غدًا.. المصريون بالداخل يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة بال19 دائرة الملغاة    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    المستشار طاهر الخولى يكتب: الإرهاب.. حرب طويلة المدى    2026.. عام الأحلام الكبيرة    2025 عام الإنجازات | فى جميع الميادين والمجالات مصر فى 2025.. نجاحات ُمبهرة وفرص واعدة    شركة مياه الشرب بالقاهرة: عودة الخدمة للزيتون قبل موعدها ب 4 ساعات    مجلس القيادة اليمني يطلب من تحالف دعم الشرعية حماية المدنيين في حضرموت والمهرة    الدفاع الروسية: إسقاط 77 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مهاجمة أهداف تابعة ل حزب الله في لبنان    التشكيل الرسمي لمباراة المغرب ضد مالي    الهلال يتخطى الخليج ويواصل مطاردة صدارة الدوري السعودي    وزير الرياضة: روح العزيمة والإصرار سر فوز منتخب مصر علي جنوب أفريقيا    السيطرة علي حريق نشب في سيارة ب "زراعي" البحيرة    لميس الحديدى ووزير التعليم    محكمة جنايات الإرهاب بوادي النطرون تحاكم غدا تكفيرى أسس جماعة إرهابية    جريمة فى الأعماق    تعرف على المتسابقين فى الحلقة الثالثة عشر من دولة التلاوة.. فيديو    بدءًا من 2 يناير وحتى 27 يونيو 2026 |انطلاق 36 قافلة طبية علاجية مجانية بمراكز ومدن الجيزة    التنمية المحلية تعتذر للزميلة هبة صبيح    جمارك السلوم تمنع تهريب أدوية بشرية أجنبية الصنع    وزارة «العمل» تنظم الحد الأقصى لتواجد العاملين يوميًا بمنشآت القطاع الخاص    المشير طنطاوي قال "أزمة وهتعدي".. نبيل نعيم يُفجر مفاجأة بشأن تهديدات أمريكا لمصر في 2012    المتحف القومي للحضارة يطلق فعاليات «روح ومحبة»    علي ناصر محمد: اتفاق السعودية والإمارات وإيران مفتاح حل الأزمة اليمنية    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    علي ناصر محمد: مشروع الوحدة في مؤتمر القاهرة 2011 نموذج لاستقرار اليمن والرخاء    وكيل الطب العلاجي يتابع أعمال التطوير بالسنبلاوين العام ويؤكد على سرعة الاستجابة للمرضى    خلال 3 أيام.. التفتيش على 1135 منشأة يعمل بها أكثر من 11 ألف عامل    ما هي حساسية الشتاء؟ وطرق علاجها والوقاية منها بالمنزل    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    مؤتمر جوارديولا: انتصرنا في 7 مباريات متتالية لكننا لسنا في وضع جيد    بالصور.. كواليس مسلسل «تحت الحصار» بطولة منة شلبي | رمضان 2026    غرامة كبيرة| مخالفة القيادة بدون رخصة.. إحذر قانون المرور الجديد    أحدث تصوير ل مترو الخط الرابع يكشف آخر مستجدات الموقف التنفيذي للمشروع (صور)    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    أمم إفريقيا – التشكيل.. مشنجاما يقود هجوم حزر القمر وداكا أساسي مع زامبيا    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    وزارة الداخلية: ضبط عنصر جنائي بالجيزة تخصص في تزوير الشهادات الجامعية وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    وزير النقل الألماني: خفض ضريبة الطيران لا يعني بالضرورة تذاكر أرخص    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    باكستر: جنوب إفريقيا فرصتها أكبر في الفوز على مصر.. ونجحت في إيقاف صلاح بهذه الطريقة    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    الكومي: صلاح أنقذ مصر أمام زيمبابوي.. وهدفنا صدارة المجموعة    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :هدف العملية العسكرية الإسرائيلية علي سوريا
نشر في الزمان المصري يوم 28 - 05 - 2013

أن إسرائيل وضعت خطا أحمر بمنع نقل أسلحة لحزب الله تُخل بالتوازن القائم، وتحديدا الصواريخ الباليستية والإستراتيجية التي يمكن أن تؤثر على ملاحتها في البحر المتوسط ومنشآتها النفطية. أن الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية والغربية تراقب على مدار الساعة الساحة السورية، وهذا ما يظهر في الغارتين اللتين شُنتا خلال 48 ساعة ضد ما يبدو أنه شُحنات صواريخ "ممنوع مرورها إسرائيليا لحزب الله". أن الغارة الإسرائيلية نفذتها عشر طائرات أطلقت نحو أربعين صاروخا، بينها "كروز وتوماهوك" بعيدة المدى على موقع قرب جبل قاسيون الذي يعد ثكنة عسكرية كبيرة توجد فيه ألوية للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ومخازن أسلحة ضخمة.
أن قدرات سلاح الجو الإسرائيلي تسمح له بقصف الأهداف السورية من خارج المجال الجوي السوري، لكن مجرد وجود الطائرات بتشكيل قتالي كان يُفترض أن تكشفه الرادارات السورية وترسل إنذارا للدفاع الجوي بالرد، ولكن يبدو أن الرادارات والدفاعات الجوية السورية لا تعمل مما يعطي إشارة للغرب بإمكانية فرض حظر جوي ومهاجمة مقرات القيادة والتحكم والمنظومات الدفاعية بطريقة أسهل مما توقعوا.
أن هذه المعلومات معروفة، ولكن هذه الغارات جاءت لتؤكدها وتعطي صاحب القرار الأميركي -إذا أراد التحول من القيادة للخلف إلى الأمام- تصورا بأن التدخل العسكري في سوريا يمكن تنفيذه دون سقوط ضحايا أو خسائر مادية. أن هذا التدخل الإسرائيلي في الأزمة السورية غير مرتبط بالغارات بل بدأ منذ فترة مع التصريحات والشروط التي وضعتها، ولكن "إسقاط الحدث" هو الذي يجب الحديث عنه ولو كان هناك أحداث كالتي تجري الآن وقعت قبل ستة أشهر لتدخلت تل أبيب.
- لقد جاءت الغارات في وقت كان فيه المسلحون المناوئون للنظام يتلقون على الرأس ضربة تلو اخرى، وهنا يمكن السؤال على صعيد أشمل: هل عدم سقوط النظام، مضافاً الى تعاظم قوة حزب الله، واستمرار الصلابة الايرانية المجبولة بالتطور النوعي التقني والعسكري يدفع الى "هستيريا" أميركية اسرائيلية الى حد القيام بغارات تضع المنطقة امام احتمالات مفتوحة، فتكون فتحتها واشنطن وتل ابيب وقد لا تدريان كيف تغلقانها؟ المناورات العسكرية الإيرانية الأخيرة, و التصريحات المتكررة التي أطلقتها شخصيات عسكرية إيرانية بخصوص مساندة سوريا و تهديد وجود الكيان الإسرائيلي. - التسارع الهائل الذي تقوده الولايات المتحدة باتجاه تفعيل مفاوضات الحل النهائي, و أهمها الصيغة المعدلة لمبادرة السلام العربية. - تصريح اوباما باستحالة ارسال الجنود الامريكيين على الارض في سوريا, و اعطاءه الضوء الأخضر لإسرائيل عبر الاشارة الضمنية المتعلقة بحق اسرائيل بالدفاع عن نفسها, و التي يمكن اعتبارها رداً على التصريح الروسي الأخير القائل بان لسوريا الحق بطلب المساعدة من حلفاءها. منطقياً يمكن اعتبار الهجوم الإسرائيلي نتيجة طبيعية لتداعيات تعديل مبادرة السلام العربية. العقلية الإسرائيلية تؤمن ان الشروع بمفاوضات الحل النهائي دون ضمان إدخال سوريا ضمن دائرة التسوية لن يغير شيئاً. كثير من القراءات الإسرائيلية تؤمن أن هذه المرحلة هي الأفضل لانجاز هذا المشروع المتعثر إسرائيليا منذ انتهاء حرب تشرين. هذه القراءة يمكن ان تقودنا الى مضامين الرسالة الإسرائيلية: "سوريا يجب ان تكون جزء من مشروع الحل النهائي, الذي لابد أن يشمل حزب الله أيضاً." الولايات المتحدة (الغائبة الحاضرة) لم تستطع تلبية الرغبة الإسرائيلية بتطويع سوريا للدخول في مسار المفاوضات, لكنها في الوقت نفسه أوكلت مهمة ارسال هذه الرسالة للإسرائيليين عبر تقديم غطاء للقيام بهذه المهمة. الإسرائيليون بدورهم اختاروا ان تستقبل المؤسسة العسكرية السورية رسالتهم عبر الهجوم و التلويح باحتمالية وقوع هجمات اخرى. بعض المراقبين وجدوا في اختيار توقيت الهجوم و توجه بنيامين نتينياهو الى الصين رسالة واضحة, بلجوء الإسرائيليين الى واحد من اهم حلفاء سوريا لضمان احتواء التداعيات و اقناع الصينيين بضرورة التدخل من اجل الغط على موسكو و ضرورة جلب السوريين الى طاولة المفاوضات. لجوء الإسرائيليين الى الصين جاء بعد القناعة الإسرائيلية بعدم جدوى المحاولة مع موسكو المتعنتة بمواقفها.
