**زيادة العنف سيدخلنا فى حلقة مدمرة **لا يمكن القبول بتبرئة رموز نظام مبارك ومحاكمة مرسى على فساد 40 سنة **قيادات الإخوان قدموا شكاوى ضدى لرئيس الكرامة وصباحى لعدم تعاونى معهم **الدولة تعلم بتلقى الأحزاب تمويلات وتغض الطرف عنها لضمان السيطرة عليها **المصرى يسمع عبدالباسط وأم كلثوم ويحشش بالليل
صورة من الحجم الكبير معلقة بمدخل البيت تكشف مدى حب القيادى الناصرى للزعيم الراحل ودفاعه عن مشروعه، وهو ما جعله يقارن الممارسات الحالية بمشروع ناصر، ليرى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يكمل مشوارا وصفه ب "بالانقلاب" الذى بدأه الرئيس السادات على حلم عبدالناصر، وتبعه مبارك ومرسى، معتبرا أن تشبيه السيسى به أكذوبة كبرى ولعبة مخابراتية. وفى حوار أجرته "مصر العربية" مع أمين إسكندر، وكيل مؤسسى حزب الكرامة، وأحد مؤسسى حركة كفاية، وصف سياسات النظام الحالى بشديدة الخطورة، تزيد الفقراء فقرا وتصب فى صالح الأغنياء، كما يرى أن رئيس الجمهورية يجيد العمل كضابط فى الجيش، لكن لا فهم له فى السياسة، ولا يحبها، والمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، مهندس مقاولات ولا يملك رؤية.. وإلى نص الحوار:
** هل ستخوض الانتخابات البرلمانية؟ لا، لأنى أرى القوانين المنظمة للبرلمان المقبل غير عادلة وتتعمد تهميش الأحزاب السياسية، مقابل تكريس المرشح الفردى، وتعظم دور رجال المال ورجال السياسة التقليديين المنتمين للحزب الوطنى المنحل، فهناك 80% من المقاعد الفردية لن تأتى إلا برجال ثار عليهم الشعب.
** كيف تتوقع شكل البرلمان المقبل؟ لا أتوقع منه سوى التأييد للرئيس عبدالفتاح السيسى، وسياسته وانحيازاته، التى أراها شديدة الخطورة على مصر، يتجاهل فيها قضية فلسطين، والعروبة ويحارب اليمن، وعلى المستوى الداخلى يصدر قوانين سيئة السمعة، ومكبلة للحريات، بعضها تمنح النيابة العامة سلطة الاعتقال، ويقف فى صف رجال الأعمال ويزيد الفقراء فقرا.
** ما الفرق بين عهد مبارك ومرسى والسيسى برأيك؟ فى اعتقادى لم يحدث تغيير فى مصر، لا فى السياسات ولا الرجال، فدولاب الدولة القديم من رجال قضاء وجيش وشرطة وسلطة تنفيذية كما هم، وجميعهم ليس لديهم مشروع حقيقى سوى الاستثمارات القائمة على رجال الأعمال، والتى ثبت فشلها على مدى العقود، ولم تحقق تنمية حقيقية للبلاد. ولأنه لم يتغير شىء، فأنا أعتبر أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو مجرد انتفاضات كبيرة، تكتل عليها حلف المصالح من رجال الأعمال والدولة القديمة، بتعدد منابرها من أجهزة أمن ورجال قضاء وإعلاميين لهم مصالح، فجميعهم كونوا شبكة قاتلة وأخذوا نصيبهم، فقط تغير الترتيب من رجال المال ثم الشرطة ثم الجيش والقضاء فى عهد مبارك، إلى أن أصبح الجيش فى عهد السيسى فى المرتبة الأولى، ويليها رجال المال والقضاء ثم الشرطة.
