مستشار شيخ الأزهر للوافدين: نُخرّج أطباء يحملون ضمير الأزهر قبل شهادة الطب    «المشاط» تُهدي لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ نسخة من كتابها    كجوك: طرح 3 استراتيجيات متوسطة المدى للدين والسياسات الضريبية والمالية العامة نهاية الشهر الجاري    البابا ليو الرابع عشر يتضامن مع غزة في يوم عيد الميلاد    4 ملفات رئيسية على طاولة لقاء ترامب ونتنياهو فى فلوريدا.. اعرف التفاصيل    أوكرانيا تعلن استهداف أكبر منشأة روسية لمعالجة الغاز في أورينبورج    بدعوة حكيمى.. مبابى يصل الرباط مع عائلته لمساندة المغرب أمام مالى    تصعيد الصراع العسكري والإنساني.. آخر تطورات الأوضاع في السودان    الامين العام يدعو إلى تغليب المصلحة العليا للشعب اليمني وتجنب التصعيد في حضرموت والمهرة في الجمهورية اليمنية    الزمالك يستأنف تدريباته غدًا استعدادًا للقاء بلدية المحلة في كأس مصر    مصر تحصد 20 ميدالية جديدة بالبطولة العربية لرفع الأثقال في قطر    ماس كهربائي يشعل النيران داخل محل ملابس بالخصوص.. والحماية المدنية تسيطر    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب سيارة جامبو بصحراوي البحيرة    دهس طفل تحت عجلات ميكروباص فوق كوبري الفيوم.. والسائق في قبضة الأمن    نهال عنبر تفجر مفاجأة عن طلاق نجلها لزوجته    زياد ظاظا وأمنية باهي: تجربة ميد تيرم حقيقية بسب تدقيق المخرجة مريم الباجوري    نقابة المهن التمثيلية تلاحق منتهكي خصوصية ريهام عبد الغفور.. وأشرف زكي: لا تهاون    مناسبة لأجواء الكريسماس، طريقة عمل كيك البرتقال بالخلاط بدون بيض    تراجع جماعي لمؤشرات البورصة بختام تعاملات اليوم الخميس    تعيين محمد حلمي البنا عضوًا بمجلس أمناء الشيخ زايد    ضياء رشوان: نتنياهو يريد تجنب الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة    هي تلبس غوايش وأنا ألبس الكلبش| انفعال محامي بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات    «مؤسسة محمد جلال الخيرية» تكرم أكثر من 200 حافظة وحافظ للقرآن الكريم    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    بعد عام من الانفصال.. طلاق شريف سلامة وداليا مصطفى    العائلة المصرية في برلين: مشاركة إيجابية للجالية المصرية في انتخابات «النواب»    خبير: صناعة التعهيد خلقت فرص عمل كبيرة للشباب وجذبت استثمارات أجنبية لمصر    كيف نُصلِح الخلافات الزوجية بين الصم والبكم؟.. أمين الفتوى يجيب    جمارك السلوم تحبط محاولة لتهريب كمية من البذور الزراعية الموقوف تصديرها    ختام مبهج ل «الأقصر للتحطيب»    خبير تشريعات: جولة الإعادة أكدت صعود المستقلين وبروز ملامح البرلمان الجديد    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    التفاصيل الكاملة لافتتاح المركز النموذجي بالغرفة التجارية بالقليوبية    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    البابا تواضروس يهنئ الكاثوليك بعيد الميلاد    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا «التضامن» و«العمل» يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتي الفيوم ووادي النطرون    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن :تهديد الحياة الاجتماعية لفقراء مصر
نشر في الزمان المصري يوم 15 - 11 - 2012

ترتبط ركائز العدالة الاجتماعية بتوفير الحد الأدنى من الحاجات لكل الناس. أما القطاعات فتخص الأساسيات، من حق في التشغيل والتعليم والصحة والسكن. وابتداء، فلا بد من تعيين الاعتداء المهول الذي لحق بتلك الاساسيات في الفترات الانفتاحية في مصر، عمداً أو بالإهمال والتجاهل، (ومؤداها واحد)، بمقابل توفير حاجات قلة من الناس، أو هندسة الامور لتمكين تلك القلة من توفير حاجاتها. وبعد ذلك، وفي ضوئه، يمكن تلمس المخططات المطلوبة وتعيين الادوات والوسائل والتقنيات الملائمة لها. أي نتفق على «عن ماذا» نتكلم، ثم بعد ذلك على «كيف» نتدبر الامر:
