وما إن خَرجتٌ من القاعة التى شهدت حفل زفافها حتى أسرَعت وارتمت فى أحضاني،وغاص وجهها فى صدرى ،وانهمرت الدموع من مقلتيها ؛حتى ابتل صدرى ،وقبلت طرحتها البيضاء ،وفاضت عينى بالدموع فإبتلت طرحتها وتاجها الذى فقد وميضه ..ثم تأبطت ذراع زوجها وتسمرت قدماي ،وانا أتابع خطواتها الوئيدة ..انظر إليها تارة ،وتارة أخرى إلى ماء النهر الذى فاض فى هذا اليوم وظللت على ذلك حتى غابت عنى وغابت معها أصوات الدفوف ،وانسحبتٌ وحيداً خارج المكان . ثم انتحيت جانبا حتى وصلت الرصيف الذى لا يفصله عن النهر إلا سور من الحديد ..وسرت قليلا حتى وصلت اول الكوبرى الذى سيحملنى إلى الضفة الأخرى من النهر ،وصعدتٌ درجاته حتى أعلاه وعند منتصفه ..شدنى سكون صفحة النهر كأنه فى نوم عميق ؛فوقفت أراقب هذا السكون ،وصوبت نظرى ناحية قدمى ؛فإذا بحجر صغير تلقفته أصابعى ثم قذفت به فى الماء ؛فتحركت مياهه الراكدة إلى موجات صغيرة متلاحقة ؛وإذا بصورتها تطفو على صفحته بفستان زفافها وبيدها باقة ورد والأخرى فى يد زوجها ،وابتسامة عذبة تعلو شفتيها وتاجها المرصع يرسل أشعته الملونة فى كل اتجاه ..ثم بدأت صورتها تتلاشى شيئا فشيئا حتى غابت وسكن النهر من جديد . ويتسلل ضوء الخيط الأول لميلاد فجر يوم جديد من نافذة الشباك ويداعب وجنتى ،وصوت العصافير يغرد خارجه وإ ذا بى استيقظ ؛فأدلف إلى حجرتها؛ فأجدها تغط فى نوم عميق؛ فتحادثنى نفسى ..هل ستعيش لترى هذا اليوم الذى حلمته؟!