بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    بوتين: محطة الضبعة النووية في مصر ستتمكن من البدء بتوليد الكهرباء بالمستقبل    عاجل- تحركات جديدة في أسعار الذهب اليوم.. عيار 21 يسجل 5445 جنيهًا    العدد يصل إلى 42.. تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم 2026    26 نوفمبر.. الحكم على المتهمة بسب الفنان محمد نور على مواقع التواصل الاجتماعي    مصرع 6 تجار مخدرات وضبط آخرين عقب تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بالبحيرة    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية بعد خضوعه لجراحة دقيقة في ألمانيا    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    هيئة الرعاية الصحية تُطلق عيادة متخصصة لأمراض الكُلى للأطفال بمركز 30 يونيو الدولي    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    قائد بالجيش السوداني يدعو إلى المشاركة في الاستنفار الوطني    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات معرض "دبى الدولى للطيران 2025"    مجددا.. ترامب مهاجما مراسلة بسبب جيفري ابستين: أنت سيئة .. فيديو    جلوب سوكر 2025.. إنريكي ينافس سلوت على جائزة أفضل مدرب    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    30 ألف مشجع في المدرجات.. الأهلي وشبيبة القبائل في مواجهة مرتقبة    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    المؤشر الرئيسى للبورصة يواصل تراجعه بفعل جني أرباح للأسهم القيادية    «الإنتاج الحربي» تتعاون مع «ستارك السويسرية» لتصنيع المحركات الكهربائية    الطقس اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025.. ارتفاع الحرارة وتحذير من شبورة كثيفة صباحًا    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    ضبط 3 متهمين بقتل شاب لخلافات بين عائلتين بقنا    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    وزارة الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    محافظ المنوفية: إزالة 296 حالة مخالفة ضمن المشروع القومى لضبط النيل    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    «السياحة والآثار» تبدأ مرحلة تحديث شاملة لمنظومة المخازن الأثرية    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    مقتل 8 أشخاص جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    أفضل مشروبات طبيعية لرفع المناعة للأسرة، وصفات بسيطة تعزز الصحة طوال العام    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى يوم رحيله ..شاعر المروحة والزهرة: حسنا فعلتَ حين رحلت.. يا محمّد عفيفي مطر
نشر في الزمان المصري يوم 12 - 07 - 2014


كتب : منصف الوهايبي
رأيتُها في صكوكِ الإرثِ مكتوبه/سِفْراً من الإنسان والإزميل/والحجرِ/رأيتُها من شقوق الصيفِ/مسكوبه/غاباتِ أيدٍ ترعرعُ في دم الشجرِ/وأَوْجُهاً من حميم الطمي مجلوبه/منسوجةبالفروع الخُضْر/ والثمرِ/وأعظُماً غالبتْ أكفانَها، انقلبتْ/فراشةً حمراءَ مخضوبهْ
في مثل هذه الأيّام من صيف 2010 رحل شاعر مصريّ فلاّح، شاعر استثنائيّ «منسيّ» أكاد لا أجد من أقرنه به، سواء من شعراء مصر، أو شعراء البلاد العربيّة في القرن العشرين. ولعلّه أقرب ما يكون إلى بدر شاكر السيّاب معجما وحلولا في الأرض، وإن لم يكن على نسب منه ووشيجة، من حيث تركيب القصيدة و بناء الصورة الكليّة في «احتفاليات المومياء المتوحشة» و»فاصلة إيقاعات النمل» و»النهر يلبس الأقنعة» و»ملامح من الوجه الأمبيذوقليسي»و»أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت»...
