ربما مخيبا للآمال قولى .. وداميا للقلوب ذلك الاحساس النابع من ترجمة هذا العنوان , اذ ياتى ليحمل بين طياته مايوافق المثل الشعبى المصرى الشائع (كأنك يابو زيد ماغازيت ) فكأنه ما أعد العدة والعتاد , ولا ذهب الى ميادين الموت بفلذة الاكباد ,ودق فيها الاوتاد وشيد المتاريس , ورفع فوقها ألوية الرفض لقهر دام سنوات وسنوات , وكتب عليها شعاره المصنوع من ايمان راسخ مفاداه .. ان لا رحيل الا برحيل الظلم وصناع الفساد.. وفى سبيل ذلك ولاجله كانت الاثمان باهظة, لتأتى الصورة بعد ذلك فى شكل جديد , تأتى وقد تغيرت مفرداتها , لتصبح فى داخل اطار مزركش من زمن الحلم , متساوية باتساق الفكر , معطرة برائحة الدماء الطاهرة الذكية ,غير ان من قبع بتلك الصورة سكان غير اصليين , فقد سكن فيها( الدجالون الجدد ) باعة الوهم ..ومتاجروا الموت ..وسارقى الاحلام جاءوا لينقضوا على الحلم وليأخذوه رويدا رويدا , بعيدا بعيدا.. فنلهث وراءه لنجد فى اخر الطريق جدارا عازلا, نقش عليه بخط سلطوى ممقوت اعرج ( وكانك يابو زيد.......الخ). وبقليل من التامل لحظات قليلة مع اعمال مذهب القياس عقلا بنظرة بعيدة على واقعنا العربى , وما ال الية حال الربيع العربى .. هذا الربيع الذى تحول الى شتاء اهوج فاطاحت انواءه العاصفة بكل امل تحقق, وجمدت برودته الشديدة كل حلم وليد_فالحال فى تونس ومصر وليبا وسوريا واليمن وغيرها من اقطارنا العربية الحالمة بجديه فى تغيير حقيقى ,وعدل له مرجعية, وحرية غير ممنوحة– لا يمكن ان يقول عاقل انه نذير خير , ولا يمكن القول ايضا مع ما حدث ويحدث انه ثمة ثورة قد حدثت على الارض, هذا ما ينطبق على تونس ومن بعدها مصر وليبيا .. ولتكن البداية بتونس التى حملت مشعل الصمود وانارت بنضالها جنبات هذا المربع العربى الغالى فمنذ 17 ديسمبر يوم( البوعزيزى ) الذى خرج محتجا على الواقع الاليم من بطش اجتماعى وظلم معيشى وتدهور هنا وهناك .. فلا حريات تذكر ولا نمو يظهر, سواد تام عم المشهد التونسى .. فخرجت الالاف من هنا وهناك رافضة الظلم ثائرة على الاوضاع حتى تحقق المأرب ونجحت الثورة ورحل بن على وزبا نيتة دون رجعة .. والسؤال هل ...؟ اتت الثورة ثمارها ؟ , هل حدث التغيير الجذرى فى المجتمع فى كافة مناحيه كما يقول علم الثوارات .. اذ الثورة فى معناها تغيير مفاجئ سريع بعيد الاثر في الكيان الاجتماعي لتحطيم استمرار الاحوال القائمة في المجتمع وذلك بأعادة تنظيم وبناء النظام الاجتماعي بناءا جذرياوبتطبيق ذلك على واقعنا العربى فما هو واقع الثورة التونسية لم تصل بعد أهدافها، نعم تمكنت من إسقاط زين العابدين بن علي، وتمكن الشعب التونسي من التعبير عن نفسه ، ، ولكن مهمات أساسية من مهمات الثورة لم تنجز بعد.... فالحريات حتى الان لم يرسم لها شكلا مميزا في الدستور والقوانين، كما أن الديمقراطية كذلك لم تتحول إلى واقع من خلال الدستور والمؤسسات، والأهم من كل ذلك هو أن القاعدة الاقتصادية للدكتاتورية لم تمس حتى الآن، والشعب التونسي لم يحقق طموحاته الاقتصادية والاجتماعية التى خرج من اجلها ، بل على العكس تماما ، فقد ساءت الحالة الاجتماعية للشعب من خلال تفاقم معدل البطالة ليقفز الى ما يزيد عن 19% اضافة الى الى تراجع القدرة الشرائية بشكل ملحوظ ومن ناحية أخرى، فما زال شكل السياسة الخارجية ثابتا، فالحكومات المتعاقبة منذ سقوط بن علي لم تغير السياسة الخارجية، بل مضت في السياسة ذاتها القائمة على التبعية للدول الرأسمالية الغربية، وبعبارة أخرى، فإن الثورة لم تؤت اكلها فالأوضاع لم تتغير، حتى بعد انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، فالبرامج الاقتصادية والاجتماعية للائتلاف الثلاثي