5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء محمد أحمد نجم: انتظرنا حرب أكتوبر بفارغ لنثبت للعالم قدرة الجندي المصري
نشر في الوفد يوم 21 - 10 - 2015

«الجيوش تزحف علي بطونها» مقولة «نابليون بونابرت» والذي أكدها اللواء «محمد أحمد نجم» نائب رئيس شعبة الإمداد والتموين في الجيش الثاني خلال حرب أكتوبر، ولكنه قال عندما تنتصر الجيوش لا يتم ذكر مجهودات الإمداد والتموين، لكن إذا انهزمت يقولون: بسبب تقصير الإمداد والتموين. مؤكدا ان اكتساب الخبرات تمت في حرب اليمن لانها كانت صحراء جرداء بدون أي موارد محلية لا زرع بها ولا ماء، بما جعلهم يعملون في أقل الحدود المتاحة حتي لا يصلوا إلي حد الخطر، بما ساعدهم علي توفير الاحتياجات اللازمة لحوالي مليون فرد علي الجبهة من وقود وماء وذخيرة ومستلزمات طبية، مشيراً إلي أن القطاع الذي عمل به في قيادة الجيش الثاني كان يوزع به (6) آلاف طن يوميا من احتياجات الفرق للضباط والجنود، مضيفاً أن الثلاثة أيام الأولي للمعركة كان الطلب فيها علي الذخيرة وبعد العبور زاد الطلب علي الألغام والأسلاك الشائكة ولم يتم الطلب علي المستلزمات الطبية إلا بعد حدوث الثغرة ولكن انفجر الطلب علي المياه في وقت واحد بعد ان أصبح مطلب جميع الضباط والجنود واصفاً الرئيس «السادات» برجل الدولة بمعني الكلمة لانه يتمتع بذكاء ومكر ودهاء يجعله تعلبا سياسيا بلا منازع.
ما الذي تتذكره عن حرب أكتوبر بعد مرور 42 عاماً علي هذا النصر؟
- كأفراد وضباط قادة عسكريين كنا ننتظر هذه الحرب بفازغ الصبر وبأي شكل من الأشكال لنثبت للعالم كله معدن وحقيقة الجندي المصري الحقيقي، وكان شغلنا الشاغل هو الاستعداد التام لهذا اليوم ومن حيث إدارة الإمداد والتموين فقد عملنا المستحيل حتي نظهر بالمظهر المضبوط ونقدم المعاونة للقوات المقاتلة، وكان يوجد مقاتلون من إدارة الإمداد والتموين اشتركوا ان القتال وكانت مشاركة علي مستوي الجيوش والفرق واللواءات.
من المعلوم ان القوات المقاتلة تقوم بالتدريب علي مهامها القتالية.. فكيف كنتم تكتسبون خبراتكم وإدارتكم؟
- خبرة الإمداد والتموين اكتسبناها من وجودنا في اليمن لانها قامت أساساً علي الشئون الإدارية، ولولا الشئون الإدارية المضبوطة في حرب اليمن لكنا خسرنا خسائر كبيرة جداً هناك، لان مسرح العمليات كان ممتداً لأكثر من (4000) كم2 بدون موارد محلية نهائيا لا زرع ولا مياه، ولكننا حافظنا علي الكفاءة بالإمداد والتموين.
وأين كان موقعك خلال حرب أكتوبر؟
- كنت في الجيش الثاني نائباً لرئيس شعبة الإمداد والتموين في الجيش الثاني، وبكيت لحظة العبور مع كثير من الضباط والأفراد ونحن نخوض معركة استرداد الكرامة.
كيف تم الاستعداد للمعركة لجيش قوامه يصل إلي مليون فرد؟
- الاعداد للحرب ينقسم إلي عدة مراحل لإدارة الإمداد والتموين في الجيوش، قبل الحرب وأثناء الحرب وبعد الحرب، أولا: قبل الحرب إعداد الإمداد والتموين وتجهيز مسرح العمليات خلال إعداد الدولة للحرب في ما يخص الإمداد والتموين، قبل الحرب بدأت فترة الإعداد، والقادة الكبار كانوا يعلمون بوجود شيء ما ولهذا قالوا فلتكونوا علي أهبة الاستعداد.
