قال الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقاً، عضو المجلس الأعلي للصحافة، عضو اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية، رئيس لجنة متابعة ورصد وتقويم العملية الانتخابية: إننا نعيش حالة من الفوضي الإعلامية، وذلك بسبب خروج العديد من الإعلاميين عن معايير المهنة، واختراقهم الواضح لمواثيق الشرف وقيم الدولة المصرية. وطالب «مكاوي» خلال حواره مع «الوفد»، بضرورة تعديل قانون نقابة الصحفيين، خاصة أنه أصبح قاصراً ويشوبه العديد من التشوهات، مشدداً علي ضرورة إلغاء بدل التكنولوجيا باعتباره إهانة للصحفي، لاسيما أنه تم وضعه عام 1970 لشراء ولاء الصحفيين. وشدد «مكاوي» علي ضرورة تشكيل وزارة للإعلام مرة أخري، تعمل بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستعلامات علي تحسين صورة مصر في الخارج، خاصة بعد تقاعس الأخيرة عن أداء دورها بالشكل الذي ينبغي أن يكون، مشيراً إلي أن مناهضته من أجل إلغائها من القرارات التي ندم عليها.. وإلي نص الحوار: كيف تري المشهد الإعلامي الحالي؟ - المشهد الإعلامي الحالي فوضوي، وذلك نتيجة التحول الذي يشهده المجتمع وظهور من يعمل ضد مصلحة الدولة، وخروج العديد من الإعلاميين عن الأخلاق واختراق معايير المهنة ومواثيق الشرف وقيم الدولة المصرية. ومن وجهة نظري إن تحسين أداء الإعلام في حاجة إلي استراتيجية جديدة وواضحة، وفرض رقابة موجهة عليه، وتفعيل قانون حرية تداول المعلومات، فأتوقع أن تقديم المعلومات من الجهات الحكومة الرسمية سوف يعمل علي وضع الصورة في مكانها الصحيح ويقضي علي ظهور معلومات مغلوطة أو خاطئة. هل تري أننا بحاجة إلي إعادة وزارة الإعلام مرة أخري؟ - نعم وبشدة.. فمن القرارات التي ندمت علي اتخاذها في حياتي هو مطالبتي بإلغاء وزارة الإعلام، فنحن نحتاج إلي وزارة تعمل بأسلوب جديد وليس بالنمط القديم، وذلك بوضع استراتيجية تعمل علي تحسين صورة مصر بالخارج والتنسيق بين الصحف الرسمية والخاصة، وذلك سيصب في صالح الدولة المصرية، خاصة أن صورة مصر سيئة في الخارج وهناك تراجع شديد في دور هيئة الاستعلامات، لذا وجود وزارة سيعمل علي تنظيم الجهود التي تبذل من الإعلام الخاص والرسمي، لتحسين صورة مصر. هل التليفزيون يحتاج إلي إعادة هيكلة؟ - نعم يحتاج إلي إعادة هيكلة بعد أن أصابته حالة من الترهل نتيجة أعداد العاملين الكبيرة بسبب الأقارب، والكثير جاء بالوساطة، ونحتاج إلي تفكيك هذا القطاع للاستفادة منه ويكون علي النحو التالي، لدينا مؤسسة إذاعة مصرية ومؤسسة تليفزيون ومؤسسة للإخراج والهندسة، وهذا يسهل عملية المساءلة والمحاسبة، وفي نفس الوقت نرجع إلي الماضي الذي أثبتت التجارب أن به إفادة كبيرة. ما تعليقك علي انتقاد البعض لأداء المجلس الأعلي للصحافة؟ - المجلس قام بدور كبير جداً في حماية بعض الصحف من الإغلاق بسبب الإفلاس، ولكن يبقي الخطأ الكبير الذي وقع فيه المجلس هو عدم إعلانه عن الخطوات التي يقوم بها، لذا ظن الكثيرون أنه متقاعس في عمله، كما أنه تم إنشاؤه في ظروف صعبة، وكان من المقرر أن يستمر شهرين فقط، إلا أنه استمر عامين والجميع في انتظار حل المجلس وتشكيله من جديد. ما رأيك في قانون نقابة الصحفيين؟ - قانون نقابة الصحفيين «قاصر» وبه العديد من التشوهات وبحاجة إلي بعض التعديلات، وكل من يعمل في المجال الإعلامي يعي جيداً ما أقول. من وجهة نظرك.. ما أبرز البنود التي بحاجة ملحة للتعديل؟ - العديد من البنود.. فالقانون تم تشريعه عام 1970 وبه عوار، حيث إنه وضع لحماية المجتمع الاشتراكي والآن أصبح لا وجود لهذا المجتمع، فيجب أن تحمي بنوده حقوق الصحفيين، كما أنه لابد من إنشاء نقابة للإعلاميين، لكي تُحاسب وتسأل كل من يخترق القانون سواء كان إعلاماً مسموعاً أو مرئياً، وأخري للصحفيين الإلكترونيين، أو ضمها لنقابة الصحفيين، وكل ذلك يحتاج إلي تعديل قانون النقابة. كما أنني أطالب بإلغاء بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين، لأنه مفتعل وتم وضعه لشراء ولاء الصحفيين، لذا لابد من إلغائه في أقرب وقت فهو بمثابة إهانة لهم، علي أن يتم تعويض الصحفيين ووضع حد أدني لأجورهم. هل توافق علي إذاعة جلسات مجلس الشعب علي الهواء؟ - نعم.. أتمني أن تُذاع علي الهواء لكي يتمكن المواطن من معرفة النواب بشكل أكبر، ويكون للناخب قاعدة عريضة للحكم علي من اختار، وكذلك إشراك المواطن في القضايا التي تُناقش. ما سبب تأخر إصدار قانون الصحافة والإعلام؟ - سبب تأخره أنه جاء بنصوص غير مسبوقة علي الإطلاق، فعلي سبيل المثال منع حبس الصحفي أو غلق المؤسس للجريدة، فاهتم بالتوازن الدقيق من خلال التدقيق على مجموعة من المبادئ، وجاء استجابة لمطالب الصحفيين والإعلاميين وفئات عريضة من الشعب المصرى، والتأكيد على حق المواطن فى الشكوى من الممارسات المهنية، كما تدرج إلي رصد وتقويم الأداء الإعلامى وتوسيع المجال العام لتكوين رأى عام حر يشترك فى تقويمه الجميع. كما أنه نص علي إظهار مصادر تمويل وسائل الإعلام، وحظر فرض أى قيود تعوق حرية تداول المعلومات، أو تحول دون تكافؤ الفرص بين مختلف الصحف المطبوعة والإلكترونية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فى حقها فى الحصول على المعلومات، ويحظر كل ما من شأنه إعاقة حق المواطن فى تلقى الرسالة الإعلامية والمعرفية، وذلك كله دون إخلال بمقتضيات الأمن القومي، والدفاع عن الوطن، ودون المساس بحقوق المواطن المشمولة بالحماية الدستورية والقانونية. ونص علي التزام كل صحيفة أو وسيلة إعلامية، بوضع سياسة تحريرية لها تتضمنها العقود التى تبرمها مع الصحفيين والإعلاميين عند التحاقهم بها، ليحتكم إليها الطرفان عند الخلاف، ويقصد بالسياسة التحريرية أهداف الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية وانتماءاتها السياسية والاجتماعية والثقافية العامة والمعايير الحاكمة لتحريرها. كما نص علي التزام المؤسسات الصحفية والإعلامية العامة والخاصة كافة، بالتعاون مع النقابة المختصة فى إنشاء صندوق للتأمين ضد البطالة والعجز وتمويله، وتحدد اللائحة التنفيذية للصندوق قواعد اشتراك العاملين فيه، وشروط صرف التأمين فى حالتى العجز والبطالة وهذا من أجل الحفاظ علي الصحفي والعاملين. ما تعليقك علي كلام أسامة هيكل بأن التشريعات الصحفية لا تخرج من تلاميذ إعلام؟ - أشك أن يكون هذا الكلام خرج من أسامة.. ولكن إذا كان قاله بالفعل فمن المؤكد أنه لم يقرأ مشروع القانون جيداً ولم يطلع عليه بالشكل المطلوب. كيف يتم تقليص الفجوة بين خريجي الإعلام وحاجة سوق العمل؟ - لا يمكن إنكار أن هناك فجوة كبيرة بين خريجي كليات وأقسام الإعلام وسوق العمل.. ويبقي المسئول عن تلك الفجوة هو المجلس الأعلي للجامعات، خاصة أن إمكانيات كلية الإعلام تجعلها تستوعب 250 طالباً سنوياً فقط، إلا أن المجلس يفرض عليها 750 طالباً، وبالطبع هذا ينعكس علي مستوي تدريب وتعليم الطلاب. حدثنا عن دور لجنة متابعة ورصد وتقويم العملية الانتخابية التي ترأسها؟ - تقوم اللجنة بتقييم ما يتم تقديمه خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية سواء كانت حكومية أو تابعة للقطاع الخاص، ولرصد أية تجاوزات او أخطاء قد تخرج عن الضوابط والمعايير التي تضعها اللجنة. خلال عمل اللجنة.. هل تم رصد أية مخالفات بالفعل؟ - نعم.. كان هناك العديد من القنوات الفضائية التي انتهكت المعايير والضوابط التي وضعتها اللجنة، وتم إرسال تقرير بكل تلك التجاوزات، وعلينا أن نذكر أن جميع القنوات التي ارتكب التجاوزات كانت قنوات خاصة ولها ميول سياسية معينة، في حين أن اللجنة لم ترصد أية مخالفات للقنوات الحكومية. هل كان للجنة صلاحيات لتوقيع عقوبات علي تلك القنوات؟ - في الحقيقة، نود أن نذكر أن اللجنة لم تكن للعقاب وإنما كانت للإرشاد والتوجيه لتعريف الناخب بالمرشح دون أي توجيه من الإعلام، وكانت اللجنة العليا للانتخابات هي الجهة الوحيدة التي تمتلك توقيع العقاب علي القنوات المخالفة للضوابط، وتمثلت العقوبة في 3 أنواع هو أن تتعهد القناة التي ارتكبت تجاوزاً بالاعتذار أو يكتب اعتذار من قبل اللجنة العليا وينشر في نفس القناة أو تمنع وتحرم القناة من بث أي برامج تتعلق بالانتخابات أو المرشحين لفترة زمنية معينة. من وجهة نظرك.. هل كانت العقوبات رادعة؟ - في رأيي الشخصي العقوبات كانت ضعيفة جداً ولم تكن رادعة للقنوات المخالفة، كما أن اللجنة كانت بطيئة جداً في توقيع العقوبات دون وضوح سبب ذلك، وبلا شك فإن هذا كان سبباً رئيسياً في تشجيع كثير من القنوات علي الاستمرار في ارتكاب المخالفات الإعلانية والإعلامية، فكانت لابد أن تصل العقوبات إلي شطب المرشحين المخالفين. ورغم ذلك يجب أن نعترف بأنه مع ظهور بعض السلبيات، إلا أنه يمكن الحكم علي هذه الانتخابات بأنها الأكثر نزاهة وشفافية. متي سيتم رفع التقرير النهائي للجنة العليا؟ - خلال فترة وجيزة سوف نقوم برفع التقرير النهائي للجنة العليا للانتخابات، وسوف يتم عرضه علي الرأي العام، أما من خلال مؤتمر صحفي أو بيان سُيصدر لجميع الصحف والقنوات، وأناشد الدولة أن تأخذ هذا التقرير بعين الاعتبار. لماذا لم يتم عمل مبادرة رقابة من قبل المجلس الأعلي لمتابعة الانتخابات؟ - السبب في هذا أن المجلس أنشئ بقانون خاص يقوم بمقتضاه بدور مجلس الشوري لمتابعة ما ينشر في الجرائد القومية، وبالتالي ليس لديه الإمكانيات المادية التي تمكنه من إنشاء غرفة لرصد العملية الانتخابية بشكل عام. وأتصور أن الهيئة الوطنية للصحافة هي التي سوف تقوم بتقييم الأداء الإعلامي علي مدار العام من خلال مراصد إعلامية وأفراد مدربين من أجل أن تعمل جميع وسائل الإعلام فيما يصب في مصلحة الوطن والمواطن لأن الإعلام منبر ويؤثر في الكثير.