بقلم محمد الحنفي وهذه الأصناف المشار إليها سابقا، وغيرها، يمكن أن نضيفإليها أصنافا أخرى، تتمثل في المشغلين المالكين للمؤسسات الإنتاجية، والخدماتية،والذين يمتنعون عن: 1) تمتيع من يشتغل عندهم، بأجور تتناسب مع الحد الأدنىللأجور، التي تتناسب، بدورها، مع متطلبات الحياة الضرورية، والكمالية. 2) تمكين العمال من الانخراط في صندوق التقاعد، وفيصندوق الضمان الاجتماعي، حتى يتمتعوا مستقبلا بالحق في الحماية الاجتماعية، وفيالتغطية الصحية. 3) عدم تمكين العمال، وباقي الأجراء، من التعويضات التيتقتضيها طبيعة العمل الإنتاجي، أو الخدماتي. 4) عدم أداء قيمة الساعات الزائدة في العمل، ودفع العمالإلى القيام بها قهرا. 5) عدم ترسيم العمال مباشرة، بعد انتهاء مدة التدريب،المنصوص عليها في القانون، بسبب اللجوء إلى تجديد العقد، بعد انتهاء مدة التدريب،مما يجعل العمال، وباقي الأجراء، يبقون محرومين من الترقي في عملهم، ومن تحسينأجورهم، ومن تلقي التعويض المنصوص عليه بعد الترسيم في العمل. وهؤلاء المشغلون الذين يحرمون العمال، وباقي الأجراء منحقوقهم، تتراكم لديهم ثروات ناجمة عن ما ذكرنا، خاصة، وأنهم مصنفون أصلا من كبارالأثرياء. وهكذا، ومن خلال سرد هذه العينات، من الذين ينهبون ثرواتالشعوب، نستطيع أن نقول: إن البورجوازية العربية تتكون، في معظمها، من ناهبي ثرواتالشعوب، أو الثروات العمومية، كما يسمونها. وهذه الثروات المنهوبة من الشعوب، والتي أنتجتهابورجوازية خليعة، ومتخلفة، وناشرة للفساد الإداري، والاقتصادي، والاجتماعي،والثقافي، والسياسي. وهذا الفساد المستشري في البلاد العربية، الناجم عنعملية النهب المستمرة، التي تتعرض لها ثروات الشعوب، هو الذي أدى إلى: 1) اتساع دائرة الجماهير الشعبية، التي تعيش تحت عتبةالفقر، والتي قد لا تحصل من عملها الهامشي، حتى على قوتها اليومي، في الوقت الذيتعيش فيه قلة من الأثرياء، حالة من الثراء الفاحش، الذي يتجاوز كل الحدود المتصورةعلى مستوى الاستهلاك، الذي لا يكاد يعادله إلا النهب اليومي لثروات الشعوب العربيةالواضحة، وغير الواضحة، كما لا يكاد يعادله إلا الاستغلال الهمجي، الذي يتعرض لهالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين في القطاعات الإنتاجية، والخدماتية. 2) عدم قدرة الأجور التي يتلقاها العمال، وباقي الأجراء،على مواجهة متطلبات الحياة الاجتماعية، كالسكن، والتعليم، والصحة، والتنقل،وغيرها، بالإضافة إلى القوت اليومي. وهو ما يجعل العمال، والأجراء، ينشغلون، فيسحابة يومهم، بشؤون العيش، مما يجعلهم لا يفكرون لا في النقابة، ولا في الجمعياتالثقافية، ولا في الجمعيات الحقوقية، ولا في الأمور السياسية. وهذه الممارسة، فيحد ذاتها، تعتبر شكلا من أشكال الاستلاب. 3) عدم قيام نمو سريع في المجالات: الاقتصادية،والاجتماعية، وفي البنيات الثقافية الأساسية، مما يترتب عنه توقف تشغيل العاطلين،والمعطلين، ونمو نسبة العطالة في المجتمع، واستمرار نسبة هذا النمو في الارتفاع.