جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    "موديز" تخفض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يعتبره "قرارا سياسيا"    بعد ارتفاعه.. سعر الذهب اليوم السبت 17-5-2025 وعيار 21 الآن (آخر تحديث رسمي)    وزير الري يتابع حالة مجرى نهر النيل وفرعيه وإزالة التعديات    الزراعة: هناك متابعة مستمرة لجميع مزارع الدواجن ولم يتم تسجيل حالات نفوق والتحصينات متوفرة    ترامب يخطط لنقل مليون فلسطيني ل ليبيا| ماذا سيحدث في الأيام المقبلة؟    ترامب: اتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان منع اندلاع حرب نووية    وزير الخارجية الإيراني: المواقف الأمريكية والتصريحات المتناقضة تعقد مسار المحادثات    موعد مباراة الأهلي والبنك الأهلي والقنوات الناقلة في الدوري المصري    مواعيد مباريات اليوم السبت 17 مايو 2025 والقنوات الناقلة    إقالة بابافاسيليو من تدريب غزل المحلة    القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي والزمالك اليوم في دوري سوبر السلة.. والموعد    اليوم .. طقس شديد الحرارة والعظمى بالقاهرة 40    أخبار الحوادث| سيارة ملاكي تقتحم محل ملابس في الدقي وحريق مصنع ب 6 أكتوبر    مصرع شخص وإصابة 16 فى انقلاب سيارة على طريق وصلة أبو سلطان بالإسماعيلية    «الخارجية»: مصر تتابع بقلق بالغ التطورات في ليبيا وتدعو المصريين المتواجدين إلى توخي الحذر    مصرع شاب غرقا أثناء إنقاذ شقيقه بترعة المحمودية في البحيرة    نشرة مرور "الفجر".. انتظام بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    منال سلامة في عيد ميلاد الزعيم: مهما نتحدث عن عادل إمام لن نوفيه حقه.. فيديو    متحدث "الحكومة العراقية": القمم العربية أصبحت منصة لتقريب وجهات النظر    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي بمرسى مطروح    ترامب يواصل هجومه على تايلور سويفت: "لم تعد مثيرة منذ أن قلت إني أكرهها"    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    نجاح عملية نادرة لطفل عمره 3 سنوات ب"طب الأزهر" فى دمياط.. التفاصيل    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما ب"خلية التجمع"    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    اللقب مصرى.. مصطفى عسل يتأهل لمواجهة على فرج فى نهائي بطولة العالم للاسكواش    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 17 مايو 2025    اليوم، انقطاع مياه الشرب عن مدينة الفيوم بالكامل لمدة 6 ساعات    محام: أحكام الشريعة الإسلامية تسري على المسيحيين في هذه الحالة    مستقبل وطن المنيا يُطلق مبادرة "طلاب فائقين من أجل مصر".. صور    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    اليوم.. نظر استئناف سيدة وعشيقها في اتهامهما بقتل زوجها بالبدرشين    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    بقصة شعر جديدة، كاظم الساهر يحيي اليوم حفل دبي والإعلان عن عرض ثان بعد نفاد التذاكر    وزير التعليم العالى يستقبل الجراح العالمى مجدى يعقوب    الاتحاد الأوروبي والصين يعلّقان استيراد الدجاج البرازيلي بعد اكتشاف تفش لإنفلونزا الطيور    العراق يؤكد: مخرجات قمة مصر بشأن غزة تتصدر جدول قمة بغداد    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    ترامب يهاجم المحكمة العليا.. لن تسمح لنا بإخراج المجرمين    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى AA1 مع نظرة مستقبلية مستقرة    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    قانون الإيجار القديم.. الإسكان: لن يتم طرد أي مواطن وبرلماني يطالب بإسقاطه    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    انطلاق الدورة الثانية لمهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء والتحرير
نشر في الواقع يوم 26 - 05 - 2013

يتقرر مصير ومستقبل مصر بين سيناء وميدان التحرير مرورا بقناة السويس، وهذه الأماكن الثلاثة تمثل ميادين الصراع في مصر وحولها، وهذا لا يجور على أن لكل مكان في مصر بامتداد الجغرافيا وعبر الزمن دوره في التاريخ، دفاعا عن الوطن أو بناء للتنمية، ولكن سيناء والقناة وميدان التحرير حملت الرمز الأكبر لميادين معارك البقاء.
