"بسم الله الرحمن الرحيم.. أيها المواطنون، فى ظل هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد. والله الموفق والمستعان". كانت تلك الكلمات في الحادي عشر من فبراير 2011 هي نهاية عصر مبارك، حيث جاءت على لسان اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية آنذاك، ليعلن بها تنحي مبارك وانتهاء عصر طالما حلم الكثير من المصريين أن يزول من أمام أعينهم. ومثلت هذه العبارة فرحة لجميع المصريين فى الميادين، حيث شعر المصريون بأولى نسمات الحرية مع هذه الكلمات، وخرجت جموع المواطنين فى فرحة غامرة محتفلة ب"انتصار" الثورة المصرية ونجاحها فى "إسقاط" مبارك. ولم تأتي هذه الكلمات من مبارك طواعية إنما كانت بعد 18 يوما ظل فيه الشعب يملأ ميدان التحرير والميادين الأخرى حتى استطاع أن يطيح بالنظام. ظل المتظاهرون طيلة ال 18 يوما يهتفون عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".. و"الشعب يريد إسقاط النظام"، إلى أن تحقق مرادهم بتنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير. وكان قبل التنحي بيومين في 9 فبراير أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم انعقاده فى غياب مبارك، وفى نفس التوقيت يرتفع أعداد المتظاهرين المطالبين بتنحي مبارك فى ميدان التحرير والساحات والجسور المحيطة به لثلاثة ملايين أو ما يزيد. وفى 10 فبراير، قرر مبارك تفويض نائبه عُمر سليمان في اختصاصات رئيس الجمهورية، وفق ما يحدده الدستور، مؤكدًا في ذلك اليوم أنه لا يقبل إملاءات من الخارج وستبقى مصر أرض المحيا والممات، بل وأنه لن يترك أرواح الشباب الذين قتلوا وسيحاسب المخطئ، لكن هذه الخطوة التي أقدم عليها مبارك لم تأتِ بثمارها ولم تفلح، فاستمر الاحتجاج والمطالبة برحيل النظام. وجاء يوم الفصل 11 فبراير 2011 في جمعة أطلق عليها الثوار "جمعة الزحف"، وتوجه قطاع منهم إلى قصر "الاتحادية" الرئاسي، ومع وصول مسيرات احتجاجية إلى محيط قصر الاتحادية، تداولت الأخبار عن تنحى مبارك عن رئاسة البلاد، ليخرج نائب الرئيس المصري عمر سليمان وقتها في بيان تليفزيوني ليقطع الشك باليقين ويعلن تخلي حسني مبارك عن منصبه وتكليفه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، بعد 18 يومًا من اندلاع ثورة 25 يناير. وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية وقتها بيانه الثالث يقول إنه سيحدد لاحقًا الخطوات والإجراءات والتدابير التي ستتبع بعد تنحي مبارك ويؤكد أن ذلك ليس بديلاً عن الشرعية التي يرتضيها الشعب. وتحقق حلم المصريين، لتتحول وقتها ميادين مصر وبيوتها إلى أرض للاحتفال، يعلوها الشعور بالنصر، فقد حدث ما تمنوا، رحل الذي ظل ماكثاً في سدة الحكم 30 عام، لتعلو أصوات الفرح والتكبير.