وكيف كان هذا الاستعداد في مرحلة ما قبل الحرب؟
- أولاً كان علينا تجهيز مسرح العمليات بإعداد الطرق والقواعد والمستشفيات والشئون الإدارية، والنقل، والوقود والتعيينات، والخدمات الطبية، والمهمات هذا بخلاف المياه والإشغالات العسكرية، والحريق كانت تتبع الإمداد والتموين.
مسرح العمليات
تم التخطيط لها من هيئة الإمداد والتموين
وما هي مهام الإمداد والتموين خلال الحروب؟
- أولاً كانت مهامتنا هو كيفية خدمة هذه التشكيلات بكافة ما قلناه عن إعداد مسرح العمليات للحرب، وفي الجيش الثاني كان يوجد (3) فرق وكنا نجهز وراء كل فرقة الطرق وما يخصها من الإمداد وما يخصها من الشئون الإدارية من الاحتياجات، وتم تكديس الاحتياجات علي أنساق وتم تجهيز مسرح العمليات بإمداد الفرق من المستشفيات والتعيينات، كخدمة ووسائل النقل مع التنسيق علي مستوي الدولة والوزارات خاصة النقل والتموين والذخيرة وجميع الإدارات والأجهزة.
وكيف كان يتم عملية الخداع التعبوي لتجهيز هذه الاحتياجات؟
- كنا نعمل ضمن خطة شاملة للخداع، أي ننتهز فترات التدريب علي أساس أن القوات كانت تتدرب ولكنا كنا نجهز للمعركة وتحت غطاء الدفاع الجوي، وأيضاً تحت ستار الليل.. وفي عملية نقل الكباري مثلا تمت تحت سحابة دخان شديدة بحسابات معينة وفي توقيت محدد وبحسابات دقيقة بحرق كميات من السولار رهيبة جداً ولو لم يكن لدينا احتياطي جيد في السولار والنقل لكانت تأثرت العملية، وأيضاً كان يهمنا تجهيز الطرق حتي لا تغرز المركبات ويراها العدو فكنا نخترع أزمات ثم نقوم علي حلها بإنشاء أو إصلاح الطرق طبعاً، هذه الطرق هي التي ستستخدم في الحرب.
كيف تم توفير الاحتياجات لمليون مقاتل في ظل موارد محدودة؟
- الحقيقة ان الحرب كان لها الأسبقية الأولي مع أن إعداد الدولة للحرب والإمكانيات ضعيفة، وكنا نعالج الموقف حتي لا نخسر ونستفيد فتم تحديد المستويات، والمفترض ان نحتفظ بها في أقل درجة مثلاً العسكري سيكون معه تعيين قتال يوم أو يومين أو ثلاثة؟ وكنا ندرس كيف نعطي له أقل مستوي حتي يستطيع تنفيذ المهمة وهذا التأمين علي مستويات الفرق واللواءات والكتائب، وكنا ندرس ما الذي يحتاجه كل مستوي من الذخيرة والوقود والتعيينات والمياه، حتي يعبر ويستطيع التعايش والصمود للاستهلاك اللازم للمعركة، وهذا ما حدث، ثم تم عمل قواعد إدارية تشمل جميع الاحتياجات ووضعنا فيها جميع الأصناف اللازمة لأول يومين من القتال ثم نعطيها ما نحتاجه بعد ذلك ولهذا كنا نعمل بأقل الحدود التي لا تصل إلي حد الخطر.
