العلم .. والقدرة    وزير الري يناقش السيناريوهات المختلفة لإدارة المياه في مصر    تحفيظ وتهذيب وتوعية.. مساجد جنوب سيناء تُحيي رسالتها الروحية    جامعة أسيوط تطلق منصة إلكترونية للتحويلات بين الجامعات والكليات    سعر اليورو اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 يتراجع فى منتصف تعاملات البنوك    وزير الإسكان يلتقي المدير الإقليمي لمجموعة معارض ومؤتمرات "سيتي سكيب" لبحث التعاون المشترك    وزير البترول يبحث مع "أنجلو جولد" تعزيز الاستثمارات في منجم السكري    مد غلق طريق الدائرى الإقليمى حتى 1 أغسطس فى هذه الأماكن    السياحة: 80 شركة تنظم 300 رحلة سياحية صحراوية لعدد 20 ألف سائح    وزير البترول يبحث مع "شلمبرجير" دعم أنشطة استكشاف وإنتاج النفط    منافسة عالمية    كارثة فى السويداء السورية.. المقاتلون الأجانب يستبيحون منازل المدنيين وينفذون إعدامات ميدانية.. حرق كنيسة مار ميخائيل وإذلال الدروز بحلق "شواربهم".. معارض سورى بارز: قائد الأمن الداخلى لم يستطع وقف الجرائم    رئيس الوزراء يوجه بالتعاون مع الدول الإفريقية فى تنفيذ مشروعات لتحقيق المصالح المشتركة    مصر تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان وسوريا    منظمة مصر السلام: الاستقالات المفاجئة تثير تساؤلات حول الضغوط السياسية على مقررى الأمم المتحدة    أول تعليق من حماس على "تقسيم" خان يونس إلى نصفين    أكاديمية الشرطة تستضيف دورتين تدريبيتين بالتعاون مع الصليب الأحمر    صراع خليجى على نجوم الأهلى    صفقة جديدة للأبيض.. ساعات قليلة تفصل رحيل مصطفى شلبي عن الزمالك    "لا تعجبني البالونة الحمرا".. خالد الغندور يثير الجدل: أشياء تافهة    لاعب الزمالك السابق: زيزو كان يحب النادي.. وكيف يفرط الأهلي في قندوسي؟    محمد إبراهيم يفوز برئاسة الاتحاد العربي لرياضة الفنون القتالية المختلطة «MMA»    فى عز الصيف.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المتوقعة وموعدها    أبرزها 126 ألف مخالفة.. جهود الإدارة العامة للمرور في 24 ساعة    مصرع سائق وإصابة ابنته فى حادث تصادم سياريتين على طريق "الغردقة - غارب"    ضبط 14 طن حواوشي ودجاج مجهولة المصدر في حملات تموينية بالدقهلية    "فيديو مفبرك".. حيلة سائق لابتزاز شرطي والهروب من مخالفة بالجيزة    5 مصابين في حريق مخبز بلدي بأسيوط - صور    القبض على قاتل شقيقتة في المنيا    ناصر عبد الرحمن يقدم ورشة كتابة السيناريو بمهرجان بورسعيد السينمائي    منير وتامر حسني يحتفلان بطرح "الذوق العالي" بحضور بنات محمد رحيم    صناع مسلسل "فات الميعاد" ضيوف برنامج "هذا الصباح" غدًا على شاشة إكسترا نيوز    الرفاعي أخرجها من المنبر.. حكاية الكوبرا السامة التي أثارت رعب المصلين بالبحيرة    تحرير 531 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 787 رخصة خلال 24 ساعة    مدرب النصر السعودي يحدد أولى الصفقات استعدادا للموسم الجديد    بعد الإعدادية.. شروط القبول في مدرسة الضبعة النووية 2025    عرضان من الدوري المغربي.. شوبير يكشف موقف الأهلي حول بيع رضا سليم    يوفنتوس يرفع عرضه لضم جادون سانشو وسط تمسك مانشستر يونايتد بمطالبه    سؤال برلماني بشأن معايير تشكيل المجلس الأعلى للثقافة: يخلو من الشباب    «مش هحل».. هنا الزاهد وسوزي الأردنية تعيدان مقطع «تيك توك» في عرض «الشاطر»    فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز يقترب من 137 مليون جنيه خلال 8 أسابيع    موعد المولد النبوي الشريف والإجازات المتبقية في 2025    الصحة تعلن تخريج الدفعة ال12 من الدبلومة المهنية في طب الإنجاب والجراحة DIRMAS    إنقاذ مصاب من موت محقق بعد تعرضه للدغة أفعى سامة بمستشفى أجا المركزي    رئيس قطاع الصحة بالقاهرة يجتمع لمتابعة فعاليات حملة 100 يوم صحة    القومي للبحوث يكرم البوابة نيوز    «عبد الغفار»: حملة «100 يوم صحة» تقدم خدمات مجانية عالية الجودة    بالتنسيق مع الأزهر.. الأوقاف تعقد 1544 ندوة بشأن الحد من المخالفات المرورية    اعرف حظك اليوم.. وتوقعات الأبراج    انتخابات مجلس الشيوخ 2025 اقتربت وهذا جدول الإجراءات المتبقية    عقب جولة تفقدية لكامل الوزير بالإقليمي.. «النقل» تعلن تمديد الغلق الكلي المؤقت للطريق حتى 1 أغسطس 2025    قتلى ومصابون جراء قصف روسي على عدة مناطق في أوكرانيا    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث محور ديروط ويوجه بصرف التعويضات ورعاية المصابين.. صور    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    كيف أتغلب على الشعور بالخوف؟.. عضو «البحوث الإسلامية» يجيب    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    70 شهيدًا فلسطينيًا منذ الفجر بنيران وغارات الاحتلال الإسرائيلي على غزة    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :هدف العملية العسكرية الإسرائيلية علي سوريا
نشر في الزمان المصري يوم 28 - 05 - 2013

أن إسرائيل وضعت خطا أحمر بمنع نقل أسلحة لحزب الله تُخل بالتوازن القائم، وتحديدا الصواريخ الباليستية والإستراتيجية التي يمكن أن تؤثر على ملاحتها في البحر المتوسط ومنشآتها النفطية. أن الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية والغربية تراقب على مدار الساعة الساحة السورية، وهذا ما يظهر في الغارتين اللتين شُنتا خلال 48 ساعة ضد ما يبدو أنه شُحنات صواريخ "ممنوع مرورها إسرائيليا لحزب الله". أن الغارة الإسرائيلية نفذتها عشر طائرات أطلقت نحو أربعين صاروخا، بينها "كروز وتوماهوك" بعيدة المدى على موقع قرب جبل قاسيون الذي يعد ثكنة عسكرية كبيرة توجد فيه ألوية للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ومخازن أسلحة ضخمة.
أن قدرات سلاح الجو الإسرائيلي تسمح له بقصف الأهداف السورية من خارج المجال الجوي السوري، لكن مجرد وجود الطائرات بتشكيل قتالي كان يُفترض أن تكشفه الرادارات السورية وترسل إنذارا للدفاع الجوي بالرد، ولكن يبدو أن الرادارات والدفاعات الجوية السورية لا تعمل مما يعطي إشارة للغرب بإمكانية فرض حظر جوي ومهاجمة مقرات القيادة والتحكم والمنظومات الدفاعية بطريقة أسهل مما توقعوا.
أن هذه المعلومات معروفة، ولكن هذه الغارات جاءت لتؤكدها وتعطي صاحب القرار الأميركي -إذا أراد التحول من القيادة للخلف إلى الأمام- تصورا بأن التدخل العسكري في سوريا يمكن تنفيذه دون سقوط ضحايا أو خسائر مادية. أن هذا التدخل الإسرائيلي في الأزمة السورية غير مرتبط بالغارات بل بدأ منذ فترة مع التصريحات والشروط التي وضعتها، ولكن "إسقاط الحدث" هو الذي يجب الحديث عنه ولو كان هناك أحداث كالتي تجري الآن وقعت قبل ستة أشهر لتدخلت تل أبيب.
- لقد جاءت الغارات في وقت كان فيه المسلحون المناوئون للنظام يتلقون على الرأس ضربة تلو اخرى، وهنا يمكن السؤال على صعيد أشمل: هل عدم سقوط النظام، مضافاً الى تعاظم قوة حزب الله، واستمرار الصلابة الايرانية المجبولة بالتطور النوعي التقني والعسكري يدفع الى "هستيريا" أميركية اسرائيلية الى حد القيام بغارات تضع المنطقة امام احتمالات مفتوحة، فتكون فتحتها واشنطن وتل ابيب وقد لا تدريان كيف تغلقانها؟ المناورات العسكرية الإيرانية الأخيرة, و التصريحات المتكررة التي أطلقتها شخصيات عسكرية إيرانية بخصوص مساندة سوريا و تهديد وجود الكيان الإسرائيلي. - التسارع الهائل الذي تقوده الولايات المتحدة باتجاه تفعيل مفاوضات الحل النهائي, و أهمها الصيغة المعدلة لمبادرة السلام العربية. - تصريح اوباما باستحالة ارسال الجنود الامريكيين على الارض في سوريا, و اعطاءه الضوء الأخضر لإسرائيل عبر الاشارة الضمنية المتعلقة بحق اسرائيل بالدفاع عن نفسها, و التي يمكن اعتبارها رداً على التصريح الروسي الأخير القائل بان لسوريا الحق بطلب المساعدة من حلفاءها. منطقياً يمكن اعتبار الهجوم الإسرائيلي نتيجة طبيعية لتداعيات تعديل مبادرة السلام العربية. العقلية الإسرائيلية تؤمن ان الشروع بمفاوضات الحل النهائي دون ضمان إدخال سوريا ضمن دائرة التسوية لن يغير شيئاً. كثير من القراءات الإسرائيلية تؤمن أن هذه المرحلة هي الأفضل لانجاز هذا المشروع المتعثر إسرائيليا منذ انتهاء حرب تشرين. هذه القراءة يمكن ان تقودنا الى مضامين الرسالة الإسرائيلية: "سوريا يجب ان تكون جزء من مشروع الحل النهائي, الذي لابد أن يشمل حزب الله أيضاً." الولايات المتحدة (الغائبة الحاضرة) لم تستطع تلبية الرغبة الإسرائيلية بتطويع سوريا للدخول في مسار المفاوضات, لكنها في الوقت نفسه أوكلت مهمة ارسال هذه الرسالة للإسرائيليين عبر تقديم غطاء للقيام بهذه المهمة. الإسرائيليون بدورهم اختاروا ان تستقبل المؤسسة العسكرية السورية رسالتهم عبر الهجوم و التلويح باحتمالية وقوع هجمات اخرى. بعض المراقبين وجدوا في اختيار توقيت الهجوم و توجه بنيامين نتينياهو الى الصين رسالة واضحة, بلجوء الإسرائيليين الى واحد من اهم حلفاء سوريا لضمان احتواء التداعيات و اقناع الصينيين بضرورة التدخل من اجل الغط على موسكو و ضرورة جلب السوريين الى طاولة المفاوضات. لجوء الإسرائيليين الى الصين جاء بعد القناعة الإسرائيلية بعدم جدوى المحاولة مع موسكو المتعنتة بمواقفها.
أن توقيت الهجوم الإسرائيلي هدف أيضاً الى احراج محور أصدقاء سوريا, و بالذات ضمن قاعدة حزب الله الجماهيرية. فعدم الرد على الهجوم سيؤدي الى زعزعة القاعدة الشعبية لهذا المحور و تأزيمه, أما الرد فقد يؤدي أيضاً الى تحول شكل الصراع و تقديم المسوغات لهجوم عسكري دولي, خصوصاً أن السيد حسن نصر الله أطلق تصريحات إستراتيجية عميقة أشارت بوضوح الى تبلور محور سياسي جديد, يمتد من حزب الله الى سوريا مروراً بالعراق و ايران وصولاً الى موسكو. يبقى القول أن المنطقة دخلت في مخاض غامض و فتحت باب الاحتمالات على مصراعيه. فطبيعة التطورات القادمة لا يمكن ان تقاس ضمن معيارها النظري, فأي حدث صغير قد يخرج عن سياقه سيؤدي الى تغيير مسار الأزمة. اذاً, المنطقة تسير بحذر نحو الصدام الاقليمي, و في نفس الوقت تسير بقلق نحو الفوضى, لهذا يبقى السؤال الأكبر و الأهم هو :"بين الفوضى و الحرب هل يمكن ضمان التعامل مع نتائج مثل هذه المغامرات؟"تسارعت الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية بعد الغارة الإسرائيلية على مواقع سورية، فتل أبيب رفعت حالة التأهب في الداخل وفي سفاراتها، ونصبت بطاريتين مضادتين للصواريخ، وأغلقت المجال الجوي على حدودها الشمالية، ولكن هذه الإجراءات الاستثنائية لم تُفسر أسباب دخول إسرائيل مباشرة في الأزمة السورية. ولكن الرسالة الإسرائيلية السرية التي نُقلت لدمشق عبر قنوات دبلوماسية تشرح بعض هذه الأسباب، والتي كشفت عنها صحيفة يديعوت أحرونوت، حيث تنفي تل أبيب فيها نيتها التدخل في "الحرب الأهلية" بسوريا. ورغم ما نقلته يديعوت أحرونوت عن دوائر إسرائيلية
أنّ احتمالات رد حزب الله أو سوريا على الهجوم ضعيفة للغاية، فإن وسائل إعلام غربية ذهبت إلى أن الغارات تُسرع عملية اتخاذ القرار في واشنطن بشأن تدخل عسكري محتمل، وتكشف نقاط ضعف أنظمة الدفاع الجوي التي تشجع أميركا وحلفاءها على اتخاذ مزيد من الخطوات العملية في مسار الصراع بين نظام الأسد ومعارضيه. وترى وسائل إعلامية أخرى أن "الحرب الأهلية في سوريا تحولت إلى حرب إقليمية"،
أن إسرائيل راهنت في غاراتها على "انشغال الأسد بقصف شعبه، وعدم استعداد حزب الله لخوض حرب جديدة".أسباب الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف عسكرية سورية في منطقة "الجماري
تزعم الولايات المتحدة فإن الضربات الجوية العسكرية التي تعرضت لها سوريا في الأسبوع الماضي كانت لمنع نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله، وهو العدو الأكثر خطورة بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن هذا الجواب الضعيف لا يقنع سوى القليل. فقد صرح مسئولون إسرائيليون أن الغارات الجوية على سوريا تهدف إلى تغيير قواعد اللعبة. ورأت أن إسرائيل تساعد الولايات المتحدة في تغيير موازين اللعبة التي تتجه لصالح نظام الرئيس السوري "بشار الأسد".وأشارت إلى أن الجيش السوري حقق انتصارات كبيرة على المتمردين خلال الأسابيع القليلة الماضية خاصة في ضواحي العاصمة دمشق، وعدة أحياء في حمص، وقد أوشك السيطرة على بلدة حدودية مع لبنان، على خلفية تدفق الأسلحة للمتمردين عن طريق الأردن، ونتيجة لذلك تمت السيطرة على قرية "خربة غزالة" ونجحت في وقف التدفق. أن كل هذا التقدم أثار قلق الولايات المتحدة وحلفائها وقرروا توجيه ضربة جوية لسوريا لتغير الحسابات على أرض الواقع، فقد طرح كل من الولايات المتحدة وتركيا وبريطانيا فكرة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين. أنه كان من الأفضل أن تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل تدمير بعض الأسلحة السورية، حيث أن هذا من شأنه أن يؤخر الجيش السوري في السيطرة على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وفي الوقت ذاته يمكن للولايات المتحدة تسليح المعارضة.
ولهذه الأسباب فمن المنطقي أن تضرب إسرائيل أهداف عسكرية سورية.