1 يتجاوز حجم البطالة في مصر ثمانية ملايين شاب وفتاة، وهو ما يعادل 25 في المئة من القوى العاملة فى المجتمع، البالغة 33 مليون إنسان. ويكفي أن نشير إلى 25 ألف مستشار ومتعاقد جرى تعيينهم من قبل الحزب الوطني ولجنة سياساته منذ عام 2000 حتى خلْع الرئيس حسني مبارك، كانوا يكلفون الموازنة العامة للدولة ما يربو على 8.7 مليارات جنيه، وهي القيمة نفسها تقريبا التي كانت تسمح بتعيين ما يعادل 725 ألف شاب وفتاة مقابل أجر شهري يصل إلى ألف جنيه، أو كان من الممكن منح إعانة بطالة قدرها ألف جنيه شهريا لمثل هذا العدد من المتعطلين مقابل تكليفهم بمهمات الخدمة المدنية. على أن معالجة أمر البطالة يعود الى مجمل بنية الاقتصاد المصري وأولوياته، بما فيها تلك العائدة الى مكانة الريف والعمل الزراعي. فلو حُلَّت مشكلة ثلاثة أرباع مليون عاطل، فماذا عن الملايين المتبقية، والمتزايدة عاماً بعد عام؟
2- فقد اختلفت التقديرات حول عدد الفقراء في مصر، ولكن حتى إذا نظرنا إلى أقل هذه التقديرات نجد أن عددهم يبلغ حوالي 15 مليون على أقل تقدير. يعانون شطب العيش في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف الحياة، وذلك باعتراف الأجهزة الحكومية نفسها. حيث أكد أحد تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال عام واحد بنسب تتراوح بين 6% و42% هذا في الوقت الذي لا توجد فيه زيادة موازية في الدخول. وبوجه عام فهناك 8% من سكان مصر لا يحصلون على خدمات صحية، 21% من السكان لا يحصلون على مياه نقية، و12% من المباني بلا كهرباء و15% بلا صرف صحي من أن نوع. وتشير دراسة للمركز الديموجرافي بالقاهرة على وجود 1034 منطقة عشوائية على مستوى الجمهورية، منها 953 منطقة مطلوب تطويرها و81 مطلوب إزالتها فورًا لاستحالة تطويرها. ويقدر عدد من يسكنون هذه العشوائيات بحوالي 12 مليون و600 ألف نسمة 43% من هذه المناطق العشوائية محرومة من الطرق الرئيسية، و48% محرومة من الصرف الصحي و50% محرومة من المياه النظيفة. ويمثل الإسكان العشوائي 50% من مجموع ما أنشئ من وحدات سكانية عام 80 ثم زادت إلى 80% من الوحدات السكانية التي تقام كل عام وتمثل الوحدات السكانية العشوائية 60% من الوحدات التي أقيمت خلال الثلاثين عامًا الأخيرة. وبينما يوجد في مصر نحو نصف مليون وحدة سكنية في غير البيوت والعمارات والفيلات (أي أكشاك وعشش وخيام وأشكال أخرى غير نظامية)، يوجد حوالي مليون شقة خالية وهو ما يمثل 10.6 من المباني في مصر. ولعل صحة الفقراء هي أول ما يتأثر بواقعهم الفقير، فعلى سبيل المثال 16.9% فقط، هي نسبة الأسر المصرية التي تحصل على غذاء متوازن يحتوى على كافة العناصر الغذائية اللازمة. وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما يجعلهم يعتمدون على الكاربوهيدرات، ففي الطبقات الفقيرة يحصل الفرد على 75% من السعرات الكلية على صورة نشويات. هذا الوضع المتردي أدى إلى معاناة أكثر من 50% من طلبة المدارس الابتدائية من أمراض سوء التغذية والأنيميا. وفي المناطق العشوائية يوجد 16 طبيب لكل 1000 نسمة، ولكل عشرة آلاف مواطن توجد 13 ممرضة فقط، ولكل عشرة آلاف نسمة يوجد 16 سرير في المستشفيات، وإذا وجدت غرفة للعناية المركزة تكون لكل عشرة آلاف فرد. أما بالنسبة للبطالة وهي أحد أهمة جوانب مشكلة الفقر، فنجد أن المعدل القومي للبطالة قد تصاعد من 2.2% في أوائل الستينات إلى 7.7% طبقًا لتعداد 1976، ثم إلى 10.7% حسب تعداد 1986، ثم ارتفع هذا الرقم ليصل طبقًا لبعض التقديرات إلى ما يجاوز ال 17.5%.