في داخل كل إنسان مساحة خفية من الخوف، لا تُرى لكنها تتحكم في خطواته وتؤثر في قراراته. غير أن الشجاعة لا تعني غياب هذا الخوف، بل القدرة على مواجهته والمضي قدمًا رغم وجوده. فالحياة لا تنتظر المترددين، بل تكافئ أولئك الذين يغامرون رغم ارتجاف قلوبهم. الشجاعة الحقيقية ليست في الشعور بالأمان، بل في اتخاذ القرار والتحرك نحو الهدف، حتى وأنت لا تملك كل الإجابات. إنها تلك الخطوة الأولى نحو المجهول، التي تفتح لك أبوابًا لم تكن تعلم بوجودها. الناجحون لا يولدون بشجاعة فطرية، بل يصنعونها بالمحاولة، بالتجربة، وبالإصرار على النهوض في كل مرة يسقطون فيها. إنهم يدركون أن كل فشل يحمل درسًا، وأن كل سقوط هو خطوة نحو نضجٍ أكبر. فطريق النجاح لا يخلو من العثرات، لكنه طريق الذين يؤمنون بأن أجمل المناظر لا تُرى إلا بعد أصعب الصعود. إن الشجاعة لا تُقاس بحجم الانتصارات، بل بقدرتك على الاستمرار حين تضيق السبل، وبإصرارك على المحاولة حين يبدو الأمل بعيدًا. في تلك اللحظات يتحدد الفرق بين من يتراجع، ومن يصنع تاريخه بيديه. تذكّر دائمًا: الخوف شعور طبيعي، لكنه لا يجب أن يكون سجنك. واجهه بالفعل لا بالانتظار، فكل مرة تتحدى فيها ما تخشاه، تكتشف في داخلك طاقة جديدة تنتظر أن تؤمن بها. فالشجاعة ليست صفة نادرة، بل قرار متجدد في كل صباح: أن تختار الحياة رغم الصعاب، وأن تؤمن أن الخطوة التالية قد تغيّر كل شيء.