عاجل - سعر الدولار مباشر الآن The Dollar Price    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    خالد أبو بكر: مصر ترفض أي هيمنة غير فلسطينية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    أكسيوس: محاثات أمريكية إيرانية غير مباشرة لتجنب التصعيد بالمنطقة    نجم الزمالك السابق: نهائي الكونفدرالية يحتاج 11 مقاتلًا في الملعب    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    رقص أحمد السقا مع العروس ريم سامي على غناء عمرو دياب «يا أنا يا لاء» (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    بعد 94 دقيقة.. نوران جوهر تحسم الكلاسيكو وتتأهل لنهائي العالم للإسكواش 2024    قبل مواجهة الترجي.. سيف زاهر يوجه رسالة إلى الأهلي    «مش عيب تقعد لشوبير».. رسائل نارية من إكرامي ل الشناوي قبل مواجهة الترجي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    عاجل.. رقم غير مسبوق لدرجات الحرارة اليوم السبت.. وتحذير من 3 ظواهر جوية    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    حلاق الإسماعيلية يفجر مفاجأة بشأن كاميرات المراقبة (فيديو)    شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة "اصليح" بخان يونس جنوب قطاع غزة    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    تعادل لا يفيد البارتينوبي للتأهل الأوروبي.. نابولي يحصل على نقطة من فيورنتينا    حضور مخالف ومياه غائبة وطائرة.. اعتراضات بيبو خلال مران الأهلي في رادس    منها سم النحل.. أفكار طلاب زراعة جامعة عين شمس في الملتقى التوظيفي    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    وسط حصار جباليا.. أوضاع مأساوية في مدينة بيت حانون شمال غزة    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : ثقافة الفساد في المجتمع المصري
نشر في الزمان المصري يوم 06 - 07 - 2015


ثقافة الفساد :-
المجتمع المصرى تقبل صور الفساد وأصبح عنده إمكانية للتعايش معه، فالفساد عام في مصر سواء فساد السلوك السياسى أو تغلغل الفساد فى كافة الأجهزة الحكومية إلى الحد الذى نستطيع أن نقول فيه إن ثقافة الفساد منتشرة وبدأت تتغلغل فى كافة نواحى الحياة فى مصر ، فهناك إقتناع بوجود الفساد والتعايش مع صوره وأنماطه المختلفة بل وإفساح المجال لها. المواطن يتوقع الفساد فى كافة تعاملاته اليومية حتى بات الفساد ظاهرة طبيعية ، فتهاون النظام الإجتماعى بأكمله مع حالات الفساد جعلها ثقافة مقبولة .
أسباب الفساد :-
أسباب الفساد فى مصر عديدة ومتنوعة، منها ما هو متعلق بالهيكل التنظيمى والمؤسسى ومنها ما هو متعلق بالإطار التشريعى والقانونى ، ومنها ما له علاقة بالثقافة المجتمعية ، وتلك الأسباب منها :-
ضعف الرادع القانونى وسيادة القانون، وسيادة القانون تعنى أن يطبق القانون على كل المواطنين سواء حكاما أو محكومين ، أغنياء أو فقراء ، وهو ما لا يحدث فى مصر، حيث لا إحترام لسيادة القانون بشكل كبير ويتم إنتقاصها بممارسات مثل إصدار القوانين لصالح فئة معينة[28]، حيث وصل الأمر إلى حد صياغة قوانين لخدمة بعض الأشخاص على حساب الصالح العام ، مثل قانون منع الممارسات الإحتكارية . إننا هنا أمام ما يطلق عليه إقتناص الدول State capture ، حيث وصل المفسدون من القوة والنفوذ لدرجة أن قوانين الدولة لم تعد تمثل عائقا أمامهم لإرتكاب الفساد ، يستطيعون أن