قرارات جديدة ل"الأعلى للاعلام" لتنظيم بعض البرامج الرياضية    العصر بالقاهرة 4.29.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة فى محافظات مصر غداً الأربعاء 4 يونيو 2025    محافظ سوهاج يستمع إلى مطالب وشكاوى المواطنين في اللقاء الجماهيرى    افتتاح سوق اليوم الواحد بالإسماعيلية بمناسبة عيد الأضحى بتخفيضات 30%    الترحيل والمنع 10 سنوات للمخالفين.. السعودية تشدد على الالتزام بأنظمة وتعليمات الحج    الحكومة: الإعلان عن برنامج رد أعباء التصدير قبل بداية السنة المالية    وزير الخارجية والهجرة يستقبل وفد برلمانى رفيع المستوى من الهند    الشرطة الأمريكية: المصري المشتبه به في هجوم كولورادو خطط للعملية لمدة عام    زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر يضرب بحر إيجه فى تركيا    عقيقة فهد وبطولة دوري وجائزة الهداف.. أسبوع السعادة فى حياة إمام عاشور    «متستعجلش ومتستغربش».. أحمد سليمان يكشف مفاجأة بشأن عودة زيزو للزمالك    غرفة أزهر كفر الشيخ: لم نرصد مخالفات بلجان الثانوية ولا شكاوى من امتحان الفقه    كواليس اجتماع أحفاد نوال الدجوى للتوصل إلى تسوية وإنهاء النزاع.. إنفو جراف    "الزراعة": التفتيش على 289 منشأة بيطرية خلال مايو واتخاذ الإجراءات ضد 64    كوريون يزورون "القراموص" بالشرقية لمشاهدة زراعة وتصنيع البردى    مها الصغير: حسبنا الله فى من قال فينا ما ليس فينا    أخبار سارة على صعيد العمل.. توقعات برج الجدي في يونيو 2025    "يونيسف" تطالب بفتح تحقيق دولى بعد عدوان إسرائيل على طالبى المساعدات فى غزة    محافظة القاهرة تجهز 366 ساحة لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    فضل دعاء شهر ذي الحجة كما جاء في السنة النبوية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشارك فى المنتدى المصري الألمانى    الرعاية الصحة بالأقصر تعلن نجاح تدخل جراحى مزدوج يجمع بين جراحة القلب المفتوح    أخصائية إصابات وتأهيل علاج طبيعي تقدم روشتة ذهبية لصحة المرأة بعد الأربعين    تشيلسي يقترب من ضم جيتينز قبل كأس العالم للأندية    حقيقة الممر الشرفي لبيراميدز.. هاني سعيد يتحدث عن نهائي الكأس ضد الزمالك    الهلال السعودي يسعى للتعاقد مع صفقة برازيلية    محافظ الجيزة: رصف وتطوير الطريق أسفل الطريق الدائري أمام المتحف المصري الكبير    أداء القطاع الخاص بمصر يتباطأ إلى أقل وتيرة في 3 أشهر بمايو    وزيرة البيئة تطلق الحوار المجتمعي الوطني حول تغير المناخ    «أمن المنافذ»: ضبط 2628 مخالفة مرورية وتنفيذ 162 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    ضبط جراج به 500 كيلو دواجن غير صالحة للاستهلاك في دمياط    تكريم الفائزين بتحدي القراءة العربي في الحفل الختامي للدورة التاسعة    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر من جنيف: المنصات الرقمية تفرض تحديات جديدة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملين    بلدية غزة تطلق نداءً عاجلا لتوفير الآليات والوقود    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    بالأسماء، الطلاب الفائزون في مسابقة "تحدي القراءة العربي"    الصحة الفلسطينية: مراكز المساعدات في غزة تحولت إلى مصائد موت تهدد حياة المدنيين    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 990800 فرد    مدبولي يبعث برقية تهنئة لشيخ الأزهر بمناسبة عيد الأضحى 2025    سويلم يتابع ترتيبات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"    محافظ القليوبية يتفقد منافذ خير مزارعنا لأهالينا بمناسبة عيد الأضحى.. صور    تعرف على خريطة منافذ فحص المقبلين على الزواج في عيد الأضحى بالقليوبية    ضبط سيدتين بالجيزة لقيامهما بسرقة مشغولات ذهبية من طالبة بأسلوب "المغافلة"    محمد مصيلحى يرفض التراجع عن الاستقالة رغم تمسك المجلس ببقائه    وفاة الفنانة سميحة أيوب عن عمر يناهز 93 عامًا    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    هيئة الأرصاد: أجواء ربيعية ممتعة اليوم والعظمى بالقاهرة الكبرى 31 درجة    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    لوفتهانزا تمدد تعليق رحلاتها الجوية إلى إسرائيل حتى 22 يونيو الجاري    وزارة التعليم: فتح باب التحويل للمدارس الرسمية الدولية على موقعها    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    «هاجي في يوم وهقتله».. يورتشيتش يمازح مصطفى فتحي بسبب عصبية الشيبي    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى يوم رحيله ..شاعر المروحة والزهرة: حسنا فعلتَ حين رحلت.. يا محمّد عفيفي مطر
نشر في الزمان المصري يوم 12 - 07 - 2014


كتب : منصف الوهايبي
رأيتُها في صكوكِ الإرثِ مكتوبه/سِفْراً من الإنسان والإزميل/والحجرِ/رأيتُها من شقوق الصيفِ/مسكوبه/غاباتِ أيدٍ ترعرعُ في دم الشجرِ/وأَوْجُهاً من حميم الطمي مجلوبه/منسوجةبالفروع الخُضْر/ والثمرِ/وأعظُماً غالبتْ أكفانَها، انقلبتْ/فراشةً حمراءَ مخضوبهْ
في مثل هذه الأيّام من صيف 2010 رحل شاعر مصريّ فلاّح، شاعر استثنائيّ «منسيّ» أكاد لا أجد من أقرنه به، سواء من شعراء مصر، أو شعراء البلاد العربيّة في القرن العشرين. ولعلّه أقرب ما يكون إلى بدر شاكر السيّاب معجما وحلولا في الأرض، وإن لم يكن على نسب منه ووشيجة، من حيث تركيب القصيدة و بناء الصورة الكليّة في «احتفاليات المومياء المتوحشة» و»فاصلة إيقاعات النمل» و»النهر يلبس الأقنعة» و»ملامح من الوجه الأمبيذوقليسي»و»أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت»...
