لم يكن موضوعنا خبراً أو تحقيقاً ولكنها تجربة مريرة .. اكدت لنا الشواهد والاستنتاجات بأن الفساد يمتد ويتوغل بيننا ويؤثر على المواطن الغلبان الذى لاحول له ولا قوه .. عندما أردت اكتشاف فساد القائمين على السلع التموينية .. واختفاء السكر بهذه الطريقة الغريبة وارتفاع الإسعار .. رأيت أن أتوغل في التجربة ولا أنتظر خبراً أو معلومة ربما كانت مغلوطة وليست من مصدر موثوق فيه .. ولأن الصحافة مهنة الشرف والمصداقية .. فكان جهدى كبير فى أن أصل للعمل لدى أحدى بقالى التموين . حتى أكتشف الخبايا والاسرار .. وأرى ردا على التساؤلات الكثيرة ؟ وحتى أكتشف الجاني الحقيقي .. هل هى الدولة او المواطن او التاجر .؟! او انه حدث فردى كما دائما يقاللنا عند الكوارث . ومن هنا بدأت العمل لدى أحدى بقالى التموين وهذا لم يكن سهلاً ولكنه حدث بالفعل .. كنت فيها أقوم بدور الفاعل والبائع وكل شيئ، تحملت الصعاب فى غير مقدرتى، وتحملت فوق سنى من عناء المجهود لهذا التاجر الجشع لمدة ثمانى أيام متواصلة، من التاسعة صباحا وحتى التاسعة مساء .. كنت افعل كل شيء حتى أصل الى الحقيقة .. بمقابل زهيد ومن الدقائق الأولى للعمل .. فضلاً عن جشع وحقد التاجر على البشر لاقصى درجة .. حتى وانه يسب المواطن بعد الشراء منه .. برغم أنه يبيع اغلب اكياس السكر مفكوكة ووزنه اقل من المقرر فلا يبالى وكأنه بينة وبين المواطن ضغينة ما .. ولم يكن ذلك هدفيفشخصيته وإتجاهه وإسلوبة يخصة فقط ولا عتاب عليه .. ولكن عندما يكون الهدف هو طحن المواطن بكل الطرق.. طالما أنه لا يوجد رقيب . نقف هنا ونتأمل كان يقوم هذا البقال بأخذ بطاقات التموين من المواطنين بحجة إنها تحتاج الى تنشيط ويقوم بضربها وأخذ التموين كما كان يجمع البطاقات التموينية لأضافه المواليد وحذف الوفيات وأى مشاكل أخرى . وكأنه فاعل خير وللأسف فى الأصل يعالج المشكلة مع اخر فى مكتب التموين سريعا ويقوم بضرب البطاقات وأخذ مابها من سلع تموينيةوتعطيلها لشهر او اكثر .. وعند السؤال يكون الرد مازالت في المكتب وهى فى ادراجه . وبعد فترة يردها .. ولأن اغلب مايتردد علي بقالى التموين سيدات والكثير منهم اميين فلا يبالون واعطوا له الثقة .. ومايجعلهم يفعلون ذلك سؤ المعاملة بمكاتب التموين التى تفتح بعد التاسعة والنصف صباحا وليس بها الا موظف واحد .. وهذا ما شاهدته بنفسى مما يجعل المواطن يلجأ لبقال التموين الفاسد المشترك مع موظف فاسد فى مكتب التموين وتبدأ الحكاية فى إنهاء البطاقات سريعا لبقالى التموين .. وترك طابور المواطنين .. وهذا لأن الفائدة تعم عليهم من البقال عوضا على ان البقال يأخذ مقابل حل المشكلة اى ان مكسبه اضعاف .. سرقة التموين بالبطاقة وأخذ مالا من اصحابة .. فى حال أن ذلك ليس من مهام بقالى التموين ولكنه يبرر ان ذلك تطوعاً متسترا وراء سرقة المواطن بمساعدة موظفين مكتب التموين _ ولأنى لا اريد الحكم على عامل فردى واحد استطلعت الأمر من البقال شخصياً . فكان رده أن كل البقالين يفعلون ذلك . _ وعن رسوم البطاقة يختلف المبلغ من مواطن لأخر ومن بقال لأخر .. فالقيمة المالية يفرضها البقال سداح مداح بنفسة .. وعندما يكتشف احد المواطنين تلاعبه فى الحساب يكون الرد ان الرسوم اربعة جنيهات .. او ثلاثة او خمسة حيث يخطر فى ذهنه .. _ ذلك ليس شيئاً فالأخطر من ذلك هو المحسوبية والرشوة التى تأتى من خلالهم الحصص التموينية . السكر والزيت والارز ليس هناك تقدير للحصص .. 