فى حين تدق الدفوف والطبول من بيت جارتها ورفيقة عمرها ايذانا بزفافها الى بيت عريسها وقفت تنظر فى المرآة تتحسس شعرها الاسود الداكن تتلمس بشرتها الناعمة كنعومة الاطفال تلمع عيناها بجاذبية تخطف الابصار ينهمر دمعها يرسم جرف صغير أسود أسفل عينيها فيكسو وجهها بمسحة حزن تضفى على وجهها غموض الموناليزا الفاتن مستغرقة فى ذكرياتها تفكر فيما مر من حياتها فاذا بالمرآة تتحول الى شاشة سينما تعرض مشاهد متلاحقة وسريعة فيتجسد الحزن فى وجهها ويزداد انهمار دموعها فها هى تلهو مع الاطفال فى صغرها مرحة خفيفة الظل تجذب اليها كل من حولها وها هم أقرانها في الجامعة يثنون عليها ويمطرونها بعبارات التدليل والمديح فأضحت واثقة من روحها وتسلل الغرور الى نفسها فتضائل الجميع من حولها وزادت فى عليائها وتوافد الشباب على بيتها يخطب ودها ولكن هيهات ليس فيهم من لمس قلبها كثيرون وكثيرون صفوة وأغنياء وهى الآن مرموقة فى عملها وعلى الجانب الأخر من المرآه وقف هذا الشاب الوسيم يتابعها بعينيه وينسج خيوط الغرام من حولها اخذ يتقرب اليها فتارة يرسل لها وردة حمراء وتارة يسير خلفها حتى بيتها ثم يمضى الساعات الطوال أسفل منزلها عسى أن تطل بوحهها الصبوح من شرفتها ويوما بعد يوم أخذ يلح فى الحديث اليها بكى بين يديها وانحنى يقبل قدميها أحبك وأعشق الارض التى تسيرين عليها رفعت راسه بكفيها ونظرت فى عينيه ولأول مرة يدق قلبها الرقيق وتسرى رعشة الحب فى أوصالها ويبتسم ثغرها فينطق جمالها وينطلقان معا يفرش لها الطريق بالزهور يرسم لها عشا للزوجية ممتلأ بالحب والحنان فذابت بداخله وتقوقعت الى جواره ولم تفق من الأحلام الا وقد سلبها الروح واللب والكيان بحثت عنه فى كل مكان تهرب منها وكأنه ماكان نزلت من عليائها وأفاقت من أوهامها تذللت اليه أن يعقد قرانها وفى هذه اللحظة يتحول المشهد فى المرآة الى بركان تحترق بناره تصرخ وتخرج منها أهة مكلومة ويزداد دق الدفوف والطبول على أذانها تسرع الى الباب تنظر من عين سحرية تجده يتأبط ذراع جارتها تدافعت الى نفسها نيران الحقد والغيرة وهى التى لم تصطلى بها من قبل تملكتها رغبة شديدة فى الانتقام أرادت أن تنقض عليه تخنقه بيديها لكن الحب الجارف الذى وهبته اياه أثقل كاهلها أحست بحرب ضارية بداخلها بين الحب ورغبة الانتقام ولم يصمد قلبها السليل وروحها العليلة للسهام المتبادلة بينهما فسقطت منهارة ويامائة ألف خسارة هشام صقر 5/6/2006