بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال الحادي عشر الشرعية أثناء الثورة وبعدها أن مفهوم الشرعية الثورية الذي ظهر في الأيام الأولى للثورات العربية كلها كتعبير عن إرادة شعبية شبه موحّدة لإسقاط الأنظمة القائمة دخل حيّز النسيان بعد مراحلها الأولى،وتم استبداله بالآليات القانونيّة المعتادة،كالإعلان الدستوري ونظام القضاء،كما كان وما زال موجوداً منذ زمن ما قبل الثورة، فلو كانت الشرعية الثورية هي الفصل الحكم للمرحلة الانتقالية،لما كان بوسع المجلس العسكري أن يصدر إعلانا دستورياً مكملاً ينتقص فيه من صلاحيات السلطات المنتخبة،وما كان بإمكان المحكمة الدستورية العليا أن تحل برلماناً منتخباً بأوسع مشاركة شعبية في تاريخ مصر،وتُحدث بذلك القرار فراغاً هائلاً في مرحلة شديدة الحرج من عمر الثورة،ولو قرأنا كتب التاريخ كلها سيتضح لنا أن الثورات تكون دائماً وأبداً غير دستورية ومخالفة للقانون،فالثورة تستمد شرعيتها من نفسها وليس من أي قانون وضعي،لكونها حالة فوق دستورية وفوق قانونية ولا تخضع لأحكام القضاء. إذن الدكتور مرسى لم يأت بشرعية الثورة لأن الثورة لم تختره ممثلا لها في منصب رئيس الجمهورية،فالثورة لا يمكن الاعتداد بشرعيتها إلا إذا كان من قاموا بها قد استولوا على السلطة بأنفسهم ويديرون البلاد استنادا لهذه الشرعية،أما الذي جاء بمرسى في منصبه هو صناديق الانتخابات، بعد معركة انتخابية شرسة خاضها ضد 13 مرشحا،من جولتين،لذا فالصندوق هو شرعيته الوحيدة كأول رئيس يتم انتخابه عبر انتخابات حرة ونزيهة في بر مصر المحروسة،وبالتالي لا يجب الخلط والحديث عن تصارع شرعيات هنا،لأنه في أي نظام ديمقراطي سواء في أوريا والدول المتقدمة الشرعية الوحيدة هي صناديق الانتخابات،مع الاعتراف بان لكل شرعية ظروف خاصة،فشرعية الضباط الأحرار الذين كانوا ينتمون للطبقة الوسطى كانت في صالح العمال والفلاحين،أما الحديث عن شرعية ثورة 25 يناير بالنسبة للرئيس محمد مرسى فهي شرعية مشكوك فيها،رغم أداءه اليمن الرئاسي في ميدان التحرير كرمز للثورة المصرية،لان السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية كما هي فى العهدين الساداتي والمباركى،وبالتالي وحتى الآن يعتبر الرئيس مرسى،هو الرئيس الثالث،في جمهورية ما بعد ناصر،والاختلاف أنه مدني وليس عسكري!!. في عام 1963 هتف مارتن لوثر كينج :"لدي حلم " فكانت صيحته إلهاماً للملايين حول العالم،وها نحن بعد هذا التاريخ بنحو نصف قرن نمسك بتلابيب أحلامنا بقوة كي لا ندعها تفلت منا مرة أخرى،واضعين في الاعتبار أن مرحلة ما بعد ثورة يناير تختلف كل الاختلاف عما سبقها من مراحل تاريخية،فهي تمثل ثغرة سياسية مازلنا نعيشها حتى الآن _ كثغرة الدفرسوار بعد عبور أكتوبر العظيم_كانت بدايتها الاستفتاء على التعديلات الدستورية والذي أدى إلى تشكيل برلمان قبل كتابة الدستور،وسيظل السؤال مطروح،من قبل من كان على صواب في موضوع تصفية ثغرة الدفرسوار،الفريق الشاذلى عندما رأى ضرورة سحب 4 ألوية مدرعة من شرق القناة لتدمير قوات العدو التي اخترقت خطوطنا وتمركزت غرب القناة،أم قرار المشير أحمد إسماعيل الذي رفض ذلك؟! لذا وجب علينا تحليل إحداث التاريخ حتى نتجنب أخطاء الماضي،وكي تستفيد في الحاضر من تجاربه_كمدربي كرة القدم الذين يشاهدون مباريات الخصوم قبل المواجهة معهم لمعرفة طرق لعبهم وعمل خطط مضادة_ مدافعين عن مكاسب هذه الثورة،مع التذكير دوما بالعواقب الوخيمة لتجاوز قيم الثورة الحقيقية،وفى مقدمتها قيم العقل والحرية،فالذاكرة التاريخية الحية ها خير ما يضمن الحفاظ على تلك القيم،أسمع أحد الجهابذة يصيح:لقد نجحت الثورة ولم نعد في حاجة إلى مصطلح شرعيتها،فالإجابة يا عم الجهبذ أن هذا المصطلح كان هجومياً عندما كانت الثورة في أوج اشتعالها،والان يصبح دفاعياً في هذه المرحلة الانتقالية،إذ تتحول معركة الثورة في تلك المرحلة من هدف إسقاط النظام إلى هدف منع بقايا النظام من الالتفاف على الثورة وإعادة إنتاج النظام القديم،مع الوضع في الاعتبار بان الشعب يريد في النهاية حياة طبيعية وليس ثورة دائمة،ولكنها أيضا ليست مفروشة بالورود،هناك تحديات ضخمة،ولكننا قد نستلهم مقولة جيفارا:"الطريق مظلم وحالك فإذا لم تحترق أنت وأنا فمن سينير الطريق؟" إلى اللقاء في المقال الحادي عشر مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن