فجّر النائب العام المصري جدلا كبيرا بعد إصدارة قرارا بإعطاء حق الضبطية القضائية للمواطنين للقبض على "المخربين". إنه مع انتشار حدة الاضطرابات وقطع الطرق والتعدي على المنشآت الخاصة والعامة، وجدت النيابة ضرورة توعية المواطنين إلى استخدام هذا الحق بعد أن وجدت أن الشرطة والمواطنين على حد سواء يخافون إلقاء القبض على "المخربين" خشية تعرضهم للمساءلة القانونية. أن قرار النائب العام استهدف تفعيل المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على أن "لكل من شاهد الجاني متلبسا بجناية أو جنحة يجوز قانونا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه"، وهى المادة المعنية بأجهزة الشرطة باعتبار إنها مسئولة عن القبض على الجناة ومرتكبي الجرائم في حالة التلبس، بينما منحها للمواطنين يؤدى إلى تصفية الحسابات، وسهولة اتهام البعض بجرائم غير صحيحة، نظرا لغياب طرق وآليات ضبط الجناة لدى المواطنين. قرار النائب العام وسط مطالب عدد من التيارات الإسلامية بتفعيل فكرة اللجان الشعبية من جديد ومنحها الضبطية القضائية في ظل إضراب أفراد الشرطة نتيجة مطالبهم بإقالة وزير الداخلية ووقف التعدي على المتظاهرين السلميين، وعدم استخدام الشرطة من جديد في وجه الشعب. خطوة في غاية الخطورة وقد يترتب عليها حرب أهلية في الشوارع، نظرا لمحاولة كل مجموعة القبض على مرتكبي الجرائم، وهو ما سيخلق أزمة من التيارات الإسلامية والثوار نتيجة المظاهرات المستمرة، وكذلك بين شباب الثوار وبين جماعة الأخوان بسبب سياسات الهيمنة والتمكين على مؤسسات الدولة، وبدلا من تمسك النيابة العامة باقتصار الضبطية القضائية للشرطة يتم منحها للجيش وقت الانتخابات، ثم للمواطنين وقت الغضب في الشوارع، وبدلا من معالجة الأزمة السياسية ونزع فتيل العنف في الشارع السياسي تقوم السلطة برفع مخاطر الأزمة من خلال هذا القرار الغريب. ونرفضها للأسباب الآتية . أولها أن المادة 37 التي اعتمد عليها النائب العام في بيانه تشترط لقيام المواطن بالقبض علي المتهم، أن يكون المتهم في «حالة تلبس» وأن تكون الجريمة المرتكبة «يجوز فيها قانونا الحبس الاحتياطي»، ومن أين للمواطن أن يقطع بوجود حالة التلبس التي يختلف في تقديرها رجال القانون وأحكام القضاء، ومن أين له أن يعرف عما إذا كانت الجريمة المرتكبة مما يجوز فيها الحبس الاحتياطي أم لا؟!والأخطر أن النائب العام – المعين من قبل رئيس الجمهورية بالمخالفة للقانون والمتهم بانتمائه أو انحيازه لجماعة الإخوان – يمهد بهذا القرار لتشكيل «لجان شعبية لحفظ الأمن»، وعلي الأصح «تمهيد رسمي لإحلال ميليشيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وجماعات مرتبطة بها محل جهاز الشرطة»، وإضفاء الصبغة القانونية علي اعتداء ميليشيات الإخوان علي المعتصمين السلميين أمام قصر الاتحادية احتجاجا علي الإعلان «غير» الدستوري في 5 ديسمبر 2012. أن هؤلاء المحتجون، أكدوا أنهم ليس في نيتهم المطالبة بدور سياسي، إنما إيجاد ظروف سياسية، تؤمن لهم البعد عن المطحنة السياسية، كما قال أحدهم، وبالإضافة لتوفير بيئة عمل مواتية لمواجهة التحديات الصعبة التي يواجهونها. إن غياب الأمن داخل أقسام الشرطة بالكارثة، مطالباً الرئيس باتخاذ القرارات السياسية الضرورية قبل فوات الأوان، منتقداً غيابه عن المشهد السياسي، منوهاً لرفض الجبهة جميع أعمال الانفلات الأمني داخل الشارع قائلاً: نرفض الاعتداء على أي من المنشآت العامة وأنه ليس من حق أحد التعقيب على حكم قضائي، ولآبد أن نثق بالقضاء