** كيف ترى عصر السيسى؟ حدث فى مصر انقلاب حقيقى بدأ فى عهد السادات، حين انقلب على سياسة عبدالناصر، ورفض معاداة أمريكا وإسرائيل، واعتمد على سياسة الانفتاح، ثم جاء "البليد مبارك" وأكمل مشوار السادات وخرب البلد، وجاء المجلس العسكرى الذى لم يغير شيئا فى المعادلة، ونفذ كلام الأمريكان، وجاء مرسى وسار على نفس النهج، واعتمد على نفس رجال أعمال مبارك، ووضع على رأسهم حسن مالك، ثم جاء السيسى بنفس السياسة التى تهمش الفقراء رغم أنهم أغلبية الشعب وهم من انتخبوه. وعندما تحدث السيسى عن مشروع تنموى اسمه قناة السويس الجديدة، هى فى الحقيقة ازدواج للقناة، "مفيش حاجة اسمها قناة جديدة"، وليست هذه التنمية، فالأهم كان الاهتمام بالتعليم والصحة، لذلك أعتبر أن انتفاضتى يناير ويونيو لم تصيبا الهدف الحقيقى.
** كيف يتعامل النظام الحالى مع القضية الفلسطينية والقومية العربية؟ النظام الحالى له انحيازات شديدة الخطورة على الأمن القومى المصرى، فوصل به الحال لضرب اليمن، وغابت فى عهده القضية الفلسطينية، ولم يتخذ موقفا واضحا تجاه سوريا.
** ما رأيك بتشبيه السيسى بعبدالناصر؟ هذه أكذوبة كبرى، ولعبة مخابرات انخدع بها البعض، لأنهم يعلمون أن عبدالناصر ذو مصداقية واسعة فى الشارع، ويعبر عن مزاج المصريين، ولكن إذا كان هناك تشابه فهو أقرب للسادات، فالسيسى من المغرمين به، ودخول جيهان مع حرم السيسى فى حفل افتتاح قناة السويس يشى بذلك، والأهم من الدلالة الشكلية السياسات القائمة.
** هل هناك تخوفات من وصول الإسلاميين للبرلمان؟ إذا كان للبلد رغبة فى أن يكون له مقومات الدولة العصرية، التى تحترم عقل الإنسان وتفكيره وتبعد عن الخرافات والأساطير، فعليها أن تبعد الدين عن السلوك السياسى، ولا أقصد بذلك إبعاد الدين عن المجتمع لأن الشعب المصرى متدين بالطبع، وكانت خطيئة الإخوان الكبرى تصورهم أنهم هم الشعب ولم يعلموا أن المصرى له مزاج خاص، "يسمع الشيخ عبدالباسط، ويحب أم كلثوم، والبعض منه يحشش ليلا"، ولنا تجربة سابقة مع الإخوان فى البرلمان، فكان وجودهم مأساة حقيقية.
** ما سبل الخروج من الأزمة السياسية التى تمر بها البلاد؟ يجب ألا تقتصر المواجهة على الجانب الأمنى والسلاح فقط، لأن المواجهات الأمنية فى التسعينيات انتهت بهزيمة الجماعات الجهادية، وبتوحش الشرطة، فالمواجهة يجب أن تكون اقتصادية وسياسية وثقافية وفكرية، وأن تتبنى الدولة مشروعا لمواجهة الأفكار المتطرفة، فالرئيس حين دعا لتجديد الخطاب الدينى لم يقدم رؤية واضحة ذلك، ولا توجد أيديولوجية سياسية تهتم بالفكر ومواجهة التطرف.
** ما تقييمك لحكومة محلب؟ محلب مهنته الحقيقية مهندس مقاولات، ولا يفهم فى السياسية، مثل عبدالفتاح السيسى مهنته ضابط أمن، لا يفهم فى السياسية، وهذه ليست سبة أو عيبا، لكن معنى جهل رئيس الجمهورية بالسياسة، ويكرهها، أنه يكره أدوات حكمه، وهذه مشكلة كبيرة"، فنحن الآن لا نعرف من يصنع القرارات ولا من هم مستشارو الرئيس. فمحلب يشبه رجل المطافئ يتصور أنه كلما عبر على موقع ساهم فى حل مشاكله، ولكن لا يملك رؤية، ولا خطة عند الحكومة ولا عند رئيس الجمهورية، فالدولة تتحرك بلا بوصلة.
** كيف ترى الممارسات التى تحدث مؤخرا من الشرطة سواء التصفية الجسدية لبعض المتهمين أو الموت داخل أماكن الاحتجاز؟ الدولة هى الوحيدة التى يحق لها الاستخدام الشرعى للقوة، بنص الدستور، لكن ليس معنى ذلك الخروج على القانون، أو أن تحصل الشرطة على شرعية تنفيذ العقوبة دون محاكمة، فما يحدث من تجاوزات والعودة لممارسات ما قبل يناير، السبب فيه هو خروج المجتمع عن الحوار السياسى. بجانب أن بعض القوى السياسية رفعت السلاح فى وجه الدولة، رغم مرورهم بالتجارب قديما، وأثبت التاريخ أنه لن تنجح قوة فى مواجهة الدولة، يمكن عمل شغب تكون نتيجته الضرر على المجتمع ككل لأن كل منهم يريد الثأر من الآخر، وللخروج من هذه الأزمة يجب أن تعلو دولة القانون، فلا يمكن القبول بوجود مؤبدات مفتوحة وإعدامات جاهزة، هذا لا يحدث فى أى دولة فى العالم، حتى إسرائيل لا تفعل ذلك مع الفلسطينيين، فلما قتل الطفل الدوابشة اعتذرت السلطات الصهيونية وقالت إنها ستحقق فى الأمر، فهى تسعى لتقديم مبرر إنسانى للعالم عن الحادث حتى لو لم تحقق. وأنا لا أفهم معنى لخروج كل رموز نظام مبارك براءة، وتحمل المسئولية كلها بفساد 40 سنة لمحمد مرسى رغم اختلافى معه، فالممارسات حاليا كلها تسير فى طريق قتل السياسة.
** كيف رأيت حفل افتتاح قناة السويس الأخير؟ لن أخوض فى التفاصيل، لكنى أريد أن أعرف سبب خروج الرئيس بزى عسكرى، وبعدها يظهر بزى مدنى، كما أننى لا أفهم أيضا حصوله على ثلاث رتب عسكرية فى أقل من سنتين دون تفسير، كما أن الدعوة التى وجهت لرئيس نادى الزمالك غير مفهومة لعدم توجيه دعوات لمماثليه من رؤساء الأندية الأخرى. أيضا لماذا اختير يخت المحروسة، فلابد أن نأخذ فى اعتبارنا دلالة الرموز، فلماذا يرعى أحمد عز الاحتفال، مع أنه من المفترض أن الرئيس جاء بعد حالة ثورية أطاحت برموز نظام مبارك وأدخلتهم السجون، وما معنى أن يجاور الرئيس أحد الشباب بدعوى أنه أصغر رئيس حزب فى العالم؟ ما الذى قدمه؟ وما معنى توجيه دعوة لحمدين صباحى ثم تركه فى نهاية الصفوف؟ كلها ألغاز كانت فى الحفل ولا أجد إجابة لها.
** ماذا فهمت من خطاب الرئيس خلال الاحتفال؟ فى الواقع لم يقدم شيئا، مرة يتحدث من الورقة وأخرى يرتجل، وأنا أتساءل من هو مستشار الرئيس السياسى، فأنا غير مطمئن لهذا الأداء.
** هل ترى أن هذه المقدمات تقود لحركة غضب أخرى أو ثورة؟ لا، أحوال المعارضة فى مصر لا تسُر عدوا ولا حبيبا، والواقع على الأرض يقول إن الدولة متسلطة بطريقة مخيفة، تصدر قوانين تمنع السياسة وتجور على الحريات، فمثلا حجبت برامج التوك شو، وحل مكانها برامج غنائية بشكل متعمد، وتم منع عدد كبير من رموز الحياة السياسية من الظهور حتى لا ينتقدوا أداء السلطة، وأنا واحد من الممنوعين.
