قالت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية، إنه لا يمكن للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" التوسط في حل سياسي في سوريا. ففي الواقع، نتيجة لمحاولاته الأخيرة للعب النفوذ الدبلوماسي في الشرق الأوسط فإنه ربما يفقد مصداقيته. وقد ظهر هذا في الأسبوع الجاري عندما التقى المسؤولون في إيران، أكبر الداعمين لنظام الأسد، مع نظرائهم الأمريكيين والروس في فيينا لمناقشة حل سياسي للصراع السوري. وقد ضغطت روسيا بقوة من أجل إدراج إيران في هذه المحادثات حالية المخاطر. وأضافت المجلة قائلة: لكن بوتين وضع نفسه عرضة لخيبة الأمل، لأنه لا يوجد حل سياسي للأزمة في سوريا، وذلك لأن تطلع روسيا لإجراء محادثات مع مختلف أطياف الجماعات المتمردة في سوريا سيفشل حتمًا لأن ذلك الطيف يشمل بوضوح الإسلاميين المتشددين والدولة الإسلامية "داعش"، وهي الجماعات التي لا تود واشنطن ولا موسكو التعامل معها. وفي حالة عدم وجود حل سياسي، فإن استرداد المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الإسلاميون سينطوي بالضرورة على معركة طويلة ومريرة، وهي معركة علق فيها الأسد، والإيرانيون، والآن الروس. وتابعت المجلة قائلة: إن فكرة أن قرار بوتين نشر عشرات الطائرات لدعم الأسد يشبه الخيار الإستراتيجي هو محض خيال. وذلك الحشد الذين يقول إن على واشنطن أن تتعامل بحزم لمواجهة تحرك موسكو في سوريا مخطئ. إن جرّ روسيا إلى مستنقع السوري هو، في الواقع، أفضل فرصة حصلت عليها إدارة أوباما منذ أشهر لإضعاف بوتين. وعلى العكس من ذلك، فإن إستراتيجية بوتين في سوريا ليست عصية على الفهم. فموقع الضربات الروسية في سوريا في الأسابيع الأخيرة يشير إلى أنه يريد أن يساعد الأسد ووكلاءه من الميليشيات الشيعية في الربط بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في حمص بتلك الموجودة في حلب عن طريق إخلاء اللاذقية وحماة وإدلب من متمردي الدولة الإسلامية. وفي حال نجاحها، فإن هذه الحملة ستقضي على معظم الجماعات المتمردة في هذه المناطق، بدءًا من الجيش السوري الحر المدعوم من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووصولاً إلى جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة السوري، وسيظل تنظيم "داعش" والمقاتلون الأكراد فقط في شمال سوريا. واشنطن وحلفاؤها، من وجهة نظر الحسابات التي أجراها بوتين، سيضطرون لقبول الأسد كخيار وحيد لمواجهة الدولة الإسلامية في المناطق السنية في شمال ووسط سوريا. وهكذا سيبقى الأسد في السلطة. ويصبح لبوتين نفوذ إقليمي الجديد. وجرى تقليص الهيمنة الإقليمية للولايات المتحدة. وبالنظر إلى أن بوتين لديه بالفعل إستراتيجية سياسية، فإن الانتقادات الغربية الموجهة له لفشله في إسقاط أكثر من بضع قنابل على الدولة الإسلامية في حين يوجه الضربات نحو المتمردين غير الإسلاميين هو أمر مثير للسخرية. فالولايات المتحدة، على النقيض من ذلك، استقرت على هدف سياسي هو "القضاء" على الدولة الإسلامية دون أن توضح كيف ستنتهي حملة القصف في سوريا سياسيًّا. فمن باعتقاد البيت الأبيض سيسيطر على الأراضي التي تم تطهيرها من الدولة الإسلامية، على سبيل المثال؟ لا نعرف. بدلًا من إدانة بوتين للعمل بما يتوافق مع المصلحة الروسية، يتعين على كل من البيت الأبيض والنقاد من الصقور في واشنطن التركيز على الضعف الصارخ لخطته، المصداقية السياسية والمالية التي سوف يفقدها بوتين أثناء محاولته دعم الأسد والتوسط في حل سياسي بعيد المنال. وما ينتظر أولئك الذين يدافعون عن ما تبقى من الدولة السورية المنهارة في المستقبل هو كابوس مكافحة التمرد بلا نهاية.