بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال السادس شهر واحد عسل يكشف عورات العقود!! لقد بدأ عصر الثورات في حضارة" اقرأ" في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين بشكل فجائي،وخطت القارة الإفريقية الملحمة الأولى وفتحت بذلك الباب على مصراعيه للشعوب الأخرى كي تنجز ثوراتها،ولا أحد بإمكانه إيقاف التيار الجارف ومعاندة مسار الاستئناف الحضاري ومغالبة حركة التاريخ،حتى لو كان أسداً من ظهر أسد،والتاريخ البشري يؤكد أن الثورات تكتب بالدماء ولكنها كثيرا ما تسرق وتغدر من طرف أبنائها وتتعرض للخيانة والمحاصرة وللتقليل من إشعاعها التقدمي وإخماد لهيبها الثقافي،لكن الملاحظ أن الثورة قد تأكل أبنائها وتصفي مناضليها وتستهلك ما تبقى من توهجها،بالدفع بمستبدين جدد على سطح الأحداث ليحتكروا التكلم باسم الشعب وليعملوا على تهميش شرائحه بل وإعادة إنتاج الإرث القديم في إقصاء غير الموالين،والتمركز حول أعضاء الحزب أو الجماعة،وتسلل جوقة التطبيل والتزمير للوجوه الجديدة الصاعدة مما قد يؤدى إلى ركوب الانتهازيين على الأحداث لاحتلال كل المواقع في كل الأماكن،إنها العبقرية المصرية المتمثلة في اعتقادنا أننا أذكى ممن سبقونا فنرتكب أخطاء مختلفة لنصل لنفس النتيجة! وقد تتدخل دول الجوار العربي ودوائر الرأسمال العالمي من أجل المحافظة على مصالحها بالمنطقة،بل ومحاولة البحث عن وسائط من أجل بسط النفوذ وترتيب العلاقة مع عناصر الحكم الجديد. قد يعتقد البعض خطا انه يمكن التبوء بمستقبل الثورة المصرية من خلال متابعة أحداث تونس السياسية_فهي تسبقنا ببضعة أشهر_ ولكن من المؤكد أن كلتا الثورتين ستواجهان زلازل قادمة لابد من التحسب له مبكراً والتعامل معه في ظل محاولة الإعلام العلماني إظهار مدى ديكتاتورية الإسلاميين بل ودمويتهم دون نقل حقيقة الأحداث!لذا أوجه رسالة للقيادات فى القاهرةوتونس مفادها تذكر تجربة الجزائر حين جرت انتخابات محليه نزيهة نجح فيها التيار الإسلامي،وبعد عام وقبل الانتخابات البرلمانية التي ستُسلم السلطة فعلياً، حدث تلاعب من لجنة الانتخابات،فقام الإسلاميون بعمل مسيرات ومظاهرات سلميه ضد التلاعب تجمع فيها الملايين من الشباب الثوري السلمي وراء هذه القيادات وتفاوض قادة التيار مع العسكر فوعدوهم بانتخابات نزيهة لكن بشرط إيقاف المظاهرات المليونية،ومع صرف المظاهرات السلمية تم القبض على أكبر قادة التيار الإسلامي وتبقت مجموعه أخرى من القيادات رضت بالسلمية وأكملت الانتخابات (النزيهة)،وبعد الجولة الأولى وتقدم الإسلاميين بنسبة 48 % سرت الإشاعات المخابراتية أنهم سيقومون بإلغاء الانتخابات لمشاكل قانونية،لم يصدق أحد وقاموا بعمل مظاهرات سلميه كتحذير للعسكر،فتم القبض على القادة الباقون من التيار الإسلامي،ومعهم ثلاثون ألفاً آخرون من الرتب الأدنى في الحزب،أعلنت حالة الطوارئ،نزل الشباب المسالم في الشوارع ليهتف بسقوط العسكر ورفض التزوير والقمع،بدأ إطلاق النار من الجيش مع الاعتقال والتعذيب لكل الشباب الثوري بتهمة التعاطف مع المحظورة،هرب أغلب الشباب الثوري إلى الجبال بعيداً عن الاعتقال العشوائي والتعذيب من قبل الجيش،وبدأت المأساة واستمرت!! إن التجربة الإسلامية وخاصة في مصر والمتمثلة في جماعة الإخوان المسلمين،بكل منحنياتها وتعرجاتها،بين شرعية العمل السياسي ونزع الشرعية وتحريم المشاركة والبقاء تحت الرقابة المجهرية ومطاردة الأمن والزج بهم في غياهب السجون ثم البروز على الساحة من جديد وبلوغ سدة الحكم،جديرة بان تدرس وتفسر لجيل الثورة الشبان_ الالترس_لنتخطى معا مرحلة التوجس والريبة المتبادلة بين «الإخوان» والكثير من الأطراف في الساحة السياسية ،وحتى لا اسمع من يقول لي من أتباع بعض الشيوخ رداً على هذه المقالات: " يا حبيبي أنت كنت لسه في اللفه وهما شغالين في الدعوة ما لنا إحنا ومال الجزائروتونس "رغم أن الإمام حسن البنا أنشا جماعة الإخوان المسلمون رسمياً بعد سنوات طويلة من الدعوة وهو في الثانية والعشرون من عمره !! ألم يتفاءل الإسلاميون بثورة 52 وتناسوا أن الجيش حامي العلمانية،فكان الجزاء الأليم بعد شهر العسل الضئيل،ألم يستبشرون خيرا بعد إفراج السادات عنهم في 72 وتناسوا أنه قائداً للجيش،فكان الجزاء الأليم لهم فيما بعد،ألم يرحبوا بمُبارك بعد توليه الحُكم والإفراج عن كثير من المعتقلين،وتناسوا الماضي كالمعتاد،فكان الألم أشد،التفاؤل مطلوب وأنا معكم،لكن السذاجة السياسية مرفوضة،ففي وسط شد أنواع الاراضى سواداً تخرج ألذ أنواع الفواكه وتنبت وردة الأمل،فنحن بالفعل داخل النفق المظلم وان شاء الله وراؤه نور عظيم،رغم ذلك أكاد اجزم أنه لو بُعث حسن البنا وسيد قطب إلى زماننا هذا لأعلنا الجهاد على بعض قيادات الإخوان التوافقيين الحاليين وخاصة الذين استوطنوا الفضائيات،ياه كم كشفت ثورتنا المصرية الفريدة من عورات!اللهم استر عوراتنا. إلى اللقاء في المقال السابع مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن