ضمن احتفالات العيد القومي.. محافظ الشرقية يفتتح 3 مدارس بمدينة بلبيس (صور)    وزيرة التنمية المحلية تتابع جاهزية المحافظات لموسم الأمطار والسيول    رئيس الوزراء يتابع تنفيذ ضوابط ومعايير الإعلانات على الطرق العامة (تفاصيل)    «خبراء الضرائب» تقترح 6 إجراءات للحزمة الثانية من التسهيلات    الموعد الرسمي ل صرف معاش تكافل وكرامة لشهر أكتوبر 2025    السيسي يعرب عن تقديره للمواقف الإسبانية الداعمة للسلام في الشرق الأوسط واعتراف مدريد بالدولة الفلسطينية    اليوم الوطني السعودي 95.. حكاية تأسيس المملكة على ثلاث مراحل (القصة الكاملة)    الولايات المتحدة تلغي تأشيرات المحتفلين بمقتل تشارلي كيرك    لاعبو الطيران يتقدمون بشكوى جماعية إلى اتحاد الكرة بسبب المستحقات    وزير الرياضة يشهد احتفالية استقبال كأس الأمم الأفريقية في مصر    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    القبض على سائق «توك توك» في القاهرة ظهر تحت تأثير المخدر في مقطع فيديو    قرار قضائي جديد بشأن محاكمة «طفل المرور»    بعد التوصل لاتفاق مع الصين.. ترامب يرجئ إغلاق تيك توك للمرة الرابعة    «السياحة والآثار» توضح حقيقة اختفاء قطعة أثرية من المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية    «عملنا فيلم اتمنع».. نسرين أمين تمازح جمهورها بصورة مع براد بيت بال AI    سرقة ذهب بقيمة 600 ألف يورو من متحف في باريس    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام القصيرة بالدورة الثامنة    خالد الجندي يُحذر من صحبة هؤلاء الناس    صحة الدقهلية: نجاح جراحتين معقدتين بمستشفى دكرنس العام باستخدام جهاز C-ARM    كيف يحمي أسلوب حياتك قلبك من تصلب الشرايين وارتفاع الكوليسترول مبكرًا؟    توجيهات بسرعة إنهاء إجراءات تسجيل بعض الحالات في منظومة التأمين الصحي الشامل بأسوان    بالصور.. أحمد داود وسلمى أبو ضيف وبسنت شوقي في كواليس جديدة من فيلم "إذما"    محافظ المنيا يفتتح أعمال الصيانة الشاملة لمدرسة تجريبية    حكم ما يسمى بزواج النفحة وهل يصح بشروطه المحددة؟.. الإفتاء توضح    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة AROYA وعلى متنها 2300 سائح    قوات الاحتلال تقتحم مدينة نابلس شمال الضفة الغربية    تشييع جثمان شاب غرق أثناء الاستحمام في مياه البحر بكفر الشيخ    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    مفيش دكاترة.. بنها التعليمى يرد على فيديو يزعم غياب الأطباء عن إسعاف مريض    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    بسبب الحرب على غزة.. إسبانيا تلمح لمقاطعة كأس العالم 2026    الريال ضد أولمبيك مارسيليا.. الملكي يحقق 200 فوز في دوري أبطال أوروبا    الكشف على 1604 مواطنين فى القافلة الطبية المجانية بمركز بلقاس    خطة الإنقاذ    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    وزير التعليم يبحث مع وفد الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك    القومي للمرأة يشارك في ندوة مناقشة التقرير الإقليمي "البحث عن العدالة    التعليم تعلن تطبيق منهج "كونكت بلس" لرياض الأطفال والابتدائي    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    أيمن الشريعي: علاقة عبد الناصر محمد مع إنبي لم تنقطع منذ توليه مدير الكرة بالزمالك    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    جامعة القاهرة تحتفي بالراحلين والمتقاعدين والمتميزين في «يوم الوفاء»    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمواجهة نيوكاسل    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 17 سبتمبر    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة الأزهر
نشر في الواقع يوم 03 - 10 - 2011


بقلم د. عادل عامر
ليس من قبيل المبالغة وليس من باب التهويل كما أنة ليس افتئاتا علي الحقيقة ولا نسبة الفضل إليغير أهلة ان نؤكد ونقول بل نهتف وننادي ونقول ان الأزهر منارة العلم وحامي شريعةالله في الأرض إلا وهي الإسلام له من الامتداد والعمق ما جعله يستعصى علي معاولالهدم وله من الخصائص والسمات ما يجعل مصير البشرية مرتبطا بمصيره ان رسالة الأزهرهي رسالة الإسلام وان عظمة رجالة تتمثل في دورانهم مع رحى الإسلام لقد بات معروفاللقاصي والداني والمتحامل والمتعاطف حجم ما قدمه الأزهر الشريف لهذه الدعوة منتضحيات وانجازات في سبيل الله ونشر رسالته الإسلامية ان الأزهر الآن يرتدي ثوبا عصريا أنة الثوبالانقي والأطهر بين بقية الثياب التي يرتديها سائر الموسسات الاخري التي تعمل فيمجال الدعوة والعلوم الإسلامية لقد فطن الأزهر والقائمين علية الآن ان الشكلالحضاري الذي يريدون ان يقدموه للناس ليس بالضرورة هو الشكل الذي قدمه العلماء فيبداية إنشاء الأزهر ان أي نموذج يمكن الناس من تعليم دينهم الصحيح والوسطية الإسلاميةالمعتدلة والتي تقدم للناس مزيدا من الحق ومزيدا من العدل ومزيدا من الخير فهذهالمبادئ العامة التي جاء بها الإسلام من الشورى والعدل وحقوق الإسلام ولقد فطنالقائمين علي رسالة الأزهر الآن ان الثوابت والمتغيرات من طبيعة الأشياء فإذا كانتدرجة حرارة الجسم الإنساني ثابتة عند درجة المئوية السابعة والثلاثين في المتوسطفان درجة حرارة البيئة متغيرة مابين الحرارة الشديدة والبرودة القاسية مرورابالمناخ المعتدل وعلينا ان نحور في ملابسنا لكي نقابل التغير في درجة البيئةالمحيطة من الحرارة والبرودة حتى نحافظ في النهاية علي ثبات درجة حرارة الجسم الإنسانيكذلك فقد أتي الإسلام بمجموعة من الثوابت التي قررها الأصوليون في علم أصول الفقهمثل الضرر يزال المشقة تستجلب التيسير درء المفاسد مقدم علي جلب المنفعة الضرورةتقدر بقدرها ماضاق شئ إلا واتسع وغيرها من السلاسل الذهبية التي تشكل الثوابت فيالشريعة الإسلامية ان العدل وهو منالثوابت في الشريعة الإسلامية يتحقق أحيانا بقطع يد السارق وفي أحيان أخري بعدمقطعها ان السارق الذي يسرق من حرز أو ذلك الذي يروع الآمنين هو الذي تقطع يده أماالسارق ليأكل بعد ان لم يجد من يطعمه فلا تقطع يده كما هو مقرر من أقضية الفاروقعمر بن الخطاب
