اكتب هذه الكلمات إلى أخي وصديقي الأستاذ حافظ الشاعر ، وإلى كل من فقد الأمل في الدنيا.. خلق الله العباد ليذكروه ، ورزق الله الخليقة ليشكروه، فعبد الكثير غيره ، وشكر الغالب سواه؛ لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة على النفوس.. فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا بجميلك واحرقوا إحسانك ونسوا معروفك ..بل ربما ناصبوك العداء ورموك بمنجنيق الحقد الدفين لا لشيء ، إلا لأنك أحسنت إليهم ، وطالع سجل العالم المشهود ..فإذا في فصوله قصة أب ربى ابنه وعزاه وكساه وأطعمه وسقاه وأدبه وعلمه.. سهر لينام ، وجاع ليشبع ، وتعب ليرتاح ، فلما كبر شارب هذا الابن وقوى ساعده.. أصبح لوالده كالكلب المسعور .. فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوس الفطرة ومحطمى الإرادات ، وليهنئوا بعوض المثوبة عند من لا تنفد خزائنه.. إن هذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل وعدم الإحسان للغير ، وإنما يوطنك على انتظار الجحود والتنكر لهذا الجميل والإحسان فلا تيأس بما كانوا يفعلون .. إن فعل الخير كالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه، واعمل الخير لوجه الله لأنك الفائز على كل حال واحمد الله لأنك المحسن وهو المسيء واليد العلياء خير وأحب عند الله من اليد السفلى.. لا تفاجأ إذا هربت بليدا قلما.. فكتب به هجائك أو منحت جافيا عصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه فشج بها رأسك هذا هو الأصل عند هذه البشرية المحنطة فى كفن الجحود مع بارئها جل فى علاه.. فكيف بها معى ومعك ولا تنتظر شكرا من أحد.