وقصيدة عفيفي لا تزال تحتفظ بالكثير من وجوه إغماضها، قصيدة تقاوم، كما هو الشأن عند أدونيس خاصّة؛ كلّ أنماط القراءة التجزيئيّة. والإغماض مثلما نبّه عليه حازم القرطاجنّي يمكن أن يرجع إلى المعنى نفسه عندما يُبنى على مقدّمة في الكلام يصرف الشاعر الفهم عن التفاتها، بعد حيّزها من حيّز ما بني عليها، أو تشاغله بمستأنف الكلام، عن فارطه أو غير ذلك ممّا شأنه أن يجعل الأفهام «كليلة قاصرة عن تحقّق مفهومات الكلام». أو عندما تفرط العبارة في الطّول فيتراخى بعض أجزائها، عمّا يستند إليه، وما هو منه بسبب؛ بعبارة حازم؛ فلا يشعر باستناده إليه واقتضائها له. وكثيرا ما يكون ذلك، «إذا وقع في الكلام اعتراضات وفصول؛ وكان مشتملا على أشياء يمكن أن ترجع إلى كلّ واحد منها ذلك الشيء». لكأنّ القرطاجنّي كان ينظر بعين الغيب إلى قصيدة عفيفي وهي تفرط في الطول، ويلوي بعضها على بعض؛ وكأنّ عفيفي يريد من الشعر وللشعر، أن يكون أشدّ تراخيا في الاستقبال، وأشدّ في القدم. على أنّ» الفهم» من منظور جماليّ خالص، ليس ضروريّا في الشعريّة الحديثة التي تقدّم عليه الانفعال والتأثّر؛ أو ربّما نحن نفهم لأنّنا انفعلنا وتأثّرنا.
قصائد عفيفي الطويلة المركّبة شأنها شأن «التّوريق»، أساسها كتابة «لا نموذجيّة» أو»لا قياسية» قد لا تعدو دلالتها المتعة الفكريّة الخالصة : متعة تجميع الحروف والعناصر النّباتيّة والأشكال الهندسيّة في»التّوريق» حيث لا رابط في الظّاهر من شكل أو من معنى؛ يسوّغ إلحاق حرف بعنصر نباتيّ أو بشكل هندسيّ إلا أن يكون ذلك نابعا من أساس الكتابة المادّيّ. وهو أساس الرّسم والنّقش والتّصوير، ومتعة التّلعّب بالمستعار منه والمستعارله في الصّورةالكلّيّة حيث تتّصل الوحدات الصّغرى (الصور الجزئيّة) بوحدات مماثلة لها تجاورها أو تعلوها أو تدانيها، أو بصور متقابلة أو متعاكسة؛ وتنتظم كلّها في هيئة واحدة محكومة بنظام هندسيّ «صارم»، وعقليّة رياضيّة دقيقة. والشعر كما كتب عزرا باوند، هو أقرب الفنون إلى الرياضيات، من حيث معادلاته اللغويّة والوجدانيّة الانفعاليّة. فلعلّ الموضوع الرّئِيسَ في قصيدة عفيفي كما هو الأمر في»التّوريق» هو مجلى «روح الكتابة» ذاتها أو»جوهرها»؛ وكأنّ مسعى الفنّان يكمن في تحري العناصرمن سلطان المادّة «الفانية» بتحويرها وفق نظام هندسيّ رياضيّ خاصّ مظهرا وتكوينا. وفي الشّعر الذي نحن به يمكن أن نلحظ هذا المسعى في ظاهرتين لافتتين: قابليّة العناصر للانشطار والتّفرّع، وتجمّع عناصرها وأجزائها بشكل دائريّ حول نواة واحدة. ولعلّ هذا المظهر في إنشائيّة الصّورة أن يكون على وشيجة بعنصرين زخرفيّين أثيرين في فنّ التّوريق هما : المروحة النخليّة والزّهرة.
والتوريق العربيّ هو ما يسمّيه الأروبيّون «أرابيسك». ومن العرب المعاصرين من يسمّيه «الرّقش العربيّ» و»التّوشيح العربيّ» و»التّوريق». ومن اللاّفت أنّ الأسبان والبرتغاليّين يطلقون على هذه الزّخرفة كلمة: Ataurique وهي مشتقّة من الكلمة العربيّة «التّوريق». ونحن نؤثر هذه التّسمية ؛لأنّها تعبّر عن طبيعة العناصر التي تكوّن هذه الزّخرفة العريقة.. ولعلّ عفيفي كان ينوّع عليها ويبني.. وعلى أنقاضها تُبنَى القصائد مثلما تُبنَى المدائن.. لعلّه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.