الصداقة من أسمى وأرقى العلاقات التي حباها الله تعالى للإنسان ، وهي بحر من بحور الحياة العميقة ، وجسرا ينقل الإنسان إلى بر الأمان ، وسلاحا تحارب فيه هموم الحياة ومنعرجاتها ، بل يصل بها الكلام لتكون كنز من كنوز الحياة نظرا لأهميتها ومكانتها للإنسان . الصديق هو الأخ الذي لم تلده لك أمك بل ولدته لك الأيام والظروف ، ليكون لك عونا و سندا في الصعاب وفي شتى الأمور ، فكم من صديقا أنقذ صديقه من التهلكة ، وكم من صديقا مد يد العون والمساعدة حينما عصفت به الحياة . ويؤسفنا ويؤلمنا ما نشاهده الآن من تفكك واضح للصداقة ، صداقات تبنى على المنافع الشخصية والمصالح ، صداقات بلا إحترام ولا تقدير وليس لها أساس صحيح ، فنرى السب والشتم والألفاظ البذيئة فيها بينهم مدعين بأنها أساس قوة العلاقة وسر بقائها وديمومتها ، وهذا هو من الأسباب الحقيقة لفقدان الصداقة قوتها وديمومتها وسر بقائها والسبب الكبير بفقدان الصداقة غطائها القوي . الصديق الحقيقي هو من يتمنى لك ما يتمنى لنفسه ، يقف معك في سرائك وضرائك ، يقول باولو كويلو عن الصداقة بأنها كلمة ثقيلة جدا لا تقل لكل إنسان ، وعبر عنها توفيق الحكيم أن الصداقة لشئ عظيم … إنها الوجه الآخر غير البراق للحب … ولكنه الوجه الذي لا يصدأ ابدا . ان الصديق الحقيقي هو الذي يقبل عذرك ويسامحك اذا اخطات يوما من الايام ، ويسد مسدك في غيابك ، وينبغي على الصديق الصادق أن يحمل صديقه على سبعين محملا ، فصحبة الأخيار تورث لك الخير ، وصحبة الأشرار تورث لك الندامة . لنكن دقيقتين وحريصين جدا في اختيارنا للأشخاص الذين يتقاسمون معنا الأوقات ، ونبوح لهم بالأسرار ونتفاعل معهم ، فهم سيتقاسمون معنا كل شىء ، الحزن والفرح الهموم والمسرات ، لذا يتوجب علينا حسن الإختيار . الصداقة الحقيقية هي التي تبنى على الود والمحبة والتقدير والاحترام ، ولا تبنى على المنافع والمصالح الشخصية ، ويسودها روح التعاون والمساعدة والإخاء ، فالصداقة التي تبنى على المنافع والمصالح الشخصية نجدها تتهاوئ وتتلاشئ اذا عصفت بها ريح المواقف . الصداقة الحقيقية هي أجمل وأنقى وجوه الحياة ، وسلاما على الدنيا اذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا .. حقاً ..الصداقة ….. كنزا لا يعوض ابدا