** كيف ترى أحزاب رجال الأعمال التى ظهرت مؤخرا؟ النظام السياسى فى مصر مريض بشدة، فالأحزاب لو نظرنا لأحوالها فسنجد أن من أسسوها، أو من ينفقون عليها رجال أعمال، وبالنظر إلى عددهم ليسوا كثيرين، فهل هؤلاء يعبرون عن الشارع المصرى، كما أن المسيطرين على السياسة هم أنفسهم المسيطرون على الإعلام، فهم حلف مخيف سيسيطر على البرلمان المقبل.
** هاجمت فى مقالاتك قيادات الدعوة السلفية بتهمة ازدراء الأديان، فيكف ترى انضمام بعض الأقباط لقوائم حزب النور؟ أنا لا أفكر بطريقة دينية، فمن يريد من الأقباط الانضمام لحزب النور، فتلك حريته، يتحمل هو تبعة قراره، لكن السؤال الذى يجب أن نطرحه جميعا: هل الأحزاب الدينية مفيدة لمصر؟ الإجابة قطعا لا، حتى لو كانت مسيحية، فلا يمكن أن يكون استخدام النصوص المقدسة فى محل النقاش والمنافسة بيننا، فالأحزاب الدينية تحتكر التفسيرات مثلها مثل أى ديكتاتور.
** الكرامة تحالف مع الإخوان فى برلمان 2012 المنحل.. فما سبب رفض التحالف مع النور؟ تجربتنا مع هذا التحالف يجب الوقوف عندها، فأنا لم أكن مرتاحا له، وكثير من قيادات الإخوان قدموا ضدى شكاوى لرئيس حزب الكرامة، وأخرى لحمدين صباحى، بحجة أننى غير متعاون، لكن سبب التحالف من الأصل هو أن وثيقة الكرامة تقسم مصر أربعة مشاريع كبرى، " ليبرالى، وإسلامى، ويسارى، وقومى"، وترى أن التعاون مع هذه القوى لتحقيق العدالة الاجتماعية جائز، وأفكار الكرمة قائمة على جوهر الناصرية، لذلك انضم لنا عدد كبير من غير الناصريين.
** عايشت الإخوان عن قرب بمجلس الشعب المنحل.. ما تقييمك لأدائهم؟ كنت أتصور أن تنظيم الإخوان فيه خبرات مهمة، لكن لم أجد ذلك، لاسيما بعض النماذج التى تظهر بوسائل الإعلام، وكان أداؤهم فى المجلس "فضيحة"، فمثلا كانت طريقة حلهم لموضوع سورية على سبيل المثال هو طلب استدعاء القوى الدولية لوقف نزيف الدماء الدائر هناك. إضافة إلى ذلك السلفيون كانوا أكثر تطرفا، وأنا لا أعرف شكلا لدولتهم التى يسعى حزبهم لقيامها، كما أن بعض التحليلات التى يقدمها بعضهم الآن لفشلهم فى الحكم هى أنهم أخطأوا لأنهم لم يؤسسوا حرسا ثوريا شبيها بإيران، هذه الأفكار كانت "هتخلى الدم للركب".
** هل هناك تعمد لإضعاف الأحزاب؟ الحقيقة أن الجميع لديه أزمة، سواء اليسار أو اليمين، والمناخ غير صحى، لأن الدولة تطلق إعلامييها الذين جاءوا بتوصيات أمن الدولة، يرددون عبارات الأحزاب هامشية طوال اليوم، مع أن الوضع القائم خانق للأحزاب. فلماذا لا يخرج جزء من ميزانية الدولة لدعم الأحزاب، كما أن الدولة تغمض عينيها عن بعض الممارسات، كتلقى بعض الأحزاب تمويلات أجنبية، أو تبرعات من رجال أعمال، حتى تستطيع فيما بعد السيطرة عليها، كما أن القانون يمنع الأحزاب من أى ممارسة استثمارية، فلابد أن يقدم دعم مادى للأحزاب، فمثلما ينفق على النظام يجب الإنفاق على المعارضة لأنها جزء من النظام. **نقلاً عن : مصر العربية