3 ولان قرار الوزارة الغاشم بان من حق اى مواطن الصرف من اى بقال فى دائرتة جعل البقال يستقطب المواطن بطريقته كى يستحوذ على اكبر قدر من المال ؟.. يعطيه كيس سكر زيادة كيس ارز .. زجاجة زيت .يقنعه بانه قام بخدمة له وان بطاقته معطلة وقام بإصلاحها .. اى شيئ يجعل عددا كبيرا يتجه الى بقال واحد .. ويصبح الموضوع شخصى ..ومن يسير بضمير وعلى خطى لايقف امامه أحد الا القليل _ ونأتى ألى الأخطر .. مفتشى التموين الثلاثة اللذين حصلوا على مائة جنية من البقال وغادروا المكان فى ثوان وكان الاصح ان يجردوا المحل ويتأكدوا من الحصة والفواتير وتواريخ الصلاحية التى اقتربت على الانتهاء .. ولكن المائة جنية افضل بكثيراً لهم ؟ _ ونأتى ألى اهم الأمور فسادا وهو تضليل المواطنين بأن زيت التموين سيئ جدا ويأتى بالامراض وان الوزارة لديها زيت اخر بسعر الى .. وهو فى الاصل زيت لشركة خاصة وغير تابعة للتموين.. ومن هنا يبدأ التاجر فى بيع السلع التى تخصة بسعر اعلى ويستفيد ايضا بباقى سلع التموين التى يتركها المواطن بحجة انها سيئة .. ويبيعها هو للاخرين بسعر اعلى ويقدم منها رشوة للغير حتى يقومون بتسهيل مصالحة الشخصية .. ونقف ونتعرقل فى مطب اخر .. فرق نقاط العيش .. كان يجمع البطاقات ويسجل فرق نقاط العيش لدى صاحب احد الافران الذى يكسب من وراء تسجيل البطاقات بدون اخذ خبز ومن هنا يكون هناك وفر فى حصيلة الدقيق لبيعها فى السوق السوداء بسعر اعلى بكثير _ ونصطدم بأحد رجال الضرائب فى احد ايام الاسبوع الشاق ليدخل المحل بدون اى أذن والتاجر يفسح له الطريق حتى يحمل باكته سكر بها عشرين كيس ووضعها بسيارة الحكومة التى اعطوها له لممارسه عمله وليس لمصالحة الشخصية .. 4 _ ولأننا لانريد ظلم أحدا ونتوخى الحذر فكان لابد البحث فى الجوار عن ايجابيات .. فلم ارى اى ايجابية واحدة ورايت ان كل بقالى التموين اصحاب التاجر يفعلون ذلك وهذا ظاهر من حديثهم لبعض او تعاملهم فطالما ان التفتيش والضرائب متعاونين فى ذلك الفساد فيكون الأمر سهلاً على التاجر أن يستغل ويسرق ويكذب ويضلل .. حتى تكتمل منظومة الفساد والقضاء على المواطن _ أن صرف العيش ببطاقة التموين تسبب فى فجوة كبيرة وساعد التجار على الجشع لأن نسبة 90% يسجل البطاقة مرة واحدة فى الافران ولا يأخذ عيش .. مما يترتب عليها وجود حصص كبيرة من الدقيق سهلا بيعها سراً .. وكان يجب أن يكون صرف العيش الزامى لأخذ التموين وليس له دخل بالسلع التموينية أو استبدالها .. _ ومن هنا قد اكتفيت مما رايته من عناء الفساد طيله الاسبوع ورايت أن عقلى لايستحمل كل هذا الفساد والجشع والطمع وطحن المواطن .. _ وعلينا ان نجتهد كمواطنين فى الابلاغ عن اى فاسد ومساعدة المسئولين فى التصدى لهؤلاء سواء كنت مواطن عادى او صحفيا او اعلاميا فهذا واجبنا نحو وطننا .. _ وفى النهاية نهدى ذلك لوزير التموين ونترك له العنان، حتى يصرح لنا بشيئ .. هل هو بعيد كل البعد عما يحدث، او ان ذلك بعيدا عن اختصاصاتهومسئوليته كوزير تموين ..او انه لايعلم .. وان كان لايعلم .. وقد تم العلم .. فماذا سيفعل بعد علمه! _ بأن المطحنة موجودة في الوزارة لحطن المواطن المصري ؟