سألت نوال
ولهذا قال الرئيس السادات عبارته الشهيرة اسألوا «نوال» وكان يقصد اللواء «نوال سعيد» مدير الإمداد والتموين خلال النصر؟
- بالفعل.. وما حدث كان اجتماع المجلس الأعلي للقوات المسلحة وكان الرئيس «السادات» قد أعطي تعليمات لوزير الحربية الفريق «محمد أحمد صادق» للإعداد للمعركة ومن ضمن المجلس الأعلي للقوات المسلحة اللواء «نوال سعيد» رئيس الإمداد والتموين، فسأل الرئيس «نوال» هل أنت جاهز؟ فقال أنا يا فندم لا أعرف شيئاً ولا يصلني أي معلومات وأقول هذا أمام المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وهذا كان من ضمن الأسباب التي كانت سبباً في عزل الفريق «صادق» وصارت مثلاً والرئيس قال هذا في أحد خطاباته عندما قال: أنا سألت «نوال» فنفي انه يعرف ان فيه إعداد للحرب ويقول: يا راجل الإمداد والتموين غير جاهز فكيف ستحاربون أو تجهزوا أنفسكم؟!
وكيف كان اللواء «نوال سعيد» وما الذي تعلمته منه؟
- اللواء «نوال سعيد» كان أول رئيس للإمداد والتموين يذهب إلي اليمن لتوفير احتياجات الأفراد هناك وقواتنا في اليمن بدأت بكتيبة صاعقة وظلت في ازدياد حتي وصلت إلي (11) لواء. ولهذا قامت علي أكتاف اللواء «نوال» تنظيم الشئون الإدارية في مسرح العمليات، وعملت في اليمن برتبة رائد قبل حصولي علي دورة أركان حرب ثم بعد حصولي عليها وأرسلنا الفريق «محمد فوزي» إلي اليمن مرة أخري وعملت مع اللواء «نوال» وعلمت كيف يفكر ويدير ويدبر وقدرته علي المرونة في الفكر والرؤية واتخاذ القرار.. لان قواتنا في اليمن كانت قوات مبعثرة، فوق الجبال فكيف كان يفكر في إيصال الإمدادات لهذه القوات، وهذا أفادني عندما عنيت رئيس شعبة الإمداد والتموين للمنطقة الغربية لانها كانت صحراء مثل صحراء اليمن وكانت قواتنا «7» آلاف فرد ثم خلال مشكلتنا مع «القذافي» أصبحت «70» ألفا خلال 6 أشهر فكيف نجهز لهؤلاء احتياجاتهم من العيش الحاف فقط؟ ولكن بفضل عملي مع اللواء «نوال» تم توفير جميع الاحتياجات للمجموعة «33» بقيادة الفريق «حسن أبوسعدة» وكانت لتأديب «القذافي» في ديسمبر 1976 وهذا من خبراتي في اليمن.
ما هي مهمة الإمداد والتموين خلال مرحلة الحرب؟
- مهمة الإمداد والتموين هي الإمداد بجميع الاحتياجات من ذخيرة ووقود ومياه وخدمات طبية وأيضاً الأخلاء الجرحي والأسري والمعدات المدمرة والقتلي، وسد الخسائر بمد «أرتال» النقل ثم وهي راجعة تخلي، ثم الخدمة الطبية، والكل يصب في موقع رئاسة الإمداد والتموين ثم يتم النقل إلي الخلف.
ولماذا كان يوجد تلاحم بين الوحدات المقاتلة وبين مناطق الشئون الإدارية؟
- بعد عبور القوات وإنشاء رأس كوبري بعمق من 12: 15 كم كانت كل جميع العناصر الإدارية سواء علي مستوي الفرق أو اللواءات عبرت فلم يوجد العمق الكافي للأنساق الإدارية لتتواجد عليها وكانت الأنساق خلفها مباشرة وأصبح التقارب بين المناطق الإدارية وبين الوحدات المقاتلة بما أصبح عبئاً علينا.