بزعامة حركة النهضة لا يختلف في الجوهر عن السياسة الاقتصادية التي كان يرسمها بن على , اذا هل كل ذلك يوحى لعاقل انها ثورة اريقت من اجلها الدماء ؟.!! ومن الثورة التونسية الملهمة الى الثورة المصرية المستقبلة ثورة الغضب التى انطلقت فى الخامس والعشرين من يناير الماضى فى كل ميادين مصر وضربت بسلميتها وتضحياتها مثلا ابهر العالم واشاد به الجميع , خرج الشعب المصرى بما يحمله من الم ومعاناة ليطالب بعدالة اجتماعية لم يعرف اليها سبيل ,وكرامة طال الشوق اليها ولم يلقى على الجانب الاخر الا مزيدا من الاستهزاء والمهانة فكان القرار بضرورة التغيير ورحيل النظام الذى جثى فوق الانفاس ثلاثة عقود من الزمان لهم الاسوأ فى تاريخ مصر الحديث .. وعلى دماء الشهداء سقط النظام .. ليتنسم الشعب عبق الحرية وليدخل الى عهد جديد يرسم فيه مستقبله حاصدا ما انجزه من نصر عظيم لكن الامر بات مختلفا ومن نفق الى نفق دفع هذا الشعب بقوة خفية لها مفعول السحر لتظل البلاد فى قلاقل ما بين فتنة طائفية واحداث سلب ونهب وقتل على مستوى كبير وافتعال ازمات تصرفت ازاءها الحكومات المتعاقبة المؤقتة بشكل اودى بالاقتصاد الى الهاوية حتى وصف المراقبون ما يحدث بانها (منهجية فى تدمير الاقتصاد )هذا بالاضافة الى تقلص حجم الاستثمار لانعدام الميزان الامنى فى البلاد وانتشار البلطجة فى بلاهة من اولى الامر الذين عشقوا دور المتفرج الابلة ,وفى نهاية المطاف وجد الثائر المصرى نفسه صفر اليدين فلا حصل من ثورته الا على اسمها اذا هل كل ذلك يوحى لعاقل انها ثورة اريقت من اجلها الدماء ؟!! وفى الوقت التى كانت فيه مصر فى مواجة مع الظلم كانت موجات من المظاهرات تجتاح ليبيا انطلاقا من بنغازى اعتراضا على اعتقال فتحي تربل: المحامى الليبى الذى تولى تولى قضية الدفاع عن الأهالي فى المجزرة الشهيرة فى سجن بو سليم الذى ارتكبها نظام القذافى عام 1996خرجت الشرطة لتقاوم المحتجين لتقابلهم طلقات الرصاص الحى دون هوادة او رحمة وبعد مواجهات عنيفه استمرت نحو سبعة اشهر لينتهى الامر بمقتل القذافى وليجد الشعب الليبى نفسه فى نهاية المطاف تحت حماية غربية طامعة فى خيره وارضه فاصلا اياه عن محيطه العربى زارعا سمومه فيه لتجد الثورة الليبيه نفسها من بعد احتلال القذافى فى احتلال جديد .. فهل هذه هى الثورة التى راح من اجلها ما يقارب عن الخمسة الاف شهيد .. وليست اليمن بافضل حال من غيرها بعد القتل والسفك والدمار وتحت رعاية عربية وبايعاز من دول لا تريد لهذا الوطن الخير يخرج على عبدالله صالح وكأن شئيا لم يكن.. يخرج باتفاق يكفل له كامل الحقوق ليس فحسب بل ويضمن له الا يلاحق على اى مستوى قضائى ولم يجن الشعب اليمنى من ذلك كله الا سفك الدماء تاركا وراءه بلد مشرزم منقسم على نفسه .. ومروراسريعا على البحرين وماحدث فيها والذى تم اخماده بالاستعانة بدول الجوار الى ما تم فى السعوديه من حركات للتمرد ومحاولة الخروج عولجت بالقهرة تارة وبالعطاء والمن تارة اخرى .. هذا بالاضافة الى ارهاصات الاحتجاجات فى الاردن والمغرب والجزائر وغيرها مما كانت فى مطلع العام المنصرم الجميع خرج رافضا للقهر والظلم طالبا العدالة والادامية وما تحقق على ارض الوقع لا يساوى ثمن دماء الشهداء واخيرا ذلك المشهد الدامى هناك فى قلب القومية العربيه فى سوريا حيث القتل والسفك دون حساب او رادع او وازع وما ذلك الا طلبا للحرية والعدالة .. تلك هى نتائج الربيع العربى .. ترى و كل هذة النتائج على الارض فهل يجوز لنا ان نقول عنها انها ثمار الربيع التى يستحقها هذا الشعب العربى الابى العظيم .. اعتقد حتما ان وقائع الامورتقررحقيقة مهمة وهى ان.. ربيعنا العربى يحتاج الى ربيع .