بكل سخرية ٍ و ألم كان يضحك وبشدة .... حين أساله " لماذا فقأت عيون مصابيحك ؟!! " رغم أنك شارع ٌ بعيد ٌ عن المدينة وحيدٌ تماماً عن أنوارها .. فيضرب بقوة علي صدر شبابيكه القديمة ويقول : لأثبت لك يا وحيداً أن الظلام فى حواري جسدي أصدق ُ .. أوسعُ بكثير ٍ من نور مدينتك الأعمي .. انظر لأرصفة المدينة كيف صارت مسارحاً للراقصين عراة .. يمثلون ادواراً ِ ناسيين ملابسهم خلف ديكور أرواحهم المزيفة ليزدادوا عُرياً كلما اتقنوا ادوارهم ويزدادوا كذباً أمام دهشة جمهور ٍ عريض من الكراسي الفارغة ... * أجلس هنا وراء المدينة .... كنبيّ رسلي للشوارع المفتونة بالنور الأعمي ، تراهم نائمين تحت الأعمدة الطويلة بلا أيّ دور فى منتصف المسرح ، لكن لا يمثلون بين مصابيح ٍ لأعمدتكم للسيارات ِ ، في البيوت ِ أو للهواتف المحمولة فى ايديكم ولا تضئ لكم روحاً واحدة ... فأنت تدهشك الأسئلة ُ كلما أتقنوا ادوارهم مَن حولك اخفاء ً للحقيقة ، منذ البداية كنت تسعة أشهر ٍ صغيرة ٍمن الوحدة والظلام وبدأت البكا يوم ولدت يوم اغتصب النورُ البارد ُ عذرية عينيك فصرخت من ألم الوحدة الكبري الذي دخل بين تفاصيل روحك من فتحاتٍ كبري لعيون مَن حولك فلم يروك !! اخترت دور الاختفاء بين عروق المدينة الجافة تفصل لك قلباً من خطوط المشاه البيضاء فى الشوارع تتشبث به فى خطواتك الجريحةِ من رصيف ٍ .... لآخر تجمع حلم الأحبة والخلان ِ من دمعات ٍ مستعملة من قبل وضحكات ٍ بأسنان ٍ مزوّرة وأرواح ٍ بالية ٍ جداً كموضة المدينة ولم يمنعك كل هذا من أن تفقد خمسين قرشاً كل يوم ٍ فى كواليسك المندهشة ... امام طفلة تبيع الورد والمناديل ، وتسألك عن وردة ٍ فى لون ٍ أسود لونُ جلد شبابيكي الوحيد هي لا تفهم معني البنفسج والأحمر لكن وردة ٌ سوداء قد تفسر حلماً يراود منام النور فى مدينتك لا تقدر على تفسيره الأعمدة الطويلة ويسبب صداعاً للأسفلت والارصفة " عن وردة ٍ ذابلة أو علبة مناديل تساوي خمسين قرشاً وطفولة بنتٍ فى المدينة كلها ... لا تساوي شيئاً " * أنت وحيدٌ حتي فى اتقانك لدور الدهشة علي الأرصفة ... والغريبُ لا يصفق لك صمتُ الكراسى الفارغة ، ولو لمرة ... ستندهش أكثر حين تري عجوزاً في بلكونة ناصيتي تفصل عمرها شالاً لوحدتي بحرفةٍ وصبر خشية برد النور الآتي من المدينة ، أنها وقبل النهاية ستشبه حبيبتك كثيراً التي فى مشهد المقهي البعيد الوحيد قاسمتك منضدة العمر .... والحساب بعدما اكتشفت أن ثمن مشروباتكما من الحب مبلغ ٌ من الوحدة لا تعادله روحك فهمست لجرسون الوجع ألا يخبرك باختفائها فجأة .. عائدة ً لجسدي تصفق دموعها لك وهي فى الطريق بشدة كلما أتقنت دورَ الدهشة أنت والكرسى الفارغ ، كشريكن للأبد !! ستكون دهشتك الكبري ... اخيراً حين تكشف لك ستائر النهاية انك بطول رصيف عمرك .. كنت تتقاسم منذ البداية البطولة مع مجرد كرسي فارغ امام جمهور عريض ايضاً من الكراسي الفارغة وأنت الوحيدُ تماماً بين الأرصفة تحت مصابيح ٍ عمياء ، لم تُريك عُريك يوماً ولم تراك !! لكنني ومنذ لحظة الولادة همست اليك برفق ٍ ببعض ٍ من تراتيل وحدتي وظلامي ففتحت عينيك عن آخرهما وصرت تبكي ، وتبكي ، وتصرخ ... اليهم لم تصدقني ... فأنت وحيد ٌ منذ البداية أو فقل لي اذن : لماذا كنت تبكي وتبكي وتصرخ وهم من حولك .... يضحكون !!! ويضحكون !!! ويضحكون !!!