تنسيق 2025.. طريقة حصول طلاب الثانوية العامة على الرقم السري اللازم لتسجيل الرغبات بالصور    تجهيز 190 لجنة استعدادا لانتخابات مجلس الشيوخ في أسوان    بالتعاون بين وزارة التعليم العالي وسفارة اليابان.. انتهاء مقابلات المرشحين لمنحة «MEXT» الحكومية    تنسيق الجامعات.. البرنامج المكثف في التمريض بجامعة حلوان    ارتفاع كبير للطن.. سعر الحديد اليوم الأحد 27 يوليو 2025 أرض المصنع    كل ما تحتاجه الأسرة من منتجات غذائية ولحوم وخضار بسوق اليوم الواحد بالجمالية    وزيرة التخطيط تلتقي نظيرتها بجنوب أفريقيا خلال اجتماعات وزراء التنمية بمجموعة العشرين    توجيهات رئاسية مهمة للحكومة اليوم.. تعرف عليها    تموين سوهاج: توريد 184 ألف طن قمح للصوامع والشون منذ بدء الموسم    سوريا تحذر من «مخططات تستهدف النسيج الوطني» وتحمّل إسرائيل مسؤولية التصعيد    إجراء تصويت.. حزب معارض في البرلمان البريطاني يطلب الاعتراف بدولة فلسطين    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    موعد مباراة إنجلترا وإسبانيا في نهائي كاس أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    الأهلي يوافق على رحيل «كوكا» إلى الدوري التركي بشرط (خاص)    إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارة نقل أموال وربع نقل بالصحراوي بأسوان    وزير التعليم يعتمد جدول امتحانات الثانوية العامة 2025.. الدور الثاني    حالة الطقس في الكويت اليوم الأحد.. حرارة شديدة ورطوبة نسبية    حجز طرفي مشاجرة علي شقة سكينه في السلام    كاظم الساهر ناعيا زياد الرحباني: خسارة لا تعوض للفن العربى    وفاء الحكيم: نور الشريف وأحمد زكي شكّلا ملامح تجربتي الفنية    بعد اشتداد موجة الحر.. تحذيرات من هيئة الأرصاد للمواطنين    إطلاق حملة توعوية من «القومي للبحوث» للتعريف بالأمراض الوراثية وأهمية الكشف المبكر    بعد انتهاء معسكر تونس .. الأهلي يتجه إلى مطار قرطاج لبدء رحلة العودة للقاهرة    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    الأحزاب فى اختبار الشعبية بالشارع    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر    استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف خيام واستهداف منتظري المساعدات بغزة    العودة إلى الجذور.. البابا تواضروس يفتتح ملتقى لوجوس الخامس للشباب    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    شوبير: الزمالك يعلن عن 3 صفقات خلال ساعات.. وحسام عبد المجيد يغلق صفحة الرحيل    بورسعيد تودع "السمعة".. أشهر مشجع للنادى المصرى فى كأس مصر 1998    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    مقتل 6 أشخاص جراء تدافع في معبد هندوسي شمالي الهند    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    القاهرة الإخبارية: المساعدات لغزة تحمل كميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    حياة كريمة.. افتتاح جزئى لمستشفى دار السلام المركزى بسوهاج اليوم    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر و تأملات من وحي رواية ظلام النهار للكاتب جميل السلحوت
نشر في الواقع يوم 23 - 10 - 2010


بقلم محمد عليان
1. ظلام العادات
بعد القراءة الثانية لرواية ظلام الليل للكاتب النشط والمثابر جميل السلحوت، قررت أن أحاول الابتعاد عن الكتابة التقليدية للأعمال الأدبية، ربما لأن هذه الرواية خرجت عن المألوف من حيث الحبكة الفنية وبناء الشخصيات واللغة السردية، وربما لأنها أعادت بعجلة التاريخ إلى الوراء قليلا، لتعيد إلى الذاكرة تفاصيل حياة ظلامية عاشها أجدادنا وآباؤنا، وما زالت بعض ملامحها ومظاهرها تأبى الزوال حتى أيامنا هذه.
لا يكتفي الكاتب بسرد الإحداث والإغراق بتفاصيل عادات وأعراف كان واضحا انه عاشها أو عايش من عاشوها، واكتووا بلظاها وذاقوا مرها وآلامها، بل انه وببراعة الكاتب المبدع يدفعك إلى التأمل والتفكير بذاك الواقع المرير الذي امتد عشرات السنين، كان فيه أسلافنا في غاية الفقر والجهل يعيشون حياة تقع على خط التماس بين البداوة والريف.
