بقلم عبير حجازي مات القذافى وعاشت ليبيا إن شاء الله حرةمستقلة , تاريخ طويل إمتد بهذا الرجل يحكم تلك الدولة بحلوه ومره , منذ أن قاد ذلكالإنقلاب العسكرى فى الفاتح من سبتمبر عام 1969 إلى أن قتل عن عمر يناهز التاسعةوالستين , استولى على الحكم بانقلاب عسكرى وخرج منه بانقلاب شعبى , رجل محير غريبالأطوار عاش لغزا ومات لغزا , هذا الرجلالذى تحمل سنوات من المقاطعة من أجل ألا يسلم رجلين من شعبه لمحاكمة دولية , ينهىحكمه بمجازر ضد شعبه بعد أن احتقرهم وسفههم ووصفهم بالجرزان , رجل غريب الفكروالملبس حير العالم مرة وجعل من نفسه أضحوكة العالم مرات ومرات ! حكم ليبيا لمدة إثنتين وأربعون عاما بنظاملا هو بالملكى ولا بالجمهورى , حكمها بنظام فوضوى فلم تكن ليبيا أبدا دولة مؤسساتوأطلق على نفسه أنه القائد ليس برئيسا ولا ملكا وأن الحكم فى ليبيا للشعب فى نفسالوقت الذى حرم فيه الشعب من ممارسة اى حق سياسي . لم يكن القذافى ملاكا ولا شيطانا وإنما كانبشرا له ما له وعليه ما عليه , التاريخ وحده هو من سيحكم عليه ولكن ما أثار حزن كلمسلم هو أن يقتل القذافى أسيرا وأن تنتهك حرمة موته بهذا الشكل القاسى وأن يهانميتا لهذا الحد فلا هذه أخلاق المسلمين وما دعا ديننا يوما لقتل الأسرى ولاللتمثيل بجثثهم , فلم يقتل الرسول أسيرا وإنما كان يحسن معاملة الأسرى وكان يعفوعنهم أحيانا كثيرة أو يفتديهم بالمال حتى أنه كان يحرر الأسير الذى يعلم المسلمينالقراءة والكتابة هذه هى أخلاق رسولنا الكريم وقدوتنا إلى يوم الدين وما قتل صلاحالدين أسراه بل ذهب بنفسه ليعالج عدوه الملك ريتشارد لا لسبب إلا لأنه إنسان ! لم ينكر أحد ما اقترفه القذافى فى حق شعبهمن جرائم ولم يطلب أحد منهم أن يعفوا عنه ولكن لم يرضى أحدا أن يقتل وهو أسير وأنيفعل بجثته ما ظهر للعالم كافه فى تلك الصور وتلك الفيديوهات التى تسيئ للعالمالإسلامى كله وتظهر الثوار بشكل غير حضارى بالمرة بل وتسيئ لكل مسلم حريص على دينهأن تشوه صورة المسلمين والإسلام أمام شعوب العالم فى لقطات يظهر فيها ثوار ليبيا بشكليعود بنا آلاف السنين من التخلف الحضارى والإنسانى على حد سواء وكل ما كنا نتمناه منهم هو أن يقدموهلمحاكمة عادلة حتى لو حكم عليه بالإعدام كان الواجب أن يعدم بطريقة قانونية وشرعيةلا أن يضرب مصابا و أسيرا حتى الموت فى مشهد غير إنسانى على الإطلاق ولكن تبقى كلمة السر هى أمريكا تاركة بصمتهافى كل دولة عربية حتى الآن مع قرب كل عيد أضحى للمسلمين تسارع أمريكا بتقديمأضحيتها لتثبت للعالم أنها ما زالت صاحبة الكلمة العليا فى هذا العالم من إعدامصدام حسين وحتى إغتيال القذافى والبقية ستأتى ولكن لا نعلم على من يأتى الدور وفى خضم تلك الاحداث كلها وعلى الرغم من أنهاأحداث دامية , مؤسفة إلا أننى فوجئت ببارقة أمل تدخل قلبى لتطمئننى على بلدى وتؤكدلى على أنه على الرغم من كل السلبيات التى حدثت مؤخرا من فوضى أو فتنة أو أى منتلك الأمور التى غالبا ما تتبع الثورات إلا أن ثورتنا ما زالت بيضاء يتعلم منهاالعالم وأقول لكل من شكك يوما فى نوايا الثورة أوإتهم الشعب المصرى بأنه شعب يهين رموزه وكل من قال يوما بأن مبارك لم يفعل بنا مثلالرئيس فلان والرئيس فلان أقول له نعم فنحن شعب متحضر منذ آلاف السنين وإن كانمبارك قد ترك الحكم طوعا أو كرها مما أدى إلى حقن مزيدا من دماء المصريين فإنجيشنا العظيم قد حما ثورتنا المجيدة وها هم رموز النظام جميعهم يحاكمون محاكماتعادلة أمام محاكم مدنية وما زال الشعب كلهفى إنتظار كلمة القضاء أى كانت فسنرضى بها جميعا لأننا قد رضينا بالعدل وبكلمةالقضاء حتى وإن لم يكتمل العدل على الأرض فلننتظر كلمة السماء وليبقى قضاء الله وحكمه على هؤلاء وحسابه لهمفى الآخرة فهو العادل ليعذبهم أو يرحمهم هو الأعلم بنواياهم وأعمالهم لأن اللهوحده هو العليم البصير كما قال فى كتابهالعزيز : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعملالظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ( 42 ) مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهمطرفهم وأفئدتهم هواء( 43 ) وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ( وهوأصدق القائلين