وقصيدة عفيفي لا تزال تحتفظ بالكثير من وجوه إغماضها، قصيدة تقاوم، كما هو الشأن عند أدونيس خاصّة؛ كلّ أنماط القراءة التجزيئيّة. والإغماض مثلما نبّه عليه حازم القرطاجنّي يمكن أن يرجع إلى المعنى نفسه عندما يُبنى على مقدّمة في الكلام يصرف الشاعر الفهم عن التفاتها، بعد حيّزها من حيّز ما بني عليها، أو تشاغله بمستأنف الكلام، عن فارطه أو غير ذلك ممّا شأنه أن يجعل الأفهام «كليلة قاصرة عن تحقّق مفهومات الكلام». أو عندما تفرط العبارة في الطّول فيتراخى بعض أجزائها، عمّا يستند إليه، وما هو منه بسبب؛ بعبارة حازم؛ فلا يشعر باستناده إليه واقتضائها له. وكثيرا ما يكون ذلك، «إذا وقع في الكلام اعتراضات وفصول؛ وكان مشتملا على أشياء يمكن أن ترجع إلى كلّ واحد منها ذلك الشيء». لكأنّ القرطاجنّي كان ينظر بعين الغيب إلى قصيدة عفيفي وهي تفرط في الطول، ويلوي بعضها على بعض؛ وكأنّ عفيفي يريد من الشعر وللشعر، أن يكون أشدّ تراخيا في الاستقبال، وأشدّ في القدم. على أنّ» الفهم» من منظور جماليّ خالص، ليس ضروريّا في الشعريّة الحديثة التي تقدّم عليه الانفعال والتأثّر؛ أو ربّما نحن نفهم لأنّنا انفعلنا وتأثّرنا.
قصائد عفيفي الطويلة المركّبة شأنها شأن «التّوريق»، أساسها كتابة «لا نموذجيّة» أو»لا قياسية» قد لا تعدو دلالتها المتعة الفكريّة الخالصة : متعة تجميع الحروف والعناصر النّباتيّة والأشكال الهندسيّة في»التّوريق» حيث لا رابط في الظّاهر من شكل أو من معنى؛ يسوّغ إلحاق حرف بعنصر نباتيّ أو بشكل هندسيّ إلا أن يكون ذلك نابعا من أساس الكتابة المادّيّ. وهو أساس الرّسم والنّقش والتّصوير، ومتعة التّلعّب بالمستعار منه والمستعارله في الصّورةالكلّيّة حيث تتّصل الوحدات الصّغرى (الصور الجزئيّة) بوحدات مماثلة لها تجاورها أو تعلوها أو تدانيها، أو بصور متقابلة أو متعاكسة؛ وتنتظم كلّها في هيئة واحدة محكومة بنظام هندسيّ «صارم»، وعقليّة رياضيّة دقيقة. والشعر كما كتب عزرا باوند، هو أقرب الفنون إلى الرياضيات، من حيث معادلاته اللغويّة والوجدانيّة الانفعاليّة. فلعلّ الموضوع الرّئِيسَ في قصيدة عفيفي كما هو الأمر في»التّوريق» هو مجلى «روح الكتابة» ذاتها أو»جوهرها»؛ وكأنّ مسعى الفنّان يكمن في تحري العناصرمن سلطان المادّة «الفانية» بتحويرها وفق نظام هندسيّ رياضيّ خاصّ مظهرا وتكوينا. وفي الشّعر الذي نحن به يمكن أن نلحظ هذا المسعى في ظاهرتين لافتتين: قابليّة العناصر للانشطار والتّفرّع، وتجمّع عناصرها وأجزائها بشكل دائريّ حول نواة واحدة. ولعلّ هذا المظهر في إنشائيّة الصّورة أن يكون على وشيجة بعنصرين زخرفيّين أثيرين في فنّ التّوريق هما : المروحة النخليّة والزّهرة.
والتوريق العربيّ هو ما يسمّيه الأروبيّون «أرابيسك». ومن العرب المعاصرين من يسمّيه «الرّقش العربيّ» و»التّوشيح العربيّ» و»التّوريق». ومن اللاّفت أنّ الأسبان والبرتغاليّين يطلقون على هذه الزّخرفة كلمة: Ataurique وهي مشتقّة من الكلمة العربيّة «التّوريق». ونحن نؤثر هذه التّسمية ؛لأنّها تعبّر عن طبيعة العناصر التي تكوّن هذه الزّخرفة العريقة.. ولعلّ عفيفي كان ينوّع عليها ويبني.. وعلى أنقاضها تُبنَى القصائد مثلما تُبنَى المدائن.. لعلّه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.