مصير مبارك في يد القاضي أحمد رفعت وحده..فلا شهادة الشهود الذين شهد أغلبهم لصالحه سوف تفلح في إنقاذ رقبته، ولا نفيه المستمر وخطط فريق الدفاع عنه سوف تنجح في إخراجه من القفص.. فالحكم في النهاية يرجع لضمير القاضي أحمد رفعت فقط ولا يجب أن نعَّول كثيرا علي شهادات الكبار في القضية. الضجة التي أثيرت مؤخراً حول شهادات الخمسة الكبار (طنطاوي وعنان وسليمان والعيسوي ووجدي) ليس لها ما يبررها ففي حال وقفوا بجوار مبارك وشهدوا لصالحه أو شهدوا ضده يبقي الدليل بحسب القانون في عقل القاضي فقط. اللواء عمر سليمان في شهادته أمام النيابة قال ان قرار اطلاق النار علي المتظاهرين لايمكن ان يصدر عن رئيس الجمهورية وهو مسئولية وزير الداخلية وفي اعتقادي لم يصدر قرار بذلك.. واللواء محمود وجدي أكد نفس أقوال سليمان وبرأ مبارك مبكراً من قتل المتظاهرين. أما اللواء منصور العيسوي فهو الوحيد الذي أدان مبارك في القضية واضطر الرئيس المخلوع الي التدخل لمناقشته ونفي أقواله. صحيح أن المشير قال في خطابه اثناء تخريج دفعة جديدة بكلية الشرطة أن الجيش رفض إطلاق النار علي المتظاهرين وهو ما يكشف عن أن هناك قراراً بالفعل، إلا أنه لم يكشف هل القرار صدر عن وزير الداخلية او الرئيس مبارك نفسه. أربع شهادات تنفي اصدار مبارك قرارا بإطلاق النار علي المتظاهرين أمام شهادة وحيدة تقول ان مبارك أصدر القرار بالفعل وهو ما يعني ان القاضي امام شهادات متضاربة والسؤال الآن كيف يصل القاضي إلي موقف امام تلك الشهادات المتضاربة وهل سيأخذ بشهادة النفي الخاصة بالأربعة الكبار ام سيصدر قراره بناء علي شهادة العيسوي.. المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق يجيب عن التساؤل قائلا : القاضي من حقه ان يأخذ بشهادة الإثبات الوحيدة او بشهادات النفي الأربع حسب ما يستريح اليه ضميره ويستقر اليه وجدانه وتلك القاعدة القانونية التي تحكم تلك القضية من الأساس فهو في النهاية يريد ان يصل الي استنتاج وحيد وهو من اصدر قراراً بقتل المتظاهرين ويمكن أن يأخذ بالشهادة التي يستريح اليها قلبه فقط وأضاف: انا لو مكان القاضي احمد رفعت لأصدرت حكماً بإعدام مبارك من غير أن استمع الي شهادات الخمسة الكبار لأن كل الشعب المصري شاهد عليه وليس هناك معني لأنه اختار شريحة معينة للشهادة فهو في النهاية رئيس جمهورية ومسئول عن سلامة شعبه ومن المؤكد انه حتي لو لم يصدر قراراً بذلك فإنه علم بوجود قتلي بين المتظاهرين فماذا فعل بعد ذلك؟! وأشار الي انه لو ان هناك قواعد وقوانين تحكم عملية اصدار قرار بقتل المتظاهرين فإن الشهادات هنا ليس لها معني ولكن ليس هناك قانون بذلك فالأمر اذن متروك للقاضي وعليه ان يحكم بما يمليه عليه ضميره فقط ومن يستريح الي شهادته. وقال المستشار احمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق إن الأصل في الشهادة هو ان يشهدوا بوقائع وليس استنتاجات فالشاهد عليه أن يشهد بما رأي وسمع فقط ولكن ليس عليه ان يصدر استنتاجات فتلك مهمة القاضي الذي يستنتج رأياً بناءً علي شهادات موثقه. وأشار الي أن شهادة الخمسة الكبار لا تصلح للاستنتاج ولابد ان يقولوا شهادتهم بناء علي وقائع فقط وليس تخمينات او توقعات فمن سمع مبارك يصدر قراراً بإطلاق النار علي المتظاهرين يقول سمعت وليس أن يقول إن القرار مسئوليته دون أن يري الواقعة ويترك تقدير الأمر كله للقاضي. وقال احمد عودة المحامي إنه اذا تحدثنا في العموم فإن الثوار خرجوا الي التظاهر بطريقة سلمية ولم يحملوا اي اسلحة في ايديهم ولم يستطع احد أن يثبت انهم حملوا اسلحة فمن قتل الشهداء غير الشرطة ولا يمكن ان يطلق ضابط او عسكري النار علي أي متظاهر إلا اذا كان هناك قرار بذلك ووزير الداخلية قال في اول تعليق عقب القبض عليه انها تعليمات رئاسية من مبارك، إذن فالقاضي يستقر في وجدانه ان هناك قراراً بإطلاق النار علي المتظاهرين ولكنه يريد ان يصل الي من يصدر القرار. وأضاف: القاضي الجنائي يستقي الدليل من قلبه ووجدانه واذا وجد ان شهادة وزير الداخلية حبيب العادلي صحيحة وارتاح لها فمن الممكن ان يأخذ بها ويترك باقي الشهادات ومن الممكن ان يأخذ بشهادة ضابط شرطة واحد او احد المجني عليهم او حتي شهادة منصور عيسوي او شهادات الأربعة الباقين فالقانون اعطي القاضي الجنائي الحق في الحكم بما يمليه عليه ضميره وربما شاهد واحد للاثبات افضل من مائة شاهد نفي والعكس وقد شمَّ القاضي رائحة الكذب في شهود الاثبات او النفي فيستبعدها فالإثبات محدد في القضايا الجنائية من خلال ضمير القاضي ووجدانه وسلطات القاضي الجنائي تمنحه كافة الصلاحيات. الكلام نفسه اكده حسن السباعي، أستاذ القانون الجنائي الذي اكد ان القاعدة القانونية في القضايا الجنائية ترجع الحكم الي ضمير القاضي وما يطمئن اليه بصرف النظر عن شهادة الشهود وحتي ادلة الاثبات او النفي فالحكم في يد القاضي فقط.