«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوظيف السياسي للطب الشرعي
نشر في الزمان المصري يوم 11 - 09 - 2014

الطب الشرعي مصطلح يتكون من شقين هما: طب و شرعي, أما الطب فهو العلم الذي يهتم بكل ما له علاقة بجسم الإنسان حيا كان أم ميتا, و أما الشرع فيقصد به القانون الفاصل في النزاعات بين الأفراد. و لأن الطب الشرعي اختصاص وسيط بين المهنة الطبية و الهيئة الاجتماعية, و باعتباره حلقة وصل بين الطب و القانون، فقد عرفه كل من رجال القانون و الأطباء معا تعريفات اختلفت طريقة صياغتها, و لكنها اجتمعت في مضمونها فقد ذكر بعض الباحثين أن الطب الشرعي هو " العلم الذي يمثل العلاقة بين الطب و القانون, و ترتكز هذه العلاقة على ما يحتاج إليه القانون من الطب و ما يحتاج إليه الطب من القانون للطب الشرعي دورا عمليا وفنيا في كشف الدليل الجنائي الموصل الى خيوط الجرائم الغامضة عندما يعجز التحقيق عن الكشف عن ملابساتها ومرتكبيها وفي هذه محاور يتم البحث والتحري في كشف الدليل وفي منتهى الأهمية التي يتوقف عليه إدانة المتهم أو تبرئته. ومن المعروف إن مهمة جمع الأدلة والتي هي من اختصاص الاجهزه ألتحقيقيه الابتدائية والقضائية وبإشراف قاضي التحقيق المختص وبتداخل الطب الشرعي خلال مراحل التحقيق وبناء على امر قضائي لتحديد ماهية الدليل الشرعي حصراً بالاضافه إلى أدله الإثبات الجنائية وعادتا تخضع جميع المعاير لقانون أصول المحاكمات الجنائية الذي نظم إجراءات أحكام الخبرة بالتفصيل بصفة مباشرة أو غير مباشرة بغية إعداد تقارير الطب الشرعي
لا سيما تقرير تشريح الجثة، وتقارير القحص المادي إضافة إلى الشهادات الطبية وتلك المتعلقة بتحديد مدة العجز الذي أشار إليها قانون العقوبات لما تتطلبه القضايا الجنائية . باعتبار مهمة الطبيب الشرعي من الناحية الجنائية مرتبطة بفحص وتشخيص ومعاينة الضحايا، الذين يتعرضون لاعتداءات والتي ينتج عنها أفعال جنائية وكذلك حالات قضايا التسمم بفعل فاعل على سبيل المثال إلا إن الفحص الطبي يتم في إطار الخبرة القضائية وأن يبدي برأي ويسببه علميا وعمليا والثوابت الفنيه وفق قرارات قاضي التحقيق وعلى الحالات التي يطلب فيها إبداء الخبره الجنائية وفقا لمتطلبات التحقيق ولأنظمة الطبية العدلية والمتعلقة بالأدلة الجنائية- الكيمياء الطبية الشرعية- البصمات وفيما إذ كان هناك مطابقة الحامض DNA وكذلك تحديد سبب الوفاة من خلال فحص وتشريح الجثث في القضايا الجنائية المتعلقة بالمنوفي للمساعدة في معرفة نوع الوفاة من حيث كونها وفاة طبيعية او غير طبيعية( جنائية إنتحار عرضية).