كيف وما هو هذا العبء؟
- كمستوي تعبوي كنت أؤدي متطلبات المنطقة من الشئون الإدارية للفرقة وبدورها الفرقة تعطي الاحتياجات لمنطقة الشئون الإدارية للواء، واللواء يعطي احتياجات الكتائب، ولكن نظراً لتقارب المسافات كما قلت: عندما كنت أرسل «أرتال» السيارات المفترض علي المستوي التعبوي بعد أن أحصل علي الاحتياجات من الجيش، وأوزعها علي الفرق، فكانوا يطالبون من «أرتال» السيارات أن توزع علي اللواء مباشرة بما أنها قريبة، فتضطر السيارات أن تتأخر.. فماذا نفعل في اليوم التالي بسبب هذا التأخير خاصة أننا كنا نوزع «6» آلاف طن من الاحتياجات يومياً علي قطاع الجيش الثاني.
معدلات الاستهلاك
وما هي طاقتكم الفعلية التي مكنتكم من أداء مهمتكم؟
- بخلاف نقل «6» آلاف طن من الاحتياجات للجيش الثاني يومياً كان علينا عبء الطرق، وكنا مجهزين تحت الأرض مستشفي ميداني خلف كل فرقة، وكان لدينا وحدات نقل، و«3» كتائب نقل مخصصين، ووحدات تشكيلات فرق خاصة للمجهود الرئيسي في الجيش الثاني وهي الفرقة الثانية، وفرق أخري مخصصة للفرقتين ال«16» وال«18» لانهما كانا للمجهود الثانوي علي الأجناب وهذا كان يلزمني بإعداد حسابات معدلات الاستهلاك.
بالطبع معدلات الاستخدام تغيرت وتنوعت خلال أيام الحرب من بدايتها حتي نهايتها؟
- بالفعل.. خلال ال«3» أيام الأولي كجيش ثاني كان الاستهلاك الكبير في الذخيرة المدفعية والصواريخ والاحتياجات الأخري أقل وبعد استقرار القوات من الخطوط التي وصلوا إليها ظهرت احتياجات أخري طلبها المهندسون مثل: الألغام والأسلاك الشائكة حتي يأمنوا تمركز وحداتهم وهذا كان الطلب الأكبر بعد الذخيرة، ولأننا كنا مشددين علي الأفراد من الضباط والجنود علي أن زمزمية المياه لابد أن تكفيه «3» أيام، فبعد انتهاء ال«3» أيام انفجر الطلب علي المياه لانه كان مطلب جميع الأفراد والضباط وأيضاً زاد الطلب علي الوقود.. ولكن الطلب علي المسلتزمات الطبية كان بدون ضغوط لأن كل فرقة أو لواء أو كتيبة معهم كتائب وسرايا طبية ولكن بدأ الطلب من الاحتياجات الطبية تظهر وبشدة بعد الهجمات المضادة علي القوات في أثناء الثغرة.
وما هي الخطورة التي تمثلت عليكم خلال المعركة؟
- الخطورة الحقيقة علي وحدات الإمداد والتموين ظهرت بعد تسرب الثغرة لانها كانت يهدد المناطق الإدارية علي مستوي الجيش خاصة أن كل ما يخص الفرق عبر والجيش فيه قواعد إدارية وأقسام إدارية، لان كل فرقة كان خلفها قسم إداري حدث له تهديد، والعناصر المخصصة ثم تنظيم هذه الوحدات الإدارية لا تكفي للدفاع عنها ضد وحدات العدو المقاتلة بالدبابات والعربات المدرعة، لان تسليح هذه الأفراد كان بنادق للتسلح الشخصي.
كل الحروب لابد أن يوجد بها مفاجآت لم تكن في الحسبان ما هي المفاجآت التي ظهرت في أكتوبر؟
- المفاجأت التي فاجأنا بها العدو كثيرة وعديدة منها التخطيط الجيد والسرية التامة والتمويه وكثير جداً من هذه المفاجأت ولكن الأهم هو الجندي المصري ذاته الذي استوعب أحدث الأسلحة، وتفانيه في القتال بمنتهي البطولة والجسارة، واستخدامه للصواريخ المضادة للدبابات وهذا لم يكن يتوقعه العدو، لانهم عندما بدأ العدو في هجومه المضاد يوم الاثنين «8» أكتوبر أفراد الجيش الثاني دمروا له في هذا اليوم «200» دبابة واضطروا للتراجع بعد فشلهم في هذا الهجوم، ولكن ظهرت مفاجأت أخري للإمداد والتموين وهي الطلب علي «السولار» بشكل كبير جداً لعمل سحابة دخان لتغطية الكباري عن طائرات العدو أثناء نقلها وتركيبها.