عادات متأصلة الجذور، يتمسك بها الكبير والصغير، الرجل والمرأة، لا أحد يفلت من أسرها، تؤلمهم ولا يئنون، تقتلهم ولا يدرون، تجلب لهم الفقر والشقاء ولا يشكون، بعيدا عن المدارس والجامعات والمؤسسات والحكومات والأنظمة والقوانين الرسمية وضعوا لهم نسيجا من العادات ترسخ مع السنين حتى أصبح " تابو" لا أحد يجرؤ على انتهاكها والخروج عنها، ومن يفعل ذلك فانه يلقى العقاب والتأنيب.
ما وصفه لنا الكاتب في ظلام النهار يدفعنا إلى التساؤل عمّن هو المسؤول عن هذا الظلام؟ الناس البسطاء ، الفقراء غير المتعلمين، الذين ابتعدت عنهم السلطة والمدينة والثقافة والحضارة؟ هل حاول أحد إضاءة ولو شمعة واحدة ليبدد جزءا من هذا الظلام؟ لقد عاش هؤلاء الناس الظلام وهم يحسبونه نورا ساطعا، تزاوجوا، وعاشوا حياتهم وأقاموا خيامهم، ورعوا أغنامهم وحصدوا زرعهم، وعالجوا مرضاهم وحلوا مشاكلهم بطريقتهم المتوارثة والموصوفة في ظلام الليل، ولا أحد من الحضر أو المتعلمين أو المثقفين أو المتنورين حاول جذب هؤلاء باتجاه التحضر، حقا أن إهمال الريف ومضارب البدو من أهم سمات السلطة المركزية في السابق والحاضر ولا أدري الى متى؟
2. بقعة ضوء
رغم ظلام العادات وعمق الجهل وشدة الفقر والايمان بالغيبيات، فان المجتمع في ظلام النهار لم يكن يخلو من بقع ضوء هنا وهناك، كانوا فقراء لكنهم كرماء لا يبخلون بالعطاء، يطعمون الضيف ويتسابقون على تقديم الولائم، كانوا فقراء ولكن نفوسهم عزيزة وكرامتهم عالية، يرفضون الخنوع والخضوع والابتزاز، كانوا ضعفاء أمام الطبيعة لكنهم شجعان بواسل لا يهابون المنية، ويهبون لمساعدة المحتاج، صداقتهم وفية، كلمتهم صادقة، ووعدهم مقدس، يحترمون الكبير ويراعون آداب الحديث، وفي حضرة كبيرهم يصمت الجميع، فكلمته نافذة وقراراته ملزمة.
بقع ضوء في رواية ظلام النهار تثير فينا الحنين والشوق إلى عصر لفه الظلام ورغم ذلك امتاز بأشياء كثيرة نفتقدها اليوم ونحن في عصر النور كما يقال.
3. ارث ثقيل:
لم يقل الكاتب لنا ذلك، ولكنني أنا أقوله وبصوت عال ان التعصب للقبيلة أو الحامولة أو العائلة في عصر ظلام النهار له ما يبرره، لقد كان من المنطقي في عصر الجهل والتخلف والفقر وعدم الاختلاط بالثقافات والمدينة أن يهرع الانسان لنصرة أخيه حتى لو لم يكن على حق، فوحدة القبيلة وحاجة أفرادها لبعضهم البعض كانت مصدر قوة يتوجب الحفاظ عليها حتى ولو بثمن الاقتتال مع الاخرين، أما اليوم، في عصر التحضر والنور والثقافة الجامعية والعولمة والانترنيت والصحافة المكتوبة والمرئية، فلا أجد مبررا لمظاهر التعصب التي أورثها لنا الأجداد، وحافظنا عليها وعملنا على تحديثها لتتناسب مع متطلبات عصرنا هذا، في قريتي التي كانت مسرح أحداث ظلام الليل، لا زلنا "نفزع" عند أول نداء ب(الحرب) ضد حامولة ثانية أو أفراد قرية مجاورة، "نفزع" للنداء ويتداعى جميع أفراد العائلة لنصرة ابنهم دون أن يتيقنوا أنه ظالم أم مظلوم، يحملون الفؤوس ويشجون الرؤوس ويحرقون الشجر، ويهدمون الحجر ليس أمام أو في محيط بيوت الشعر بل في حرم الجامعة وباحة المدرسة، وملعب كرة القدم والشارع العام وفي الحافلات والسيارات، نتقاتل دون ان نعرف نقتل ونقتل ومن ثم نتقصى الاسباب، واذا كنت من المثقفين المغتربين عن هذا العصر وحاولت التهدئة أو معرفة السبب قبل الفزعة فانك جبان ومتخاذل وخارج عن العائلة .
