درس سيد قطب بقلم : مصطفي عبيد منذ 34 دقيقة 9 ثانية لا تصفقوا للطوارئ ولا تقبلوا بالمحاكم العسكرية مهما كان جرم المتهمين.. ولا تفتحوا الباب للاجراءات غير النزيهة.. لا تصمتوا علي ظلم أيا كان المظلوم مكروهاً، ولا تتجاهلوا خطايا السلطة مهما كانت نواياها حسنة، فالطوارئ لم تمنع الارهاب ولم تحقق الرخاء، والمحاكم العسكرية لن تحقق الاستقرار والحلول البوليسية لن تحل أزمة أو تحسم مشكلة. قبل ستة عقود أفاق الناس علي حركة تصبح عسكرية لوأد فساد الحكم الملكي في مصر، وتعهد الضباط الوطنيون الذين غامروا بالتحرك باعادة الحياة السياسية وحماية الانتقال الديمقراطي للسلطة في مصر. وقتها كتب المفكر الشهير سيد قطب سلسلة مقالات في جريدة الأخبار وروز اليوسف محرضا العسكريين ضد الديمقراطية والحياة السياسية. كان من الغريب أن يكتب الرجل مقالا يقول فيه: «لقد احتمل هذا الشعب ديكتاتورية طاغية باغية شريرة خمسة عشر عاما أو تزيد.. أفلا يحتمل ديكتاتورية عادلة نظيفة ستة أشهر«. كما كان مدهشاً أن يخط سيد قطب بعد أحداث كفر الدوار أغسطس 1952 مقالا يقول فيه: «فلنضرب بسرعة. أما الشعب فعليه أن يحفر القبر وأن يهيل التراب. «وبالفعل اعتبرت ثورة يوليو أحداث كفر الدوار تحدي قوة لاختبار قدرة الساسة الجدد علي اتخاذ القرارات، وأصدرت أحكاماً قاسية علي عمال كفر الدوار منها حكمان بإعدام اثنين من العمال هما مصطفي خميس ومحمد البقري وصدق مجلس قيادة الثورة علي الأحكام ونفذا.ويكتب الر؛جل في روزا ليوسف بتاريخ 10 سبتمبر 1952 مؤيداً محاكم الثورة العسكرية قائلاً: «لأن نظلم عشرة أو عشرين من المتهمين خير من أن ندع الثورة كلها تذبل وتموت«. والمثير أن الضباط الوطنيين تحولوا نتيجة كتابات سيد قطب وأمثاله الي أنصاف آلهة، يحتكرون الحق والوطنية ولا يعترفون بغيرهم، وانقلب سيدهم الي طاغية يحسب أنه علم المصريين الحرية والكرامة، ووصل الظلم الي سيد قطب نفسه الذي انقلب عليه العسكريون ليجد نفسه سجينا مريضا منبوذا أكثر من عشر سنوات ويخرج بعدها شهوراً قليلة الي الهواء الطلق قبل أن يحاكم في قضية مدبرة لقلب نظام الحكم ويصدر ضده حكم بالإعدام وتتدلي رأسه تحت مشنقة من ناصره وحرضه! الدرس واضح ومتكرر في تاريخنا الحديث والقديم علي السواء. وكم من محرض ضد الحرية يداس بأقدام من حرضهم! وكم من ساكت علي ظلم يذيقه الله من ذات الكأس التي تجرعها المظاليم! وكم من جلاد مطيع لصاحب السلطان في نصب المشانق لأعدائه حتي إذا أفناهم التفت حبال السلطان حول رقبته لتقصفها!! لذا فلا تصفقوا لوأد الحرية خوفاً أو طمعاً، وتذكروا سيد قطب، والسنهوري وسليمان حافظ. [email protected]