بقلم حسن الشايب مسكين ذلك المخلوق المغلوب علي أمره المسمي "الحمار".. إذا ثار مسؤول علي مرؤوسيه نعتهم بالحمير، وإذا فشل تلميذ في إجابة سؤال وصفه المعلِّم بالحمار، حتي أن تداول كلمة (حمار) علي سبيل الشتم والسب أصبح شائعاً أكثر من أي كلمة سب أخري عرفها قاموس الشتائم في غالبية مجتمعاتنا العربية. فلماذا هذا التحامل علي الحمار، ألا يكفي أنه ظل لعشرات السنين حمَّالاً للأسيَّة، يحمل علي ظهره كل شيء ويجر كل شيء دون شفقة أو رحمة، والمسكين لا يشكو أو يتظلم لأحد. فلم يفكر في إنشاء جمعية للمطالبة بتغيير معاملة الحمير، أو التظاهر أمام مستشفيات الحيوان والتعرض جهاراً نهاراً للضرب وهتك العرض من بعض (البغال) البلطجية، أو اللجوء لجمعيات حقوق الحيوان المنتشرة في أنحاء العالم، والاستقواء بالدول الكبري لممارسة ضغوطها علي أصحاب الحمير لرفع ظلمهم عنها. سألت أحد الحمير ذات مرة: لماذا هذه الاستكانة والسلبية في مواجهة الظلم الواقع عليك؟ فرد باستخفاف: ولماذا أنتم أيها البشر متخاذلون ومستسلمون أمام القوي العظمي التي استباحت أوطانكم واستحلت دماءكم وامتهنت كرامتكم، وأنتم الأذكياء، أصحاب العقول المتفتحة؟. قلت لمحدثي: إننا أيضاً مغلوبون علي أمرنا، فلا نملك من أمرنا شيئاً، ونتعرض مثلكم للضرب والإهانة فإذا مارسنا حريتنا وتحدثنا بصوت عال اتهمونا بالخيانة وأدخلونا المعتقلات.. خلاصة الأمر لا يجب أن تحسدونا لأنكم مرتاحون عنا في هذه الدنيا.. لا توتر، ولا حزن، لا حروب، لا حصار، لا ديون، لا أزمات غذاء ودواء ، لا أسعار مساكن (نار)، لا سماع أغان هابطة، لا مشاهدة (كليبات) فاضحة. ضحك الحمار ضحكة عالية أزعجتني وذكرتني بالآية الكريمة " واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" (لقمان 19) . وتساءل مندهشاً: أتحسدوننا علي أننا نعيش (منقادين) لكم، وننفذ بإذعان كل أوامركم، وأنتم الذين منحكم الله العقل والبصيرة لتقرروا مصائركم بأيديكم؟ قلت: نعم لقد كرم الله سبحانه وتعالي بني آدم دون سائر المخلوقات، ومنحهم العقل الذي يميزون به الخير من الشر، وطالبهم بالذود عن دينه ضد الطغاة والمستبدين، إلا أنهم لم يعملوا بتعاليمه سبحانه وفقدوا البصر والبصيرة ورضوا بالعيش (منقادين) لغيرهم. رد الحمار ساخراً: أنتم مساكين مثلنا، بل ربما أنكم أسوأ حالاً منا، لأنه علي الأقل ليس لدينا حمار يقودنا!! فضفضة أخيرة: تُفتح كل الأبواب لأي حمار علي ظهره ذهب " [email protected]