إن النظام السوري لن يضيع وقته في إرسال الأسلحة لحزب الله في لبنان وسيستخدمها لإنهاء المعارك الحاسمة مع المتمردين. أن الضربات الجوية أتت بعد سيطرة النظام السوري على ضواحي دمشق وحمص والقصرية.
أن الغارات الجوية المحدودة على الأهداف العسكرية السورية قد لا تغير من حسابات اللعبة. إن "الغرب لن يقبل بفوز الأسد بهذه الحرب الطاحنة، والأسد يريد إعادة إحكام سيطرته على كامل الأراضي السورية، ولذلك قرر وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" عقد محادثات مع الجانب الروسي في موسكو، رغم أنه يدرك أن تلك المحادثات لن تقود إلى أي مكان جديد" أن تل أبيب استغلت فرصة انشغال النظام "بحربه ضد شعبه" لقصف الأسلحة الإيرانية المرسلة لحزب الله، أن تل أبيب غير مهتمة بالصراع السوري ولا تتدخل فيه. قبيل الغارات الإسرائيلية كان الضوء الأخضر الأميركي علنياً.. قبل أيام أعلن نتنياهو أن "من حق" إسرائيل التدخل لمنع نقل أسلحة من سورية تخلّ التوازن، وأيد أوباما في احد مواقفه المعلنة هذا "الحق"، وبالفعل كان أن وُضعت مضامين التصريحات على سكة التنفيذ بعد وقت ليس بطويل.
أهداف الضربات
استهدفت هذه الغارات مخازن أسلحة ومركزاً للبحوث، إن من شأن الغارات الإسرائيلية على سوريا زيادة الضغط على البيت الأبيض من أجل دعم "الثوار" السوريين، ودعوته إلى إقامة منطقة عازلة في سوريا، وإلى توفير الحماية لهذه المنطقة. ان "قيادة الجيش الاسرائيلي استدعت الاحتياط دون اللجوء الى قرار حكومي ، وتم تحاشي ان يخرج قرار الضربة الى العلن، فكان الجيش مستعجلا للتنفيذ ، فصدر القرار وبموازاته استدعي الاحتياط على الحدود اللبنانية على قاعدة احتمال تحرك حزب الله أن إسرائيل تترك أمر التدخل العسكري في سوريا لواشنطن، للانَ على أن الغارات كانت محددة الهدف ولن تتسع لأكثر من ذلك، خصوصا مع سفر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للصين
أن الضربة الإسرائيلية ورغم حدوثها في دمشق إلا أن هدفها الرئيس والأهم هو إيران. أن تل أبيب تحاول بشتى الطرق منع تغيير ميزان القوى في المنطقة عبر وصول أسلحة متطورة لحزب الله، أن سوريا تحولت إلى ساحة لحرب إقليمية بالوكالة، وأبرز معالمها دخول تل أبيب بقوة على الخط في ظل عدم رغبة الإدارة الأميركية التدخل المباشر في سوريا، أن أقصى ما ستقوم به واشنطن هو تسليح المعارضة. للان التكهن بأهداف هذه الهجمات أو طبيعتها سيكون خاطئا، ونرجح أن تكون الطائرات الإسرائيلية هاجمت المواقع السورية من خارج الأجواء السورية، أي أنه لم يتم اختبار قدرة الدفاعات الجوية السورية، ولكنها رسالة من القدرات الجوية الإسرائيلية والغربية التي تستطيع تدمير أي هدف دون الدخول في المجال الجوي السوري للان الغارات الإسرائيلية "ستنعكس سلبا" على المعارضة السورية من ناحيتين،
الأولى أن هذه الهجمات تظهر أن إسرائيل والمعارضة في معسكر واحد ضد النظام ولديهما نفس الهدف لإسقاطه. والناحية الأخرى أنها تُعطي النظام، الذي قال منذ بداية الثورة إنها مؤامرة خارجية تهدف لإسقاط سوريا الدولة والدور وتدمير نظام الممانعة،
إن الهدف التكتيكي منها ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، محددًا خمسة أهداف منها لخصها في ما يلي:
1_ضرب منظومة الصواريخ السورية بعيدة المدى، أرض أرض، والتي تغطي معظم الأهداف داخل إسرائيل، من شمالها إلى جنوبها، ظنًا أن تلك الصواريخ بعيدة المدى هي الأهم، في منظومة الصواريخ السورية.
2_إيجاد ممر آمن للوصول إلى الأراضي الإيرانية في حال قررتا كل من أميركا وإسرائيل ضرب المشروع النووي الإيراني.
3_ إعادة الاعتبار لهيبة نظرية الردع الإسرائيلية، والتي تلقّت ضربة إستراتيجية في حرب تموز (يوليو) من العام الماضي عندما فشلت تلك القوة في تحقيق أهدافها في ردع قوة حزب الله في جنوب لبنان، والبقاع، والضاحية الجنوبية.
4_ توجيه رسالة معنوية إلى الداخل الإسرائيلي، بتسريب معلومات عن عملية إبرار جوي بالمروحيات الإسرائيلية على أهداف عسكرية سورية عبر إقليم كردستان القريب من الحدود العراقية السورية، للقول إنه قد تم ترميم قوة الردع هذه بعد أن تآكلت، وثبت عجزها في تلك الحرب أمام قوة حزب الله.
5_ توجيه رسالة إلى دمشق بأن تسقط خيارها العسكري ضد إسرائيل، والكف عن تزويد حزب الله بالأسلحة الإيرانية.
احتاجت الدول العربية نحو أربعة أسابيع لتدرك بأنها قد تعرضت لخديعة جديدة من قبل المفاوض الإيراني المراوغ الذي دأب على إطلاق الوعود الكاذبة لكسب الوقت؛ ففي الوقت الذي استنفذت فيه الدبلوماسية الإقليمية جهدها؛ كانت الميليشيات الإيرانية العابرة للحدود قد أكملت عدتها لشن حركة عسكرية خاطفة تهدف إلى تأمين ممر جيو-سياسي يصل العراق بلبنان والساحل السوري عبر محافظات دمشق وحمص واللاذقية وبانياس، واستفادت إيران من عامل الوقت للزج بنحو 7 آلاف مقاتل من: "الباسيج" و"فيلق القدس" و"جيش المهدي" و"عصائب الحق" و"حزب الله" في أتون الأزمة ونشرهم في نحو 30 موقع سوري تمهيداً للاستيلاء على حمص والقصير، وشن حملة تطهير طائفي في اللاذقية وبانياس. تتفوق تل أبيب على سائر دول المنطقة في تطبيقات الأمن الوقائي، والاستفادة من المنظومات الاستخباراتية لتحقيق الأمن الداخلي؛ ففي الفترة التي كانت الدول العربية مشغولة في تفاصيل الدبلوماسية الهادئة؛ كان رئيس جهاز الموساد "تامير باردو" منهمكاً في وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لتبادل المعلومات الأمنية حول سوريا مع رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية التركية "حقان فيدان" في 22 أبريل 2013.