يعيدوا تشكيل القوانين لخدمة مصالحهم لتصل إلى ما يسمى "الفساد بالقانون" Corruption law وليس الفساد بمخالفة القوانين Corruption against law ، فضلاً عن التنفيذ الانتقائى للقوانين أى أن القانون لا يطبق بالتساوى على الجميع وتحميه عوامل النفوذ السياسى والقدرة المالية ، ومن الشواهد على ذلك حادثة العبارة "السلام" فى البحر الأحمر فى 2006 ، والتى أودت بحياة أكثر من 1000 شخص ، كما أن إجراءات المحاكمة والتحقيق فى جرائم الفساد تستغرق فترة زمنية طويلة قد تصل إلى عشرات السنين ، مما يضعف من قوة ردع القانون
الهيكل التنظيمى قد يكون أحد أسباب الفساد لما يحتويه من عيوب وكذلك أساليب إدارة المؤسسات الحكومية ، كما أن عدم تحديد المهام والواجبات بدقة فى الجهات الحكومية قد يكون أحد أسباب فساد تلك المؤسسات بسبب أن الهياكل التنظيمية للمؤسسات تم إعدادها منذ فترة طويلة ولم يتم مراجعتها أو تحديثها بإستمرار مما يجعلها لا تعكس حقيقة ما يحدث على أرض الواقع ، وهناك تداخل كبير فى الإختصاصات بين الجهات الحكومية وداخل كل جهة وبالتالى تصبح المسئولية مفرّقة بين أكثر من شخص داخل المؤسسة، فضلاً عن أن الكم الهائل من القوانين واللوائح والكتب الدورية التى تحكم العمل فى الجهات الحكومية يؤدى إلى نوع من التشتت فى العمل الحكومى ، بحيث لا يعرف المواطن بالتحديد أى قرار يطبق وأى لائحة يتبع وكذلك أيضا تشتت المسئولية عن المخالفات .
إذن تتلخص أسباب الفساد فى البيروقراطية الحكومية وتعقد إجراءاتها كما ذكرنا من قبل، تطويل الإجراءات الحكومية بشكل كبير يسمح بإبتزاز المتعاملين مع الجهاز الحكومى وإجبارهم على دفع الرشاوى، الرقابة الذاتية فى المؤسسات الحكومية وهى رقابة تمارسها تلك المؤسسات على نفسها عن طريق إدارات متخصصة داخلها للمتابعة والتفتيش المالى والإدارى ، لكن غياب التفتيش والتقصير يسود تلك الإدارات حيث تفتقر الآليات اللازمة لمنع الفساد، ضعف الأجور والمرتبات وعدم عدالة توزيعها وعدم ربط الأجور المتغيرة بالأداء والنزاهة كلها من أسباب الفساد ، فضلا عن ضعف القيمة الحقيقية للمرتبات ، ففى كثير من الأحيان لا تكفى لتوفير الحياة الكريمة للموظف حيث تتراوح المرتبات فى الدرجات الدنيا ما بين 300 و400 جنيه شهرياً ، مع معدل تضخم أكبر بكثير.
فى دراسة أجرها مركز الأهرام للدراسات السياسية على 1400 حالة موزعة على المحافظات ، وجد أن 88% من المواطنين يرون أن انخفاض الأجور والمرتبات أحد أسباب الفساد ، والموظفون يقبلون الرشاوى بحجة أن مرتباتهم لا تكفى لإطعام أولادهم .
هناك أسباب تتعلق بالمالية العامة للدولة ومنها صعوبة فهم الموازنة العامة، فهى متاحة لمن يريد الاطلاع عليها وعلى كافة الإيرادات العامة ومصادر الحصول عليها، إلا أن من الناحية الواقعية هناك نقد موجه إلى الكيفية التى يتم نشر الموازنة العامة بها ، حيث تتصف بالغموض وتحتاج إلى شخص ذى مهارة عالية لفهمها مما يقلل من فاعلية رقابة المواطنين والمؤسسات غير الحكومية عليها ، فضلا عن عدم خضوع الصناديق الخاصة للموازنة العامة ورقابة الجهاز المركزى للمحاسبات والتى تصل أموالها إلى 1272 مليار جنيه وفقا لتقدير الجهاز المركزى للمحاسبات ، بينما 20% فقط من إيرادات الدولة من ضرائب وعوائد قناة السويس والبترول والهيئات الاستثمارية تذهب للموازنة العامة أما 80% صناديق خاصة تذهب أموالها فى نشر التهانى والتعازى ومكافآت لبعض العاملين.
أساليب منح القروض فى البنوك العامة تحتاج إلى تغيير بسبب ما شهده قطاع البنوك فى مصر من تجاوزات كبيرة، كما أن من صور الفساد المالى أيضا والتى كانت متعلقة بالعيوب التى تشوبه هى أن المصرف العربى الدولى الذى تم إنشاؤه عام 1974 لم يكن يخضع لرقابة البنك المركزى ، وكانت تحوم حوله الشبهات أيام الثورة وضلوعه فى تهريب أموال رجال مبارك ولذلك تم إخضاعه لرقابة البنك المركزى عام 2012.
البيئة الثقافية والإجتماعية لديها قبول للفساد كما ذكرنا سابقاً، كما أن الطبقية والفئوية السياسية فى القرارات العامة من تعيين أبناء العاملين والفساد المؤسسى والطبقية الاجتماعية والنفوذ السياسى وأبرز دليل على ذلك تعيينات الشرطة والقضاء والسلك الدبلوماسى . الإطار التشريعى المتعلق بمكافحة الفساد ملىء بالعيوب التى تجعله غير فاعل بالقدر الكافى ومنها عدم حمايته للشهود والمبلغين عن الفساد ، عدم وجود إطار قانونى يسمح بالوصول إلى المعلومات ، عدم وجود إطار قانونى شامل لمنع التضارب فى المصالح.
المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد فى مصر يشوب تنظيمها عيوب تقلل من فاعليتها على الرغم من كثرة الأجهزة الرقابية ، تلك المؤسسات لا تعمل بالكفاءة المنوط بها عملها وضعف تلك المؤسسات على الرغم من كثرتها يعود إلى عدة أسباب:-
عدم المعرفة الكافية بالجهات الرقابية، فعلى الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية فى مصر إلا أنها ليست معروفة لدى جميع المواطنين ، ففى دراسة أجراها مركز العقد الاجتماعى عام 2009 بين أن 4% فقط هم من لديهم معلومات عن الهيئات الرقابية .
الأجهزة الرقابية غير مستقلة حيث تتبع جميع الأجهزة التنفيذية مما يؤثر على إستقلاليتها باعتبار أن السلطة التنفيذية سوف تكون هى المراقب ومُراقبه فى نفس الوقت مما يخالف المبادئ الرقابية السليمة ونجد أن الجهاز المركزى للمحاسبات يتبع رئاسة الجمهورية ، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة يتبع رئاسة مجلس الوزراء ، هيئة الرقابة الإدارية تتبع رئاسة الوزراء ، هيئة النيابة الإدارية تتبع وزارة العدل، إدارة الكسب غير المشروع تتبع وزارة العدل ، جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكارات يتبع وزارة التجارة والصناعة ، جهاز حماية المستهلك يتبع وزارة التجارة والصناعة ، هيئة الرقابة المالية الموحدة تتبع رئاسة الوزراء .
ضعف سلطات بعض الأجهزة الرقابية ، فالعديد من الجهات الرقابية ينقصها السلطات القانونية التى تمكنها من أداء مهامها على أفضل وجه ، كما أن تقارير تلك الأجهزة مفروض عليها سرية تمنع الرأى العام من الاطلاع عليها وممارسة المواطن دوره الرقابى ، وبعض تلك الأجهزة تتداخل اختصاصاتها وضعف التنسيق فيما بينها
ضعف الرقابة البرلمانية والمجالس الشعبية والمحلية:- رقابة البرلمان لم تكن فاعلة قبل الثورة بشكل جدى فى مواجهة الفساد، نظراً لأن أعضاءه كانوا يأتون بالتزوير وتابعين للحزب الحاكم ورجال النظام الفاسدون أنفسهم كانوا أعضاء فى البرلمان ورؤساء لبعض اللجان داخله ، كما أن السلطة التنفيذية كانت تتدخل فى عمل السلطة القضائية والتشريعية مما أدى إلى ضعف فاعلية القضاء فى قضايا الفساد .
نستطيع القول إن تاريخ مصر لم يعرف محطة غاب عنها الفساد ، يعتبر الفساد الأب غير الشرعي لأمراض مصر وتخطى الأرقام القياسية فيه ، وهو معوق لا يمكن تجاهله لأى تنمية سواء فى المدى القريب أو البعيد وهو رأس المشكلة ومنه الحل أيضا .
**كاتب المقال
دكتور في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وخبير بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والإستراتيجية وعضو المجلس الرئاسي للشئون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.