مرة أخرى يطيّر مغول الاحتلال خبرا كاذبا عن استشهاد القائد المناضل عزة إبراهيم ، وبسرعة ليست غريبة امتلأت الفضائيات والانترنت بالخبر وأصبح الخبر الأول في إشارة لا تخطيء لاعتراف رسمي وعملي بان البعث هو الرقم الأصعب في معادلة الصراع الجبار الدائر في وطننا العربي وإلا لم هذا الاهتمام الاستثنائي بخبر الاستشهاد المفترض للرفيق عزة إبراهيم لو لم يكن البعث هو قطب الرحى ومركز الصراع ورافع علم العروبة الرئيس ؟ الجميع ترك كل الأحداث الساخنة في الوطن العربي رغم هولها وكوارثها واهتم بمتابعة الخبر ، حللوا بأنفسكم مغزى ذلك . تلفوني لم يتوقف عن الرنين للاستفسار عن صحة الخبر ، مغول الفرس رقصوا طربا وفرحا ، أما أبناء العراق والأمة العربية البررة فقد وقف الطير على رؤوسهم يتسابقون لمعرفة الحقيقة ، ولعل أفضل مكالمة وردتني كانت من المغرب العربي حيث قال لي شخص حرفيا : ( لم أكن بعثيا في حياتي ولكنني اعشق البعث وشهيده صدام وقائده عزة إبراهيم ، وكما كان استشهاد صدام حسين شرفا عظيما لكل العرب لبطولته ونقاوته وتعاليه على زينة الحياة الدنيا فان خبر استشهاد القائد عزة ابراهيم شرف لنا جميعا ويضاف الى امجاد امتنا العربية التي تواجه الخيبات والانكسارات واستشهاد عزة إبراهيم دليل آخر على عظمة الأمة العربية وحيويتها ) . قلت له : ( مشاعرك النبيلة تعبير عن شرف الانتماء للأمة العربية ولكنك لم تنتطر لأخبرك بالحقيقة وهي أن القائد عزة إبراهيم لم يستشهد وإنما هو يقاتل الاحتلال الإيراني للعراق كما قاتل الاحتلال الأمريكي رغم انه في الثالثة والسبعين من عمره ) فتوقف الأخ المغاربي وقال ( إذن عزة إبراهيم لم يستشهد ؟ ) قلت له نعم انه حي يرزق مع بقية المجاهدين . أما أسوأ ما قرأته فهو تعليق صحفي درس في العراق وعلى نفقة حكومة البعث لكنه اختار أن يعتاش على حساب شرف الكلمة فقد قال ( اخبرني قيادي بعثي بان عزة إبراهيم حي يرزق ) . ولكنه أضاف ( عزة إبراهيم يعيش في كردستان العراق ) ! في دس حقير هدفه انكار ان القائد عزة ابراهيم يقاتل في مدن العراق ضد الفرس ، وتلك الفقرة تعد وبلا اي شك إسهاما مباشرا في شيطنة البعث بتجريده من كل فضائله وفقا للخطة الصهيوامريكية . نحن البعثيون كنا ومازلنا وسنبقى حزب رسالة خالدة ويخلد حزبنا بقدر مهامها التاريخية ، لذلك فاننا لسنا حزبا مرحليا يرتبط بشخص مهما كان عظيما ويزول بزواله بل هو حزب لديه واجبات متتابعة ومتكاملة تبدأ من زرع البذور وتصل مرحلة انتاج الثمر الناضج وهو تحقيق أهداف امتنا العربية الكبرى وهي الوحدة العربية والحرية والاشتراكية . وكل هدف من هذه الاهداف الثلاثة صعب وأمامه عقبات كبيرة ولكن الإصرار على النضال وعدم تقبل فكرة استحالة تحقيقها يجعل البعثي ومهما كان عبقريا وبطلا ومبدعا رجل مرحلة تاريخية محددة زمنيا بعمره المقرر من الله سبحانه وتعالى ، فهو بهذا المعنى عبارة عن حجر زاية في بناء كبير يحتاج لمئات احجار الزاوية ولعشرات آلاف الأحجار العادية كي يكتمل وعندما يكتمل تأتي مرحلة المحافظة على البناء وصيانته وتطويره ليبقى ملائما لكل مرحلة ومنسجما مع كل تقدم إلى أمام في كل عصر ومصر . هذا هو معنى الرسالة الخالدة ، انه مفهوم واقعي وليس حلما رومانسيا ، لا يتحقق إلا بالبناء والتضحيات ووضوح الهدف المرحلي واعتباره جزء من أهداف أخرى . بهذا المعنى فان البعث يحتاج لأجيال لانجاز تلك المهام العظمى وتستغرق تلك التحولات عقودا وقرونا تزخر بالعمل وتحقيق التقدم . فهل يوجد إنسان ومهما اطال الله عمره يستطيع البقاء لمواكبة تحقيق كل تلك الأهداف ؟ بالطبع كلا فالإنسان كل إنسان زائل والبقاء لله وحده ، ولهذا فان البعث بصفته حزب رسالة خالدة تميز بأنه ولادة القادة العظام والمبدعين والقادر على الأعداد لملأ الفراغ القيادي قبل أن يحدث . هل الصورة واضحة ؟ لنأخذ أمثلة واقعية : من أسس الحزب كان القائد المؤسس المرحوم احمد ميشيل عفلق وضع الأسس ورعاها حتى نمت وكبرت ونشأ البعث عملاقا حقيقيا ، وعندما حضرته الوفاة مثل أي كائن حي كان الحزب نبعا للقادة الذين يواصلون الواجب التاريخي ، برز سيد شهداء العصر صدام حسين ليتولى هو ورفاقه مهمة بناء النموذج البعثي المشرف في العراق رغم كل التحديات ، وبنوه واثبت البعث انه ليس حزب شعارات وهتافات وحماس فقط بل هو جهاز بناء حضاري وإنساني فريد في عصرنا . وعندما اغتيل الشهيد صدام حسين بعد غزو العراق تصدر القيادة رفيقه في العقيدة والسلاح عزة إبراهيم ، فكان وبحق قائد الجهاد والمجاهدين ، وعندا سيأتي اجله طال الزمن أم قصر فان البعث بتقاليده وضوابطه يعرف كيف يسد الفراغ قبل ان يحدث ويقدم كواكب من القادة الجدد كما قدم كواكب الشهداء . مسيرة البعث ليست مسيرة حزب عادي بل مسيرة مهمات تاريخية كبرى هدفها تغيير الواقع العربي وإنقاذ الإنسان العربي من الفقر والأمية والتخلف وتمكينه من المشاركة في التقدم الإنساني في كافة المجالات وبالأخص توفير البيئة الاجتماعية والاقتصادية للإنسان العربي ليكون حرا ومكتفيا ماديا وروحيا . اذن نحن لسنا نجزع حينما يستشهد لنا قائد فتلك طبيعة الجهاد ، والبدلاء جاهزون وهم رفاقه الذين انتخبهم الحزب مسبقا في سلم الكادر الحزبي ، وبما أن الإنسان فان والبقاء لله وحده فإننا نتقبل الموت كقدر لنا ونهاية مشرفة لمسيرة انجازات عظمى . هل عرفتم الان سر تفاؤل البعثي حتى وهو يودع قائدة الشهيد صدام حسين ؟ انه حزب الرسالة غير المقيدة بفرد مهما كان عظيما وعبقريا ، وكل قائد هو عبارة عن جزء متميز من عملية الإبداع والتقدم ، قائد يتولى المسؤولية يقوم بدوره يأخذه القدر يتقدم الصفوف قائد اخر ليواصل مشوار اعادة بناء الإنسان والمجتمع . هذا هو البعث وهذا هو مصدر عظمته وخلوده . أيها الرفاق : ونحن نستمع لتلك الإشاعة الوسخة كوساخة ضمائر مطلقيها كنا على يقين بان حياة الرفيق عزة إبراهيم ومهما طالت ونسأل الله ان يطيلها ويحميه فانه في النهاية فان والبقاء لوجه ربك العظيم . علينا في ضوء ما تقدم ألا نجزع عندما نسمع إشاعة أو حتى حقيقة مؤلمة فهذه هي الحياة ولكنها ايضا حياة تتدفق منها ينابيع القدرة والتجدد ، فكما أنتجت الأمة احمد ميشيل عفلق وصدام حسين وعزة إبراهيم وغيرهم فإنها ولدت قادة آخرين يخوضون معركة تحرير العراق الآن وقادرة على ولادة قادة آخرين يحلون محل قادة هذه المرحلة الأكفاء والذين تحملوا أشرس التحديات في تاريخ الأمة والحزب . أيها البعثيون ارفعوا رؤوسكم عاليا ، قلت ذلك لكم في عام 2004 وكررت ذلك واتقيد به الآن : ارفعوا رؤوسكم فخرا وعزا وانتم تتبعون خطى قائدكم العظيم عزة إبراهيم ، حفظه الله ورعاه ، انتم حراس الأمة كلها وانتم صحابيو العصر الحديث ، كل واحد منكم عزة إبراهيم وصدام حسين وميشيل عفلق ، وكل واحد منكم مرشح ليقود مسيرة الشرف والعزة ، فلا تقلقكم إشاعات أو حتى حقائق مؤلمة ، واصلوا مسيرة البعث لتصل بكم إلى بغداد المحررة والحرة والمبدعة ، طريق البعث هو طريق الآلام والتضحيات الجسام وانتم أهل لها ، واجعلوا من عنوان هذه المقالة شعارا لكم : ( البقاء لله وحده ولصناع التاريخ من بعده ) ، نعم نحن نصنع تاريخ امتنا بالصبر والتضحيات الغالية لأننا نرى الغد المشرق أمامنا ، يقودنا رفيقنا العزيز عزة إبراهيم وهو مؤمن بقضاء الله وقدره وانه فان في يوم ما والله هو الباقي الوحيد ومن يبقى مرحليا هو المبدع الذي يبني ليترك لمن بعده دولة ومجتمعا يصلح لكرامة وحرية الإنسان . تحية حب ووفاء لقائدنا عزة إبراهيم ولرفاقنا قادة معركة تحرير العراق من الفرس المجوس .