وهل العدو قدم مفاجئة أيضا؟
- نعم.. بعد أن طلبت سوريا أن نساعدها في تخفيف الضغط العسكري عليها و«حافظ الأسد» طلب هذا الطلب شخصياً من «السادات»، فتم الدفع بالفرقة «21» مدرعة لتدخل في العمق الأمامي للقوات، ولكنهم فاجأونا بطائرات الأباتشي الأمريكية المضادة للدبابات ولم نتوقع طائرات الهليوكوبتر هذه وحدثت خسائر واضطرت الفرقة للتراجع حتي تقلل خسائرها.
ومن هنا بدأت الثغرة؟
- نعم.. وبدأ تسرب الثغرة من بين الجيشين الثاني والثالث بتسريب بعض العناصر ثم بدأ الضغط الشديد علي الفرقة «16» آخر حد للجيش الثاني وحاولوا اختراق الإسماعيلية ففشلوا أمام صمود اللواء ال«16» فاتجهوا إلي السويس وكانت بدون قوات فتمت محاصرة الجيش الثالث، ولكن تم وضع خطة للقضاء عليها بقيادة اللواء «سعد مأمون» من الغرب مع دفع قوات من الجيش الثاني من الشمال نحو الجنوب ودفع قوات أخري من الشمال أيضا في الإسماعيلية، في اتجاه السويس ولكن الأمريكان من خلال الأقمار الصناعية تنبهوا لهذه الخطة وبدأت الرحلات المكوكية من «هنري كسينجر» إلي الرئيس «السادات» وإخباره بأن أمريكا ستضطر للتدخل المباشر إذا تم القضاء علي القوات الإسرائيلية المحاصرة.
وماذا عن دوركم في الثغرة؟
- بعد محاصرة قوات الجيش الثالث كيف كانت ستذهب إليهم الامددات؟
ولكن مع بدء المباحثات بدأ الاتفاق علي دخول الإمدادات للقوات المحاصرة نتيجة لموافقة الرئيس «السادات» علي عدم تصفية الثغرة والقضاء عليها، وبالفعل دخلت «أرتال» السيارات محملة بالتعيينات لهم.
ما هي أصعب الوحدات أو الفرق التي احتاجت إلي إمداد وتموين، لم تكن في الحسبان؟
- الفرقة «16» هي التي احتاجت إلي مجهود كبير جداً واحتياجات لم تكن في حساباتنا أو مخيلتنا لمعاونتها إدارياً أثناء الثغرة، لان الخسائر كانت كبيرة في الأفراد والمعدات، وبعض الأفراد يقهقرون، وكانت مهمتنا تجميعهم واستعادة كفاءتهم القتالية مرة أخري، لان الهجوم الإسرائيلي تم علي اللواء «16» وهو في النسق الأول علي يمين الفرقة، فأصبحت تحتاج إلي مجهود رئيس من الإمداد والتموين بالأسلحة والذخائر والوقود وسد الخسائر وبالفعل تم هذا واستعادت كفاءتها القتالية والدليل أنها وضعت في الدخول بالمشاركة ضمن خطة تصفية الثغرة؟
لم يحدث أن اشتكي أحد الأفراد أو الضباط من نقص الذخيرة في حرب أكتوبر؟
- علي الإطلاق لم يحدث أن شكلت إحدي الفرق أو اللواءات أو الكتائب من نقص في الإمداد والتموين نهائياً خلال المعركة، لكن دائماً المعتاد ومنذ الحرب العالمية الثانية عندما تنتصر القوات لا يتم ذكر الإمداد والتموين ولكن إذا انهزمت أي قوات يقولون بسبب تقصير الإمداد والتموين، ولان النصر كان حليفنا في حرب أكتوبر فنادراً ما يأتي ذكر للإمداد والتموين.
