بقلم مصطفى السبيلي قبل ثورة يناير الماضى رفضت الصحف المصرية هذا المقال الذى أستعرض فيه تاريخ شعب مصر ، وأتهمه بالسلبية طوال تاريخه الطويل !!؟؟ جامعاتنا ،، مثقفونا ،، علماؤنا ،، مؤرخونا ، زيّفوا تاريخنا !!؟؟ فمنذ قرون عديدة والمصريون أنفسهم غير مهيأين للتحضر والتقدم والرقى دون تداخل أجنبى أو مساعدة خارجية من غير المصريين كى يتسنى تغيير واقعهم والذى يبدو أنهم يرتبطون به بفيض من الحميمية ولو كان هذا الواقع ممزوج القهر والتخلف ، وهى أسباب كافية لمداعبة فضول وأطماع الدول القاصية والدانية وتحفيزها للغزو والسيطرة بزعم إنقاذ الشعب من فقره وجهله وتخلفه .. وحتى من نفسه !!؟ ورغم أن هؤلاء الدخلاء يتوارون خلف صدقهم لتحقيق مطامع استعمارية إلا أنهم ساهموا إلى حد بعيد فى قلقلة المصريين من ثباتهم بوضعهم تحت العناية المركزة لإنعاشهم اقتصادياً وثقافياً فى حدود ما تسمح به الحاجة وحتى يكون هناك حوار يجدي بدلاً من التخاطب مع شعب يحتضر .... فى أرض النعوش !!؟ وليس أدل على ذلك من العودة إلى فترات هامة من عصورنا منها فترات غزو الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت لمصر عام 1798م والتى كان لها تحولات اجتماعية هامة أدت إلى إحياء الوعي ويقظة الشعور والإحساس بعد أن تاه المصريون أزمنة داخل سراديب أنفاق مظلمة نتيجة الصراع على الحكم والاستئثار به فضلا عن الفراغ السياسي والحياة الاجتماعية والاقتصادية المتردية !!؟ حيث تم ولأول مرة إنشاء أول برلمان مصرى فضلا عن إدخال أول " مطبعة " لمصر ، وقيام النهضة العلمية ، ونشوء فكرة القومية المصرية ، فضلا عن اكتشاف حجر رشيد الذى ساعد على حل رموز اللغة الهيروغليفية بواسطة العالم الفرنسى شامبليون !!؟ ومما لا شك فيه ، أن كل هذه التحولات الحضارية أبهرت المصريين وأدهشتهم وحفزتهم على البدء فى الأخذ بمظاهر الحضارة الغربية برمتها سلباً وإيجابياً من خلال الترجمات والبعثات العلمية اللاحقة !!؟ لكن اختلاف اللغة والدين والعادات والتقاليد حالت دون إقامة حوار حضارى بين الفرنسيين والمصريين مما أدى إلى إزكاء روح المقاومة لدى المصريين ضد المحتل الذى اضطر إلى انتهاك حرمات المساجد والبيوت لإخماد ثورات المصريين بالمدفع!!؟ لهذه الأسباب غرق الفرنسيون فى بحور الدم ، وفشلت الحملة ورحلت مع مدافعها ، وبقيت المطبعة .. رمز الحضارة !!؟ ومثل آخر .. بعد رحيل الحملة الفرنسية عاشت مصر فى فراغ سياسى بعد أن نجح تاجر ألباني يعيش فى مصر وهو الوحيد الذي فاوض قادة الحملة الفرنسية قبل رحيلهم لشراء "المطبعة" وقدم الثمن من جيبه الخاص حباً فى مصر والمصريين . هذا التاجر الألباني هو محمد على الذى عاش مخلصاً لمصر أكثر من المصريين أنفسهم حيث نجح فى الوصول إلى سدة الحكم بتزكية من أهل مصر وعلى رأسهم علماء الأزهر الذين تجاهلوا الزعيم الوطني عمر مكرم وهو المصرى الأصل !!؟؟ وكان عصر محمد على الأجنبي الجنسية ، بداية لأعظم نهضة عمرانية شهدتها مصر الحديثة ، كنا وما زلنا نفخر بها حيث أسس بنية مصر التحتية فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والعسكرية حيث فكر فى فرض التجنيد الاجبارى لأول مرة على المصريين منذ قرون , بعد أن كان الحكام ينظرون إلى المصري نظرة استعلائية فكان المصري هو الفلاح الذى هو عماد الزراعة مما جعلهم فى الماضي يعتمدون على العناصر الأجنبية فى تشكيل الجيش المصري !!؟ وقبل ذلك بقرون نجح الفاطميون فى فتح مصر عام 969م بقيادة جوهر الصقلي فقاموا ببناء حاضرة جديدة للدولة الفاطمية فقاموا باختيار أرض فضاء شمال مدينة الفسطاط ، لبناء مدينة جديدة ، أطلق عليها الخليفة الفاطمى المعز لدين الله اسم " القاهرة " كما قام الفاطميون ببناء (جامع القاهرة ) أو ( الجامع الأزهر ) الذى كان يوماّ ، منارة للإسلام والمسلمين فى كافة أرجاء العالم العربى والإسلامي ، كما قام الفاطميون بإنشاء (دار الحكمة ) التى أصبحت جامعة لدراسة العلوم الدينية والإنسانية ، وعلوم القرآن ، والفقه، واللغة، والفلسفة، والطب والرياضيات، والفلك، والتنجيم .. !! وظلوا بمصر لنشر الدعوة الفاطمية أكثر من قرنين من الزمان إلى أن طردهم الناصر صلاح الدين الأيوبي وهو أيضا من أكراد الموصل بالعراق حيث قام بإبطال المذهب الشيعى وإعادة المذهب السني إلى مصر!!؟ ومنذ اّلاف السنين قامت القبائل "الليبية" ، والقبائل " النوبية" ، باحتلال مصر وأسستا أكثر من أسرة ملكية داخل الأنظمة الملكية الفرعونية !!؟؟ كما تناوبت على أرض مصر ، جيوش الهكسوس الذي زيف أساتذة التاريخ وكتابه من المصريين ، حقيقة دخولهم مصر ، وأقامتهم فيها لعشرات السنين ، ، لدرجة أنهم أقاموا مدينة أعتبروها عاصمة لهم ، تماما كما أعلنت الصحف المصرية عن أكتشاف عاصمة الهكسوس فى منطقة الشرقية " حسب مصادر رسمية" في سبتمبر 2010م ، كما كان للفرس أيضا جولات فى أحتلال مصر ،فقاموا باحتلالها مرتين ، وأقاموا فيها حوالى المائة عام، ولولا الأسكندر الأكبر ، لما خرجوا مدحورين من مصر !!؟؟ كما حكم البطالمة مصر ،والبيزنط ، فضلا عن عصر المماليك الجراكسة ، والمماليك البراجنة !!؟؟ واّخر هؤلاء المحتلون ، كان البريطانيون الذين مكثوا فى مصر لأكثر من 150 عاما 00 محتلون بقوة السلاح والعتاد ، والعلم التكنولوجي ، ويقظة الأحساس ، والتفتح على العالم !!؟؟ هكذا .. نجد أنفسنا أمام شواهد إيجابية من تاريخ مصر على مدى قرون عديدة متباعدة لجيوش سواء كانوا فاتحين أو غازين أو حتى أفراد متداخلين استطاعوا تجسيد المجهول الحضارى على أرض مصر بعد أن غدا ضرب من الخيال!! ورغم كل ما تقدم من تحليلات قد يراها البعض تبدو وكأنها كتبت بقلم مسلول لطعن الكيان المصرى بقسوة إلا أننى أؤكد أن هذا القلم هو مشرط طبي في يد طبيب ، باطنه الرحمة ، يعمل فى الجسد المصرى فى محاولة لاستئصال داء سرطانى خبيث يكاد ينتشر ويقضى على الكيان المصرى كله !!؟ وبعد أّلاف السنين من تلك الشواهد التاريخية ، أعلن قيام ضباط مصريون بحركة يوليو 1952 والتى كانت أملاّ لكل مصري حر ، ليحكم المصريون مصري من بنى جلدتهم ، صحوة وطنية،أهتزت لها أرجاء المعمورة ليحكم المصريون أنفسهم بأنفسهم لأول مرة منذاّلاف السنين!!؟ فقد شاب هذه الحقبة الهامة من حياتنا ما شاب له غسق الدجى فى مهده بعد أن أخذت مسيرة حركة يوليو منحى آخر ، فانتهكوا حريات الشعب ، وكمموا فم أحراره، واعتقلوا آماله ، وتحكموا فى مقدراته فكانت .. النكسات التي توالت على مصر من خلال قراراتهم العشوائية فى الوحدة الأعتباطية مع سوريا ، وفرض الحراسات ، ومصادرة املاك الناس دون وجه حق ،وأرسال قواتنا إلى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل .. فى اليمن ، حيث قتل عشرات الاّلاف من خيرة شباب مصر ، بقرار غير مسؤل من عبد النصر الذى خيل إليه غروره أنه يصنع تاريخ شعب مصر الذى ضاع بين اّماله وطموحات زعماءه فى بروزة أسمائهم على صخور التاريخ ،وأشياء أخرى لايتسع المجال لذكرها أدت بنا الى نكسة 67 !! ولو كان عند عبد الناصر ذرة من الصدق ، كان أسس منذ الوهلة الأولى لحكمه ، لنظام ديموقراطي ، يقنن فيه أسلوب الحكم من بعده، ويجعله منظومة يسير على منوالها كل من يحكم ، بلا استبداد!!؟؟ كانت إسرائيل تعمل منذ قيامها عام 48 ، قبل الثورة بأربع سنوات ، وبدأت فى سباقها مع العالم منذ الوهلة الأولى لقيامها ، سباق التحدي الذي أصبحت بفضله دولة نووية بعد عشرة سنوات من قيامها ، فى الوقت الذي عاش فيه ضباط حركة يوليو حياتهم غير مصدقين أنهم حكام على شعب مصر البسيط فعرفوا كيف يمتلكوا الشعب ويستعبدوه، وكان صلاح نصر ، وشمس بدران ، وعبد الحكيم عامر ، فى صراع خفى على السلطة ، مما أضر بمصالح الأمة !! خابت آمال المصريين فى حكامهم المصريين ، فتوارت من جديد شموسهم التى كادت أن تشرق وتتوهج !! ، وعاد المارد المصرى إلى " قمقمة " مرة أخرى بعد أن كاد ينطلق للمرة الأولى منذ اّلاف السنين وهكذا عاد المصريون الى ماكانوا عليه فى بوتقة الحياة ، فرأوا أنه من الأفضل أن يغلقوا عقولهم عقولهم ، فأغلقوها واستراحوا ،ولم يعد المصري يفكر فى أكثر من قوته وقوت أبنائه ، وأمنهم ، بعد أن فقد الشعور حتى بطعم الحياة ، و بعد أن ماتت الثقة فى كل شئ ، وأى شئ بفضل زعمائه الذين لايفكرون إلا أن يحكموا شيئا ، وأي شئ ، حتى لو كانت أرضاّ من الأحجار وهكذا أصبح شعب مصر " عالة " على ما تجود به قرائح الشعوب المتقدمة من تكنولوجيا متطورة ، فلم تكن هناك من حوافز تحببهم فى المشاركة فى موكب الحياة الحضارى بعد أن تسبب الشعور باليأس والكبت والاحباط فى خلق مشاعر سلبية غريبة لدى كل المصريين الذين أهينوا فى وطنهم فهانوا أينما ذهبوا ..!! ولم يكن هناك من مهرب من أرض الواقع المرير سوى خصخصة ذكاؤهم فى البحث عن مكان آمن للاحتماء به حباً فى البقاء ، فلم يجدوا سوى "شرنقة" النفس الأمارة بالسوء فدخلوا فيها واحتموا بها ، ليمروا داخلها دون أن يشعروا بأطوار نمو وتحولات سيكولوجية نتج عنها فى النهاية " شعب فوضوى ، لا انتماء له خارج وطن ال " أنا " !!؟ وها هم المصريون اليوم : يمضغون أوجاعهم فى صمت..... ويفكرون فى خلاصهم .. ببطء ..... ولا يستوعبون من الماضى العبر !!؟؟