لأن القضاة يفعلون ما يمليه عليهم ضميرهم دون تسييس. ويحمل القرار خطر تفجير حرب أهلي، فهو يصدر في ظل إخفاق سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني، ومع انتشار غير مسبوق للسلاح بين أيدي المواطنين، وتحول العنف إلي ظاهرة في الحياة السياسية والاجتماعية. ولم يكن غريبا أن يحظي بيان النائب العام الذي رفضته كل القوي الديمقراطية بترحيب جماعات الإسلامي السياسي التي تؤمن بالعنف وتعتمد علي ميليشيات مسلحة علنا أو سرا. وزير الأوقاف سبق قرار النائب العام بإرساله خطابا إلي جميع مديريات الأوقاف في المحافظات تحث خطباء المساجد علي دعوة الجماهير وجميع المصلين لتشكيل لجان شعبية تضامنا مع الجماعات الإسلامية المطالبة بتشكيل لجان بديلة عن جهاز الشرطة بعد إضراب الضباط وقوات الأمن. وهناك خشية أن يكون تراجع النائب العام تراجعا مؤقتا، مما يحمل الأحزاب والقوي الديمقراطية مسئولية اليقظة لمنع مثل هذا التطور الخطير تحت أي اسم كان. إن تصريحات المستشار تناقض نص المادة 37 مع نص المادة 34 من قالتالي:جراءات الجنائية والتي تنص على أن "لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه. وكذلك نص المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على أنه "لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذائه بدنيا ومعنويا".بالإضافة إلى أن المقصود بلفظ "التسليم" كما جاء بنص المادة 37 هو الإرشاد عن الجريمة وفاعلها بالصياح لا القبض المتعارف عليه قانونا بالاحتجاز وتقييد الحرية وهي السلطات التي لم يكتف المشرع بأن يخص بها جهة محددة وهي مأموري الضبط القضائي، ولكن اشترط أيضاً ألا يقوم مأمور الضبط القضائي باستخدام تلك السلطة إلا في حدود ضيقة وهي حالات التلبس كما جاءت بنص قانون الإجراءات الجنائية، وأن يكون استخدام تلك السلطة تحت رقابة النيابة العامة وجهات التحقيق. واعتبر تصريحات رئيس المكتب الفني للنائب العام جريمة تحريض بشكل مباشر على مخالفة قانون الإجراءات الجنائية فيما يعد خرقاً لحقوق المواطن والضمانات التي يوفرها له القانون، حتى ولو وضع في شبهة اتهام. فقد قام التيار الإسلامي بتنفيذ بيان النائب العام علي النحو التالي :- 1- الجماعة الإسلامية تشكل لجانًا شعبية بكفر الشيخ لحماية المنشآت أعلن خالد المارية أمين عام حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية بمحافظة كفر الشيخ أن الحزب قام بتكوين لجان شعبية من المتطوعين بالحزب وغيرهم لتأمين وحماية المقرات الحكومية الهامة بالمحافظة بدءًا من الديوان العام ومجالس المدن وغيرها وذلك حال انسحاب أو إضراب أفراد الشرطة بكفر الشيخ . 2-رسالة من الجماعة الإسلامية لأهالي القاهرة !! وجه عاصم عبد الماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية ، دعوة إلى أهالي القاهرة للتجمع في مساجد القاهرة غداً في صلاة المغرب ، لتشكيل لجان شعبية لحماية المنشآت والتصدي لأعمال البلطجة على أن يتوجه المواطنون بعد صلاة العشاء إلى المناطق المختلفة ليقوموا بدورهم في حماية المنشآت والتصدي لأعمال البلطجة . 3-إعلان الجماعة الإسلامية توليها الأمن بأسيوط .. أعلنت الجماعة الإسلامية لنوأعوانه:ع أي شخص يتسبب في عودة الفراغ الأمني شدد عاصم عبد الماجد ، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية على عدم التسامح مع أي شخص يتسبب في عودة الفراغ الأمني مرة أخرى على غرار أحداث 28 فبراير 2011 عندما انسحبت الأجهزة الأمنية ممثلة في الداخلية أثناء ثورة 25 يناير . 