الفقر ظاهرة عالمية عرفتها وتعرفها كل شعوب الأرض، وقد لا تخلو منها دولة من الدول، ولا مدينة من المدن. تنخر في خلايا المجتمعات فتساهم في خلق الكثير من الآفات: سوء التغذية، الأمراض، والجهل. وأصبح ممكنًا قياس هذه الظاهرة، وأصبحنا نضع تعاريف للفقر، والفقر المدقع، وخط الفقر، والفقر الأدنى، والفقر الأعلى، ومع هذا هل هناك مفهوم ومقياس واحد للفقر؟ ولخط الفقر؟ أي هل الفقر في السودان يُقاس بالمقاييس نفسها التي يقاس بها الفقر في إسرائيل أم في كندا؟ أو في الولايات المتحدة الأميركية؟ أو أن ذلك قد يختلف من دولة إلى دولة ثانية؟ ما هي العوامل التي تساهم في عملية الفقر في دول عربية؟ ما هي آثار الفقر؟ وما هي بعض الحلول المقترحة للخروج من هذا المأزق الكبير المتنامي؟بداية نود أن نشير إلى أن متوسط دخل الفرد في إسرائيل يوازي مجموع دخل الفرد في عشر دول عربية ويزيد (3280 دولاراً) ولكن هل هذا يعني أن كل الاسرائيليين أغنياء، ولا يوجد في إسرائيل فقراء؟! هل هذا يعني أن كل أفراد المجتمعات العربية في الدول العشر المذكورة آنفًا هم فقراء، وهل تفتقد هذه المجتمعات إلى مواطنين متوسطي الحال، أو مواطنين أغنياءلن نقف عند القضية التقنية، أي لن نبحث بمقاييس خط الفقر، والفقر الأعلى، وفجوة الفقر، أو عند قياس مستويات المعيشة، وتصنيف الأسر والسكان، ما يهمُّنا هو عرض بعض أوجه هذه الظاهرة وآثارها، أي علاقتها بالمرض، والجهل، والجوع. إن موضوع الفقر متشعب جداً، ذلك أنه حين تريد الكتابة في الفقر تجد نفسك ملزماً الكتابة في الاقتصاد وفي الاجتماع، في الناتج المحلي، في السكان، في البطالة، في العمالة، في الأمية، في الصحة، في الدَين العام، في الموازنة العامة، باختصار، لا يوجد ميدان إلا ونجد أنفسنا ملزمين خوض غماره إذا أردنا أن نوفِّيَ الموضوع حقه. في هذا البحث سنتناول نقاطًا محددة. ما هو مفهوم الفقر؟ ما حجمه في دول عربية ودول غربية؟ ماهي بعض أسبابه؟ ماهي بعض آثاره؟ وما هي بعض الحلول المقترحة؟
مفهوم الفقر
تعرّف المنظمات الدولية الفقر على "أنه الحالة الاقتصادية التي يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء والملبس والتعليم، وكل ما يعدُّ من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق للحياة". واتسع هذا المفهوم واصبح أكثر شمولاً خصوصاً بعد قمة كوبنهاغن العام 2006 التي شدَّدت على أهمية حصول الفرد على الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وتأمين بيئة سليمة، وفرص المشاركة الديمقراطية في اتخاذ القرارات في جوانب الحياة المدنية. كان المرء يعتبر فقيراً إذا كان دخله لا يستطيع أن يؤمن له الإنفاق الكافي لتأمين الحد الأدنى من حاجاته الغذائية، وأصبح الإنسان اليوم يُنعت بالفقير إذا كان غير قادر على تأمين مجموعة من الحاجات من بينها الغذاء الصحيح والسكن والملبس والطبابة والاستشفاء والصرف الصحي والمياه النقية للاستهلاك البشري، وتوفير المستلزمات التعليمية لأفراد الأسرة، وتسديد فواتير الماء والكهرباء، وتلبية الواجبات الاجتماعية. وبشكل عام، إن البلد الذي دخل الفرد فيه دون الدولارين يعتبر في حالة فقر كبير، ومن كان دخل الفرد فيه على حدود الدولار الواحد يكون ملامساً عتبة الفقر المدقع. اعتبر البنك الدولي أن الدول التي يقل معدل دخل الفرد السنوي فيها عن 600 دولار أميركي، دولاً فقيرة، ثم خفض هذه القيمة إلى 400 دولار أو ما يوازيها من العملات الأخرى العام 1992. وثمة دول أخرى، دخل الفرد فيها أقل بكثير من 300 دولار أميركي سنوياً،
** كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.