ان الأزهر مؤسسةعالمية ترعي الإسلام أينما كائن علي وجهة الأرض لذلك فإنها تنظر إلي نشر رسالته منمنظور قومي ووطني ان رسالة الأزهر رسالة لكل الناس في الأرض هي رسالة لكل الناسمؤمنهم وكافرهم مسلمهم وذميهم لا جرم أنها تسعي ان تحتوي الكل تحت سيادة الإسلاموتحكيم شرع الله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله بيد ان شرع الله لا يعنياغتيال العناصر الغير الإسلامية فان الأزهر رسالته مع المستضعفين ضد مستكبرينمؤمنين ضد كافرين حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلي ان رسالةالأزهر للناس أجمعين لا تنحصر فقط في فردوس الآخرة ولكنها أيضا رسالة أعداد الناسللحياة الطيبة في الطيبة ان النفس الإنسانية لا غني لها عن طلب العاجلة مهما كانتعلقها بالآخرة لذلك فان رسالة الأزهر انتظم كل مايريد الخير للإنسانية مهما كانتملته وعقيدته أنها رسالة ضد الاستكبار العالمي ضد العباد لطائفة من البشر من دون الله ولهذا نقول كم هي باليةتلك الخيوط التي نتعلق بها والتي نسميها الحياة أنها لاتعدو لحظات زائفة قصيرةوأياما قليلة بل لا تعدو كونها سحابة زائفة في يوم صائف ماذا نال طالبوها وماذاأدرك عبادها لقد عادوا صفر اليدين بعد ان عركتهم عرك الرحى بسفالها وانقلبوا بمذمةالأولين والآخرين ماذا أعطتهم مما أملوه وماذا وهبتهم مما طلبوه وماذا قدمتلخطابها البائسين لقد قتلتهم جميعا ولم ينج احد من قضائها المبرم وقدرها المحتوموتلك هي القصة منذ البداية خلق الله تعالي ادم بيده وكرمه تكريما واسجد له ملائكتهواسكنه جنة فيحاء فسيحة لا يجوع فيها ولا يعري ولا يظمأ فيها ولا يضحي لا يمسهفيها نصب ولا يمسه فيها لغوب ان هذه الحياة الدنيا يلفها الموت ويرتع بين جنابتهاالمرض ويجري فيها فارس إلي غايته وان كان الفارس الذي لايشق له غبار ان هذه الحياةالدنيا برغم زينتها وبهائها وزخرفها ومتاعها وليها ونهارها مصيرها العدم والفناءالهم إلا ماقدم الإنسان من عمل صالح ابتغاء وجه الله ان بعض الناس وخاصة أصحابالهمم العالية في بداية عهدة بالدين وحداثة عهده بالتعبد قد يظن ان الطاقةالإنسانية لا حدود لها وان الإنسان قد يستطيع ان يصل إلي درجة يستغني فيها تماماعن كل حظوظ نفسه وكل مراد من مرادتها وهذا وهم وشطط في التفكير ان نفسك كنفوسالآخرين بالنسبة له تماما بل هي أولي بالرعاية والتلطف
فلم يلبث الأزهرإلا شكل من إشكال الإسلام في لونه المميز علي خريطة العالم وطابعة المفرد في بناءالإنسان ونظريته المستمدة من شريعة الله الإسلامية المتكاملة والمتجددة بالتوحيدوالإيمان والأخلاق في تفسير مراد رب العباد في الكون والحياة ومنذ ذلك اليوم أصبحللعالم الإسلامي قبلة للعلم إلا وهي الأزهر الشريف قبلتهم الواحدة تهوي إليهمعقولهم للعلم والمعرفة لقد رفع الأزهر لواء العلم ولواء التوحيد عاليا أمام التفكيرالوثني فكان ان صار اصلب مقاومة واقوي تثبيتا بأهداف ثقافته ورسالته التي قامت عليإضعاف ذكري الثقافات الموروثة بل علي محوها في بعض الأحيان في نفوس معتنقيه وعلامائة الإجلاء وإجلال تاريخ الأزهر وتقاليده عليها ونسي الناس في كل الأقطار تقريباما كان لهم من ماض قبل الإسلام نسي المسلمون فراعنتهم وبطالستهم ونسي الأتراكخوافيتهم وحمي الأزهر من خلال الإسلام من دخول تقاليد غريبة الجوهر من كهنة الصحيححتى يلاءم أغراضه ذلك هو الاختلاط الدائم الذي ظل قائما بين إنحاء العالم الإسلاميولا سيما بين الأطراف ومركز الإسلام ألاإنها لم تحدث في عصر محمد رسول الله، ولا في عصر خلفائه الراشدين، ولا في عصورالأمويين والعباسيين، وإنما حدثت يوم ابتعدنا جميعاً على أدياننا وسمحنا للمتاجرينبها أن يعكروا صفو قلوبنا، وللأعداء أن يفرقوا وحدة صفوفنا.. يومئذ فقط مدتالطائفية رأسها لتلصق بأدياننا وبأمتنا مخازي ليست منها. فالطائفية ليست عميقةالجذور في أدياننا ولا في طبائعنا وإنما هي بذرة خبيثة دخيلة نحن الذين سمحنا لهاأن تنمو وتترعرع في تربتنا فحقت علينا لعنة الله.. وإن القضاء عليها لن يكونبكلمات النفاق من السياسيين المحترفين، ولا بمؤتمرات تعلن الوحدة متسترة بطائفيةمقنَّعة. وإنما يجب القضاء عليها بعلاج من داخل أنفسكم أنتم أيها الناس.. منضمائركم، من قلوبكم، من أخلاقكم، من إيمانكم، من قرآنكم وإنجيلكم، من محمدكمومسيحكم.. هنا علاج الطائفية المقيتة.. وهنا هنا يتم الشفاء!. إن أمتنا وهي ترثجهالة العصور، وخرافة الجهالة، وانحطاط الخرافة، ليس لها ما يجدد عزيمتها ويفتحبصائرها إلا أن تجلى لها روحها الموروثة الدفينة، وتستفيد من تراثها المشرقالبنّاء، وتستلهم نظامها الجديد من قيمها الأخلاقية والتشريعية، وكل إعراض عنالاستفادة من هذه الروح تعطيل لمواهب أمتنا من أن تعمل، ولسلاحها من أن يصقل،ولفضائلها من أن تتجسد على الأرض المعذبة جيلاً يمشي بأقدام الإنسان وأرواحالملائكة. إنالطائفية عداء وخصام واستعلاء طائفة على طائفة، وظلم طائفة لأخرى، فمن يستطيع أنيجرؤ على القول بأن هذه هي روح الدين في قرآنه وإنجيله؟ وأن هذه تعاليم الدين فيإسلامه ومسيحيته؟.حين اشتد أذى قريش بالمسلمين لم يجد رسول الله خيراً من نجاشيالحبشة يلجأ إليه أصحابه فيجدون عنده الأمن وحرية العبادة. فأمر صحابته أن يهاجرواإلى الحبشة، وكان الملك النصراني عند ظن الرسول الإسلامي، فاستقبلهم أحسن استقبالوأبى أن يسلمهم إلى قريش وقال لهم: بل تنزلون عندي أعزة مكرمين. ولما جاء نصارىنجران إلى الرسول في المدينة استقبلهم في مسجده وفق ديانتهم، فكانوا يصلون صلاةالنصارى في جانب، ورسول الله يصلي صلاة المسلمين في جانب!. وهكذا تآخى العارفونبدينهم.. يوم كان النصارى يفهمون روح مسيحهم، ويوم كان الإسلام يعلن للدنيا مبدأحرية الأديان وتقديس الشرائع وتكريم موسى وعيسى وإخوانهما من أنبياء الله ورسله،فمتى حدثت الطائفية في تاريخنا؟
وأخيرا نقول :-
ولمن لا يعرف... فالأزهر الذي يعتبر أحدمعاقل الفكر السني في العالم كله أقيم للترويج للمذهب الشيعي في مصر.. ولعل هذا هوالسبب الذي أخر بداية الدراسة فيه حتى 365 ه ليتم الفاطميون إحكامهم على مقاليدالأمور، بعد أن فشلت تجربة مشابهة في شمال إفريقيا قبلها بسنوات. ورغم مرور أكثرمن ألف عام علي تلك البداية السياسية فلا يزال الأزهر يتنازعه تيارا الدينوالسياسة‏,‏ بين شيوخ يبحثون عن دور يتخطي حدود