بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال السادس والثلاثون تفسير حلم الثورة بين العامة والثوار احلم بالمستحيل هتحقق الممكن،نعم احلم ولكن في حدود،احلم بالوصول إلى الشمس فإذا لن تستطيع ستقع على القمر بكل تأكيد،إننا بحاجة كمصرين إلى حلم حقيقي واضح يلهب حماس الناس ويستثير فيهم روح المبادرة التي لا يمتلكها عادة عامة الناس كما يمتلكها أصحاب الفكر الثوري،لن تنتهي الحالة الثورية إلا بتحقيق الحلم،وهو أمر يستغرق سنوات وسنوات ولكن مظاهرها هي التي ستتغير طبيعتها وفقاً لحاجة المرحلة،فيكون التظاهر أداة تستخدم حيناً لتحقيق ما لا يتحقق بغيرها،ويكون التفاني في العمل وطلب العلم والبناء وقبل هذا وذاك تغيير السلوك الفردي والجماعي واستئصال الفساد من النفوس قبل المؤسسات هو المظهر الأكثر شيوعاً وفعالية للثورة سواء من العامة أو الخاصة. "إياك أن تنالها كلماتك بسوء وحذار من أن تتعرض لها فهي وإن كانت ليست بارعة الجمال وليست أميرة أرستقراطية تكفيني وحسبي أنها في مخيلتي كما أشتهي أن تكون"هذه كلمات "كيخوت" حينما كان ينهال بسوطه على مساعده "سانشو" عقاباً لأنه تفوه بأن حبيبته "دولسينيا"محض فتاة ريفية من السوقة في الرواية الأكثر شهرة "دون كيخوت دي لامنتشا"للأسباني ميجل دي ثيرفانتس،وهكذا هي ثورتنا المصرية الخالصة،حلمنا الذي يجب أن نحلمه،كلنا نحلم بالكمال حتى ولو تعبنا وقاسينا المرار،فالشقاء بأحلامنا،خير من أن نحيا مبتوري الأحلام. ورغم أن حلم العامة يختلف عن حلم الصفوة،فهم بعد وقت قصير يشعروا بالرغبة في العودة للهدوء والاستقرار وتتولد لديهم كراهية تتنامى يوماً بعد آخر للثورة وللمظاهر الثورية،أما الصفوة أو الثوار فيقعون تحت ضغط العامة فريسة للتفكير الكمالي المتشدد وأحياناً المتطرف الذي يسعى لتحقيق الصورة الكاملة التي يظنها الأفضل بين عشية وضحاها،ولا يمتلك في أدبياته وسيلة لذلك سوى استمرار الضغط بالمظاهر الثورية الصاخبة كالتظاهر والاعتصام وتكون النتيجة حدوث الانشقاق مع الوقت بين هذه النخبة الثورية وبين العامة وتبدأ عبارات التخوين والاتهامات المتبادلة في الظهور؛ثم ما يلبث هذا الانشقاق أن يتسرب إلى صفوف الثوار أنفسهم،فكل منهم يملك صورة محددة في مخيلته لا يرى غيرها صواباً،وكل من يخالفه من حلفاء الأمس يصبح اليوم في نظره خائناً أو متخاذلاً أو صاحب أجندات خارجية ودعوات تخريبية!! فيتحول مفهوم الثائر من صاحب فكر يسعى له بكل طريقة وفق ما يناسب الحال إلى مفهوم أوحد يختلف في ذهن كل فرد عن الآخر،فيرى البعض أن كل من لم يسعى لعلو الصوت والصخب والضجيج فقد الأهلية؛لأن يسمى ثائراً ويرى بعض آخر أن كل من يصرخ معترضاً على رأي لا يؤمن بصوابه هو متطرف يُفقد الثورة نجاحاتها في حين أن الحقيقة بينهما،وأن لكل مقام مقال،فالثائر الحق هو من يستخدم عقله بعد أن تشحن عواطفه ليحقق حلم التغيير المنشود بأقل الخسائر الممكنة وأفضل الوسائل المتاحة. إن الغد الذي نصبو إليه،بدأ بحلم لن ينتهي،والثورة حلم وطن،قرر أن يحلم حتى يستحضر الحلم من قلب المستحيل،أو كما يقول بلدياتي الشاعر الراحل نجيب سرور_ أول أديب وشاعر يقرا نعيه وهو حي يرزق_ "لو لم تكن أقوى من اليأس ترى كيف وصلت؟" إلى اللقاء في المقال السابع والثلاثون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن