وزير التعليم : الانتهاء من الفترة المسائية العام الدراسى المقبل    «المشاط»: مصر وألمانيا تقتربان من توقيع اتفاق مالي جديد خلال الربع الأخير من 2025    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال يمارس تجويعًا ممنهجًا.. ومجزرة زكيم تفضح جرائمه    «مطروح للنقاش» يسلط الضوء على العلاقات المصرية السعودية    تدخل أموريم يفاجئ أرسنال.. مانشستر يونايتد ينقض على جيوكيريس بعرض أكبر    شرط يوفنتوس لبيع تيموثي وياه إلى مارسليا    وزير التعليم يوجه المديريات بالتنسيق مع المحافظين ورؤساء الأحياء لرفع الاشغالات والمخلفات المحيطة بالمدارس    نائب رئيس حزب المؤتمر: حركة حسم نقلت تمويلها للخارج بسبب الضغط الأمني    مخرج «أوسكار عودة الماموث»: الفيلم سيعرض قريباً وسيطرح عالميًا    قصور الثقافة تطلق مهرجان "صيف بلدنا" بالإسكندرية في موسمه الخامس    الملحن والموزع سام محمد يكشف ل "الفجر الفني" كواليس أغنية "مستني إيه" وسر نجاحها السريع (حوار)    «أُفُق».. هشام خرما يطرح بوستر أحدث ألبوماته    مفاوضات الدوحة محلك سر ..حماس تكشف أكاذيب المجرم نتنياهو والإرهابى ترامب    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    ليفربول يكتسح ستوك بخماسية خلف أبواب مغلقة.. واستبعاد لويس دياز    نجم ريال مدريد يحذر الإدارة من رحيل فينسيوس جونيور ورودريجو    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    محمد حمدي: الإصابات منعتني من إظهار قدراتي مع الزمالك    نقيب أطباء مصر يتفقد أرض النقابة وموقع النادي بمدينة قنا الجديدة    رئيس مجلس الدولة يستقبل رئيس هيئة قضايا الدولة لتقديم التهنئة    "نزلن للاستحمام فلم يعد أحد منهن".. ما الذي حدث في مزرعة وادي النطرون؟    رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة يتفقد مشروعات الإسكان وتطوير الطرق    طريقه التسجيل والأوراق المطلوبة في معاش ربة المنزل الجديد    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    بعد قليل.. انطلاق مؤتمر حزب الوعي لتقديم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    الهند: عرض مخطوط نادر لنسخة من المصحف الشريف بمتحف القرآن الكريم بالمدينة المنورة    «حلالين المشاكل».. 3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا منفصلًا بل امتداد للعقل الإنساني (صور)    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    إنقاذ حياة رضيع ابتلع دبوسًا معدنيًا بمستشفى أطفال بنها    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة في الإسماعيلية    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    "رجع بظهره".. قطار يتخطى محطة بالخطأ في المنيا    لوسيد تطلق سيارتها Air Grand Touring الجديدة ب5.4 مليون جنيه.. صور    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    وزير الصحة يترأس اجتماع "التأمين الصحي" لتفعيل إدارة الجودة وسلامة المرضى    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    بلدة تايوانية تشهد أسوأ أضرار جراء الأمطار منذ 50 عاما    حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    بيراميدز يخوض تدريبات صباحية ومسائية فى معسكر تركيا ورفع الحمل البدني    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    مصرع "مسن" على يد 3 أشخاص بالقناطر الخيرية    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العتبات النصية في مجموعة ليلة المرقد قصص شوقي كريم حسن ..دراسة الناقد الكبير اياد خضير