صعوبة وقسوة
معني هذا هل كان يوجد نقص في الإمداد والتموين في يونية 67؟
- لا.. لكن حرب يونية 67 كانت نظاما مختلفا اختلافاً نهائياً وكلياً عن حرب أكتوبر 1973، حيث ان وضع القوات المصرية كانت مستقرة في أماكنها ولديها احتياجاتها كاملة تصلها في مواعيدها وفجأة قامت الحرب وصدر قرار الانسحاب فانسحبت القوات، عكس حرب أكتوبر التي كانت القوات المصرية خارج سيناء وستعبر وتقتحم وعلي الإمداد والتموين توفير احتياجاتها في أشد الظروف صعوبة وقسوة علي الجميع.
إذن مقولة «نابليون بونابرت» صحيحة عندما قال: إن الجيوش تزحف علي بطونها؟
- صحيحة 100٪ ولنعلم أن «روميل» خسر الحرب في العالمين لان الإمدادات كانت تأتي له عن طريق البحر من خلال ناقلات كانت تتأخر أو يتم تدميرها، وانتصار «مونتجمري» عليه في الحرب العالمية الثانية لانه جهز مسرح العمليات تجهيزاً إدارياً كاملاً قبل أن يبدأ هجومه لان الإمداد والتموين كان يأتي إليه من مصر ولازالوا ولاتزال مصر دائنة بريطانيا حتي اليوم بسبب هذه الإمدادات من الوقود وخلافه.
الحرب تتوقف ولكن عمل الإمداد والتموين لا يتوقف.. فكيف كان أداؤكم بعد قبول وقف إطلاق النار؟
- عمل الإمداد والتموين أثناء المعركة رغم صعوبته وخطورته وأهميته إلا انه أسهل منه بعد انتهاء الحروب، لأنه خلال المعركة يكون إمداد وإخلاء، لكن بعض المعركة الكل يطلب طلبات زيادة ويقولون أنهم انتصروا ويريدون ترفيهاً فأعطيناهم تعيينات «فراخ» وتفاح، والمهندسون طلبوا ألغام واحتياجات الإنشاءات لان الجنود ستخرج من الخنادق وتعيش في وحدات معيشية تختلف عنها أثناء المعركة.
ماذا عن الرئيس السادات صاحب قرار الحرب؟
- «السادات» كان رجل دولة بمعني الكلمة يتمتع بذكاء بلا حدود ومكر ودهاء سياسي يجعله تعلبا سياسيا بلا منازع.
بطاقة تعارف
اللواء محمد أحمد نجم.
تخرج في الكلية الحربية فبراير 1952.
عين ضابط نقل.
حصل علي بعثة شئون إدارية في أكاديمية الشئون الإدارية والنقل بالاتحاد السوفييتي، 61 ، 1962.
بعد العودة تم تقييمها كأركان حرب.
حصل علي دورة صاعقة.
حصل علي دورة كلية أركان حرب 66، 1967.
خدم في اليمن بعد الدورة حتي آخر 1967.
حضر الاستنزاف في الجيش الثالث حتي 1969.
عين مدرسا في معهد الشئون الإدارية للقوات المسلحة.
مستشار رئيس هيئة الإمداد والتموين الليبي 69: 1970. ضمن قيادات المستشارين لوزير الدفاع «أحمد إسماعيل» 1972.
نائب رئيس هيئة الإمداد والتموين للجيش الثاني.
رئيس شعبة الإمداد والتموين الجيش الثاني.
حصل علي الدورة الثالثة لأكاديمية ناصر العسكرية.
رئيس هيئة الإمداد والتموين بالمنطقة الغربية 1967.
مدرس في أكاديمية ناصر 1978.
رئيس فرع التخطيط بهيئة الإمداد والتموين.
رئيس أركان حرب هيئة الإمداد والتموين.
رئيس إدارة النقل بالقوات المسلحة 1982.
رئيس مجلس إدارة شركة نقل 1985.
رئيس هيئة القطاع العام للنقل البري والنهري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.