وخاصة عندما تكون حالات الوفاة، جنائية ،أو عندما يكون سبب الوفاة غير معروف، مثل الوفيات بسبب العنف والحوادث المشتبه بها كونها جنائية كالانتحار او ناشئة عن التسمم نتيجة تعاطي المخدرات أو الكحول او الوفيات المثيرة للشك والريبة. أو القتل سواء حدثت الفواة مباشرة- نتيجة الإصابة، أو غير مباشرة-ولو بعد مرور مده طويلة الخ .ولترابط العلاقة بين الطب الشرعي الذي كشف الغاز جرائم مثيره كونه المساعد في دعم تحقيق العدالة الجنائية وبين التحقيق الجنائي وخاصة وقت ارتكاب الجريمة وخاصة نتائج إجراء الفحوصات الطبية على المصابين في القضايا الجنائية، وبيان الإصابة ووصفها وسببها وتاريخ حدوثها، والآلة أو الشيء الذي استعمل في إحداثها ومدى العاهة المستديمة التي الناتجه وخاصة تشريح جثث المتوفين في القضايا الجنائية وفي حالات الاشتباه في سبب الوفاة، وكيفية حدوثها، ومدى علاقة الوفاة بالإصابات التي توجد بالجثة.وكذلك عند استخراج جثث المتوفين المشتبه في وفاتهم.وإبداء الآراء الفنية ذات الطابع العدلي والتي تتعلق بفحص الدم وفصائله والمواد المنوية ومقارنة الشعر وفحص العينات المأخوذة من الجثث لمعرفة الأمراض، وفحص مخلفات الإجهاض وعادتا يتشارك مجموعه من الخبراء والفنيين،الذين يتعاونون معه مهنياً- كل حسب اختصاصه ووفقاً لنوع الجريمة أو الحادث. وعلى ضوء ذلك كلا حسب اختصاصه ليطلع الجميع على ظروف الواقعة بما فيه إجراءات الشرطة وقرارات قاضي التحقيق وعلى التقارير الصادرة من المستشفى، والصور الشعاعية، والتحاليل المخبرية، مع استعراض كامل لحالة المتوقي،شاملاً: الجنس،العمر، الجنسية ويتم الاستعانة بخبراء الأدلة الجنائية، في فحص ومعاينة المكان، الذي وجدت فيه الجثة (مسرح الحادث او الجريمة).
ويتم اعداد كتابة التقرير النهائي- بعد ورود كافة النتائج( نتائج ألمختبريه والادله والجنائية)-وإرساله الى سلطة التحقيق،ويترك الامر لقاضي التحقيق او للمحكمة المختصة ويجوز للقاضي المختص استدعاء ايا من الخبراء للإيضاح عن أي حاله وردت بالتقرير تحقيقا للعدالة وهكذا استطاع القضاء تثبيت الروابط الوثقيه بواسطة علوم الطب الشرعي وبما يتيح معرفة الجواب،بوادر بعض الجرائم والتي غالبا ما تأخذ وقتا تتطلب من سلطات التحقيق إثبات ومعرفة المجرم وخيوط الجريمة ليجد القاضي نفسه أمام جريمة يستدعي اكتشافها خاصة وان الإجراءات ألقانونيه وعلم الإجرام لاتسعف التحقيق فمن واجب القاضي تحقيقا للعدالة أن يستعين بأرباب الاختصاص والمعرفة وذوي الخبرة لاستجلاء غوامضها والتي لا يمكن حصرها.وقد شاعت بعض جوانب الخبرة العلمية والفنية في مجال التحقيق والإثبات الجنائي، وكثر لجوء المحققين إليها في كشف أسرار الجرائم . تعتبر المسؤولية التزاما وضرورة أخلاقية وفكرة لتصحيح الخطأ والاستجابة للواجب، حيث أنها مرتكب الخطأ. وأما في عرف القانون فإن لها وظيفتين : – وظيفة تعويض الضرر الناتج عن خطأ أحدهم، وهو مجال المسؤولية المدنية إذا كان الضرر ناتجا عن خطأ شخصي. تعتبر مسألة الخطأ المهني من المواضيع التي لا تزال تشكل غموضا، باعتبار أن ركن الخطأ هو المركز الذي تدور عليه المسؤولية بصفة عامة وجودا وعدما. فالمشرع المغربي يعتبر كمبدأ عام أن المسؤولية قوامها الخطأ، ما دام وجود هذا الأخير يشعر حتما بوجود المسؤولية.
و إذا كان الخطأ من المفاهيم التي استعصت عن التحديد القانوني الدقيق على أساس الجدل الواسع بين مواقف التشريع و الفقه و القضاء إن على المستوى المدني أو المستوى الجنائي معا ، فإن ما يهمنا هو هذا الأخير في نطاقه الطبي الموجب لمسؤولية الأطباء عن أخطائهم المهنية المادية(العادية) ثم الفنية (المهنية أو التقنية).
فمفهوم الخطأ المهني كما عبر عنه رأي في الفقه هو خطأ فني، و يقصد به ما يصدر عن رجال الفن كالأطباء و الصيادلة و المهندسين و المحامين من خطأ متعلق بأعمال مهنتهم، و يتحدد هذا الخطأ بالرجوع إلى القواعد العلمية و الفنية التي تحدد أصول مباشرة هذه المهن، و قد يرجع هذا الخطأ إلى الجهل بهذه القواعد أو تطبيقا غير صحيح أو سوء التقدير فيما تخوله من مجال تقديري أو هو ذلك الخطأ الذي يتعلق بصناعة الشخص أثناء مزاولته إياها كخطأ الطبيب والمهندس و الصيدلي و ما في حكمهم… وخطأ الطبيب المهني هو ذلك الخطأ الذي يتصل بالأصول الفنية للمهنة كخطأ الطبيب في التشخيص أو خطئه في اختيار وسيلة العلاج. فالطبيب الذي اعتاد القيام بعمليات الإجهاض في عيادته فيقوم بقتل الأجنة و تقديمها طعاما بعد طبخها إلى كلبه يكون قد ارتكب خطأ مهنيا فادحا .
يفيد معه أن الخطأ المهني يتصل بقواعد مهنة الطب، فكل مخالفة لنصوص القوانين الطبية يشكل خطأ مهنيا تترتب عنه مسؤولية الطبيب، و التي تتحدد حسب جسامة الخطأ إلى خطأ مهني جنائي، مدني، تأديبي، أو كلاهم معا أو أحديهما دون الآخر. يتضح معه أن الخطأ المهني خطأ مادي، و هو ما يجعل من الخطأ المهني يزاوج بين الأخطاء الفنية (المهنية) و الأخطاء المادية و التي يبدو أن هاته الأخيرة ترتسم بجلاء في القواعد العامة أي الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي سواء وسمت بالجرم العمدي أو الجرم الغير العمدي غالبا، وهو الأعم الموجب للمسؤولية الطبية في شقها الجنائي. على أن الخطأ المهني صور متعددة المشارب بين تعدد الروافد التشريعية: القوانين المنظمة لمهنة الطب من جهة و القواعد العامة المشكلة في القانون الجنائي ثم بعض القوانين الخاصة: المخدرات، الطب العسكري، طب السجون ، الحالة المدنية، ثم طب الشغل في إطرا مدونة الشغل
تقارير الطب الشرعى لا تحتمل الهزل أو تعدد التفسيرات والتأويلات، فالتقرير يمكنه إنهاء حياة أشخاص وكذا براءتهم، ويمكنه أيضا تلويث سمعة إنسان أو إبراء ذمته. وبقدر خطورة هذا التقارير تأتى الأهمية بل القدسية التى تلقاها، إلا أن هذه القدسية أفسدتها السياسة أخيرا والتلفيقات التى اعتمدتها وزارة الداخلية منذ عدة سنوات لتبرئة بعض أفرادها، وتقف حالة الشاب خالد سعيد حالة صارخة قبل الثورة، والشاب محمد الجندى بعدها كدليل على ذلك.
وبسبب كثرة حوادث القتل التى شهدتها ثورة يناير والمظاهرات التى تبعتها، مازال الطب الشرعى يلعب الدور الكبير فى سبيل الحصول على الأدلة ضد الجناة، أضف إلى ذلك سؤالا ضخما يقول: هل يمكن أن يواجه الطب الشرعى الضغوط السياسية؟ إجابة غير المتخصصين تقول نعم، بل وصل الأمر لاتهام رئيس مصلحة الطب الشرعى المستقيل د. إحسان كميل، بالتزوير لمخالفته تقرير اللجنة الثلاثية فى أسباب وفاة الشاب محمد الجندى.
وبطبيعة الحال لا يقف الطب الشرعى عند مجال القتل فقط وإنما العديد من المجالات منها السموم والتزوير والتزييف.
- سؤال آخر يقول هل يمكن للجانى الماكر أن يخدع الطب الشرعى؟
وأيضا، ما الفترة التى يستغرقها استخراج تقرير الطب الشرعى؟ وهل هناك مبرر للتأخير كما حدث فى وفاة فقيد الصحافة الحسينى أبوضيف الذى أثار الشكوك والتساؤلات؟
- سؤال آخر أكثر دهشة، هل يمكن أن تصل يد الرشوة للطبيب الشرعى؟ وهل حدث ذلك من قبل؟
- وما المؤهلات التى تجعل طالب الطب صالحا لأن يكون طبيبا شرعيا؟ وهل ما يتقاضاه من دخل شهرى يكفل له الحياة الكريمة؟أسئلة كثيرة جدا، وفى محاولة للوصول إلى إجابات لهذه التساؤلات وغيرها كان لنا هذا التحقيق مع بعض المتخصصين وأصحاب الخبرات الطويلة فى هذا المجال سواء فى مصر أو غيرها من الدول العربية.
مسرح الجريمة
أن التقرير الشرعى هو تقرير مادى يقدم من الخبير حسب دراسته وخبرته وكفاءته ودرجة إقناعه فى كتابته، ووفقا لما أسفر عنه التشريح الذى يتم وفق أصول علمية عالمية، ففى حوادث إطلاق النار مثلا يتم عمل مقارنة باستخدام الميكروسكوب المقارن بين السلاح المستخدم والمقذوف الذى عثر عليه فى جسد المجنى عليه أو فى مسرح الجريمة، فإذا جاءت النتيجة مطابقة بما لا يدعو للشك نتيجة للتوصل لما يسمى بالعلامات الثانوية، والتى تؤكد ذاتية حدوث الإطلاق من نفس السلاح المشتبه به، هنا لا يمكن أن يكون هناك تضارب فى التقارير، ولكن التضارب قد يحدث عندما لا يكون هناك مثل هذا التطابق بسبب عدم وجود الطلقة ذاتها فى مسرح الجريمة أو أنها موجودة لكنها مشوهة بعد أن تكون قد اخترقت جسد الضحية وخرجت منه، وحالات أخرى عديدة، هنا يكون لكل واقعة تصورها من كل طبيب شرعى، ومهما اختلفت التصورات فكلها أقرب تصور للحقيقة، ولكن الفرق هنا يكمن فى الخبرة والكفاءة وكلما زادت الخبرة كلما وصلنا للتصور الحقيقي.
وعما إذا كان لأجهزة الفحص دور فى تضارب التقارير، أكد كبير الأطباء الشرعيين أن جهاز الفحص واحد للجميع والجهاز الذى لدينا هو نفس الجهاز الذى يتعامل به الطب الشرعى فى أمريكا ويعطى نفس النتائج، أن التقرير الذى يقدمه الطبيب الشرعى ليس قرآنا، وللقاضى أن يتعامل به إذا كان يتماشى مع الأدلة المتوافرة لديه، فإذا كان لا يتماشى يقوم بإسناده لخبير آخر أو تحويله للجنة ثلاثية للحكم عليه، ثم لجنة ثلاثية عليا برئاسة رئيس المصلحة، ومن حقه أيضا أن يأتى بلجنة ثلاثية من الجامعة علاوة على أن هناك درجات للطعن فى التقرير حتى يكون هناك اطمئنان لأقصى درجة، ليس هذا فحسب بل نحن لدينا أفضل قانون فى العالم، فبجانب حكم أول درجة وثانى درجة، هناك النقض كمرحلة أخيرة، فمن الممكن أن يحكم على المتهم بالإعدام فى الدرجتين الأولى والثانية، ويحكم له بالبراءة فى النقض، فمثلا قد يرد فى تقرير الطبيب الشرعى الأولى أن هناك زرقة بلون داكن فى الظهر نتيجة للطعن ونزيف الدم، هذه الجملة يقف عندها صاحب الخبرة ليؤكد أن هناك تناقضا لأنه لا يمكن أن يكون هناك رسوب للدم بلون داكن مع النزيف، فالنزيف يجعل الزرقة باهتة وليست داكنة، وفى كل الأحوال القاضى هو صاحب الكلمة العليا، وهو الذى يتحمل المسئولية أمام الله ولا يوجد ما يلزمه إلا قناعته الشخصية، خصوصا أنه لا يكتفى فقط بالتقرير، فهناك أدلة أخرى يقدمها المعمل الجنائى والشهود، وكل ذلك يساعده للوصول للحقيقة.