أن اتفاقية التعاون الأمني بين الدولتين تهدف إلى تسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدولتين لتقييم تطورات المشهد السوري، خاصة وأن الاستخبارات التركية تتفوق على الموساد في قدرتها على جمع المعلومات الأمنية عبر شبكة مخبرين ينتشرون في جميع المحافظات السورية، كما أنها تتمتع بعلاقات وطيدة مع مختلف قيادات المعارضة السياسية والعسكرية التي تنشط في أراضيها، لكن أنقرة لا تمتلك تقنيات الرصد الإلكتروني التي تستخدمها تل أبيب. وبالإضافة إلى اتفاق الطرفين على ضرورة احتواء الأزمة السورية ومنع امتدادها إلى بلادهم؛ تشترك كل من أنقرة وتل أبيب في مشاعر الامتعاض من ضعف المواقف الأمريكية إزاء المخاطر التي تهدد أمن المنطقة؛ وظهر ذلك الضعف جلياً في تناقض تصريحات المسئولين الأمريكيين بين تأكيد البنتاغون أن النظام السوري قد استخدم الأسلحة الكيميائية وتشكيك البيت الأبيض في صحة تلك الأنباء. ولا تزال الإدارة الأمريكية تتكلم ببرود عن "تقييم احتمالات" تجاوز النظام للخطوط الحمراء، وعن قيامها بدراسة تبعات ذلك ومراجعة سياستها تجاه دمشق، دون أن ينتج عن تلك التصريحات أي أثر ملموس على أرض الواقع. وقد أسفر التعاون الأمني التركي-الإسرائيلي عن تأكد المعلومات المتعلقة باستخدام النظام أسلحة كيميائية ضد المدنيين، وساد الشعور في المنطقة أن واشنطن -بترددها وضعف مواقفها- ترسل رسائل خاطئة إلى إيران، مضمونها أن الإدارة الأمريكية لا تعبأ كثيراً بتجاوز الخطوط الحمراء فيما يخص حيازة أسلحة الدمار الشامل واستخدامها، خاصة وأن مفهوم تخطي الخطوط الأمريكية الحمراء قد أصبح مثار السخرية والتهكم في المنطقة. وللتأكيد على جديتها في حماية أمنها؛ بادرت تل أبيب إلى استدعاء الآلاف من قوات الاحتياط، ونشرت فرقاً من القوات الخاصة وكتائب الدفاع الجوي، وتوغل بعض مقاتليها بعمق 5-7 كم في مناطق حدودية مع سوريا ولبنان،
أن الهدف من هذه الضربات هو تدمير القدرات الصاروخية السورية لمنع وصولها بيد أي من أطراف الصراع أو انتقالها عبر الحدود. وتشير المصادر إلى أن تل أبيب لا تتوقع أي رد فعل من دمشق على تلك الضربات إذ إن مقاتلات دمشق لا تجاري قدرات الدفاعات الجوية الإسرائيلية، كما أنها بحاجة ماسة إلى مخزونها من الصواريخ البالستية لاستخدامها في العمليات ضد الجيش الحر، وقد استنتج اليهود أن دمشق لن تتجرأ على فتح جبهة جديدة في ظل استنزاف قدراتها القتالية، ولن تغامر بتعريض مضاداتها الأرضية للتدمير في حال إطلاق صواريخ على إسرائيل. وعلى الرغم من رسائل التطمين التي أرسلتها تل أبيب إلى دمشق لاحتواء آثار عملية القصف وتطمين موسكو وبكين؛ إلا أن مصادر أمنية تؤكد أن سلاح الجو الإسرائيلي قد وضع مجموعة من صواريخ (Scud D) و(Fateh-110) ضمن أهدافه في الفترة القادمة. تأتي هذه التطورات بالتزامن مع نشر تقارير تؤكد قيام تل أبيب بمراجعة خططها الأمنية في ظل اضمحلال الجيوش العربية إبان مرحلة الربيع العربي، وتنامي مخاطر الجماعات العابرة للحدود التي يجب منعها من حيازة الأسلحة النوعية والعمل على تفكيك بنيتها التحتية. وبالتالي فإن هذه العمليات لا تأتي لترجيح كفة جهة ضد أخرى في المعارك القائمة، ولا تسهم في حسم الصراع بين الحكم والمعارضة، بل تهدف إلى الاستفادة من الظروف الانقسامية على المستوى الإقليمي بهدف تعزيز أمن تل أبيب، وتنسجم هذه الرؤية مع تسريبات حول اتفاق بعض القوى الدولية على إطالة أمد الأزمة بهدف استنزاف جميع أطراف النزاع. وفي ظل غياب الرؤية الإستراتيجية لدى المعارضة؛ وغياب التكامل والتنسيق فيما بينها؛ يعمل المحور الإيراني-الروسي على تعزيز سلطة دمشق وتأمين ممراته الأرضية عبر بغداد ودمشق وبيروت ووصلها بالبحر الأبيض المتوسط، في حين تعمل دول الجوار الإقليمي على تأمين حدودها ومنع انتشار الأزمة إليها عبر التخطيط لإنشاء مناطق عازلة تحمي أراضيها لكنها لا تحمي الشعب السوري.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.