المسجد الجامع‏,‏ وساسة يلجئونلغطاء الدين ليحللوا شئون السياسة التي لا تخلو من الشبهات‏. نظرة سريعة لمسيرةالأزهر الشريف تكشف أنه لم ينفصل يوما عن السياسة، كما أنها هي الأخرى لم تستطع أنتتجاهله. ومنذ إنشائه وحتى اليوم، ولسنوات كثيرة مقبلة ستظل علاقته بالسياسة شائكة،فقد افتتحه الفاطميون لنشر الفكر الشيعي، غير أن علماءه بمرور الوقت حولوه إلىدراسة الفكر السني ونجحوا في استصدار تعهد من جوهر الصقلي بحرية الدراسة فيه، قبلأن يتم بعد ذلك إنشاء المدارس المعتمدة وفق المذاهب الأربعة وتصميم الدراسة فيهوفق هذا التوجيه. ولمن لا يعرف... فقد منع صلاح الدين الأيوبي الخطبة في الجامعالأزهر بعد أن استصدر فتوى (حكماً) من قاضي القضاة بأنه لا يجوز عقد الجمعة فيمسجدين في بلد واحدة، فاكتفوا بالصلاة في مسجد عمرو بن العاص، وقطع عنه الأيوبيونكثيراً مما أوقفه عليه أسلافهم الفاطميون. وظل الأزهر محروماً من صلاة الجمعة نحوقرن من الزمان قبل أن يستعيد الجامع الأزهر عطف الولاة والأعيان، ولما جاء الملكالظاهر بيبرس قام بتوسعته وشجّع التعليم فيه وأعاد الخطبة إليه في عام 665 ه،كأقل مكافأة لدوره الكبير في حشد المصريين لصد هجمات المغول قبل إيقافهم تماماً فيعين جالوت. ولمن لا يعرف... فقد دخل الأزهر عصراً جديداً حين أسقط المغول بغداد،والأسبان الأندلس، فأصبح الأزهر قبلة النازحين من الشرق والغرب بما استخلصوه منكتبهم التي نجت من التحريق هنا والإغراق هناك، وفتح الأزهر صدره لعلماء الإسلامفاكتسب صفة عالمية ضاعف من أثرها نجاح مصر في صد هجمات المغول والصليبيين بعدها،ومكافأة سلاطين المماليك للمصريين على ذلك بمضاعفة العناية بالأزهر والإغداق عليهبالمال والتأييد. ليصبح مسرحاً لبروز نجم أكبر عدد من الأعلام كالعز بن عبد السلاموابن الفارض والسيوطي والسهروردي وابن خلكان والبوصيري والبلقيني والقلقشنديوالسبكي والحلي والدميري والمقريزي والعسقلاني وابن خلدون وابن بطوطة وابن عطاءالله وغيرهم كثير. ولمن لا يعرف... ففي فترة تالية رأى سلاطين العثمانيين أن إضعافالأزهر هو أسرع الطرق لكسر شوكة مصر وإضعاف هيبتها ونزعتها الاستقلالية، فنقلواآلاف المخطوطات إلى القسطنطينية، وأرسلوا إليها عشرات العلماء والقضاة لتفريغالأزهر من ثقله العلمي وكان لهم ما أرادوا، حتى أن الفترة من 1517 وحتى 1798 ظلت شبه خالية من أي نشاط علمي أو ثقافي ذي شأن.حتى قارن بعض المؤرخين التخريب الثقافي الذي ألحقه العثمانيون بالأزهر بالتخريبالمادي الذي ألحقه المغول بدار الحكمة ببغداد. ولمن لا يعرف... فبعد أن دخل نابليونمصر عام 1798م، لم يكن في مصر من أهل الحل والعقد ليفاوضوا نابليون سوي علماءالأزهر. وقد نجحوا في أخذ الأمان للمصريين من نابليون وجيشه فحموا مصر من مذابحهائلة. وقد رأس الشيخ عبد الله الشرقاويديواناً من علماء الأزهر للإشراف على الحكم وإدارة شئون مصر، دون أن يكونوا عوناًللاحتلال كما هو الحال مع بعض المرجعيات الدينية العراقية الآن. وفي أكتوبر 1798 م اجتمع 80 شخصا فيأروقة الأزهر تحت إمرة الشيخ محمد السادات الذي أسس «لجنة للثورة»، ثم أعلنوا عنقيام ثورة القاهرة الأولى. وقد نجح ثوار القاهرة الذين جعلوا من الأزهر مركزاًلانطلاقهم وتجمعهم في قتل حاكم القاهرة الجنرال ديبوي، وعدداً من أعوانه، ثم أقاموا المتاريس والحواجز في سائر الشوارعوالدروب المؤدية إلى الجامع الأزهر، وحاصروا الكولونيل سلكوسكي ياور نابليون الخاصوقتلوه، الأمر الذي أثار نابليون فأمربنصب المدافع على المقطم، لكي تطلق قذائفها على الأزهر. قبل أن يقتحموه اقتحامالضواري بخيولهم، واحتلوه في مناظر وحشية، غير مكترثين بحرمته الدينية والعلمية. وكانالشيخ الشرقاوي من القوة والمكانة بحيث أنه اتخذ قراراً جريئاً بإغلاق الأزهر فييونيو 1800م احتجاجا على دخول الفرنسيين للأزهر، وحماية لطلبته، وظل الأزهر مغلقاًأكثر من عام في أطول اعتصام ديني مفتوح حتى أعاد هو نفسه افتتاحه في أكتوبر عام 1801بعد خروج الفرنسيين من مصر، في يوم اعتبره الأزهريون عيداً. ولمن لا يعرف... فإنشيوخ الأزهر هم الذين أتوا بمحمد علي حاكماً علي مصر عندما أصبحت بلا حاكم حقيقيواشتعلت الثورات بها بعد رحيل الاحتلال الفرنسي ورغم محاولات محمد علي المتعددةللتخلص من علماء الأزهر الذين أوصلوه للحكم‏,‏ فإن جيلا آخر من شيوخ الأزهر أعلنالكفاح ضد غطرسة أبناء محمد علي فكانت الثورة العرابية التي أسهم فيها شيوخ الأزهرمن أمثال رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وحتى عبد الله النديم الذي كانت مجلته الأستاذالتي احتشدت بمقالات كبار الأزهريين بمثابة لسان حال للمعارضة المصرية‏.ولمن لايعرف... فإن تاريخ الأزهر مع أسرة محمد علي والأحزاب السياسية المصرية تاريخ ثري،تناوبت فيه الانتصارات والانكسارات، وأسس هذا التاريخ لشكل علاقة الأزهر بنظامالحكم بعد الثورة. وهي العلاقة التي طرحت علامات الاستفهام والمآخذ خاصة فيمايتعلق باستخدامالسلطة للمؤسسة الدينية في أمور تكون بعيدة عنطبيعة دورها ذي الطابع العلمي الديني النزيه‏.‏و حتى في أثناء ثورة 1919,‏ التيقادها سعد زغلول الذي بدأ تعليمه بالأزهر‏,‏ كان الأزهر معقلا للثورة ومركزالتنظيم المظاهرات‏,‏ ومن فوق نفس المنبر الخشبي العتيق الذي وقف عليه قادة ثورة‏19‏جلجل صوت عبد الناصر في خطبته الشهيرة عقب عدوان‏1956,‏ يعلن الجهاد‏ ضد العدوانالثلاثي. وتم إعلان نصر حرب رمضان المجيدة من فوق منبره حيث خطب الشيخ عبد الحليممحمود ومن بعده نائب الرئيس حسين الشافعي. ومن ساحته خرجت – وتخرج – مظاهراتالتنديد بالعدوان الأمريكي على العراق، والاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، والدفاععن الرسول صلى الله عليه وسلم ضد المستهزئين.. وهي مظاهرات وإن كانت سلمية حتىالآن... فقد كان التاريخ شاهداً أنها لا تكون كذلك إذا كان الخطر محدقاً، وموجالاستكبار عالياً... والتاريخ لا يكذب ولا يتجمل.
--
الدكتور عادل عامر
خبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
ورئيس تحرير جريدة صوت المصريين الالكترونية
وعضو الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية
محمول 0124121902


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.