لا بأس أن نرث من أجدادنا، ولكن ان نترك الصالح ونأخذ الطالح، فهذا ظلام أشد حلكة من ظلام النهار، ظلم أجدادنا أنفسهم وهم لا يعلمون، أمّا أبناؤهم الذين تريفوا وعلى وشك ان يتمدنوا فإنهم يظلمون أنفسهم وهم يعلمون .
4. ارحموا خليلا:
لقد تعرض خليل في ظلام النهار الى الظلم مرتين: مرة من المجتمع الذي كان سببا في بتر يده وآلام عينيه، ومرة من الكاتب الذي حمله أكثر مما يحتمل، وسافر به الى بريطانيا، وأجبره على أن يعيش تجربة جنسية وهو في سن الطفولة، وبالكاد يصل إلى سن الحلم، قد يكون ظلم المجتمع أمرا واقعا وهو في كل الأحوال مبرر هذه الرواية، ومحورها ولكنني لم أجد ما يبرر ظلم الكاتب وتحميله هذا العبء الكبير وهو الطفل ابن " الاربعتعش". لقد فرض الكاتب على خليل تجربة لا يقوى أمامها الكبار، وجعله أسير رغبة جنسية جامحة من امرأة بريطانية أعجبت به، لأنه عربي وأكتع، واستسلم لها بإرادته وعاش معها ليالي حمراء دون ان يخفى ذلك عن العائلة المضيفة، اعتقد ان هذه التجربة كانت ستترك لدى طفل البادية تشوهات نفسية كبيرة وذات أثر بالغ على حياته المستقبلية، فقد انتقل من الحرمان الى الانفتاح وبعد أن كان لا يعرف عن المرأة شيئا، أصبح يعرف أدق تفاصيل جسدها، بعد أن كان النظر إلى المرأة من المحرمات أصبح من المألوف أن يمارس معها الحب على مسمع من والديها وبدون أي رابط رسمي. هل ثمة طفل يحتمل هذا التحول الدراماتيكي المتطرف؟ ارحموا خليل ودعوه يعيش طفولته .
5. لو كانت الرواية بقلمي
لو كانت الرواية بقلمي :
· كنت ساهتم بشخصية خليل، الشخصية المحورية في الرواية، بشكل أفضل وأوظف ذكاءه وشجاعته في صنع احداث من شأنها بلورة شخصيته وتعميق تأثيرة أكثر فأكثر.
· كنت سأهتم أكثر في الجانب الزمني للرواية، وأنتقل من مرحلة زمنية الى اخرى من خلال التداعيات، وأبين بعض التواريخ والمعالم الهامة لأساعد القارئ في تتبع احداث الرواية .
· كنت سأتعمق أكثر في سبر غور شخوص الرواية ومعرفة ما يدور في داخلها من عواطف ومشاعر وأحاسيس، وابتعد عن التعامل معها باعتبارها دمى تتحرك وفق ارادتي .
· كنت سأهتم اكثر بلغة الرواية وبصورها الفنية وأضيف عليها تلك المسحة الجمالية التي تمتاز بها حياة البداوة والريف.
· كنت سأتطرق ولو قليلا الى البعد السياسي للفترة الزمنية للرواية، خاصة وانها تمتد من تاريخ قيام الكيان الصهيوني الى حرب 1967 وهي الفترة الأكثر تأثيرا على الواقع الفلسطيني.
· كنت سأشطب تماما المقطع البريطاني بما في ذلك سفر خليل الى بريطانيا لأنه لم يضف شيئا إلى المبنى الروائي، بل أثقل كاهل خليل وشوه نفسيته كما انه رسم للبريطانيين صورة مغايرة للحقيقة في تلك الحقبة.
· كنت سأفشل في كتابة الرواية لأنها من النوع الذي لا أحد غير جميل السلحوت يستطيع خوض غمارها .
6. عن الناشر :
ربما تكون هذه الرواية باكورة منشورات دار الجندي للطباعة والنشر والتوزيع ، وربما كانت واحدة من البدايات، ومهما كان من أمر فانني أبارك للزميل سمير بمناسبة افتتاح دار نشر جديدة اسهاما منه باثراء الثقافة الفلسطينية في القدس، في وقت لم تعد فيه دور النشر مشروعا استثماريا مربحا بل مشروعا خاسرا، ليس فقط بسبب ازدياد الإنتاج الرخيص وانقلاب معايير الجودة أنما أيضا بسبب عزوف الناس عن القراءة وشراء الكتب والتوجه للمواقع الالكترونية. نعتب على الناشر انه لم يراجع النص قبل الطباعة مما أدى إلى وقوع أخطاء بارزة في ترتيب الفقرات والصفحات كان يمكن تجنبها بقليل من الاهتمام.
محمدعليان
ورقة مقدمة في ندوة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.