4- تهديد حازم أبو إسماعيل وأعوانه : أنه سيتصدى للدعوات المطالبة بعودة الجيش ، بكل حزم ، والتي قال فيها “إن التحالف سيتصدى للدعوات المطالبة بعودة الجيش بكل حزم وأن أي محاولات لإعادة حكم العسكر مرة أخرى ستُواجَه شعبيًّا ، وعلى المواطنين أن يلبوا النداء ويستعدوا للحشد في أي لحظة من أجل التصدي لتلك الدعوات" . 5- هذه أمثلة تالقضائية.طن المصري مع نكتة الضبطية القضائية بموجب الضبطية القضائية .. إخواني وسلفي يقبضان على عضوه بالتيار الشعبي ويسلمانها للشرطة بتهمة (مش محجبة وماشية تتمايع) قال شهود عيان إن منى سيد عبد الكريم ، عضوه التيار الشعبي ، تم القبض عليها وتسليمها إلى قسم أول شبرا الخيمة على يد شخصين أحدهما ملتحي بدعوى أن لهما حق الضبطية القضائية وأنها “غير محجبة وماشية تتمايع" . ولدى وصولها قسم الشرطة وجهت منى الاتهام بالتحرش للشخص الذي ألقى القبض عليها، وخرجت بالفعل من القسم. الخلاصة قانون الإجراءات الجنائية لا يسمح للمواطن “غير ذي صفة" الحق في القبض على الجاني إلا في حالة التلبس (مادة 37) وبشرط أن يكون التلبس الذي حددته (المادة 30) ، وبشرط أن يكون الضبط في جناية أو جنحة تستحق الحبس الإحتياطى (الغير معلومة للمواطن العادي) ، والمخالف لذلك يعاقب طبقاً (للمواد من 280 إلى 282) من قانون العقوبات وفى شأن التضارب بين التصريحات والتفسيرات .... تفضلوا ياشعب مصر بقراءة المواد التالية أولاً : مواد قانون العقوبات نص المادة 280 :- كل من قبض على أي شخص أو حبسه أو حاجزة بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوى الشبه يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه . نص المادة 281 :- يعاقب أيضا بالحبس مدة لا تزيد على سنتين كل شخص أعار محلا للحبس أو الحجز غير الجائزين مع عمله بذلك . نص المادة 282 :- إذا حصل القبض في الحالة المبينة بالمادة 280 من شخص تزيا بدون حق بزى مستخدمي الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو ابرز أمرا مزورا مدعيا صدوره من طرف الحكومة يعاقب بالسجن ، ويحكم في جميع الأحوال بالأشغال الشاقة المؤقتة على من قبض على شخص بدون وجه حق وهدده بالقتل أو عذبة بالتعذيب البدنية . باختصار ... مواد قانون العقوبات تعاقب أي مواطن أو مدعى صفة “الضبطية" بالسحن والغرامة ثانياً : قانون الإجراءات الجنائية المادة التي استند إليها بيان النائب العام نص المادة 37 : لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي، أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه. لكن ... ما هي حالة التلبس ؟ نص المادة 30 : تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة . وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها ، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها ، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك . ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم. وتعتبر النصوص الواردة في القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص . الخلاصة قانون الإجراءات الجنائية لا يسمح للمواطن "غير ذي صفة" الحق في القبض على الجاني إلا في حالة التلبس (مادة 37) وبشرط أن يكون التلبس الذي حددته (المادة 30) ، وبشرط أن يكون الضبط في جناية أو جنحة تستحق الحبس الإحتياطى (الغير معلومة للمواطن العادي) ، والمخالف لذلك يعاقب طبقاً (للمواد من 280 إلى 282) من قانون العقوبات . **كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية