قبعة شهيرة صاحبته أثناء حملاته فاصبحت رمزا مميزا له ..انه القائد العسكري الشهير نابليون بونابرت الذي وضع الكثير من أسس القوانين و التشريعات التي يعتمد عليها العالم حتى يومنا هذا لكن يبدو أن هذه القوانين لم تستطع أن تحمي شبيهة هذا القائد العظيم في عالم البحار سمكة "نابليون" (Humphead wrasse ) أو كما تعرف في دول الخليج ب(التورباني) والتي تتميز ببروز فوق راسها يشبه قبعة نابليون بونابرت الشهيرة وهو سر تسميتها. سمكة نابليون التى تعيش وسط الشعاب المرجانية في البحر الأحمر والمحيطين الهندي و الهادي من الكائنات البحرية المعرضة للانقراض رغم أنها تفوقت علي الامبراطور الفرنسي الأشهر في ضخامة الحجم فوزنها يصل الى 180 كيلو جرام تقريبا وهى من الاسماك المعمره حيث يمتد عمرها ل 50 سنة تقريبا. وتتغذى سمكة نابليون علي الرخويات والقشريات التي تحويها الشعاب المرجانية كما انها تتغذى على قنافذ البحر بعد خوض معارك عنيفة ضدها حيث تقوم الاسماك بضرب قنافذ البحر في الصخور لتتمكن من اكلها . وكما يضع القادة الخطط لمواجهة المشاكل والعمل على حلها فإن سمكة نابليون لديها أستراجيتها الخاصة في مواجهة مشكلة العنوسة حيث تتحول الأنثى جنسيا إلى ذكر في حالة أفتقار المجموعة للذكور ، ويظل هذا التحول الجنسي للسمكة سرا غامضا على العلماء حتى الآن .
وكما تعددت أزياء بونابرت التي يرتديها في المواقع والحفلات الرسمية فإن سمكه نابليون هي الأخرى لها ألوانها الخاصة التى تميزها وسط المحيطات حيث يظهر الذكر منها بلونه الأخضر والأزرق بينما تتألق الأنثى بالبرتقالي وتكون اصغر حجما من الذكر . ويتميز لحم سمكة نابليون بمذاقه الشهى وأرتفاع سعره فى الاسواق ويتم صيد الأسماك الصغيره منها ذات الحجم التجاري وهذا ما يعرضها لمشكلة الصيد الجائروخاصة في الفلبين واندونسيا و ماليزيا حيث يمثل صيد اسماك نابليون وتصديرها مصدر دخل كبير لهذه البلدان وهوما ادي الى انخفاض اعداد أسماك نابليون بشكل كارثي في تلك المناطق خاصة أن معدل نموها بطيئ حيث تصل للنضج الجنسي في عمر ست سنوات كما ساهمت طرق الصيد غير الشرعية فى انخفاض كبير في اعداد هذه الاسماك ويعد نقص الشعاب المرجانية الذي تواجهه المحيطات الان خطرا يهدد مسكن صغارها ويجعلها عرضه للافتراس ومن ثم الانقراض . وإذا نظرت الى سمكة نابليون وهي تسبح في المياه بتأنى وحكمة ستشعرك حتما بعظمة وكبرياء القائد نابليون بونابرت الذي دخل كتب التاريخ من باب الانتصارات العسكرية الكبرى غير أن شبيهته السمكة لم تدخل التاريخ مثله بل دخلت القائمة الحمراء للكائنات التي توشك على الانقراض بناءا علي احصائيات الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها الذي لايزال يعمل بجد في محاوله لانقاذها من خطر الأنقراض ولذلك أصبح من الضروري تفعيل وتشديد التشريعات والقوانين الدولية و الاقليمية للحد من صيدها .
ومن المفارقات أن قيمة الغرامات المالية التي تفرضها السلطات في كثير من الدول على صيد وتداول أسماك نابليون لا تقارن على الاطلاق بقيمة قبعة واحدة لنابليون بونابرت بيعت منذ عامين في مزاد علني بما يقرب من 2.5 مليون دولار وهو مبلغ قد يعني الكثير لجهود حماية هذه السمكة من الانقراض . ومما لاشك فيه أنه أصبح من الضروري زيادة نشر الوعي لدى المستهلكين والسائحين لانقاذ أسماك نابليون لتظل بكبريائها حاضرة تجوب البحار والمحيطات بأمان يضمن لها مصير أفضل من بونابرت الذي مات معزولا في منفاه بجزيرة سانت هيلانه عام 1821م.
المهندسة/ولاء سمرة. باحثة مختصة في مجال البيئة و الثروة السمكية.