تنبأ الكاتب البريطاني، جدعون راخمان، بأن نهاية عهد المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل على رأس السلطة باتت قريبة. واستهل مقالًا- نشرته "الفاينانشيال تايمز"- بالإشارة إلى أن ميركل كانت تُعتبر الشخصية السياسية الأنجح في العالم في بداية العام الجاري؛ حيث فازت بثلاثة انتخابات متوالية، كما كانت الشخصية السياسية المهيمنة إقليميا، فضلا عما تحظى به من شعبية ضخمة داخليا. وكان هذا هو الوضع حتى وصلت موجة اللاجئين إلى ألمانيا والتي يرجح راخمان أن تكتب نهاية عهد ميركل، لاسيما وأن ألمانيا مرشحة لاستقبال أكثر من مليون طالب لجوء بنهاية العام الجاري وحده، وهو ما يتزايد معه القلق الشعبي وكذلك الانتقاد الموجه ضد ميركل من داخل صفوف حزبها. ورصد راخمان بعض حلفاء ميركل السياسيين المقربين يتحدثون بلا مواربة عن إمكانية أن تغادر ميركل منصبها كمستشارة ألمانيا قبل موعد الانتخابات العامة المقبلة في 2017 .. وحتى لو أنها أكملت مدتها، فإن فكرة انتخابها مدة رابعة، والتي نوقشت على نحو موسع مؤخرا، هي الآن تبدو مستبعدة. ورأى راخمان أن ذلك ليس عدلا من أوجه كثيرة؛ ذلك أن ميركل لم تتسبب في نشوب الحرب الأهلية السورية، ولا في مشاكل إريتريا أو أفغانستان .. لقد اتصفت ميركل بالجرأة والرأفة في استجابتها لأزمة ملايين اللاجئين الذين شردهم الصراع .. وحاولت أن ترتقي إلى أفضل العادات التي سادت ألمانيا بعد الحرب، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان والتصميم على الوفاء بالالتزامات القانونية الدولية. واعتبر راخمان أن المشكلة تكمن في أن حكومة ميركل قد فقدت السيطرة على الموقف، مشيرا إلى أن المسؤولين الألمان أعلنوا مصادقتهم على تصريح المستشارة ميركل حين قالت "نحن نستطيع ذلك"، لكن ثمة فزعا يسري تحت هذا الغشاء من الجرأة، فأعباء المعيشة في ألمانيا تتزايد، والخدمات الاجتماعية تتأزم، وشعبية ميركل تتراجع مقابل ارتفاع شعبية اليمين المتطرف. وإذْ يتوتر هدوء سطح المجتمع الألماني، فإن الحديث عن الأثر الإيجابي للهجرة اقتصاديا وديموغرافيا يفقد زخمه مقابل احتداد المخاوف بشأن الآثار الاجتماعية والسياسية بعيدة المدى المترتبة على استقبال أعداد كبرى من الوافدين الجُدد، لا سيما وأن هؤلاء قادمون من منطقة الشرق الأوسط المتفجرة .. ولفت راخمان في هذا الصدد إلى أن اللاجئين لا زالوا يتدفقون على ألمانيا بمعدل 10 آلاف في اليوم الواحد. وقارن الكاتب بين موقف الناخبين الألمان من مستشارتهم في حادثين، أحدهما كان عام 2014 إبان قيادة ميركل لأوروبا في الاستجابة لأزمتي منطقة اليورو وضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، حين بدا الناخبون الألمان أكثر ميلا من أي وقت لوضع ثقتهم في حُكْم ميركل على الأمور. أما الحدث الثاني فهو أزمة اللاجئين، والتي كشفت عن وجه آخر للناخبين إزاء مستشارتهم حيث بدَوا وكأنهم استنتجوا أن ميركل قد أصابها الجنون إذ فتحت حدود البلاد أمام البؤساء في الأرض، على حد تعبير راخمان. ورجح راخمان أنه في حال استمرار تدفق اللاجئين إلى ألمانيا بالأعداد الراهنة، وثبات ميركل في المقابل على موقفها بفتح حدود بلادها لهؤلاء اللاجئين، فإن الضغوط عليها للاستقالة ستتزايد. وأضاف أنه إذا لم يكن يوجد في الوقت الراهن منافس ظاهر ل ميركل، فإن استمرار الأزمة كفيل بلا شك في تسليط الضوء على أحدهم. واختتم راخمان، قائلا: "بغض النظر عن مصير ميركل الشخصي وسمعتها، فإن أزمة اللاجئين تمثل نقطة تحول .. لقد بات العقد الذي أعقب مجيء ميركل للسلطة عام 2005 يُنظر إليه باعتباره فترة مباركة على ألمانيا، تنعمت فيها البلاد بالسلام والرخاء وحظيت بالاحترام الدولي، مع الحفاظ على الإبقاء على المشاكل العالمية على مسافة آمنة .. هذا العهد الذهبي قد انتهى الآن".