إنّ اختيار العنوان يعد فنّّا وإبداعًا في حدّ ذاته فهو يشير إلى ما يحمله الشاعر من أفكارٍ ومشاعرَ تتجانس فكريًا ولغويًا وعاطفيًا مع محتوى ديوانه، ويعدّ اختيار العنوان صعبًا عندما تتنوع أفكار القصائد التي يحتوي عليها، ما بين اجتماعيةٍ ووجدانيةٍ ودينيةٍ وسياسية حينها يقع الشاعر في حيرة الاختيار المناسب لعنوان ديوانه، حيث يعدّ عنوان الديوان أولى العتبات للولوج إلى دهاليز الديوان، ولقد حالف الحظ الشاعرة في اختيار عنونة ديوانها " أوتار الكون " حيث يرى المتابع لقصائد الديوان كثرة استخدام الشاعرة للصور المجازية القابلة للتآويل، والصور التشبيهية التي برعت فيها الشاعرة، فكثيرًا ما خاطبت المحبوب بمسميات وتشبيهاتٍ كونيةٍ ، آذن فلا غرابة من أن يحمل الديوان إسم " أوتار الكون " لقد حلقت الشاعرة بخيالها الواسع بكل قوة في مخيلتها الدسمة والتي حملت الكثير من المشاعر والكثير الكثير من الخيال الذي مكنها من أن تكتب أجمل الكلمات لتطبعها قبلات على صفحات ديوانها الشيق كقولها في قصيدتها النثرية عربد القلب : أغزل ضفائر الشعر من جبّ حلم وتغزل أحلام العذارى على ضفاف ألم لا الشوق يعرش ثمره ولا الجرح يلتئم متلازمات الهوى هنا .. نوتة همّ ٍ وغم نرى في النّصّ مجازات وتشبيهاتٍ وتناقضات فنية بارعة رسمت لوحة جميلة للقصيدة أغزل ضفائر الشعر ومن ماذا يا صوريا ؟ تجيبنا : من جبّ حلم" وهنا تجتمع المجازات اللغوية فقد صورت الشعر بالضفائر وتغزل أحلام العذارى على ضفاف ألم عملية الغزل هنا عملية مجازية أبدعت فيها الشاعرة ، وعلى ضفاف الألم تغزل أحلام العذارى لا الشوق يعرش ثمره وهل للشوق ثمر .. نعم في عالم الحب والشوق ثمار ، وهنا تصور الشاعرة الشوق كالشجرة التي تعرش الثمر .. ولكن تنتابها حسرة فهذه ال0شواق لم تعرش ثمارها وخلفت من ورائها جراحًا ولا الجرح يلتئم متلازمات الهوى هنا .. نوتة همّ ٍ وغم وهنا تصويرٌ تشبيهيٌّ دقيقٌ بأن هذا الحب الخالي من الثمر متلازمات الهوى ، قاصدة ما يخلفه الحب من طرفٍ واحدٍ من الأمراض المتلازمة ولا دواء له فالنوتة هي " همّ وغم " تزيد المتلازمات عذابا . وتقول في قصيدتها أشرعة الأمنيات: الحب في صدري يا كلي يراودني بجمال البدايات ما زال يغازلني طيفك يقرؤني ويهديني سلامات ما زال يفترش روحي لكَ وبعاطفةٍ فياضةٍ لا تحدها حدودٌ جغرافية، باحثة في ذاتها عن ذاته، عن ذلك الطيف الذي يراودها .. يغازلها .. يلقي السلام عليها. خيالٌ واسعٌ يسيطر على الشاعرة يخترق منافذ اللغة يختار أجملها وأقواها تأثيرًا على المتلقي ، علها تدرك بها ما في صدرها. وعلى أملٍ بتحقيق الأمنيات يطرح قلمها هذه المقطوعة العذبة من قصيدة وحدها بسمتك : وحدها بسمتك تجعلني أحلق كالفراشات وأعلو شموخًا يضاهي النخيلا وحدها بسمتك تطفئ نيران الشوق تسير ريقي سلسبيلا وحدها بسمتك تتوهج لها روحي وتشرق في ليلة الدراويش قنديلا التحليق، الشموخ، النخيل، التوهج كلها ساهمت في تصوير حالة الشاعرة حينما ترى تلك البسمة ، عاطفة فوارة توهجت لها روح الشاعرة فأحالت ليل الدراويش إلى قناديل ،، هنا نرى قدرة الشاعرة ومكنتها الأدبية على التعبير وبكل بساطة وتلقائية تطرق قلب المتلقي . ومن قصيدة أوتار الكون المعنون بها هذا الديوان أقتطف هذا المقطع : أيها الرجل الذي تبني روحه أعشاش الفرح بكل كياني لم يعد هناك ما يهزمني فشوك البؤس حزم متاعه وسقط في هاوية يأجوج ومأجوج نجد أنّ لغة الحب العذري بأصنافه لدى الشاعرة تسيطر على معظم قصائد هذا الديوان تزيده جمالًا وعنفوانًا عاطفيًا، وكأنّ الحبّ يوقف ساعة الزمن فلا يعرف للعمر حسابًا ولا لهجماته توقيتًا ،، وفي تحدّ سافرٍ للهزيمة وشعور بالإنتصار يصرخ قلم الشاعرة ،، لم يعد هناك ما يهزمني فشوك البؤس حزم متاعه وسقط في هاوية يأجوج ومأجوج نرى كثرة الاستعارات اللغوية والمجازية تسيطر على كافة قصائد الديوان وكأنّ الشاعرة في موعدٍ حميمٍ مع الصور البلاغية لتعطي ديوانها أجمل ما قيل منها .