ها هي مصر، كعادتها، تطل على العالم من بوابة المجد، وتعيد كتابة التاريخ بمداد من نور، بافتتاح المتحف المصري الكبير، ذلك الصرح الذي لا يجسد الماضي فحسب، بل يجسد روح أمة تعي أن عظمتها لا تُقاس بمن، ولا تحدّ بتاريخ. إنه ليس مجرد متحف، بل سفينة هائلة تبحر في بحر الزمن، حاملة على متنها ذاكرة العالم ووجدان الإنسانية. تتدلى في أرجائه تماثيل الملوك والفراعنة، كأنها لا تزال تلقي نظراتها على الأجيال، تذكرهم أن الحضارة وُلدت هنا، على ضفاف النيل. هنا تمثال رمسيس الثاني يقف شامخا في بهو الاستقبال، كأنه يعلن عودة الروح إلى التاريخ، وهناك كنوز توت عنخ آمون تلمع تحت الضوء الذهبي، تهمس للحاضرين: "ها أنا ذا، من زمن بعيد، أعود لأروي قصتي من جديد". إن افتتاح هذا المتحف ليس حدثا مصريا فحسب، بل هو مناسبة عالمية تتقاطع عندها الثقافات، وتتلاقى فيها الحضارات. لقد صار المتحف المصري الكبير قبلة لعشّاق الفن والتاريخ، ونقطة إشعاع سياحي تعيد لمصر مكانتها كقلب العالم القديم والحديث معا. فبفضل هذا الصرح، عادت السياحة المصرية لتتوهّج من جديد، إذ لا يأتي الزائر ليشاهد أحجارا صامتة، بل ليشهد حياة نابضة في كل قطعة أثرية، تنطق بلغات لا تُقرأ إلا بالبصيرة. وفي خضم هذا الحدث العظيم، نرى أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد لجأوا إلى تطبيق "Google Gemini" يستحضرون من خلاله صور الماضي وذكرياته، يعيدون قراءة التاريخ بعيون حديثة، كأنهم يريدون أن يقولوا للعالم إن الماضي عند المصريين حيّ لا يموت، بينما الحاضر في كثير من الأحيان يصارع ليحيا. فالماضي عندنا ليس أطلالا تُزار، بل هو جذر يمدّنا بالحياة، وسر نحمله في ملامحنا وصوتنا وأغانينا وملابسنا وحتى أحلامنا. يا مصر، يا أرض النور والخلود، ما زلت تثبتين للعالم أن الأهرامات لم تكن نهاية العظمة، بل بدايتها، وأن أبناءك ما زالوا قادرين على البناء كما كانوا قادرين على الحفر في الصخر. اللهم احفظ مصرنا الحبيبة، وبارك في شعبها وجيشها، وامددها بالقوة والعزيمة لتظل منارة تهدي الأمم، ومصدر فخرٍ لكل من نطق باسمها، أو سكن قلبه حبها.