بقلم : الكاتب و السينارست والمُعد المصري " وائل مصباح " الحكاية، سواء أكانت للأطفال أم للكبار،مجموعة من الحوادث المرتَّبة زمنيّاً،غير أن حكاية الأطفال تمتاز عن حكاية الكبار بالمحافظة على الترتيب التاريخي للزمن،بحيث تُرتَّب الحوادث ترتيباً تصاعدياً من البداية إلى النهاية دون أي تلاعب في هذا الترتيب،فالحدث الأول يعرض البيئة والشخصيّات،ويطرح بداية الفكرة الرئيسة،ثم ترد الحوادث الأخرى حاملة تفاعل الشخصيّات مع البيئة وحوادثها،فتنمو الفكرة الرئيسة وتتضح وتتأزّم ثم تؤول إلى نهاية محدَّدة معبِّرة عن المغزى بوضوح. ومن المهم جدا توفير عنصر التشويق وإثارة الفضول،وليست هناك طرائق محدّدة لبث التشويق في الحكاية،إلا أن الصراع ضروري وإضافة بصمة من الغموض والمفاجأة،وغير المتوقع للطفل،وهذا يتعلق بمدى قدرة الكاتب على فهم أحاسيس الطفل ورغباته،لذا الحكايات الشعبية القديمة تلقى رواجاً كبيرا لما فيها من المتعة والتشويق والخيال ولمسة من الواقع مع الوضع في الاعتبار إن القصص المترجمة لا تفيد الطفل العربي وليست قريبة من عالمه مقارنة بالطفل الغربي،وخلال السطور القادمة سوف استعرض معكم أهم الأدوات الأساسية لقصص الأطفال: أ- الحبكة: ترتبط الحبكة بمفهوم الحكاية،وهي غير مساوية للعقدة،لأنها الحوادث كما يطالعها القارئ في نص القصة،أيْ أنها الترتيب الذي يُقدِّم القاص بواسطته حوادث قصته إلى القارئ. ب- الفكرة والمغزى والقيمة: لا تخرج قصة الطفل عن الحيّز التربوي مهما تكن مكانتها عالية في سُلَّم الفن،إذ إن المتعة والترفيه ضروريّان للطفل،ولكنهما وسيلة القصة لأداء وظيفتها التربوية،وعلى الرغم من أننا نعلي من مكانة الترفيه والتسلية،ونحرص عليهما حرصاً شديداً ونعي وظيفتهما التربوية في تنمية شخصية الطفل،فإننا نطالب في الوقت نفسه بوظيفة تربوية أخرى تؤديها فكرة القصة،أو مغزاها، أو القيمة الواردة فيها. ج- الشخصيّات- أبطال القصة وهي الأهم للطفل:اهتمام الطفل بالشخصية القصصية نابع من أنه يبحث دائماً عن أشياء يقتدي بها، ويرى فيها نفسه، ويحقّق من خلالها رغباته وطموحاته،ولابدَّ للشخصية القصصية من صفات تلتقي رغبات الطفل وحاجاته،وإلا فإنها تخفق في التأثير فيه. ولهذا السبب تحتاج قصة الطفل إلى الاهتمام بشخصية من الشخصيّات،بحيث ترفعها إلى مرتبة(البطل)،وتُبقي الشخصيّات الأخرى دائرة في فلكه،أو بتعبير آخر فإن البطل شيء رئيس في قصة الطفل، وكل قصة تخلو من البطولة الحقيقية تجعل الطفل يُصاب بخيبة أمل كبيرة. ذلك لأن البطل يُجسِّد آمال الطفل ورغباته، فإذا كانت الشخصيات متساوية في أهميتها أو مألوفة في الواقع،أو تفتعل المغامرة في الفضاء البعيد،خلت القصة من بؤرة شعور مركزية يقع الطفل فيها ويتمركز حولها ويقارن الآخرين بالاستناد إليها،ثم إن البطولة في قصص الأطفال غير مقصورة على الإنسان،فالحيوان يصلح للبطولة كما تصلح الجمادات لها،ولكن طفل المرحلة المتأخّرة يميل إلى البطل الإنسان،لأن ارتباطه بالواقع بدأ يقوى ويشتدّ على الرغم من أنه مازال يقبل أن يتحدّث الحيوان ويفرح ويغضب،ذلك لأن الطفل لا يهتم بأنواع الأبطال بمقدار اهتمامه بأفعالهم وأعمالهم. د- السرد والحوار: لا تختلف قصة الطفل عن قصة الكبير في حاجتها إلى السرد الذي يلخِّص الحوادث بقدر قليل من الجمل،والحوار الذي يوضِّح طبيعة الشخصيات وأفكارها ويعين على نمو الحوادث،إلا أن السرد في قصة الطفل يلتزم في الغالب الطريقة المباشرة التي تجعل الكاتب يشرف على القصة من بدايتها إلى نهايتها دون أن يشعر القارئ الطفل به،هذا بالنسبة للقصة المقروءة من قبل الطفل أما بما يتعلق بالقصة التي يسمعها فتقريباً يعتمد على نفس الأسس،ولكن الراوي يجب أن يختصر القصة الطويلة،ويروي ببطء وبأسلوب مشوق،بصوت هادئ وقوي،ويعطي فكرة بسيطة عن القصة وعنوانها ومهم جدا أن تكون النهاية واضحة وتلبس ثوب التفاؤل والأمل بزرع بذور الخير والتسامح ليؤمن الطفل بان السعادة والفرح موجودين في الحياة. وائل مصباح عبد المحسن