داخلية غزة: إسرائيل تسعى لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار الداخلي    الكرملين: يجب تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي    مصرع أب وإصابة نجله في تصادم سيارة ربع نقل مع دراجة نارية بالفيوم    انطلاق مهرجان ليالي مراسي 1 يوليو.. بهاء سلطان ورامي صبري في الافتتاح ونانسي وحكيم بالختام    إسرائيل اليوم: نتنياهو اتفق مع ترامب على إنهاء الحرب في غزة خلال أسبوعين    الحرس الثوري الإيراني: أمريكا تدخلت في الحرب لإنقاذ الجنود الإسرائيلي «المساكين»    رئيس المصري يضع خارطة الطريق للنهوض والارتقاء المستقبلي    مشاهدة مباراة مصر والبرتغال بث مباشر في كأس العالم للشباب لكرة اليد    «شيمي» يبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية مع وزير الاستثمار المغربي (تفاصيل)    أسلاك الكهرباء تتسبب بإشعال النيران في سيارة تحمل كتان بالغربية    إزالة حالتي تعدٍ لمزارع سمكية شمال سهل الحسينية على مساحة 42 فدانا جنوب بورسعيد    محمد رمضان يحيي حفلا بالساحل الشمالي يوليو المقبل    «التأمين الشامل» تستعرض تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية ضمن «صحة أفريقيا 2025»    وزير الخارجية ونظيره البولندي يعربان عن تطلعهما لترفيع مستوى العلاقات بين البلدين    فيفبرو يطالب فيفا بإعادة النظر فى مواعيد مباريات كأس العالم الأندية    بعد 16 عامًا من الانتظار..توجيهات عاجلة من محافظ الأقصر بتسليم مشروع الإسكان الاجتماعي بالطود    محافظ الجيزة: مشروعات حيوية لرفع كفاءة البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات    رونالدو عن تجديد عقده مع النصر: نبدأ فصلا جديدا    انطلاق اختبارات المقاولون العرب الخارجية من نجريج مسقط رأس محمد صلاح    اعتماد الحدود الإدارية النهائية للمنيا مع المحافظات المجاورة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    الباركود كشفها.. التحقيق مع طالبة ثانوية عامة بالأقصر بعد تسريبها امتحان الفيزياء    ارتفاع شديد في درجات الحرارة.. طقس المنيا ومحافظات شمال الصعيد غدًا الجمعة 27 يونيو    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا تجارة الدولار» خلال 24 ساعة    رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول العام الهجري الجديد    «الأعلى للثقافة» يوصي بإنشاء «مجلس قومي للوعي بالقانون»    ب «حلق» ونظارة شمسية.. عمرو دياب يثير الجدل ببوستر «ابتدينا» ولوك جريء    «الحظ يحالفك».. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من يونيو 2025    «الأعلى للآثار»: تنظيم معرض «مصر القديمة تكشف عن نفسها» بالصين نوفمبر المقبل    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    خلال مؤتمر «صحة أفريقيا».. إطلاق أول تطبيق ذكي إقليميًا ودوليًا لتحديد أولويات التجهيزات الطبية بالمستشفيات    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    شاهد.. أرتفاع إيرادات فيلم "ريستارت" أمس    الخارجية الفلسطينية: عجز المجتمع الدولي عن وقف "حرب الإبادة" في قطاع غزة غير مبرر    ميرتس: الاتحاد الأوروبي يواجه أسابيع وأشهر حاسمة مع اقتراب الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    أفضل وصفات العصائر الطبيعية المنعشة لفصل الصيف    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    جهات التحقيق تأمر بتفريغ الكاميرات فى اتهام مها الصغير أحمد السقا بالتعدى عليها    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    زيادة جديدة فى المعاشات بنسبة 15% بدءًا من يوليو 2025.. الفئات المستفيدة    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة الأزهر
نشر في الواقع يوم 03 - 10 - 2011


بقلم د. عادل عامر
ليس من قبيل المبالغة وليس من باب التهويل كما أنة ليس افتئاتا علي الحقيقة ولا نسبة الفضل إليغير أهلة ان نؤكد ونقول بل نهتف وننادي ونقول ان الأزهر منارة العلم وحامي شريعةالله في الأرض إلا وهي الإسلام له من الامتداد والعمق ما جعله يستعصى علي معاولالهدم وله من الخصائص والسمات ما يجعل مصير البشرية مرتبطا بمصيره ان رسالة الأزهرهي رسالة الإسلام وان عظمة رجالة تتمثل في دورانهم مع رحى الإسلام لقد بات معروفاللقاصي والداني والمتحامل والمتعاطف حجم ما قدمه الأزهر الشريف لهذه الدعوة منتضحيات وانجازات في سبيل الله ونشر رسالته الإسلامية ان الأزهر الآن يرتدي ثوبا عصريا أنة الثوبالانقي والأطهر بين بقية الثياب التي يرتديها سائر الموسسات الاخري التي تعمل فيمجال الدعوة والعلوم الإسلامية لقد فطن الأزهر والقائمين علية الآن ان الشكلالحضاري الذي يريدون ان يقدموه للناس ليس بالضرورة هو الشكل الذي قدمه العلماء فيبداية إنشاء الأزهر ان أي نموذج يمكن الناس من تعليم دينهم الصحيح والوسطية الإسلاميةالمعتدلة والتي تقدم للناس مزيدا من الحق ومزيدا من العدل ومزيدا من الخير فهذهالمبادئ العامة التي جاء بها الإسلام من الشورى والعدل وحقوق الإسلام ولقد فطنالقائمين علي رسالة الأزهر الآن ان الثوابت والمتغيرات من طبيعة الأشياء فإذا كانتدرجة حرارة الجسم الإنساني ثابتة عند درجة المئوية السابعة والثلاثين في المتوسطفان درجة حرارة البيئة متغيرة مابين الحرارة الشديدة والبرودة القاسية مرورابالمناخ المعتدل وعلينا ان نحور في ملابسنا لكي نقابل التغير في درجة البيئةالمحيطة من الحرارة والبرودة حتى نحافظ في النهاية علي ثبات درجة حرارة الجسم الإنسانيكذلك فقد أتي الإسلام بمجموعة من الثوابت التي قررها الأصوليون في علم أصول الفقهمثل الضرر يزال المشقة تستجلب التيسير درء المفاسد مقدم علي جلب المنفعة الضرورةتقدر بقدرها ماضاق شئ إلا واتسع وغيرها من السلاسل الذهبية التي تشكل الثوابت فيالشريعة الإسلامية ان العدل وهو منالثوابت في الشريعة الإسلامية يتحقق أحيانا بقطع يد السارق وفي أحيان أخري بعدمقطعها ان السارق الذي يسرق من حرز أو ذلك الذي يروع الآمنين هو الذي تقطع يده أماالسارق ليأكل بعد ان لم يجد من يطعمه فلا تقطع يده كما هو مقرر من أقضية الفاروقعمر بن الخطاب
ان الأزهر مؤسسةعالمية ترعي الإسلام أينما كائن علي وجهة الأرض لذلك فإنها تنظر إلي نشر رسالته منمنظور قومي ووطني ان رسالة الأزهر رسالة لكل الناس في الأرض هي رسالة لكل الناسمؤمنهم وكافرهم مسلمهم وذميهم لا جرم أنها تسعي ان تحتوي الكل تحت سيادة الإسلاموتحكيم شرع الله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله بيد ان شرع الله لا يعنياغتيال العناصر الغير الإسلامية فان الأزهر رسالته مع المستضعفين ضد مستكبرينمؤمنين ضد كافرين حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلي ان رسالةالأزهر للناس أجمعين لا تنحصر فقط في فردوس الآخرة ولكنها أيضا رسالة أعداد الناسللحياة الطيبة في الطيبة ان النفس الإنسانية لا غني لها عن طلب العاجلة مهما كانتعلقها بالآخرة لذلك فان رسالة الأزهر انتظم كل مايريد الخير للإنسانية مهما كانتملته وعقيدته أنها رسالة ضد الاستكبار العالمي ضد العباد لطائفة من البشر من دون الله ولهذا نقول كم هي باليةتلك الخيوط التي نتعلق بها والتي نسميها الحياة أنها لاتعدو لحظات زائفة قصيرةوأياما قليلة بل لا تعدو كونها سحابة زائفة في يوم صائف ماذا نال طالبوها وماذاأدرك عبادها لقد عادوا صفر اليدين بعد ان عركتهم عرك الرحى بسفالها وانقلبوا بمذمةالأولين والآخرين ماذا أعطتهم مما أملوه وماذا وهبتهم مما طلبوه وماذا قدمتلخطابها البائسين لقد قتلتهم جميعا ولم ينج احد من قضائها المبرم وقدرها المحتوموتلك هي القصة منذ البداية خلق الله تعالي ادم بيده وكرمه تكريما واسجد له ملائكتهواسكنه جنة فيحاء فسيحة لا يجوع فيها ولا يعري ولا يظمأ فيها ولا يضحي لا يمسهفيها نصب ولا يمسه فيها لغوب ان هذه الحياة الدنيا يلفها الموت ويرتع بين جنابتهاالمرض ويجري فيها فارس إلي غايته وان كان الفارس الذي لايشق له غبار ان هذه الحياةالدنيا برغم زينتها وبهائها وزخرفها ومتاعها وليها ونهارها مصيرها العدم والفناءالهم إلا ماقدم الإنسان من عمل صالح ابتغاء وجه الله ان بعض الناس وخاصة أصحابالهمم العالية في بداية عهدة بالدين وحداثة عهده بالتعبد قد يظن ان الطاقةالإنسانية لا حدود لها وان الإنسان قد يستطيع ان يصل إلي درجة يستغني فيها تماماعن كل حظوظ نفسه وكل مراد من مرادتها وهذا وهم وشطط في التفكير ان نفسك كنفوسالآخرين بالنسبة له تماما بل هي أولي بالرعاية والتلطف
فلم يلبث الأزهرإلا شكل من إشكال الإسلام في لونه المميز علي خريطة العالم وطابعة المفرد في بناءالإنسان ونظريته المستمدة من شريعة الله الإسلامية المتكاملة والمتجددة بالتوحيدوالإيمان والأخلاق في تفسير مراد رب العباد في الكون والحياة ومنذ ذلك اليوم أصبحللعالم الإسلامي قبلة للعلم إلا وهي الأزهر الشريف قبلتهم الواحدة تهوي إليهمعقولهم للعلم والمعرفة لقد رفع الأزهر لواء العلم ولواء التوحيد عاليا أمام التفكيرالوثني فكان ان صار اصلب مقاومة واقوي تثبيتا بأهداف ثقافته ورسالته التي قامت عليإضعاف ذكري الثقافات الموروثة بل علي محوها في بعض الأحيان في نفوس معتنقيه وعلامائة الإجلاء وإجلال تاريخ الأزهر وتقاليده عليها ونسي الناس في كل الأقطار تقريباما كان لهم من ماض قبل الإسلام نسي المسلمون فراعنتهم وبطالستهم ونسي الأتراكخوافيتهم وحمي الأزهر من خلال الإسلام من دخول تقاليد غريبة الجوهر من كهنة الصحيححتى يلاءم أغراضه ذلك هو الاختلاط الدائم الذي ظل قائما بين إنحاء العالم الإسلاميولا سيما بين الأطراف ومركز الإسلام ألاإنها لم تحدث في عصر محمد رسول الله، ولا في عصر خلفائه الراشدين، ولا في عصورالأمويين والعباسيين، وإنما حدثت يوم ابتعدنا جميعاً على أدياننا وسمحنا للمتاجرينبها أن يعكروا صفو قلوبنا، وللأعداء أن يفرقوا وحدة صفوفنا.. يومئذ فقط مدتالطائفية رأسها لتلصق بأدياننا وبأمتنا مخازي ليست منها. فالطائفية ليست عميقةالجذور في أدياننا ولا في طبائعنا وإنما هي بذرة خبيثة دخيلة نحن الذين سمحنا لهاأن تنمو وتترعرع في تربتنا فحقت علينا لعنة الله.. وإن القضاء عليها لن يكونبكلمات النفاق من السياسيين المحترفين، ولا بمؤتمرات تعلن الوحدة متسترة بطائفيةمقنَّعة. وإنما يجب القضاء عليها بعلاج من داخل أنفسكم أنتم أيها الناس.. منضمائركم، من قلوبكم، من أخلاقكم، من إيمانكم، من قرآنكم وإنجيلكم، من محمدكمومسيحكم.. هنا علاج الطائفية المقيتة.. وهنا هنا يتم الشفاء!. إن أمتنا وهي ترثجهالة العصور، وخرافة الجهالة، وانحطاط الخرافة، ليس لها ما يجدد عزيمتها ويفتحبصائرها إلا أن تجلى لها روحها الموروثة الدفينة، وتستفيد من تراثها المشرقالبنّاء، وتستلهم نظامها الجديد من قيمها الأخلاقية والتشريعية، وكل إعراض عنالاستفادة من هذه الروح تعطيل لمواهب أمتنا من أن تعمل، ولسلاحها من أن يصقل،ولفضائلها من أن تتجسد على الأرض المعذبة جيلاً يمشي بأقدام الإنسان وأرواحالملائكة. إنالطائفية عداء وخصام واستعلاء طائفة على طائفة، وظلم طائفة لأخرى، فمن يستطيع أنيجرؤ على القول بأن هذه هي روح الدين في قرآنه وإنجيله؟ وأن هذه تعاليم الدين فيإسلامه ومسيحيته؟.حين اشتد أذى قريش بالمسلمين لم يجد رسول الله خيراً من نجاشيالحبشة يلجأ إليه أصحابه فيجدون عنده الأمن وحرية العبادة. فأمر صحابته أن يهاجرواإلى الحبشة، وكان الملك النصراني عند ظن الرسول الإسلامي، فاستقبلهم أحسن استقبالوأبى أن يسلمهم إلى قريش وقال لهم: بل تنزلون عندي أعزة مكرمين. ولما جاء نصارىنجران إلى الرسول في المدينة استقبلهم في مسجده وفق ديانتهم، فكانوا يصلون صلاةالنصارى في جانب، ورسول الله يصلي صلاة المسلمين في جانب!. وهكذا تآخى العارفونبدينهم.. يوم كان النصارى يفهمون روح مسيحهم، ويوم كان الإسلام يعلن للدنيا مبدأحرية الأديان وتقديس الشرائع وتكريم موسى وعيسى وإخوانهما من أنبياء الله ورسله،فمتى حدثت الطائفية في تاريخنا؟
وأخيرا نقول :-
ولمن لا يعرف... فالأزهر الذي يعتبر أحدمعاقل الفكر السني في العالم كله أقيم للترويج للمذهب الشيعي في مصر.. ولعل هذا هوالسبب الذي أخر بداية الدراسة فيه حتى 365 ه ليتم الفاطميون إحكامهم على مقاليدالأمور، بعد أن فشلت تجربة مشابهة في شمال إفريقيا قبلها بسنوات. ورغم مرور أكثرمن ألف عام علي تلك البداية السياسية فلا يزال الأزهر يتنازعه تيارا الدينوالسياسة‏,‏ بين شيوخ يبحثون عن دور يتخطي حدود المسجد الجامع‏,‏ وساسة يلجئونلغطاء الدين ليحللوا شئون السياسة التي لا تخلو من الشبهات‏. نظرة سريعة لمسيرةالأزهر الشريف تكشف أنه لم ينفصل يوما عن السياسة، كما أنها هي الأخرى لم تستطع أنتتجاهله. ومنذ إنشائه وحتى اليوم، ولسنوات كثيرة مقبلة ستظل علاقته بالسياسة شائكة،فقد افتتحه الفاطميون لنشر الفكر الشيعي، غير أن علماءه بمرور الوقت حولوه إلىدراسة الفكر السني ونجحوا في استصدار تعهد من جوهر الصقلي بحرية الدراسة فيه، قبلأن يتم بعد ذلك إنشاء المدارس المعتمدة وفق المذاهب الأربعة وتصميم الدراسة فيهوفق هذا التوجيه. ولمن لا يعرف... فقد منع صلاح الدين الأيوبي الخطبة في الجامعالأزهر بعد أن استصدر فتوى (حكماً) من قاضي القضاة بأنه لا يجوز عقد الجمعة فيمسجدين في بلد واحدة، فاكتفوا بالصلاة في مسجد عمرو بن العاص، وقطع عنه الأيوبيونكثيراً مما أوقفه عليه أسلافهم الفاطميون. وظل الأزهر محروماً من صلاة الجمعة نحوقرن من الزمان قبل أن يستعيد الجامع الأزهر عطف الولاة والأعيان، ولما جاء الملكالظاهر بيبرس قام بتوسعته وشجّع التعليم فيه وأعاد الخطبة إليه في عام 665 ه،كأقل مكافأة لدوره الكبير في حشد المصريين لصد هجمات المغول قبل إيقافهم تماماً فيعين جالوت. ولمن لا يعرف... فقد دخل الأزهر عصراً جديداً حين أسقط المغول بغداد،والأسبان الأندلس، فأصبح الأزهر قبلة النازحين من الشرق والغرب بما استخلصوه منكتبهم التي نجت من التحريق هنا والإغراق هناك، وفتح الأزهر صدره لعلماء الإسلامفاكتسب صفة عالمية ضاعف من أثرها نجاح مصر في صد هجمات المغول والصليبيين بعدها،ومكافأة سلاطين المماليك للمصريين على ذلك بمضاعفة العناية بالأزهر والإغداق عليهبالمال والتأييد. ليصبح مسرحاً لبروز نجم أكبر عدد من الأعلام كالعز بن عبد السلاموابن الفارض والسيوطي والسهروردي وابن خلكان والبوصيري والبلقيني والقلقشنديوالسبكي والحلي والدميري والمقريزي والعسقلاني وابن خلدون وابن بطوطة وابن عطاءالله وغيرهم كثير. ولمن لا يعرف... ففي فترة تالية رأى سلاطين العثمانيين أن إضعافالأزهر هو أسرع الطرق لكسر شوكة مصر وإضعاف هيبتها ونزعتها الاستقلالية، فنقلواآلاف المخطوطات إلى القسطنطينية، وأرسلوا إليها عشرات العلماء والقضاة لتفريغالأزهر من ثقله العلمي وكان لهم ما أرادوا، حتى أن الفترة من 1517 وحتى 1798 ظلت شبه خالية من أي نشاط علمي أو ثقافي ذي شأن.حتى قارن بعض المؤرخين التخريب الثقافي الذي ألحقه العثمانيون بالأزهر بالتخريبالمادي الذي ألحقه المغول بدار الحكمة ببغداد. ولمن لا يعرف... فبعد أن دخل نابليونمصر عام 1798م، لم يكن في مصر من أهل الحل والعقد ليفاوضوا نابليون سوي علماءالأزهر. وقد نجحوا في أخذ الأمان للمصريين من نابليون وجيشه فحموا مصر من مذابحهائلة. وقد رأس الشيخ عبد الله الشرقاويديواناً من علماء الأزهر للإشراف على الحكم وإدارة شئون مصر، دون أن يكونوا عوناًللاحتلال كما هو الحال مع بعض المرجعيات الدينية العراقية الآن. وفي أكتوبر 1798 م اجتمع 80 شخصا فيأروقة الأزهر تحت إمرة الشيخ محمد السادات الذي أسس «لجنة للثورة»، ثم أعلنوا عنقيام ثورة القاهرة الأولى. وقد نجح ثوار القاهرة الذين جعلوا من الأزهر مركزاًلانطلاقهم وتجمعهم في قتل حاكم القاهرة الجنرال ديبوي، وعدداً من أعوانه، ثم أقاموا المتاريس والحواجز في سائر الشوارعوالدروب المؤدية إلى الجامع الأزهر، وحاصروا الكولونيل سلكوسكي ياور نابليون الخاصوقتلوه، الأمر الذي أثار نابليون فأمربنصب المدافع على المقطم، لكي تطلق قذائفها على الأزهر. قبل أن يقتحموه اقتحامالضواري بخيولهم، واحتلوه في مناظر وحشية، غير مكترثين بحرمته الدينية والعلمية. وكانالشيخ الشرقاوي من القوة والمكانة بحيث أنه اتخذ قراراً جريئاً بإغلاق الأزهر فييونيو 1800م احتجاجا على دخول الفرنسيين للأزهر، وحماية لطلبته، وظل الأزهر مغلقاًأكثر من عام في أطول اعتصام ديني مفتوح حتى أعاد هو نفسه افتتاحه في أكتوبر عام 1801بعد خروج الفرنسيين من مصر، في يوم اعتبره الأزهريون عيداً. ولمن لا يعرف... فإنشيوخ الأزهر هم الذين أتوا بمحمد علي حاكماً علي مصر عندما أصبحت بلا حاكم حقيقيواشتعلت الثورات بها بعد رحيل الاحتلال الفرنسي ورغم محاولات محمد علي المتعددةللتخلص من علماء الأزهر الذين أوصلوه للحكم‏,‏ فإن جيلا آخر من شيوخ الأزهر أعلنالكفاح ضد غطرسة أبناء محمد علي فكانت الثورة العرابية التي أسهم فيها شيوخ الأزهرمن أمثال رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وحتى عبد الله النديم الذي كانت مجلته الأستاذالتي احتشدت بمقالات كبار الأزهريين بمثابة لسان حال للمعارضة المصرية‏.ولمن لايعرف... فإن تاريخ الأزهر مع أسرة محمد علي والأحزاب السياسية المصرية تاريخ ثري،تناوبت فيه الانتصارات والانكسارات، وأسس هذا التاريخ لشكل علاقة الأزهر بنظامالحكم بعد الثورة. وهي العلاقة التي طرحت علامات الاستفهام والمآخذ خاصة فيمايتعلق باستخدامالسلطة للمؤسسة الدينية في أمور تكون بعيدة عنطبيعة دورها ذي الطابع العلمي الديني النزيه‏.‏و حتى في أثناء ثورة 1919,‏ التيقادها سعد زغلول الذي بدأ تعليمه بالأزهر‏,‏ كان الأزهر معقلا للثورة ومركزالتنظيم المظاهرات‏,‏ ومن فوق نفس المنبر الخشبي العتيق الذي وقف عليه قادة ثورة‏19‏جلجل صوت عبد الناصر في خطبته الشهيرة عقب عدوان‏1956,‏ يعلن الجهاد‏ ضد العدوانالثلاثي. وتم إعلان نصر حرب رمضان المجيدة من فوق منبره حيث خطب الشيخ عبد الحليممحمود ومن بعده نائب الرئيس حسين الشافعي. ومن ساحته خرجت – وتخرج – مظاهراتالتنديد بالعدوان الأمريكي على العراق، والاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، والدفاععن الرسول صلى الله عليه وسلم ضد المستهزئين.. وهي مظاهرات وإن كانت سلمية حتىالآن... فقد كان التاريخ شاهداً أنها لا تكون كذلك إذا كان الخطر محدقاً، وموجالاستكبار عالياً... والتاريخ لا يكذب ولا يتجمل.
--
الدكتور عادل عامر
خبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
ورئيس تحرير جريدة صوت المصريين الالكترونية
وعضو الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية
محمول 0124121902


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.