أن توقيت الهجوم الإسرائيلي هدف أيضاً الى احراج محور أصدقاء سوريا, و بالذات ضمن قاعدة حزب الله الجماهيرية. فعدم الرد على الهجوم سيؤدي الى زعزعة القاعدة الشعبية لهذا المحور و تأزيمه, أما الرد فقد يؤدي أيضاً الى تحول شكل الصراع و تقديم المسوغات لهجوم عسكري دولي, خصوصاً أن السيد حسن نصر الله أطلق تصريحات إستراتيجية عميقة أشارت بوضوح الى تبلور محور سياسي جديد, يمتد من حزب الله الى سوريا مروراً بالعراق و ايران وصولاً الى موسكو. يبقى القول أن المنطقة دخلت في مخاض غامض و فتحت باب الاحتمالات على مصراعيه. فطبيعة التطورات القادمة لا يمكن ان تقاس ضمن معيارها النظري, فأي حدث صغير قد يخرج عن سياقه سيؤدي الى تغيير مسار الأزمة. اذاً, المنطقة تسير بحذر نحو الصدام الاقليمي, و في نفس الوقت تسير بقلق نحو الفوضى, لهذا يبقى السؤال الأكبر و الأهم هو :"بين الفوضى و الحرب هل يمكن ضمان التعامل مع نتائج مثل هذه المغامرات؟"تسارعت الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية بعد الغارة الإسرائيلية على مواقع سورية، فتل أبيب رفعت حالة التأهب في الداخل وفي سفاراتها، ونصبت بطاريتين مضادتين للصواريخ، وأغلقت المجال الجوي على حدودها الشمالية، ولكن هذه الإجراءات الاستثنائية لم تُفسر أسباب دخول إسرائيل مباشرة في الأزمة السورية. ولكن الرسالة الإسرائيلية السرية التي نُقلت لدمشق عبر قنوات دبلوماسية تشرح بعض هذه الأسباب، والتي كشفت عنها صحيفة يديعوت أحرونوت، حيث تنفي تل أبيب فيها نيتها التدخل في "الحرب الأهلية" بسوريا. ورغم ما نقلته يديعوت أحرونوت عن دوائر إسرائيلية
أنّ احتمالات رد حزب الله أو سوريا على الهجوم ضعيفة للغاية، فإن وسائل إعلام غربية ذهبت إلى أن الغارات تُسرع عملية اتخاذ القرار في واشنطن بشأن تدخل عسكري محتمل، وتكشف نقاط ضعف أنظمة الدفاع الجوي التي تشجع أميركا وحلفاءها على اتخاذ مزيد من الخطوات العملية في مسار الصراع بين نظام الأسد ومعارضيه. وترى وسائل إعلامية أخرى أن "الحرب الأهلية في سوريا تحولت إلى حرب إقليمية"،
أن إسرائيل راهنت في غاراتها على "انشغال الأسد بقصف شعبه، وعدم استعداد حزب الله لخوض حرب جديدة".أسباب الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف عسكرية سورية في منطقة "الجماري
تزعم الولايات المتحدة فإن الضربات الجوية العسكرية التي تعرضت لها سوريا في الأسبوع الماضي كانت لمنع نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله، وهو العدو الأكثر خطورة بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن هذا الجواب الضعيف لا يقنع سوى القليل. فقد صرح مسئولون إسرائيليون أن الغارات الجوية على سوريا تهدف إلى تغيير قواعد اللعبة. ورأت أن إسرائيل تساعد الولايات المتحدة في تغيير موازين اللعبة التي تتجه لصالح نظام الرئيس السوري "بشار الأسد".وأشارت إلى أن الجيش السوري حقق انتصارات كبيرة على المتمردين خلال الأسابيع القليلة الماضية خاصة في ضواحي العاصمة دمشق، وعدة أحياء في حمص، وقد أوشك السيطرة على بلدة حدودية مع لبنان، على خلفية تدفق الأسلحة للمتمردين عن طريق الأردن، ونتيجة لذلك تمت السيطرة على قرية "خربة غزالة" ونجحت في وقف التدفق. أن كل هذا التقدم أثار قلق الولايات المتحدة وحلفائها وقرروا توجيه ضربة جوية لسوريا لتغير الحسابات على أرض الواقع، فقد طرح كل من الولايات المتحدة وتركيا وبريطانيا فكرة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين. أنه كان من الأفضل أن تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل تدمير بعض الأسلحة السورية، حيث أن هذا من شأنه أن يؤخر الجيش السوري في السيطرة على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وفي الوقت ذاته يمكن للولايات المتحدة تسليح المعارضة.
ولهذه الأسباب فمن المنطقي أن تضرب إسرائيل أهداف عسكرية سورية.
إن النظام السوري لن يضيع وقته في إرسال الأسلحة لحزب الله في لبنان وسيستخدمها لإنهاء المعارك الحاسمة مع المتمردين. أن الضربات الجوية أتت بعد سيطرة النظام السوري على ضواحي دمشق وحمص والقصرية.
أن الغارات الجوية المحدودة على الأهداف العسكرية السورية قد لا تغير من حسابات اللعبة. إن "الغرب لن يقبل بفوز الأسد بهذه الحرب الطاحنة، والأسد يريد إعادة إحكام سيطرته على كامل الأراضي السورية، ولذلك قرر وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" عقد محادثات مع الجانب الروسي في موسكو، رغم أنه يدرك أن تلك المحادثات لن تقود إلى أي مكان جديد" أن تل أبيب استغلت فرصة انشغال النظام "بحربه ضد شعبه" لقصف الأسلحة الإيرانية المرسلة لحزب الله، أن تل أبيب غير مهتمة بالصراع السوري ولا تتدخل فيه. قبيل الغارات الإسرائيلية كان الضوء الأخضر الأميركي علنياً.. قبل أيام أعلن نتنياهو أن "من حق" إسرائيل التدخل لمنع نقل أسلحة من سورية تخلّ التوازن، وأيد أوباما في احد مواقفه المعلنة هذا "الحق"، وبالفعل كان أن وُضعت مضامين التصريحات على سكة التنفيذ بعد وقت ليس بطويل.
أهداف الضربات
استهدفت هذه الغارات مخازن أسلحة ومركزاً للبحوث، إن من شأن الغارات الإسرائيلية على سوريا زيادة الضغط على البيت الأبيض من أجل دعم "الثوار" السوريين، ودعوته إلى إقامة منطقة عازلة في سوريا، وإلى توفير الحماية لهذه المنطقة. ان "قيادة الجيش الاسرائيلي استدعت الاحتياط دون اللجوء الى قرار حكومي ، وتم تحاشي ان يخرج قرار الضربة الى العلن، فكان الجيش مستعجلا للتنفيذ ، فصدر القرار وبموازاته استدعي الاحتياط على الحدود اللبنانية على قاعدة احتمال تحرك حزب الله أن إسرائيل تترك أمر التدخل العسكري في سوريا لواشنطن، للانَ على أن الغارات كانت محددة الهدف ولن تتسع لأكثر من ذلك، خصوصا مع سفر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للصين
أن الضربة الإسرائيلية ورغم حدوثها في دمشق إلا أن هدفها الرئيس والأهم هو إيران. أن تل أبيب تحاول بشتى الطرق منع تغيير ميزان القوى في المنطقة عبر وصول أسلحة متطورة لحزب الله، أن سوريا تحولت إلى ساحة لحرب إقليمية بالوكالة، وأبرز معالمها دخول تل أبيب بقوة على الخط في ظل عدم رغبة الإدارة الأميركية التدخل المباشر في سوريا، أن أقصى ما ستقوم به واشنطن هو تسليح المعارضة. للان التكهن بأهداف هذه الهجمات أو طبيعتها سيكون خاطئا، ونرجح أن تكون الطائرات الإسرائيلية هاجمت المواقع السورية من خارج الأجواء السورية، أي أنه لم يتم اختبار قدرة الدفاعات الجوية السورية، ولكنها رسالة من القدرات الجوية الإسرائيلية والغربية التي تستطيع تدمير أي هدف دون الدخول في المجال الجوي السوري للان الغارات الإسرائيلية "ستنعكس سلبا" على المعارضة السورية من ناحيتين،
الأولى أن هذه الهجمات تظهر أن إسرائيل والمعارضة في معسكر واحد ضد النظام ولديهما نفس الهدف لإسقاطه. والناحية الأخرى أنها تُعطي النظام، الذي قال منذ بداية الثورة إنها مؤامرة خارجية تهدف لإسقاط سوريا الدولة والدور وتدمير نظام الممانعة،
إن الهدف التكتيكي منها ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، محددًا خمسة أهداف منها لخصها في ما يلي:
1_ضرب منظومة الصواريخ السورية بعيدة المدى، أرض أرض، والتي تغطي معظم الأهداف داخل إسرائيل، من شمالها إلى جنوبها، ظنًا أن تلك الصواريخ بعيدة المدى هي الأهم، في منظومة الصواريخ السورية.
2_إيجاد ممر آمن للوصول إلى الأراضي الإيرانية في حال قررتا كل من أميركا وإسرائيل ضرب المشروع النووي الإيراني.
3_ إعادة الاعتبار لهيبة نظرية الردع الإسرائيلية، والتي تلقّت ضربة إستراتيجية في حرب تموز (يوليو) من العام الماضي عندما فشلت تلك القوة في تحقيق أهدافها في ردع قوة حزب الله في جنوب لبنان، والبقاع، والضاحية الجنوبية.
4_ توجيه رسالة معنوية إلى الداخل الإسرائيلي، بتسريب معلومات عن عملية إبرار جوي بالمروحيات الإسرائيلية على أهداف عسكرية سورية عبر إقليم كردستان القريب من الحدود العراقية السورية، للقول إنه قد تم ترميم قوة الردع هذه بعد أن تآكلت، وثبت عجزها في تلك الحرب أمام قوة حزب الله.
5_ توجيه رسالة إلى دمشق بأن تسقط خيارها العسكري ضد إسرائيل، والكف عن تزويد حزب الله بالأسلحة الإيرانية.
احتاجت الدول العربية نحو أربعة أسابيع لتدرك بأنها قد تعرضت لخديعة جديدة من قبل المفاوض الإيراني المراوغ الذي دأب على إطلاق الوعود الكاذبة لكسب الوقت؛ ففي الوقت الذي استنفذت فيه الدبلوماسية الإقليمية جهدها؛ كانت الميليشيات الإيرانية العابرة للحدود قد أكملت عدتها لشن حركة عسكرية خاطفة تهدف إلى تأمين ممر جيو-سياسي يصل العراق بلبنان والساحل السوري عبر محافظات دمشق وحمص واللاذقية وبانياس، واستفادت إيران من عامل الوقت للزج بنحو 7 آلاف مقاتل من: "الباسيج" و"فيلق القدس" و"جيش المهدي" و"عصائب الحق" و"حزب الله" في أتون الأزمة ونشرهم في نحو 30 موقع سوري تمهيداً للاستيلاء على حمص والقصير، وشن حملة تطهير طائفي في اللاذقية وبانياس. تتفوق تل أبيب على سائر دول المنطقة في تطبيقات الأمن الوقائي، والاستفادة من المنظومات الاستخباراتية لتحقيق الأمن الداخلي؛ ففي الفترة التي كانت الدول العربية مشغولة في تفاصيل الدبلوماسية الهادئة؛ كان رئيس جهاز الموساد "تامير باردو" منهمكاً في وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لتبادل المعلومات الأمنية حول سوريا مع رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية التركية "حقان فيدان" في 22 أبريل 2013.