نشر في الزمان المصري يوم 16 - 01 - 2022

يعد العنوان من أهم العتبات النصية الموازية المحيطة بالنص الرئيسي الى جانب الحواشي ، والهوامش ، والمقدمات والمقتبسات والادلة الأيقونية ، لأنه يساهم في توضيح دلالات النص ، واستكشاف معانيه الظاهرة ، ولكونه مدخلاً أساسياً في قراءة الابداع الادبي والتخيلي بصفة خاصة … من المعلوم كذلك أن العنوان هو عتبة النص وبدايته واشارته الاولى ، هو اول من تقع عليه عين القارئ ، فان شده العنوان أخذ الكتاب ليتفحصه وان لم يشد انتباهه فأنه لن يمسك الكتاب أصلاً ، وهو العلامة التي تطبع الكتاب أو النص . #1
وتعد دراسة العتبات لجيرار جنيت أهم دراسة علمية ممنهجة في مقاربة العتبات بصفة عامة والعنوان بصفة خاصة لا نها تسترشد بعلم السرد ولمقاربة النصية في شكل أسئلة ومسائل وتفرض عنده نوعاً من التحليل ، ويبقى ليو هويك المؤسس الفعلي لعلم العنوان لأنه قام بدراسة العنونة من منظور مفتوح يستند الى العمق المنهجي والاطلاع الكبير على اللسانيات ونتائج السيميوطيقا ، وتاريخ الكتاب والكتابة فقد رصد العنوان رصداً سيميوطيقا من خلال التركيز على بناها ودلالاتها ووظائفها ( كتابه سمة العنوان ) .
قصة ليلة المرقد التي أحتلت العنوان ، تحكي حكايات وأساطير يقول القاص في الغلاف الاخير من المجموعة ( حين نحاول الكتابة عن وطن ملئ بالحكايات والاساطير علينا أن نتوقف كثيراً عن الشكل الذي يتوجب أن نلبسه لهذا السرد ليكون حياً ومؤثراً وهذا ما تطمح اليه وتأكده مسرورات .. ليلة المرقد .. المستلة من منابع ليالي الكوانين السومرية .) تنتمي بكاملها الى المناخ السومري وتواريخه في جنوب العراق تقع المجموعة 22 قصة قصيرة عتبات فرعية ترتبط بالهم الانساني والظلم الذي لحق بالفقراء ومعناتهم النفسية وحكاياتهم المؤلمة ادرج مقطع من القصة:
(( ماكنتُ ادري ان المرقد قد طار مبتعداً الى هذ الحد ؟!!
ضحك عمي بانشراحٍ وشرب وشفط كوب شايه وألقى بنصف عينيه الى أبي وقال: آه المرقد !! أخرج ابي كيس تبغه ولف سيجارة بحذرٍ.. وحين أعاد الكيس الى عبه واصل لوك كلماته بهدوءٍ غريبٍ كنت أراقب لاعج النار التي بدأت بالسر الى عالم نهايتها حثثت الخطى .. وحين دخلت المرقد ما وجدت شيئاً ..لكن المرقد قد اختفى ولم يبق غير أدراج منبر ، أحنى عمي رأسه وأشعل سيجارة وسحب نفساً عميقاً منها ، وراح يتابع خطاه غير آبه بتوسلات جدتي ونظرات جدي القادحة شرراً.
قال جدي بصلابة: ما لك والمرقد ؟!! )) ص9
المجموعة القصصية ليلة المرقد ، توثق تجارب إنسانية بوعي فني برصد حوادث اجتماعية أو نزعات ذاتية ، ليعيد القاص شوقي كريم حسن تشكيلها في كيانات قصصية تعالج الظاهرة الوجودية وتضيء جوانب مهمة في العقل الانساني ، وتفاصيله لتكون القصص في هذه المجموعة متنوعة الموضوعات والاتجاه الادبي من القصة ذات المنحى الواقعي التسجيلي او الواقعي الانتقادي أو التي تكون ذات منحى رمزي يعتمد الاشارة والرمز ليدل على معانٍ اجتماعية او ذاتية .