الخط الواصل بين رفح وميدان التحرير عبر قناة السويس والذي يكاد يمتد إلى الجنوب في مثلث حلايب وشلاتين، هو خط النار الحالي في مصر، ليس قتالا في مواجهة عدو منظور، ولكنه اقتتال لبقاء الوطن.
الأحداث في سيناء، والصراع حول قناة السويس من مظاهر الأسباب الجوهرية لنشوء حركة "تمرد"، والتي تقارب الموجة الجديدة لثورة الشعب المصري، وأيا كانت المخاطر السياسية في الداخل وموجبات الرفض لنظام الإخوان القائم، غير أن ما يجري فوق أرض سيناء يحمل في طياته ملامح الدم المتجاوز للحدود بعيدا عن مصدر الخطر الحقيقي في إسرائيل، الدم العربي العربي، وتحت رايات سوداء يُدعي كذبا أنها رايات إسلامية، وهي في حقيقتها رايات يتستر بها مخطط تدمير الدولة وتفكيكها لغير صالح الوجود للوطن مصر او للأمة العربية أو للقضية الفلسطينية، وهي في أدائها ونتائجها تعمل في خندق واحد مع إسرائيل.
كان الشاب وشقيقه الأصغر في أول الثلاثينيات من العمر، له لحية متناثرة على وجهه، وكانا ينفذان إعمالا لهما في مصنع أديره بالإسكندرية، وأثناء محادثة معه قال إنه فصل من الخدمة العسكرية، فقلت له إن من حقه أن يلجأ للقضاء ليسترد حقه في أداء الخدمة العسكرية لأن فصله فيه مساس بكرامته وشرفة الوطني، وسألته عن الأسباب، وأجاب بأنه كان يرفض تحية العلم، فقلت له تتهرب من حضور الطابور الأول، قال لا، أرفض تحية العلم، كان رده غريبا، وسألته ترفض تحية علم مصر!! كيف؟، ولماذا؟، فأجاب أنا لا أحيي غير راية رسول الله السوداء!، ونزل رده عليَ كالصاعقة، ورددت عليه أن علمك الوطني هو راية رسول الله في هذا الزمن، ورفض قولي، ولم أملك بعد حوار امتد طويلا غير أن أقول له ولشقيقه إن هذا الإنسان لا مكان له في أي عمل بيننا، وأصدرت تعليماتي لأمن المصنع بعدم السماح له بالدخول، وقلت له أنت أخطر على وطنك من أي عدو خارجي.
كانت بذور الفتنة تنمو، وتتدثر باسم الدين، وهو ذات المنطق الذي جعل أحد قيادات الجماعات الإسلامية يقول مؤخرا إنه لن يعتذر عن قتلهم لرجال الشرطة وجنودها أول الثمانينات، وذات الشخص يرتع في مصر الآن كواحد من رجالاتها وساستها واحد نتائج الثورة.
سيناء تجسد حالة مصر بلا انتقاص، فقبل الثورة كانت تحت طائلة:
1. معاهدة كمب ديفيد وتقسيم سيناء لثلاث مناطق، وتحديد الوجود العسكري المصري فيها، بل بلغت الأمور عندما احتاجت مصر زيادة عدد جنودها في المنطقة (ج) المحاذية للحدود مع إسرائيل، إن ناقش الكنيست الإسرائيلي الأمر ليقرر هل يقبل أم يرفض، بل وناقشوا أنواع التسليح وأعداد الطلقات، وأثر ذلك علي الأمن الإسرائيلي دعما أو تهديدا.
2. غابت كل خطط التنمية عن سيناء وجري التعامل مع أهلها بأساليب أمنية حادة، ورغم ان التعامل الأمني كان سمة النظام السابق في كل الوطن، غير ان طبيعة أهالي المناطق الحدودية وأيضا تقاليدهم البدوية، ضاعفت من تأثير التعامل الأمني "الشرطي"، لأن أهل المنطقة كانت علاقاتهم التاريخية مع الجيش مستقرة، وكان الجيش المصري يملك أساليب صحيحة للتعامل.
3. ثم كانت المعابر والأنفاق عاملا آخر مضافا لمزيد من الأعباء، خاصة أن كيانات المقاومة في غزة تحولت إلى تنظيمات دينية، بألوان الطيف، واستحلت سلوكيات وأساليب أفقدت المقاومة الفلسطينية سمات كونها حركة تحرر من الاستعمار الصهيوني، وحولتها إلي كتل في رحم دولة منتقصة الوجود والاستقلال.
4. تصورات إسرائيلية حول تبادل الأراضي بين سيناء والنقب لصالح أهل غزة.
5. صارت سيناء طريقا لتسلل العديد من الأفارقة والسودانيين إلى إسرائيل بعد أن أصبحت إسرائيل مدافعا عن حقوق الإنسان في دارفور بالإضافة لدورها في جنوب السودان.
وأضيف بعد الثورة علي الحالة في سيناء عناصر أخرى:
6. صارت سيناء أرض الجماعات الدينية المفضلة، وأعلن أنها أرض الإمارة الإسلامية، وتكررت مشاهد الرايات السوداء، والهجمات على مراكز الشرطة، ولم يتم التعامل من البداية بالجدية الواجبة مع هذا الوجود السرطاني في جسد الوطن، وتتابعت الهجرات من الدول الخارجية إلى سيناء تحت أسماء متعددة، وصار وجود جماعات الإرهاب المسلح أمر واقع، وبقي أن هدفهم وغايتهم التمكن، وأن خصومتهم مع جند الكفر من الجيش والشرطة، فهم وحدهم جند الله.
7. نشوء علاقة بين سلطة الإخوان في مصر وجماعة حماس، تحت ولاية المرشد العام لجماعة الإخوان، وسقطت الدولة وضرورات الأمن القومي وغلت يد الجيش، وسقط 16 شهيدا في رفح، وصمت مندوب الإخوان في قصر الرئاسة المصرية، ودفعت العسكرية المصرية ثمنا باهظا، ولعب الجميع لصالح إسرائيل وضد الأمن القومي المصري.
8. اتسم القرار السياسي بشأن سيناء بالتخبط، فالجنود يقتلون ويخطفون والتفجيرات تتوالي وإعداد الجماعات المسلحة تتزايد وعتادهم ينمو، ومعسكرات التدريب تنتشر من حول مصر وعلي الجانب الإسرائيلي قائمة، والأموال تجد طريقها إليهم.
9. تعاظم التربص الإسرائيلي والأمريكي بسيناء على أنها صارت حاضنة للإرهاب، ومصدر للخطر علي امن إسرائيل، ودائما لإسرائيل الحق ان تضرب ما تراه احتمالا قائما للخطر على أمنها.
تحولت سيناء من ميدان معارك محتملة مع العدو الإسرائيلي، إلى ميدان مواجهة مع الجماعات الإرهابية وصارت حماس والنتوءات الدينية المسلحة في ارض غزة عدوا محتملا، ولا يمكن تغييب نشاطات إسرائيلية مخابراتية فوق أرض سيناء، وانضم إلى كل هؤلاء أوهام تحكم عقل جماعة الإخوان في مصر واتجاهات القرار لحسابها حتى وإن كان على حساب الوطن، وصارت كرة اللهب المشتعلة في سيناء تلتهم القرار السياسي المصري وقدرة العسكرية المصرية علي فرض السيادة الوطنية علي الأرض وبين البشر، وبلغ الأمر أنها عجزت عن حماية نفسها والدفاع عن أفرادها.