أن اتفاقية التعاون الأمني بين الدولتين تهدف إلى تسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدولتين لتقييم تطورات المشهد السوري، خاصة وأن الاستخبارات التركية تتفوق على الموساد في قدرتها على جمع المعلومات الأمنية عبر شبكة مخبرين ينتشرون في جميع المحافظات السورية، كما أنها تتمتع بعلاقات وطيدة مع مختلف قيادات المعارضة السياسية والعسكرية التي تنشط في أراضيها، لكن أنقرة لا تمتلك تقنيات الرصد الإلكتروني التي تستخدمها تل أبيب. وبالإضافة إلى اتفاق الطرفين على ضرورة احتواء الأزمة السورية ومنع امتدادها إلى بلادهم؛ تشترك كل من أنقرة وتل أبيب في مشاعر الامتعاض من ضعف المواقف الأمريكية إزاء المخاطر التي تهدد أمن المنطقة؛ وظهر ذلك الضعف جلياً في تناقض تصريحات المسئولين الأمريكيين بين تأكيد البنتاغون أن النظام السوري قد استخدم الأسلحة الكيميائية وتشكيك البيت الأبيض في صحة تلك الأنباء. ولا تزال الإدارة الأمريكية تتكلم ببرود عن "تقييم احتمالات" تجاوز النظام للخطوط الحمراء، وعن قيامها بدراسة تبعات ذلك ومراجعة سياستها تجاه دمشق، دون أن ينتج عن تلك التصريحات أي أثر ملموس على أرض الواقع. وقد أسفر التعاون الأمني التركي-الإسرائيلي عن تأكد المعلومات المتعلقة باستخدام النظام أسلحة كيميائية ضد المدنيين، وساد الشعور في المنطقة أن واشنطن -بترددها وضعف مواقفها- ترسل رسائل خاطئة إلى إيران، مضمونها أن الإدارة الأمريكية لا تعبأ كثيراً بتجاوز الخطوط الحمراء فيما يخص حيازة أسلحة الدمار الشامل واستخدامها، خاصة وأن مفهوم تخطي الخطوط الأمريكية الحمراء قد أصبح مثار السخرية والتهكم في المنطقة. وللتأكيد على جديتها في حماية أمنها؛ بادرت تل أبيب إلى استدعاء الآلاف من قوات الاحتياط، ونشرت فرقاً من القوات الخاصة وكتائب الدفاع الجوي، وتوغل بعض مقاتليها بعمق 5-7 كم في مناطق حدودية مع سوريا ولبنان،
أن الهدف من هذه الضربات هو تدمير القدرات الصاروخية السورية لمنع وصولها بيد أي من أطراف الصراع أو انتقالها عبر الحدود. وتشير المصادر إلى أن تل أبيب لا تتوقع أي رد فعل من دمشق على تلك الضربات إذ إن مقاتلات دمشق لا تجاري قدرات الدفاعات الجوية الإسرائيلية، كما أنها بحاجة ماسة إلى مخزونها من الصواريخ البالستية لاستخدامها في العمليات ضد الجيش الحر، وقد استنتج اليهود أن دمشق لن تتجرأ على فتح جبهة جديدة في ظل استنزاف قدراتها القتالية، ولن تغامر بتعريض مضاداتها الأرضية للتدمير في حال إطلاق صواريخ على إسرائيل. وعلى الرغم من رسائل التطمين التي أرسلتها تل أبيب إلى دمشق لاحتواء آثار عملية القصف وتطمين موسكو وبكين؛ إلا أن مصادر أمنية تؤكد أن سلاح الجو الإسرائيلي قد وضع مجموعة من صواريخ (Scud D) و(Fateh-110) ضمن أهدافه في الفترة القادمة. تأتي هذه التطورات بالتزامن مع نشر تقارير تؤكد قيام تل أبيب بمراجعة خططها الأمنية في ظل اضمحلال الجيوش العربية إبان مرحلة الربيع العربي، وتنامي مخاطر الجماعات العابرة للحدود التي يجب منعها من حيازة الأسلحة النوعية والعمل على تفكيك بنيتها التحتية. وبالتالي فإن هذه العمليات لا تأتي لترجيح كفة جهة ضد أخرى في المعارك القائمة، ولا تسهم في حسم الصراع بين الحكم والمعارضة، بل تهدف إلى الاستفادة من الظروف الانقسامية على المستوى الإقليمي بهدف تعزيز أمن تل أبيب، وتنسجم هذه الرؤية مع تسريبات حول اتفاق بعض القوى الدولية على إطالة أمد الأزمة بهدف استنزاف جميع أطراف النزاع. وفي ظل غياب الرؤية الإستراتيجية لدى المعارضة؛ وغياب التكامل والتنسيق فيما بينها؛ يعمل المحور الإيراني-الروسي على تعزيز سلطة دمشق وتأمين ممراته الأرضية عبر بغداد ودمشق وبيروت ووصلها بالبحر الأبيض المتوسط، في حين تعمل دول الجوار الإقليمي على تأمين حدودها ومنع انتشار الأزمة إليها عبر التخطيط لإنشاء مناطق عازلة تحمي أراضيها لكنها لا تحمي الشعب السوري.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.