطنية المصرية منذ عقود في وجه دساتير جعلت من رؤساء الجمهوريات أنصاف آلهة». كانوا يرقصون للدستور ثم يلعنونه الآن! بينما كانت أنغام الأغنية الشهيرة تنادى على الصعيدي والبورسعيدي وكل المصريين في بدايات عام 2014 للتصويت في استفتاء الدستور الأخير بنعم، من أجل المستقبل، كان الإعلام المصري كما يشير مصطفى النجار في «الشروق»: «يصف مشروع الدستور الذي أعدته لجنة الخمسين بأعظم دستور في الدنيا، وبأنه الدستور الذي ينقذ مصر من خطر عودة الإخوان! وخرجت الوجوه الموالية للسلطة حينها تبشر الناس بأن هذا الدستور سيفتح آفاق المستقبل، وأن التصويت بنعم هو دليل الوطنية وأن من يفكرون في التصويت ب( لا) هم أعداء الوطن. وعقب انتهاء التصويت قالت الجهات الرسمية إن النتيجة النهائية للتصويت هي موافقة 98.1٪ من المصوتين على مشروع الدستور. ووصف الإعلام حينها النتائج بأنها إعلان وفاة لجماعة الإخوان، وبدء مرحلة جديدة يتشكل فيها نظام قائم على احترام الدستور والقانون، وأن نسبة الموافقة الشعبية الكاسحة على الدستور تجبر أي سلطة مقبلة على احترامه، بعد أن ارتضى الشعب هذه الوثيقة الدستورية البديعة على حد وصفهم. خلال الأيام الماضية صدرت إشارات من السلطة عن عدم ملائمة الدستور الحالي للظروف التي تمر بها البلاد، وفهم الجميع أن مغزى هذه الرسالة هي أن هناك تعديلات دستورية مقبلة، مطلوب من البرلمان المقبل إتمامها. وعلى الفور، بدأت زفة إعلامية وسياسية حول العوار الخطير الموجود في الدستور، وتطوع تحالف انتخابي موالٍ للسلطة بإعلان أن شعار حملته الانتخابية «هنغير الدستور»! وبدأت الأبواق نفسها التي كانت تصف الدستور بأروع وثيقة دستورية في تاريخ مصر، بوصف الدستور بالمعيب وكالعادة تم استدعاء فزاعة الأمن القومي لتخويف الناس من بقاء الدستور الحالي من دون تعديلات». الرئيس صنع مأزقاً لنفسه وإلى مزيد من الردود على تصريحات الرئيس بشأن الدستور، حيث قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة في مقال نقلته عدة صحف ومواقع منها «المصريون»: «إن هذه التصريحات تعكس توجها واضحا لإجراء تعديلات دستورية نابعة من عدم ارتياح الرئيس لمواد في الدستور، حسب تعبيره. وأضاف نافعة أن هذه التصريحات، التي تم حذفها لاحقا، شكلت «خطأ سياسيا كبيرا» يعكس الحرص على الإنفراد بالسلطة، والسعي لعدم وجود برلمان قوي ينازع الرئيس سلطاته. ورأى نافعة أن «الرئيس متخوف من أن يستغل البرلمان صلاحياته، التي جاءت أوسع مما كان عليه دستور 1971، حيث يعطي الدستور الجديد للبرلمان صلاحيات أوسع في تشكيل الحكومة، كما أن تلك الصلاحيات قد تصل إلى تهديد منصب الرئاسة نفسه». وكان دستور 1971 ينص على أن فترة رئيس الجمهورية ست سنوات تجدد مدة أخرى، إلا أنه تم تعديل المادة المتعلقة بذلك بتغيير كلمة «مدة» واستبدالها ب«مدد»، ويتخوف البعض من أن ذلك التعديل ربما يتكرر مرة أخرى في دستور 2014 ، الذي ينص على أن فترة الرئيس أربع سنوات تجدد مرة واحدة فقط. وتابع نافعة أن «ما قاله الرئيس مقلق، ويعني أنه ليس مرتاحا للصيغة التي كتب بها الدستور، وبالتالي هو يميل إلى تعديله». مشيرا إلى أن الرئيس أقسم على احترام الدستور. وقال : «إنه لا أحد كان يتصور أن يدلي الرئيس بهذا التصريح قبل الانتخابات البرلمانية، حتى ممن أيدوا السيسي سابقا». موضحا أن الرئاسة أدركت أن هذه الجملة ستفسر تفسيرات شتى، فقامت بحذفها، معربا عن اعتقاده بأن هذا الحذف لن يبدد المخاوف».