أنه ليس من حق أحد أن يشرح الجثة مرة أخرى، وكل الخبراء يتعاملون فقط مع التقرير الأول، فمهمة الطبيب الذى يقوم بالتشريح هو أن ينقل فى تقريره ما يراه بصورة دقيقة سواء بالوصف أو بالصور، فمثلا لو جاء فى التقرير بأن هناك جرحا طوله 5 سم، فليس من حقى كخبير طب شرعى أن أقول بأنه يتجاوز هذا الطول أو يقل عنه، فقط أتعامل مع كل ما تم إثباته عندما تم التشريح، والبناء عليه لأنه لو لجأنا للتشريح مرة أخرى فسوف يؤدى ذلك إلى طمس الأدلة التى كانت موجودة، فيخرج التقرير الثانى أضعف من الأول، وكل دور الخبراء بعد ذلك هو تقديم تصوراتهم وتفسيراتهم للنواحى الفنية من واقع الكتب العالمية فى الطب الشرعى والخبرة.
وحول علامات الاستفهام الكبيرة عن تأخر تقرير الطب الشرعى للصحفى الحسينى أبوضيف لمدة قاربت الشهرين، والسبب فى ذلك والمدة الزمنية الطبيعية لأى تقرير، قال: عادة يستغرق إعداد التقرير فى القضايا العادية من أيام إلى أسابيع قليلة، ولكن هناك قضايا تحتاج إلى فحوصات معملية مثل ال DNA والدم والأنسجة أو فحوصات كيميائية، وذلك أيضا لا يستغرق سوى فترة قصيرة، إلا أن عملية استكمال الناقص فى بعض القضايا هو ما يعطلها، فقد تكون الملابس أثناء الحادث غير موجودة ويطالب بها الطب الشرعى، وإذا كان المجنى عليه دخل المستشفى قبل وفاته فقد يستلزم الأمر طلب قرارات العلاج للاطلاع عليها، والاستعانة بشهادات وتقارير الأطباء الذين كانوا يعالجونه، وهذا لا يحدث فى مصر فقط، بل فى كل دول العالم، وكلنا يذكر قضية سعاد حسنى فقد استغرقت لندن فى تقريرها وقتا طويلا بسبب الطلبات والفحوصات ومناقشة الظروف، وهل هى وفاة عادية أم انتحار أم قتل؟ وفى كل الأحوال لا يتأخر التقرير إذا كانت كل عناصره مكتملة، فالأجهزة حاليا أكفأ، كما أن الضغط الإعلامى لبعض القضايا وتسليط الضوء عليها يجعلان الأطباء يسابقون الزمن للكشف عن تقريرهم.
أنه لا توجد أى ضغوط تمارس على الطب الشرعي، ولكن أحيانا يكون هناك نوع من الغباء فى عرض التقرير، بدليل أنه يكون هو نفس التقرير الذي يبنى عليه الآخرون تفسيراتهم الأخرى الصحيحة، وهو أكبر دليل على أن الاختلاف يكون فقط فى الشرح والرؤية وليس نتيجة ضغوط، مفسرا ما حدث فى قضية خالد سعيد بأنه مات نتيجة استعمال القسوة مع الضرب الذى أفضى إلى الموت بسبب ما وجد على جسده من آثار ضرب، ولكن لم يثبت القتل العمد، موضحا أن التقرير الأول أكد وجود لفافة بانجو فى فمه لم يكن قد بلعها، وتم وصفها بشكل معين تستحيل معه عملية البلع، فالبلع يكون للأشياء الصغيرة التى تمر من الحلق مثل الكبسولة أو ربع قرش حشيش مثلا وليس للفافة طولها 7.5 سم كما جاء فى التقرير.
وعما إذا كانت قد وضعت فى فمه فى محاولة لإجباره على بلعها قال " لو كان ذلك قد حدث نكون أمام قتل عمد، وهو ما نفته المحكمة وربما يكون قد تم وضعها بعد وفاته، ولكن الثابت أن استعمال القسوة أدى إلى الوفاة، ولذلك تم الحكم بخمس سنوات على المتهم باعتباره الحد الأقصى.
وحول الاتهامات العديدة التى تؤكد مسئولية الشرطة عن حوادث القتل بالأعيرة النارية فى ميادين الثورة والتظاهر، أشار إلى أنه لا أحد يستطيع أن يجزم بأن الطلقات التى سكنت جسد المجنى عليهم خرجت من أسلحة محددة المعالم أو أن هذه الأسلحة تابعة للشرطة دون مقارنة الطلقات بواسطة الطب الشرعى بالأسلحة التى تم ضبطها أو محل الاتهام، خصوصا أن تسليح الشرطة يماثل ما لدى الأفراد من أسلحة فقد تجد ضابطا معه سلاح حلوان وآخر معه 6 مللى وثالثا معه 7.62 والتى يستخدمها الجيش، فكيف إذن للمواطنين العاديين الفصل فى هذا، علاوة على كم الأسلحة الكثيرة التى تم تهريبها من الأقسام فى الفترة الماضية، وما يمكن تهريبه من المصانع الحربية التى تقوم بتصنيعها، أما الأسلحة التى يمكن أن نقول إنها تقتصر فقط على الشرطة، فهى التى تضرب القنابل المسيلة للدموع والمطاطية الخاصة بفض المظاهرات.
مفسرا عملية قتل الكثيرين بأن أغلب ما كان يضرب فى الثورة هو الفرد الخرطوش، وكان يطلقه المندسون وسط المتظاهرين فهو سهل الحمل ورخيص التكلفة باعتباره صناعة محلية ولصغر حجمه يمكن إخفاؤه، فى حين أن اغلب البنادق التى يحملها أفراد الشرطة تستخدم لضرب القنابل المسيلة الدموع أو الرصاص المطاطى، لكن لا يمكن الجزم بأنها لم تكن تضرب بالخرطوش، كما كان يحدث القتل باستخدام كاتم الصوت، وهو ما حدث فى التظاهر ضد السفارة الإسرائيلية، فلم يكن هناك أى إطلاق للرصاص، وحدث أن أصيب أربعة بالإعياء فتم نقلهم للمستشفى، وهناك تم اكتشاف ضربهم بالنار، وما حدث أنه تم قتلهم بكاتم الصوت أو وضع لفافة من القماش تقوم بكتم صوت المسدس فلا يسمع له صوت فى المظاهرات، وهناك سفاح المهندسين الذى كان يرتكب جرائمه فى وضح النهار ووسط الناس باستخدام كاتم الصوت.
وحول ما إذا كان هناك احتمال ولو ضعيفا لخداع الطب الشرعى، فجر د. فخرى مفاجأة قائلا: بالطبع هناك حيل يلجأ لها المحترفون والأذكياء لتضليل رجال الطب الشرعى منها ما فعله الجناة الذين كانوا يسطون على محلات الذهب فى الثمانينيات، فقد كانوا يقومون بفك الأجزاء للأسلحة المستخدمة فى جريمتهم وتبديلها من سلاح لآخر، فكان الطب الشرعى عندما يقوم بعمل مقارنة بين الرصاص والأسلحة تخرج النتيجة سلبية، وقد كنت أول من اكتشف هذه الحيلة، فالجاني الذكى هو الذى يستطيع أن يغير فى مسرح الجريمة، وفى هذه الحالة ما الذى يمكن للطب الشرعى أن يفعله مع مقذوف أمامه وسلاح، وعند مطابقتهما يكتشف أنه ليس السلاح الذى قام بضرب النار، فيكتب تقريره بذلك، فى حين أن المقذوف الذى وجد بجوار المجنى عليه فى مسرح الجريمة ليس هو المقذوف الحقيقى بعد أن استبدله الجانى بمقذوف آخر، أو أن هذا المقذوف الذى تم استخراجه من جثة القتيل فى المستشفى بطريقة أو بأخرى تم استبداله بآخر.
هناك جرائم لا يمكن اكتشافها خصوصا فى مجال السميات، حيث إن هناك مواد كيماوية تدخل الجسم فتكسره خلال دقائق ولا يمكن اكتشافها سواء بتحليل الدم أو البول أو عينة من المعدة، كذلك هناك حيل تستخدمها المخابرات فى الدول المتقدمة ولا علم ولا خبرة لنا بها. وبجانب ذلك هناك ما نقوم بتدريسه للطلبة تحت ما يسمى بالجرائم المفبركة، مثل الجروح المفبركة والطلق النارى المفبرك، كالذى يقوم بتقطيع نفسه بالموس ويتهم آخر، أو من يقوم بالقتل ويلقى بالمجنى عليه فى البحر ليبدو كأنه غرق، أو يعلقه فى حبل ليظهر وكأنه قد شنق نفسه، ولكن مثل هذه الحالات يمكن اكتشافها ولكن ممن لديهم الخبرة، ولكن المشكلة والتى ينتج عنها تضارب التقارير تكمن فى أنها تكون صادرة من أطباء قليلى الخبرة وحديثى التخرج، لأن المعايير التى يعمل على أساسها الطب الشرعى واحدة، وبالتالى فإن احتمالية اختلاف آراء التقارير غير موجودة بالنسبة للخبراء والكبار فى هذا التخصص، إلا إذا تدخلت أمور أخرى لا تتعلق بالعلم مثل السياسة وغيرها، لأن تطبيق المعايير يؤدى دائما إلى طريق واحد.
أن ما يحدث هو أن وزارة العدل عندما تطلب دفعة من الأطباء يتقدم لهم الكثيرون، فيتم الاختيار وفقا للمجموع وليس بناء على اختبارات شخصية، ودون اشتراط مؤهلات إضافية كالدراسات العليا والماجستير والدكتوراه، أو حتى عمل دورات متخصصة لهم، موضحة أن الطبيب الشرعى يجب أن تتوافر فيه صفات معينة مثل قوة الأعصاب، مستشهدة بما حدث لها عندما كانت هناك محاضرة عملية فى التشريح فدخلت المحاضرة وظلت حتى انتهاء المحاضرة مغمضة العينين لا تقوى على النظر لعملية نشر الدماغ بالمنشار وفتح البطن، وبلا شك هناك مثلها ممن لا يتحملون عبء هذه المهنة، واستخراج الجثث وتشريحها والتعامل معها وهى عفنة، فهذه أمور تفوق طاقة الكثيرين من البشر، حتى إن هناك من يستقيل فور قبوله للعمل بها.
وعن الأوضاع المادية أكدت أنها تحسنت كثيرا فى الفترة الأخيرة، حتى إن الخبراء والقيادات من الأطباء الشرعيين أصبح دخلهم يعادل من يعملون فى البلاد العربية، وإذا كان حق الفئة الأصغر مهضوما من قبل، فإن الوضع اختلف تماما فى السنوات الأخيرة، وتحسنت أجورهم بشكل كبير مقارنة بغيرهم فى الوزارات الأخرى، حتى إن العمل فى الطب الشرعى أصبح مميزا والإقبال عليه كبيرا، وفى مختلف تخصصاته، فهو يدخل فى خدمة القضايا المجتمعية المدنية منها والجنائية من مشاجرات واغتصاب وقتل وتزوير وتزييف، علاوة على انتحال الشخصية والتسنين وتحديد نوعية الخطوط وأصحابها وغيرها.
أن محاضر الشرطة لها دور كبير فى تضارب التقارير، لأن من مهام الطبيب الشرعى أن يقوم بالتكييف ما بين ما تقول به هذه المحاضر ووصفها للجريمة ومسرحها، وبين الواقع الذى يقوم بتحليله، فعندما يقول محضر الشرطة بحدوث ارتطام سيارة بجسد المجنى عليه، فهذا الارتطام قد يؤدى إلى نفس الكسور التى قد يحدثها الضرب بآله صلبة، وكلاهما قد يسبب الوفاة، وبالتالى فمجيء الرواية خطأ من التحريات يوقع الطبيب الشرعى فى الخطأ والتضارب، ومثل هذه الأمر لا تجده فى أغلب الدول، ففى السعودية مثلا والتى عملت بها كطبيب شرعى لمدة 6 سنوات، عند وقوع حادث لا يمكن للشرطة أن تتدخل وتقوم بنقل الجثث أو المصابين إلا بعد حضور الطب الشرعى وقيامه بالمعاينة، كما أن مصر هى الدولة الوحيدة التى لا يشرف أساتذة الجامعة على الطب الشرعى، رغم أن هناك قانونا من أيام الملك فاروق ينص على ذلك.
وبجانب ما تقوم به الشرطة فى بعض الأحيان من إخفاء بعض الحقائق بشكل متعمد، فهناك سبب آخر له دور فى ضعف التقارير الصادرة عن مصلحة الطب الشرعى، وهى كثرة القضايا التى تعرض عليها وتصل شهريا لنحو 200 قضية، كل قضية فيها تحتاج أسبوعا بشكل يصعب معه قراءة كل المذكرات، بسبب قلة الأعداد وانعدام الاتصال بالجامعة، واكتفاء الكثير من الأطباء بالفحص الظاهرى وترك مهمة التشريح للفنيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.