وعدم القيام بهذا النمو السريع، أو المتوسط، أو البطيء، يؤدي إلى ارتفاع استثمارالأموال في احتكار العقارات في المجال الحضري، وفي المجال القروي، أملا في أنيزداد ارتفاع قيمة تلك العقارات، حتى يجني من ورائها المحتكرون المزيد من الأرباح،على حساب انتشار العطالة في صفوف الشباب؛ لأن تلك الأموال، كان يجب استثمارها فيالمشاريع الإنتاجية، أو الخدماتية، حتى تؤدي إلى تشغيل العاطلين، والمعطلين منالشباب. 4) عدم القدرة على استيعاب المشاريع الاقتصادية،والاجتماعية، لحاملي المؤهلات المختلفة، نظرا لاعتماد المكننة في العديد منها،وبسبب لا وطنية الرأسمال في البلاد العربية، ونظرا لكون الإنسان في البلادالعربية، أريد له أن يكون في خدمة الرأسمال، لا أن يكون الرأسمال في خدمة الإنسان،الأمر الذي يترتب عنه استمرار تكريس التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي،والسياسي في البلاد العربية، من المحيط إلى الخليج. 5) الحرمان من الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية،والثقافية، والمدنية، والسياسية، بسبب استبداد الحكام، والمسؤولين، بالثرواتالمنهوبة من الشعوب العربية، الغنية بالثروات المعدنية، والتي لا تستفيد منهاالشعوب، إلا في نمو قوات القمعن التي تنمو نموا مطردا باستمرار. 6) غياب الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية،والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؛ لأن حضور الديمقراطية بمضامينهاالمذكورة، سوف يجعل ثروات الشعوب، في خدمة مصالح الشعوب. ولذلك، نجد أن المسؤولين، على اختلاف مستوياتهم، فيمختلف الأنظمة العربية، يسعون، باستمرار، إلى تغييب الديمقراطية في ممارستهماليومية، حتى لا تصير ثروات الشعوب في خدمة الشعوب، وحتى تبقى تلك الثروات معرضةللنهب المستمر. وإذا كانت هناك ممارسة ديمقراطية، فإن المفروض فيها، أنلا تتجاوز سقف ديمقراطية الواجهة، التي لا تخدم إلا ممارسة نهب تلك الثروات. 7) غياب إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسساتتمثيلية حقيقية، تعكس احترام إرادة الشعب في كل بلد من البلدان العربية، وإذا تقررأن تكون هناك انتخابات في أي بلد عربي، فلأن المسؤولين عن هذا البلد، أو ذاك منالبلاد العربية، يريدونها مزورة، لإيجاد مؤسسات مزورة، تكون في خدمة مصالحالمسؤولين، وفي خدمة شرعنة نهب ثروات الشعوب. 8) غياب حكومات عربية، في خدمة مصالح الشعوب، كحكومات منفرزةعن صناديق الاقتراع. ذلك أن الحكومات القائمة، هي حكومات غير منفرزة عنصناديق الاقتراع، ولا تقوم بخدمة مصالح الشعوب، بقدر ما ترعى نهب الثروات الشعبية،على يد المسؤولين على جميع المستويات. وهذه الرعاية هي التي تعطينا عملية النهبالمبرمج، باعتباره ممارسة ممنهجة، لإفقار الشعوب العربية، من المحيط إلى الخليج. وهذه الوضعيات المترتبة عن عملية النهب المتواصل لثرواتالشعوب، تفرض الوعي بها، والوقوف على شروطها الموضوعية، القائمة على مدي عقودبأكملها، حتى ندرك: لماذا ثورة الشباب في البلاد العربية، من المحيط إلىالخليج؟ ذلك، أن ثورة الشباب، تقوم من أجل المحافظة على ثرواتالشعوب، وحماية هذه الثروات، وجعلها في خدمة مصالح الشعوب، ورفاهيتها، يعتبر مسألةأساسية بالنسبة للشباب الثائر، سعيا إلى: 1) وضع حد للمسؤولين الذين ينظمون نهب ثروات الشعوب، علىمدي عقود بأكملها. 2) محاكمة هؤلاء المسؤولين، وأمام الشعوب، لممارستهملنهب ثروات الشعوب، أو تنظيمها لصالح جهات معينة. 3) مصادرة ثرواتهم النقدية، والعقارية، وغيرها، الآتيةمن مصدر عملية النهب المشار إليها. 4) مطالبة جميع الدول الأوروبية، والأمريكية، بإرجاعجميع الأموال، والثروات الأخرى، الموجودة لديها بأسماء الحكام العرب، ومن يدور فيفلكهم، إلى الشعوب التي نهبت ثرواتها في البلاد العربية. 5) إقامة دول وطنية، ديمقراطية، مدنية، علمانية فيالبلاد العربية، كنتيجة لانتصار ثورة الشباب، في كل بلد من البلاد العربية. 6) إيجاد دساتير ديمقراطية، تكون فيها السيادة للشعوبالعربية، التي تعتبر مصدرا لجميع السلطات القائمة في البلاد العربية، ويفصل بينالسلطة التنفيذية، والتشريعية، والقضائية. 7) إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثلاحترام إرادة الشعب، في كل بلد عربي على حدة. 8) إيجاد حكومة من أغلبية مجلس النواب، التي تكون مسؤولةأمامه، وتعمل على خدمة مصالح الشعب، في كل بلد عربي، كما هو الشأن بالنسبة لمشكلالبطالة، ومشكل التعليم، ومشكل الصحة، ومشكل السكن، وغيرها من المشاكل القائمة فيالواقع. 10) إيجاد آليات ناجعة، لمحاربة كافة أشكال الفسادالاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والإداري، والسياسي، في أفق تخليص المجتمعالعربي من كل أشكال الفساد. 11) ملاءمة القوانين المحلية، مع المواثيق الدوليةالمتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تتحول القوانين إلى وسيلة لتمتيع جميع المواطنين، فيكل بلد عربي، بجميع الحقوق. 12) مراقبة تفعيل القوانين، في مختلف المجالات، سعيا إلىالتأكد من أجرأة مقتضياتها على أرض الواقع، من قبل هيأة مختصة، بمراقبة القوانينفي جميع القطاعات الاجتماعية، وعلى المستوى العام. فثورة الشباب، إذن، بما هي ثورة من أجل وضع حد لنهبثروات الشعوب، هي ثورة دائمة من أجل: محاكمة ناهبي تلك الثروات. استرجاع الثروات المنهوبة. جعل هذه الثروات في خدمة مصالح الشعوب. فحفظ ثروات الشعوب، يجب أن يصير مقدسا، وحماية تلكالثروات ،يجب أن يصير ممارسة يومية لجميع أفراد كل شعب، مسؤولين، وغير مسؤولين، منمنطلق أن تلك الثروات، هي مصدر حفظ كرامة الشعوب، والثورة ضد ناهبي ثروات الشعوب،يجب أن يصير واجبا مقدسا ومساءلة الناهبين ومحاكمتهم يجب أن يصير واجبا قضائيا،وإرجاع الثروات المنهوبة من قبل الحكام، وأذنابهم، يجب أن يصير هدفا استراتيجيا،من أجل قطع الطريق أمام إمكانية إعادة إنتاج نفس ممارسة نهب ثروات الشعوب. فهل تستمر ثورة الشباب، بما هي ثورة، من أجل وضع حد لنهبثروات الشعوب، إلى أن تتحقق الأهداف المرحلية، والإستراتيجية؟ محمد الحنفي ابن جرير في 26 / 8 /2011