أكد سامح شكرى وزير الخارجية الحرص المشترك على إنهاء مظاهر الصراع والتوتر فى ليبيا - الذى يحول دون تمكين الشعب الليبى من مواجهة وهزيمة التطرف الدينى وأدواته الإرهابية- فقد اتفقنا على أن الحوار وتقديم مصلحة ليبيا العليا على ما عداها من مصالح هو السبيل الوحيد لإعادة الاستقرار السياسى إلى ليبيا. جاء ذلك فى الاجتماع الوزارى السابع لوزراء خارجية دول جوار ليبيا الذى عقد بالجزائر واضاف شكرى انه على مدار العام ونصف العام تم بذل جهوداً مضنية لدفع عملية الحوار السياسي إلى الأمام، لإيماننا المشترك بأنه ليس هناك بديل عن إقرار وتنفيذ تسوية سياسية شاملة وتشكيل حكومة وفاق وطني قادرة على تحقيق تطلعات وطموحات الشعب الليبي الشقيق. وقال لقد شعرنا بارتياح كبير لما تمخضت عنه جهودنا المشتركة وجهود الوساطة الأممية فى تأمين اتفاق سياسى تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى فى مدينة الصخيرات المغربية فى منتصف يوليو الماضى . وأشاد فى هذا السياق بشجاعة وإخلاص القوى الليبية الوطنية التى أعلت من مصلحة الشعب الليبي، وحيا الأطياف الوطنية الداعمة للإتفاق، وقال أدعو فى هذا المقام كافة قيادات الشعب الليبى الحريصة على وحدة واستقلال ليبيا إلى اللحاق بركب المصالحة، ذلك أن التاريخ لن يسامح الأطراف المعرقلة للاتفاق، لأنهم بذلك لن يؤثروا سلباً على ليبيا فقط، بل سيساهمون في زعزعة أمن المنطقة ودول الجوار وجنوب أوروبا بوجه عام. واكد انه من المهم أن نعمل على التوصل قبل نهاية شهر ديسمبر الجارى إلى إنجاز الاتفاق السياسى واعتماده من قبل مجلس النواب ولو بالأغلبية حتى لا نضطر إلى النظر فى خطط بديلة قد تواجه بمقاومة من بعض الأطراف على الساحة الليبية. وقال ان مصر تأمل عقب إقرار الاتفاق وتشكيل حكومة وفاق وطني أن يتم تطبيق الشق الخاص بالترتيبات الأمنية وما يرتبط بها من حل ودمج للميليشيات المسلحة بنجاح فى أسرع وقت ممكن لتجنب أسباب عرقلة عمل الحكومة الجديدة على نحو ما رأينا وشاهدنا فى الأعوام القليلة السابقة. لذلك أدعو إلى انخراط كامل لدول الجوار فى النقاشات الدولية التى تدور حول هذا الموضوع، وطرح رؤانا على كافة المحافل الدولية والإقليمية بما يتسق مع المبادئ والأهداف التى توافقنا عليها سوياً فى إجتماعاتنا السابقة. واكد إن مساندتنا لليبيا يتعين أن ينظر إليها من منظور الواجب الذى تمليه حقوق الجوار وصلات القربى، وعليه فإن مساندتنا للشعب الليبى على الصعيد الإنسانى لا يتعين أن تكون مشروطة أو مقيدة بأى شكل من الأشكال بنتائج مفاوضات أو تسويات سياسية قد تتمخض أو لا تتمخض عن النتائج التى نرجوها ونتمناها جميعا، وعليه فإني أدعوكم إلى تجاوز الإطار الضيق لمفاهيم الشرعية والولايات القانونية المتنازعة، والتوجه مباشرة إلى مخاطبة المعاناة الواقعة على المواطن الليبى أينما كان على التراب الليبى، ولا بد من أن نعمل سوياً لتخفيف هذه المعاناة بما فى ذلك حث المجتمع الدولى على تحمل مسئولياته تجاه هذا الشعب. واقترح فى هذا السياق تطوير منظومة عملنا المشترك بإنشاء مجموعة عمل متخصصة تعنى بتخفيف الأوضاع الإنسانية عن الشعب الليبى وتبحث فى كيفية إيصال مساعدات عاجلة إلى المدن الليبية المحاصرة من جانب الجماعات الإرهابية وحشد الوعى الدولى لحجم المأساة الإنسانية التى يتعرض لها الليبيون جراء صمودهم فى وجه جماعات التطرف والإرهاب. وعبر شكرى عن القلق الجماعى إزاء استشراء الإرهاب على أرض ليبيا ممثلاً فى تنظيم داعش الإرهابي الدموي الغاشم وغيره من التنظيمات، لكون محاربة الإرهاب من أهم وأعقد التحديات أمام أى حكومة ليبية قادمة، لأنه لن يكون هناك استقرار سياسى أو تنمية ورخاء إقتصادى لليبيين في ظل انعدام الأمن. وعلى الرغم من إن الحكومة الليبية ممثلة في أجهزة الجيش والأمن الليبية، تقوم بمحاربة الإرهاب وبالأخص تنظيم داعش الإرهابي، فإن المعادلة غير متوازنة وتصب في مصلحة التنظيمات الإرهابية التي تتلقى كافة أشكال الدعم وعلى رأسها تهريب السلاح دون تعاون أو جهد دولي فعال لمكافحة ذلك التهريب. وأضاف وزير الخارجية أنه فى إطار حرصنا المشترك على مصلحة ليبيا واستقرارها لا بد أن نولى الاهتمام المستحق لقضية محاربة الإرهاب وتأمين الأراضي الليبية وفي مقدمتها العاصمة طرابلس ولا بد أن نؤكد وبصوت واحد أن هذه هى مهمة الليبيين بالأساس دون أي تدخل أجنبي على الأراضي الليبية. علينا في هذا الصدد بذل جهودنا على كافة الأصعدة الدولية من أجل رفع قيود تصدير السلاح إلي حكومة الوفاق الوطني الليبية لتمكينها من أداء مهامها باقتدار وبسط نفوذها على كافة الأراضي الليبية. واكد ضرورة تفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2214 الذي يطالب لجنة عقوبات ليبيا بسرعة البت في طلبات إستيراد السلاح المقدمة من الحكومة الليبية لأن التجاهل الدولى المتكرر لتلك الطلبات هو ما أدى إلي تفشي الإرهاب وما يرتبط به من أنشطة الجريمة المنظمة وعلى رأسها الإتجار في البشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين من خلال دولنا وعبر السواحل الليبية إلي أوروبا. واشار شكرى إلى ارتباط أنشطة الإتجار في البشر وتهريب المهاجرين بتنامي سيطرة التنظيمات الإرهابية على الأرض، حيث تقوم الأخيرة بتمويل أنشطتها عن طريق عمليات التهريب، ولذلك فإننى أدعو لضرورة تنسيق جهودنا المشتركة من أجل تضمين قضية مكافحة تدفق السلاح والمقاتلين الأجانب بجانب مكافحة الإتجار في البشر وتهريب المهاجرين ضمن أية جهود أممية حالية أو مستقبلية، وذلك لارتباط الظواهر الثلاث ببعضها البعض في دائرة واحدة.