قصيدة : الإسراء والمعراج ..ترقية وتسرية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ..شعر / أ.د.عبد الوهاب برانية

لسيد الخلق في دنيا وفي دينِ
ومات عمٌّ له قد كان ناصرَهُ
وكان رِدْئًا وذا حبٍّ وتحنينِ
تحول الموتُ في آفاقِ سيدِنا
عامًا من الحزن ممتدًا إلى حينِ
وزاد غدرُ ثَقِيفٍ لا أبا لهمُ
هَمَّ النبيِّ بهاتيكِ الأحايينِ
أقدامُه نزفتْ مما ألمَّ بها
فقد تلقَّتْ حصى بعضِ المجانينِ
وعاد يحمل همًّا لا مثيلَ له
تنوءُ من حَملِه كلُّ الموازينِ
فراح يدعو: لمن يا ربِّ تتركني
فلا تكلني إلى من بات يجفوني
فالأقربونَ جلاميدٌ جبابرةٌ
والأبعدونَ عِدًا لله والدينِ
يا رب إن لم يكن من سيدي غضبٌ
فلا أبالي بتعذيبي وتهويني
ترفَّقَ اللهُ بالمبعوثِ سيدِنا
محمدٍ فانتشى في التَّوِّ والحينِ
وأُصدِرَ الأمرُ: يا أحزانَه انقشعي
وأمرُ ربي رهينُ الكافِ والنونِ
فجاء جبريلُ عند الحِجْر في غسقٍ
فلملمَ الحزنَ من أحشاءِ محزونِ
وقال يا مصطفى الأفْقُ منتظرٌ
تشريفَ نجمِك في أبهاء تزيينِ
هذا البراقُ ذلولُ الظهرِ يحملكم
إلى السماوات في رفق وفي لينِ
والأنبياء بساح القدس قد وقفوا
خلف النبي بترديد وتأمينِ
فأنت آخرُهم خَلْقًا وأولُهم
وأنت أشملُهم من غير تعيين
رقيتَ يا سيدي فوق الطِّباقِ إلى
أُفْقٍ أُعِدَّ لمختارٍ ومأمونِ
فبعدَ سبعِ طِباقٍ قال مؤتَمَنٌ:
هنا تُغَلَّقُ أبوابُ الرَّجا دوني
فلو تقدمتَ أنتَ البابُ منفتحٌ
وما لمِثْلِي إلى الرُّقيا بمأذونِ
فخضتَ يا سيدي في النور مؤتلقا
وطبتَ نفسًا بمبذولٍ ومكنونِ
قد كان إسراؤكَ الميمونُ سيدَنا
سُرًى بليلٍ وإدلاجا بتمكين
لأن نورك في الظلماء منتشرٌ
يبددُ الليلَ لا يعنو لتدجينِ
تُحدِّثُ الناسَ في الإصباحِ معتجلا
بما رأيتَ بتقديرٍ وتثمينِ
فما يُصدِّقُ إلا كلُّ معتقِدٍ
في الغيبِ يأتي بإذعانٍ وتيقينِ
في كل عصرٍ ضعافُ الدينِ قد كذبوا
قالوا منامٌ لمسحورٍ ومعيونِ
لو كان رؤيا منامٍ لا أبا لهم
لما رأته قريشٌ محضَ تفنينِ
لكنهم علموا أن النبي حكى
صدقا وما حكيُه يوما بمزنونِ
وإنما رحلةُ الإسراءِ تسريةٌ
عما ألَمَّ به من قومه الدونِ
——————————–
مساء الثلاثاء 24من رجب 1444ه