قصة الكرسوع
تحكي القصة العيش في مناطق الاهوار ابتدأت بوصف جميل للماء والطيور الكثيرة التي تصطاد الاسماك الصغيرة والديدان ، وكذلك لون ماء الهور المصفر المخضر ، وركوب المشحوف واسطة النقل في مثل هذه الاماكن ، أمرأه سكنت الهور تبحث عن شيء فقدته ، أبنها الغارق ، أراد شخص مساعدتها ، كان قلبها ينزف الماً ،تحول الى كابوس يطاردها ليلا نهارا حول حياتها الى جحيم .
(( انحنى الرجل ونهض ساحباً وجهها اليه ، فارتدت زامة شفتيها دافعة المردي الى الخلف بقوة ، سألها بقلقٍ محاولاً ضغط هواجسه:
دعينا نرجع !!
نظرت اليه وعادت تحديقها ثانية الى حيث كانت تشعر بالانشراح لمرآة يعوم كالبط عند حافة الهور فتهمس : لا تبتعد كثيراً !! بغته نهض الرجل فتمايل المشحوف وأهتز ضارباً حلم المرأة بصراخٍ جعلها تشرأب مستغربةً : كفاك جنوناً .. فلنعد !!
هزت كتفيها بأسى وقالت : لا …!!
فقال وهو يمسك كتفيها :
لقد أبتلعه الهور !!
قالت منتحبةً : كذب !!
قال : بلا!! وصمت يراقب انحدارها الى جوف المشحوف متمسكة بأطراف حلمها ، تناول المردي فصرخت قائلة بتوسل : لا!! )) ص126
بعض قصص المجموعة متوهجة الدلالات تسبر أعمق الشخصية البشرية وترصد ادق النوازع والمشاعر في أعماق النفس، بلغة سردية متنوعة المستويات ومتطابقة مع مقتضيات البناء القصصي والمستوى الواقعي للشخصيات والتي تنقل للقارئ مضامين انسانية ومواقف فكرية تجاه الكثير من القضايا الانسانية وصراعه الوجودي .
قصة جواد اوروك
السرد يحمل عتمة الالم ، الرجوع بعد الخراب صعب ، المعاناة من الكهنة والظلم الذي يلحق بالأشخاص والخوف الذي أدمن الاجساد من الجلادين ، يبقى الشخص يستذكر أمه وابيه ووجوده بات كقبر مهجور ، القصة فيها الم ، استذكارات للظلم ، أجاد القاص بتدوين أحداثها.
(( يحدثنا أول رواة الافكار أن العودة في وقت مأكول الاطراف كهذا ألوقت امر يدعو الى الخيبة والاذلال لهذا ليس هناك من يريد دخول تلك المعابد التي كانت تطن بأناشيد التوسلات وغدت تشبه مقابر دراسة، معابد قاسية التوصيف ملطخة الجدران بالدم ، وما أن يجن الليل حتى تتعالى التوسلات والصراخ ، وأصوات القيء ألمبهمة ، وثمة عصافير تفتك الشبابيك المعتمة لتطير مبتعدة .. مبتعدة ملاحقة بصوت الكاهن الاكبر وهو يصيح .. أرجع !!
فما رجع احد البتة.))ص233
نصوص المجموعة القصصية ليلة المرقد أستطاع القاص شوقي كريم حسن أن ينقل لنا رؤى ذاتية لواقع معاش بتكثيف وتركيز يستخدم احياناً لغة شعرية معبرة موحية تأخذنا بعيداً الى أقاصي المعنى الذي يتشكل في ذهن القارئ بصور شتى وتحلق بنا في اجواء التحيل المنتج..
قصة حصان آخر الليل
القصة تتحدث عن الضجيج والدوي الهادر ولعلعة الرصاص وصوت سيارات الشرطة تملأ المكان ورنين الهاتف الذي وصفه بكائن يشبه البوما جاثمة / ترن ..ترن .. الو!! نعم تفضل ؟!! هذه دار السيد ؟ّ!! يقول عن نفسه بأنه كائن مهذار بطبعه ، عصبي المزاج ، يتذكر طفولته التي رحلت دون أن تودعه ، فقد كان طفلاً مشاكساً يقول : قبل ان ينام ابي أعمد البول على فراشه وحين عرف لعبتي ربطني الى جذع النخلة البرحية ونهال علي بالسباب والضرب ، القصة فيها حوار يساهم في رسم خصوصيات الشخصيات ويزيد حيوية النص يرفع في جماليته وكذلك في طياتها أنسنة الاشياء وهي اضفاء صفات بشرية ..اشتراك الهاتف بالحوار .
(( فدفعتني زوجتي الى أمام ، قال الهاتف : ألو ..ألو!!
نظرت زوجتي اليً ، ونظر الكائن المسخ ، ورن الهاتف ، وعلت لعلعة الرصاص ، وببطء مقصود قلت : لا فائدة!!
قال الهاتف بعد ماذا ؟
قالت زوجتي بعد ماذا؟!!
قال الرجل المسخ بعد ماذا؟
قلت انتم تحاصرونني .. أشعر ان عالمي لم يعد يشبه عالمكم الغريب هذا.. ما معنى ان نعيش وسط موت ابدي .. أريد لنفسي بعض الحياة؟!!
ضحك الرجل المسخ وأنا أريد بعض حياة!!
ضحكت زوجتي وأنا أريد بعض حياة ؟
ضحك الهاتف وأنا أريد بعض حياة؟
وهو بالهاتف شعرت ، بهدوء ، الى ينظرون فصاروا ، ضحكت كان فيما ، تتعرى وهي المسخ الرجل تحتضن وزوجتي اليه يأخذني ووووو……ال…يصيح المجهول من الاتي ، البعيد الصوت صمت ))))ص267
بعض قصص المجموعة أستخدم لغة دلالية ووصفية حاذقة تمتلك القراءة والقوة والاسلوب الايجابي ، لغة ثرية موحية بدلائلها نحو ولادات متعددة ، يلجأ القاص شوقي كريم الى التحليل ورسم الابعاد الدقيقة في مخيلته ، وجعل المكان تتبادل فيه الافكار التي تمت اشارتها وفق رؤية جديدة لتجسد الواقع عبر حركة الزمن ، مثل قصة خطاب وقصة حصان الخزف وقصة اجابات.. ربما وقصة المسافة ذكر وغيرها ، الشخصيات في المجموعة القصصية ليلة المرقد ، دون القاص أفعالها وتصرفاتها في حركة الحدث وتنامي الصراع ، أصبحت من أهم العتبات النصية الفرعية في المجموعة ، قصة النهام تحكي القصة عن الوضع المزري لمدينة كثر فيها المتسولين والمهربين ، فيها وصف للسلطان ، لابسا رداءه الذهبي ولحية طويلة كثة مخضبة بالحناء وماء الورد ، سرد فيه لوعة وحزن عميق وكثرة فيه التشبيهات ، الحروب تشل الاشخاص وتسحبهم الارض الى جوفها .
أخيراً
شوقي كريم حسن يبني قصصه بناءً درامياً ، السرد يحمل الكثير من الدلالات ذات مهارات فنية سرد متماسك فنياً ، واقعي مغمس بالخيال مستنداً على ثيمات مكثفة تشد المتلقي وتبعد عنه الملل كونها حكايات متنوعة رامزة ، قسم يغلب عليه عليها الحوار الذي يخفف عبأ القراءة العنوان الرئيسي ليلة المرقد عتبه نصية ساهمت العتبات الفرعية في المجموعة بالجهد الذي سجله شوقي كريم حسن يؤكد فيه عافية الابداع والانطلاق في عملية النشر والكتابة فقد غادرتنا عيون الرقيب وأنتهى زمن الكتابة السرية.
يذكر المجموعة صدرت عن دار ثائر العصامي للطباعة والنشر بغداد / المتنبي بواقع 284 صفحة من الحجم المتوسط.
.
#1 جميل حمداوي : لماذا النص الموازي مجلة الكرمل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.