سؤال خبيث يتردد ويعلو صداه الآن، هل الجميع متفق على هذا؟، وهذا السؤال لا ينال من أحد غير العسكرية المصرية، فهو سؤال ينضوي علي اتهام لها بالتفريط، والشواهد والتصرفات تفتح باب إهدار قيمة العسكرية المصرية بالتشكيك حتى وإن لم يبلغ مبلغ التفريط، وتصمها بالضعف حتى وإن كبلها قرار سياسي عاجز.
إن هذه الحالة تماثل حالة الجزائر وحرب الاستنزاف التي دارت رحاها هناك وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين.
في فلسفة الثورة كتب جمال عبد الناصر أنهم اكتشفوا في خنادق الفالوجا أن الطريق إلى فلسطين عبر القاهرة، أي القاهرة أولا، وهو ذات المعني الآن، الطريق إلى سيناء عبر القاهرة.
القاهرة تحت حكم الإخوان تدفع ثمن ترسيخ هذا الحكم بالتسليم للجماعات الإسلامية المسلحة، فليس هناك وعي بالأمن القومي بالقاهرة، وليس هناك مصدر محدد للقرار السياسي بالقاهرة، واتسمت الأمور بقاهرة المعز بالعشوائية، وبلغ الأمر أن يجري الحديث عن علاقة بين نائب مرشد الإخوان واحد ضباط المخابرات الإسرائيلية، دون أن يخرج مصدر مسؤول يؤكد هذا أو ينفيه.
ويغلق جنود الأمن المعابر بين غزة ومصر، ويتجمهرون منددين بالرئاسة المصرية وحماس، ويطالب الناطق باسم داخلية حماس إسلام شهوان مصر بالاعتذار 'إن ما حصل لأهلنا وشعبنا على معبر رفح مرفوض ويجب على حماس أن تطالب الجهات المصرية بالاعتذار لما حدث للنساء والأطفال من إهانة وخوف جعلهم يرتعبون خوفا من تهديد الشرطة المصرية، أن هذه الإجراءات مرفوضة بالكامل، مطالبا الفصائل الفلسطينية أن يكون لها رد موحد وان تصل رسالة للرئاسة المصرية حول الإهانة التي تعرض لها أهلنا على معبر رفح".
يحدث هذا بينما هناك تسعة من ضباط وجنود شرطة وجيش مخطوفين في غزة.
العلاقة بين جماعة الإخوان وحماس بلغت حدا لا يتحمله الأمن القومي المصري، وصارت هذه العلاقة قيدا علي القرار السياسي والعسكري.
إن ما يحدث في سيناء قابل للتكرار بصورة المرآة في الغرب علي الحدود الليبية، إنها هجمة جماعات الإرهاب الديني تحت مظلة الرعاية الإخوانية لتحويل الجيش المصري إلى أداة طيعة ولينة بيد حكم الإخوان.
وقائع ما يجري تتجاوز الصراع السياسي، إنها حرب الاستنزاف في مواجهة العسكرية المصرية، وتدفع مصر إلى تحويل جيشها لمهام الحرب على الإرهاب.
لا أظن أن العسكرية المصرية مطالبة بممارسة لعبة المافيا، واختطاف قيادات، أو اعتقال عناصر حتى يعود المختطفون سواء من غزة او من جبال سيناء، ولكن العسكرية المصرية مطالبة باستعادة السيطرة علي سيناء في مواجهة الواقع بأكمله من كمب ديفيد إلى أصحاب الإمارة الإسلامية، وأن تستعيد القرار في القاهرة لصالح هذه المهمة، أما كيف يتم ذلك، فلن نضيف إلي جنرالات المقاهي وجنرالات التلفزيون، جنرالات الجرائد، فالعسكرية المصرية تملك القدرة ان كانت لديها الرغبة، في استعادة السيطرة، وعندما يكون الأمر أمن وطن، ووجوده، فليس هناك شيء محظور، هي حرب متعددة الأساليب والأدوات، وهي مواجهة، وهناك ذوات تضخمت وبلغت حد التناطح مع مصر غير عابئة بوجود عدو يمثل خطرا رئيسيا، وعقول أصابها الصدأ وإرادات أصابها الوهن، وليس في مواجهة هؤلاء شيء غير مباح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.